Al-Quds Al-Arabi

ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻠﻪ اﻷدﺑﺎء!

- ﺑﺮوﻳﻦ ﺣﺒﻴﺐ * ٭ ﺷﺎﻋﺮة وإﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ

■ ﻗﺎل اﳌﺘﻨﺒﻲ: »أﺑﻠﻎ ﻋﺰﻳﺰا ﺛﻨﺎﻳﺎ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻨﺰﻟﻪ/أﻧﻲ وإن ﻛﻨﺖ ﻻ أﻟﻘﺎه أﻟﻘﺎه ... وأن ﻃﺮﻓﻲ ﻣﻮﺻﻮل ﺑﺮؤﻳﺘﻪ/وإن ﺗﺒﺎﻋﺪ ﻋﻦ ﺳــﻜﻨﺎي ﺳﻜﻨﺎه«. وﻗﺎل اﺑﻦ رﺷﺪ: »اﻟﺘﺠﺎرة ﺑﺎﻷدﻳﺎن ﻫﻲ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺮاﺋﺠﺔ ﻓﻲ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت، اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺸﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﳉﻬﻞ، ﻓﺈن أردت اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺟﺎﻫــﻞ، ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻐﻠﻒ ﻛﻞ ﺑﺎﻃﻞ ﺑﻐﻼف دﻳﻨﻲ«. وﻗﺎل أﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ: »ﻫﺠﺮُت أﺣﺒﺘﻲ ﻃﻮﻋًﺎ ﻷﻧﻲ/رأﻳُﺖ ﻗﻠﻮَﺑﻬْﻢ ﺗﻬﻮى ﻓﺮاﻗﻲ ... ﻧﻌﻢ أﺷــﺘﺎق رؤﻳَﺘﻬْﻢ ﻟﻜﻦ/وﺿﻌﺖ ﻛﺮاﻣﺘﻲ ﻓﻮق اﺷﺘﻴﺎﻗﻲ«. وﻗﺎل ﻣﺤﻤﻮد دروﻳﺶ: »ﺷــﻬﺎدة ﺟﺎﻣﻌﻴﺔ، وأرﺑﻌﺔ ﻛﺘﺐ، وﻣﺌﺎت اﳌﻘﺎﻻت، وﻣﺎ زﻟﺖ أﺧﻄﺊ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة، ﺗﻜﺘﺒﲔ ﻟﻲ ﺻﺒﺎح اﳋﻴﺮ وأﻗﺮؤﻫﺎ أﺣﺒﻚ«. وﻗﺎﻟﺖ ﺑﺮوﻳﻦ ﺣﺒﻴﺐ: »ﻛﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ!« ﻓﻼ اﳌﺘﻨﺒﻲ وﻻ اﺑﻦ رﺷــﺪ وﻻ ﺷــﻮﻗﻲ وﻻ دروﻳــﺶ وﻻ ﻛﺜﻴﺮ ﳑﺎ ﺗﺘﺪاوﻟﻪ وﺳــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻــﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻻت وﺣﻜﻢ وأﺷﻌﺎر ﺻﺤﻴﺢ اﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ.

ﺳــﺒﻖ ﻟﻲ أن ﻛﺘﺒﺖ ﻣﻘﺎﻻ ﻋــﻦ ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة وﻛﺎن ﻋﻨﻮاﻧــﻪ »اﳊﺎج ﻧﺰار ﻗﺒﺎﻧﻲ« ﺟﺎء ﻓﻴﻪ: )ﺷــﻌﺮ ﻧﺰار ﻗﺒﺎﻧﻲ »ﻟﱢﺒﻴﺲ« ﻓﻘﺪ َﻧﺴــﺐ ﻟﻪ ﻣﻮﻗﻊ »ﻛﺘﺎرا« ﻣﻦ ﺳــﻨﻮات ﻗﺼﻴﺪة ﻓﻲ ﻣﺪح اﻟﻨﺒﻲ، ﺛﻢ ﺳﺤﺒﻬﺎ ﻣﺸﺮﻓﻮ اﳌﻮﻗﻊ واﻋﺘﺬروا ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺴــﻌﻮدي ﻳﺤﻴﻰ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺣﺴﻦ، وﻣﻊ ﻫﺬا اﻧﺘﺸﺮت ﺑﻘﻮة، وﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﻜﺘــﺐ ﻓﻲ ﻣﺤﺮك اﻟﺒﺤــﺚ )ﻏﻮﻏﻞ( »ﻧﺰار ﻗﺒﺎﻧــﻲ ﳝﺪح اﻟﻨﺒﻲ« ﻟﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ رﺑﻊ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺘﻴﺠﺔ، ﻣﻊ أن اﻟﻘﺎرئ اﳌﺘﺬوق ﻟﺸــﻌﺮ ﻧﺰار ﻗﺒﺎﻧﻲ وﻻ أﲢﺪث ﻋﻦ اﳌﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ، ﻳﻜﻔﻴﻪ أن ﻳﻘﺮأ اﻟﺸﻄﺮ اﻷول ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﻴﺪة »َﻋـﱠﺰ اﻟـﻮروُد وﻃـﺎل ﻓﻴـﻚ أواُم« ﻟﻴﻌﺮف ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أن اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻟﻴﺴــﺖ ﻟﻪ، ﻓﻨﺰار اﻟﺬي أﻧﺰل »اﻟﻘﺼﻴﺪَة ﻣﻦ ﻣﻘﺼﻮرﺗﻬﺎ اﳌﻠﻜّﻴﺔ ﻟﺘﺄﻛَﻞ اﻟﻄﻌﺎَم وﲤﺸﻲ ﻓﻲ اﻷﺳــﻮاق« ﺗﺄﺑﻰ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮي أن ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻔﻈﺔ )أوام( ﺑﻐﺮاﺑﺘﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻌــﺎدي ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ، ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ أن ﻫﺬه اﻷﺑﻴــﺎت ﻻ ﻳﻀﻤﻬﺎ أّي ﻣﻦ دواوﻳﻨــﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮة اﳌﻄﺒﻮﻋــﺔ اﳌﺒﺬوﻟﺔ ﺑﲔ أﻳﺪي اﻟﻨﺎس.

اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻳﺼﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺣﺪ اﻟﻔﻀﻴﺤﺔ، ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ ﻓﻨﺎﻧﺔ ﻟﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻏﻨﺖ ﻛﻠﻤﺎت أﻗﻞ ﻣﻦ ﻋﺎدﻳﺔ ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ: »ﺳــﺘﻨﺘﻬﻲ اﳊﺮب، وﻳﺘﺼﺎﻓﺢ اﻟﻘﺎدة، وﺗﺒﻘــﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺠــﻮز ﺗﻨﺘﻈﺮ وﻟﺪﻫﺎ اﻟﺸــﻬﻴﺪ، وﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘــﺎة ﺗﻨﺘﻈﺮ زوﺟﻬﺎ اﳊﺒﻴﺐ، وأوﻟﺌﻚ اﻷﻃﻔــﺎل ﻳﻨﺘﻈﺮون واﻟﺪﻫﻢ اﻟﺒﻄﻞ، ﻻ أﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺑﺎع اﻟﻮﻃﻦ، ﻟﻜﻨﻨﻲ رأﻳﺖ ﻣــﻦ دﻓﻊ اﻟﺜﻤﻦ« ﻣﻌﺘﻘﺪة أﻧﻬﺎ ﶈﻤﻮد دروﻳﺶ، وﺗﺨﻄﺖ اﻷﻏﻨﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﺸــﺎﻫﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻮﺗﻴﻮب ﺑﻌﺪ 4 أﻳــﺎم ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻃﺮﺣﻬﺎ، ﻟﻜﻦ اﻟﻮرﻃﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﺣﲔ أﺻﺪرت ﻣﺆﺳﺴــﺔ ﻣﺤﻤﻮد دروﻳــﺶ ﺑﻴﺎﻧﺎ أﻛﺪت ﻓﻴﻪ أن ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺷﻌﺮه، ﺑﻞ »ﻣﻦ إﻧﺘﺎج ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ« وﺣﺴــﻨﺎ ﻓﻌﻠﺖ اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﺣﲔ ﺳﺤﺒﺖ اﺳﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻏﻨﻴﺔ. وﻟﺴﺖ ﻫﻨﺎ ﻷﺣّﻤﻠﻬﺎ وﺣﺪﻫﺎ ﻣــﺎ ﺣﺼﻞ، ﺑﻞ ﻷﻧّﺒﻪ ﻋﻠﻰ وﺟــﻮب اﻟﺘﺜّﺒﺖ واﻟﺘﺄﻛﺪ ﳑﺎ ﻳﻐﻨﻴﻪ اﻟﻔﻨــﺎن واﺳﺘﺸــﺎرة اﳌﺘﺨﺼﺼﲔ، ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻧﺴــﺒﺔ ﻛﻼم اﻷﻏﻨﻴــﺔ - وأﲢﺪث ﻫﻨﺎ ﻋــﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻔﺼﻴﺤﺔ - ﺑﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺳــﻼﻣﺘﻬﺎ إﻳﻘﺎﻋﻴﺎ وﻧﺤﻮﻳﺎ، وأﻣﺜﻠﺔ ﻫﺬه اﻻﺳــﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻟﻌﻠﻲ أﻓﺮدﻫﺎ ﲟﻘﺎل ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ.

ﻫﺬا اﻟﺘﺴﺮع دون اﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻜﻼم ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ، ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺼﻮرا ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺗﺎدي ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻓﻘﺪ أدﻣﻨﻮا ﻓﻜﺮة ﻧﺸــﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺒﻬﻢ، ﺑﻞ اﻟﻜﺎرﺛﺔ ﺣﲔ ﻳﺘﻌﺪى ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺻﺤﺎﻓﻴﲔ ﻛﺒﺎر ذوي ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ، وإﻟﻰ ﻣﻮاﻗﻊ رﺳﻤﻴﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻨﻮات ﻣﺸﻬﻮرة، أو ﺟﺮاﺋﺪ ﻟﻬﺎ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ. وﻛﻢ ﻓﻮﺟﺌﺖ ﺣﲔ وﺟﺪت ﻧﺼﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﻣﻜﺬوﺑﺎ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون وﺟﺴــﻤﻪ »ﻟﺒﻴﺲ« أﻳﻀﺎ، ﺣﻴﺚ إن ﻛﻞ ﻣﻦ أراد أن ﳝﺮر ﻓﻜﺮة ﻳﻜﺘﺐ ﲢﺘﻬﺎ اﺳﻤﻪ، ﺟﺎء ﻓﻴﻪ »ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻬﺎر اﻟﺪول ﻳﻜﺜﺮ اﳌﻨﺎﻓﻘﻮن واﻟّﺪّﺟﺎﻟﻮن واﻟﻘّﻮاﻟﻮن واﳌﺘﺼﻌﻠﻜﻮن واﳌﺘﻔﻴﻬﻘﻮن، إﻟﺦ «... ﻓﻮﺟﺌﺖ ﻷن ﻣﻘﺎﻻت ﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ ﻛﺒﺎر ﻓﻲ ﺟﺮاﺋﺪ رﺻﻴﻨﺔ اﺳﺘﺸــﻬﺪوا ﺑﻪ دون أن ﻳﺮاودﻫﻢ أدﻧﻰ ﺷــﻚ ﻓﻲ ﻧﺴــﺒﺘﻪ ﻻﺑﻦ ﺧﻠﺪون، ﻣﻊ أن ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ وﺗﺎرﻳﺨﻪ ورﺣﻠﺘــﻪ ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ وﻣﺘﺎﺣــﺔ، وﳝﻜﻦ اﻟﺘﻔﺘﻴــﺶ ﻓﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﺜــﻞ »اﳌﻜﺘﺒﺔ اﻟﺸــﺎﻣﻠﺔ« ﻋﻦ أي ﻛﻠﻤﺔ وردت ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻛﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﺛﻮان ﻣﻌﺪودة، ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻘﺮأ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ »اﻟﺴﻴﺎﺳــﺔ« اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻟﺮﺋﻴــﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ اﻟﻀــﺮم أﺣﻤﺪ اﳉﺎر اﻟﻠﻪ ﻳﺒﻨﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨــﺺ اﳌﻨﺤﻮل، وﻳﻌﻨﻮن ﻣﻘﺎﻟﻪ ﺑـ»اﻗﺮأوا اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻗﺒﻞ أن ﳝﻮت اﻷﻣﻞ وﺗﻨﻬﺎر اﻟﺪول« وﺗﻜﺮر اﻷﻣﺮ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﺻﺤﻴﻔﺔ »اﻟﻌﺮﺑــﻲ اﳉﺪﻳﺪ« ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﺑﻌﻨﻮان »ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻬﺎر اﻟﺪول« ﳌﻮﻓﻖ اﻟﺴــﻠﻤﻲ، وﺗﻜﺮر ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ اﳉﺰﻳﺮة ﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻇﺎﻫﺮ ﺑﻌﻨﻮان »ﺻﺮاع اﻟﺬات.. ﺑﲔ اﻟﺘﻌﻔﻒ واﻟﻮﻗﻮع ﻓﻲ ﻓﺦ اﻟﻬﻼك« وﺳــﻴﺘﻜﺮر إﻟﻰ ﻣﺎ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ، ﻣﺎ دام اﻟﻨﺴــﺦ واﻟﻠﺼﻖ ﺷــﻐﺎﻻ.. وأﻧﺎ ﻣﺘﻌﺠﺒﺔ ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻗﺮأ، وﻟﻮ ﻗﻠﻴﻼ ﻻﺑﻦ ﺧﻠﺪون أﻧﻪ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﻬﺬا اﻷﺳــﻠﻮب »ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻜﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄﻫﺐ واﻧﺘﻈﺎر وﻳﺘﺤﻮل اﻟﻮﺿﻊ إﻟﻰ ﻣﺸــﺮوﻋﺎت ﻣﻬﺎﺟﺮﻳﻦ وﻳﺘﺤﻮل اﻟﻮﻃﻦ إﻟﻰ ﻣﺤﻄﺔ ﺳﻔﺮ واﳌﺮاﺗﻊ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋﺐ واﻟﺒﻴﻮت إﻟﻰ ذﻛﺮﻳﺎت واﻟﺬﻛﺮﻳﺎت إﻟﻰ ﺣﻜﺎﻳﺎت«!

وﻣﺜﻞ اﻟﺴــﺎﺣﺮ اﻟﺬي ﻳﺨــﺮج اﻷرﻧﺐ ﻣﻦ ﻗﺒﻌﺘﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺳــﺒﺔ ﲢﺪث، ﻳﻨﻂ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﻧﺺ ﻟﺸــﺎﻋﺮ أو ﻛﺎﺗﺐ ﻣﺘﻮﻓﻰ ﻣﺴﺒﻮﻗﺎ ﺑﺠﻤﻠﺔ إﻋﻼﻧﻴﺔ ﺗﺸﻮﻳﻘﻴﺔ ﺗﺴــﻮﻳﻘﻴﺔ ﻣﺜﻞ: »ﺻــّﺪق أو ﻻ ﺗﺼﺪق...ﻫــﺬه أﺑﻴﺎت ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻓــﻼن ﻣﻨﺬ ﻛﺬا ﺳــﻨﺔ، أو ﺣﺘﻰ ﻛﺬا ﻗﺮن وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﻨﺒﺄ ﻓﻴﻬﺎ ﲟﺎ ﻳﺤﺪث اﻟﻴﻮم« ﺣﺼﻞ ﻫﺬا ﻳﻮم اﻧﺘﺸﺮت أﺑﻴﺎت ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﶈﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ، وﺿﻌﻮا ﻟﻬﺎ ﻋﻨﻮان »ﻣﻌﺠﺰة ﺷﻌﺮﻳﺔ« ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺣﺮب اﳋﻠﻴﺞ، ورﻛﺎﻛﺘﻬﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪة وأﺧﻄﺎؤﻫﺎ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﺑﻨﺴــﻒ ﻧﺴــﺒﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ »اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﳌﻜﻴﺔ« و»ﺗﺮﺟﻤﺎن اﻷﺷــﻮاق« ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺣﲔ ﻧﺸــﺮت ﻣﺠﻠﺔ »اﻟﺸــﺮاع« اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ أﺑﻴﺎﺗﺎ ﻧﺴــﺒﺘﻬﺎ ﻟﻠﺠﻮاﻫﺮي ﲢﻤﻞ ﻧﺒﻮءة ﺑﻜﺎرﺛﺔ اﻧﻔﺠــﺎر ﻣﺮﻓﺄ ﺑﻴﺮوت ﻗﺒﻞ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ: »ﺟﻠٌﻞ ﻣﺼﺎُﺑﻚ ﻳﺎ ﺑﻴﺮوت ﻳﺒﻜﻴــــﻨﺎ/ ﻳﺎ أﺧﺖ ﺑﻐـــﺪاد ﻣﺎ ﻳﺆذﻳﻚ ﻳﺆذﻳﻨﺎ« وﺗﻨﺎﻗﻠﻬﺎ ﻛﺎﻟﻌﺎدة ﻓﻴﺴــﺒﻮﻛﻴﻮ­ن واﻟﺘﻮﻳﺘﺮﻳﻮ­ن، دون أن ﻳﻨﺘﺒــﻪ اﻟﻌﺎرﻓﻮن ﻣﻨﻬﻢ إﻟــﻰ اﺧﺘﻼل اﻟﻮزن ﻓﻲ أول ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻦ أول ﺷــﻄﺮ ﻣﻦ اﻷﺑﻴﺎت، وﻣﻦ اﳋﻄﺄ أن ﻳﻨﺴــﺐ ﻫﺬا إﻟﻰ ﺷﺎﻋﺮ ﻛﺎﳉﻮاﻫﺮي، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺧﻄﻴﺌﺔ. واﺳــﺘﻄﺮاد­ا ﻟﻘﺪ ﻧﺴــﺒﺖ إﻟﻴﻪ أﻳﻀﺎ ﻗﺼﻴﺪة ﻣﻨﺘﺸــﺮة ﺟﺪا ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﻓﻲ ﻫﺠﺎء ﺣﺎﻛﻢ اﻟﻌﺮاق اﻷﺳــﺒﻖ ﺻﺪام ﺣﺴــﲔ ﺗﻜﻔﻲ ﻛﺴﻮرﻫﺎ اﻟﻌﺮوﺿﻴﺔ وأﺧﻄﺎؤﻫﺎ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ دﻟﻴﻼ ﻣﺎدﻳﺎ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﳉﺪل ﻓﻲ دﺣﺾ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ إﻟﻰ واﺣﺪ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ ﺷﻌﺮاء اﻟﻌﺮب.

وﻟﻴﺴــﺖ ﻧﺴــﺒﺔ اﻷﺑﻴﺎت واﳉﻤﻞ اﳊﻜﻤﻴــﺔ ﻛﺬﺑﺎ إﻟﻰ ﻣﺸــﺎﻫﻴﺮ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺸــﻌﺮاء اﺧﺘﺼﺎﺻﺎ ﺣﺼﺮﻳﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻓﻔﻲ »ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻔﺎﻫﺔ« اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺸــﻪ ﻛﻤــﺎ وﺻﻔﻪ آﻻن دوﻧﻮ، ﳒﺪ اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴــﻪ ﻓــﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑــﻲ، وﻳﻜﻔﻲ أن ﻧﻄﺮح ﺳﺆاﻻ ﺑﺴﻴﻄﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮا ﻣﺜﻞ »ﻫﻞ ﻫﻨﺎك أﻗﻮال ﻧﺴﺒﺖ إﻟﻰ ﻏﻴﺮ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ وﺳــﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ؟« ﻋﻠﻰ أي ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﻠــﺬﻛﺎء اﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﺮوي ﻏﻠﻴﻠﻨﺎ ﺑﺄﻣﺜﻠﺔ ﻛﺜﻴﺮة. وأﺳــﺒﺎب ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ واﺿﺤﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺮرة، ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼﺮﻳﻦ أﺳﺎﺳــﻴﲔ اﳌﺼﺪاﻗﻴﺔ واﻻﻧﺘﺸﺎر، ﻓﺤﲔ ﻧﻨﺴﺐ ﻗﻮﻻ إﻟﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﳌﻌﺮوف أو اﻟﺸــﺎﻋﺮ اﳌﺸﻬﻮر ﻧﻜﺴــﺐ اﻟﻘﻮل ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻧﺎﲡﺔ ﻋﻠﻰ ﺳــﻤﻌﺔ ﺑﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﺴﺐ ﻟﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻣﺘﺪاد ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻣﻜﺮس، واﻟﻘﺎرئ ﳝﻴﻞ إﻟﻰ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﻛﺎﺗﺒﻪ اﳌﻔﻀﻞ، وﻟﺴﻄﻮة اﺳﻢ ﺑﻌﺾ اﳌﻔﻜﺮﻳﻦ أو اﻟﺸﻌﺮاء ﻫﻴﺒﺔ ﲡﻌﻞ اﳌﺘﻠﻘﻲ ﻻ ﺷــﻌﻮرﻳﺎ ﻣﺘﺮددا ﻓﻲ رﻓﺾ ﻣﺎ ﻳﻘﺮأ، أو ﺣﺘﻰ اﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﻓﻴﻪ. أﻣﺎ اﻻﻧﺘﺸﺎر ﻓﻤﻀﻤﻮن إذ إﻧﻪ ﻣﺘﺤﻘﻖ أﺻﻼ ﻟﻠﺬي ﻳﻨﺴﺐ إﻟﻴﻪ اﻟﻘﻮل. ﻣﻊ اﻟﻌﺰف ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ اﳊﻜﻢ واﻷﻣﺜﺎل واﳉﻤﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺼﺮ أﻓــﻜﺎرا ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎت ﻣﺤﺪودة، وَﺗَﻔّﺸــﻲ ﻫﺬه اﻻﻗﺘﺒﺎﺳــﺎ­ت ﺑﲔ اﳌﻬﺘﻤﲔ ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺒﺸــﺮﻳﺔ، واﻟﺒﺮﻣﺠﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ، أﻋﻄﺎﻫﺎ ﺷﻬﺮة ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ. وﻛﻞ اﳌﻄﻠﻮب ّﳑﻦ ﻳﻨﺸــﺮ ﻣﺎ أﻋﺠﺒﻪ ﻣﻦ اﻗﺘﺒﺎﺳــﺎت أن ﻳﺘﺤّﻘﻖ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ﻓﻘﻂ، ﺧﺎﺻﺔ إذا اﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل أو ﻛﺘﺎب أو ﺑﺤﺚ وﻫﺬا ﻣﻦ أﺑﺴﻂ ﺷﺮوط اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ.

أﺗﺴــﺎءل أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎذا ﻟﻮ ﻛﺎن ﻧﺰار أو اﳉﻮاﻫــﺮي أو اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﺣﺎﺿﺮﻳﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ وﻗﺮأوا ﻣﺎ ﻳﻨﺴــﺐ إﻟﻴﻬﻢ. أﺧﺸــﻰ أن ﻳﺤﺪث ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ ذﻛﺮﺗﻬﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﺘــﺮاث، ﺣﲔ دﺧﻞ ﻣﻊ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﲔ ﻣﺴﺠﺪا ﻓﻮﺟﺪا ﻗﺎّﺻﺎ ﻳﻠّﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻬﻤﺎ أﺧﺒﺎرا، ﻓﺴﺄﻻه ﳌﺎذا ﻳﻜﺬب ﺑﺎﺳﻤﻬﻤﺎ، ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﻤﺎ ﺑﺜﻘﺔ: »ﻛﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﲔ وأﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻏﻴﺮﻛﻤﺎ، ﻟﻘﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ وﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﲔ!!«.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom