Al-Quds Al-Arabi

2.2 األمم المتحدة تستغيث: المحرومون من ماء الشرب تجاوزوا مليار

- نواكشوط ـ «القدس العربي»: عبد الله مولود

صادف يوم الثاني والعشرين آذار/مارس املاضي، إحياء اجملموعة الدولية لليوم العاملي للماء، وهو اإلحياء الذي مت بإصدار التقرير العاملي للماء لسنة .2024

وجـرت مراسيم هذا اليوم، ال باالحتفال بـحـصـول ســكــان املــعــمـ­ـورة جميعا على ضروراتهم من ماء الشرب، بل بنداء استغاثة وجهته األمم املتحدة بهذه املناسبة، ذكرت فيه «بضرورة تسيير معقلن ومنصف ودائم للماء» أرخص موجود وأغلى مفقود.

وقد وجدت اجملموعة الدولية نفسها اليوم، أمام واقع قامت ومقلق ملخصه «أن 2.2 مليار إنسان لم يتمكنوا، حلد اآلن، من االستفادة من توزيع منصف ودائـم ملاء الشرب؛ بل إن التغيرات املناخية تزيد الـطني بلة ملا أحثته وحتدثه من اضطرابات في حركة ووجـود املاء على األرض». ودقت األمم املتحدة ناقوس اخلطر داعية للعناية مـوارد املاء، وذلـك في التقرير العاملي حول املاء 2024 الذي أصدرته اليونسكو يوم اجلمعة 22 آذار/مارس املاضي.

وتشير أرقـام وإحصائيات التقرير الذي تصفحته «القدس العربي» وجود واقع مقلق بخصوص توفر املاء وتوزيعه، فهي تؤكد «أن الطلب على املاء يزداد بنسبة 1 في املئة سنويا على املستوى العاملي، وذلــك لعدة أسباب ذكر التقرير منها، زيادة النشاط التصنيعي، وانحشار السكان داخــل املـــدن، واألنظمة الغذائية البشرية».

ويؤكد التقرير «أن 2.2 مليار إنسان في العالم عـاجـزون الـيـوم عـن احلـصـول على حاجتهم من ماء الشرب، ومن بني هؤالء، نسبة 80 في املئة يعيشون في األوساط الريفية».

وتعترف األمم املتحدة بأن «هدفها اخلاص بوصول اجلميع إلى املاء من هنا إلى عام 2030 هدف بعيد من التحقق اليوم، بل إنها تخشى من أن تكون فجوة احلرمان من املاء تتجه نحو االتساع شيئا فشيئا».

ومن املسائل اخلطيرة التي تضمنها التقرير، ما أحدثه التغير املناخي من اضطرابات في توفر املاء: ففيما تغرق مناطق من العالم في الفيضانات املدمرة مثل التي أصابت باكستان في آب/أغسطس عـام 2022 تعيش مناطق أخـرى من العالم دورات جفاف متواصلة، كما تواجه مناطق أخرى من العالم، ملوحة احتياطاتها من املاء بسبب ارتفاع مستوى البحر، كما هو احلال في بنغالديش. وفي عام 2022 واجه نصف سكان املعمورة نقصا حادا في املاء حيث تعرض ربع األراضي لنقص حاد جدا في املياه.

وفي الوقت احلالي، جتد نسبة 10 في املئة من السكان النازحني في العالم نفسها مجبرة على مغادرة منازلها بسبب نقص املياه.

ويؤكد ريتشارد كونور، رئيس حترير تقرير اليونسكو حول املاء «أن املاء حق إنساني أساسي مرتبط باحلياة، وهو عامل أساسي للرخاء». ويضيف «بدون وصول دائم إلى مياه

نظيفة، يتعرض الناس خملتلف أنواع األمراض؛ وهذه األمراض متنعهم من الذهاب للدراسة، أو العمل؛ وبدون مياه، ال توجد كهرباء، وبدونها ال يوجد إنتاج زراعـي، وبالتالي ال يوجد أمن غذائي؛ وبدون املياه، ال توجد صناعة؛ ومبا أنه ما بني 60 و56 في املئة من جميع الوظائف على املستوى العاملي، وحتى 80 في املئة من مجموع الوظائف في البلدان النامية، تعتمد مباشرة على املاء؛ بالنظر لكل ذلك، جند أن املاء والرخاء مرتبطان بشكل وثيق».

وحــذرت أودريـــه أزوالي، املـديـرة العامة لليونسكو، في مقدمة تقرير املاء 2024 من «أن نـدرة املياه العذبة، تزيد من خطر النزاعات احمللية واإلقليمية عبر العالم».

وعلى الـرغـم مـن أن مـحـرري التقرير لم يتمكنوا بعد من إثبات أن ًالصراعً على املياه الصاحلة للشرب كان سببا مباشرا في نشوء نزاع ما بني دولتني، فإن هناك املزيد واملزيد من األمثلة على حدوث نزاعات حول املاء بني أطراف عدة داخل بلد واحد.

وتضمن التقرير في توصياته، دعوة ملحة جلعل املاء فـي قلب االستثمارا­ت املتعلقة مبالءمة التغيرات املناخية.

وحسب األمم املتحدة، فإن نسبة 70 في املئة من كمية املاء املوجودة على الكوكب مستخدمة في األنشطة الزراعية، بينما يستهلك إنتاج الطاقة 15 في املئة من االستخدام العاملي للمياه.

وأشــار التقرير إلـى أن استخدام الطاقة األحفورية يستهلك كميات هائلة من املياه، بينما ال تستخدم الطاقة الشمسية والهوائية سوى كميات قليلة.

لذلك، يصر العلماء على ضــرورة توجيه االستثمارا­ت الضخمة نحو الطاقات املتجددة، خاصة في املناطق التي تواجه فترات متزايدة من اإلجهاد املائي.

ويرى ريتشارد كونور رئيس حترير التقرير «أنــه مـن الالزم أن يحظى الـوصـول للمياه بالصدارة في االستثمارا­ت املستقبلية في مجال التحول الطاقوي والتكيف مع التغيرات املـنـاخـي­ـة» موصيا «بـاسـتـحـد­اث تقنيات جديدة تضمن كفاءة اإلدارات املكلفة بتسيير املياه، سواء في الزراعة أو الصناعة أو في االستخداما­ت املنزلية».

وبالنظر إلى أن حماية املوارد لم تعد وحدها كافية لضمان استتباب الـسالم، فقد أوصى «تقرير 2024 حول موارد املياه» بتعزيز التعاون اإلقليمي والعاملي في هذا اجملال.

وشدد محررو التقرير على ضرورة إيجاد «حوكمة رشيدة للماء» تولي في املقام األول، العناية القصوى باجملتمعات املهمشة مثل سكان األرياف والنساء وصغار املزارعني؛ كما أوصوا على إيجاد «دبلوماسية مائية» حقيقية ملنع النزاعات بني الدول املشاركة في موارد مائية عابرة للحدود.

ووفقا للتقرير، فإن أفريقيا هي القارة األكثر تعرضا للتوترات فيما بني الدول، الناجمة عن الصراع حول املياه.

ويؤكد محررو التقرير أن 19 دولة من بني 22 شملتها الــدراســ­ة، تعاني من نقص في املياه، بينما يوجد ثلثا املوارد املائية العذبة، في وضعية عبور للحدود.

وتؤكد اخلرائط املرسومة أنه من أصل 106 بحيرة ماء جوفية، ال يتجاوز عدد البحيرات اجلوفية املسيرة بتعاون رسمي بني الدول، سبع بحيرات فقط، األمر الذي يخفي احتماالت بحدوث نزاعات في أي وقت.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom