Al-Quds Al-Arabi

المغرب يعلن مناورات عسكرية في مياه الصحراء مع قرب رفض القضاء األوروبي اتفاقية الصيد البحري

تأتي المناورات العسكرية لتأكيد المغرب سيادته على الصحراء الغربية في مواجهة قرار المحكمة األوروبية المقبل حول اتفاقية الصحراء، وهو قرار مقلق وغير مطمئن للمغرب.

- لندن ـ «القدس العربي»: حسين مجدوبي

بدأ اجليش املغربي اجلمعة من األسبوع اجلاري إلى غاية حزيران/يونيو املقبل مناورات عسكرية بحرية متقطعة في مياه الصحراء الغربية، وهي مناورات تثير حفيظة حكومة احلكم الذاتي في جزر الكناري، كما تتزامن مع التوتر الصامت بني املغرب واالحتاد األوروبي حول احتمال إلغاء اتفاقية الصيد البحري بني الطرفني.

وعادة ال يعلن اجليش املغربي عن مناورات عسكرية سـواء فردية أو مناورات ثنائية أو متعددة األطـراف، مثال املناورات مع اجليش األمريكي التي تسمى «األسد األفـريـقـ­ي» يتولى البنتاغون اإلعالن عنها وتقدمي الشروحات الالزمـــة للصحافة. لكن هـذه املــرة، أعلن املغرب عن املناورات بشكل واضح. وهذا يدل على أن هذه املناورات حتمل رسالة سياسية ودبلوماسية واضحة إلى الطرف اآلخر. وال يتعلق األمر بجبهة البوليساري­و رغم وقوع مناوشات حربية بني الطرفني منذ أكثر من سنتني في اجلدار الفاصل في الصحراء، بل إلى االحتاد األوروبي، وذلك على خلفية التوتر حول اتفاقية الصيد البحري.

ولتأكيد الطابع السياسي لهذه املناورات العسكرية، ال تعتبر هامة جدا ألن الواجهة البحرية األطلسية للمغرب ال تشكل مصدر خطر نهائيا على األمن املغربي. فمن جهة، الغرب توجد إسبانيا التي متر الـعالقـات بينها وبني الرباط مبرحلة من التفاهم، ومن جهة اجلنوب توجد

موريتانيا حيث تسود عالقات هادئة رغم برودتها وال متتلك نواكشوط قوة بحرية تكون مصدر قلق للمغرب السيما وأن ال مطالب لها في مياه الصحراء، بينما جبهة البوليساري­و، فآخر مرة نفذت فيها عمليات عسكرية في احمليط األطلسي كان في السبعينات وبداية الثمانينات قبل سيطرة املغرب على املياه عسكريا ومتشيطها من وجود قوات اجلبهة.

إلغاء مرتقب التفاقية الصيد

وتأتي هذه املناورات العسكرية لتأكيد املغرب سيادته على الصحراء الغربية في مواجهة قرار احملكمة األوروبية املقبل حول اتفاقية الصحراء، وهو قرار مقلق وغير مطمئن للمغرب. وعالقة بهذا، كشفت محامية االحتاد األوروبي الكرواتية متارا كابيتا، وهي قاضية تتولى إعطاء الرأي للقضاة الذين سيصدرون احلكم النهائي، بأن اتفاقية الصيد البحري بني املغرب واالحتـــا­د األوروبـــ­ي «غير قانونية» ألنها لم تأخذ بعني االعتبار رأي الصحراويني

وحقوقهم، وطالبت بعدم جتديدها إذا لم يتم تغيير الكثير من البنود.

وال يشكل هذا املعطى مفاجأة، إذ أن محكمة العدل لالحتــاد األوروبـــ­ي قد أصــدرت خالل ثالث مناسبات سابقة قــرار رفـض االتفاقية. وكــان املغرب واالحتــاد األوروبي يجددان التوقيع على االتفاقية مع تعديل بعض بنودها، وأبرزها قبول الرباط بتمييز نسبي فيما يخص مياه الصحراء عن باقي مناطق املغرب، ثم االلتزام بتقدمي تقرير مالي إلى املفوضية األوروبية حول طريقة صرف التعويض اخملصص لساكنة الصحراء. وكـان املغرب يهدف من وراء هذه التنازالت النسبية مصادقة البرملان األوروبــي على االتفاقية، ألنه يعتبرها في آخر املطاف تصب في صاحله سياسيا، بينما اقتصاديا ال قيمة كبيرة لها نظرا للتعويض الذي ال يتجاوز 40 مليون يورو سنويا.

وعمليا، ال جتمع بني املغرب واالحتــاد األوروبــي أي اتفاقية صيد بحري حاليا بعدما انتهى خالل متوز/ يوليو 2023 مفعول االتفاقية املطعون فيها قانونيا. وعليه، إذا قرر االحتاد األوروبـي واملغرب التوقيع على اتفاقية

جديدة، سيكون عليهما األخذ بعني االعتبار مضمون احلكم القضائي األوروبـي األول الصادر سنة 2021 والالحق الذي سيصدر خالل حزيران/يونيو املقبل، وبدون شك سيؤكد األول. وفي حالة التجديد، هل سيقدم املغرب تنازالت أخرى قد متس بخطابه السيادي على الصحراء في وقت يسعى فيه إلى حصد االعتراف بهذه السيادة مثل إقناع الدول بفتح قنصليات في مدينتي العيون أو الداخلة في الصحراء؟

عودة إشكالية احلدود البحرية

أعادت املناورات العسكرية إلى الواجهة مشكل احلدود البحرية بني املغرب وإسبانيا في مياه الصحراء. إذ طالبت حكومة احلكم الذاتي في جزر الكناري التي تقع قبالة الصحراء من حكومة مدريد ضـرورة تقدمي توضيحات حول هذه املناورات العسكرية، وتقول حكومة احلكم الذاتي، وفق الصحافة الصادرة في هذا األرخبيل، أنها جتري بالقرب من من املياه اإلقليمية جلزر اخلالــدات.

ورغــم احتجاج حكومة جـزر الكناري إال أن احلكومة املركزية تلتزم الصمت وال ميكنها التعليق على مناورات عسكرية جتري في مياه غير تابعة إلسبانيا وتكتفي بطمأنة الكناريني.

غير أن هذه املناورات أعادت مشكل احلدود البحرية بني البلدين، إذ تريد مدريد اتفاقية أشبه بالقانون العرفي، أي اتفاقية غير موقعة بل متفاهم بشأنها ألن أي توقيع منها على اتفاقية ما يعني اعترافها بالسيادة املغربية، ويتطلب األمر تسجيل االتفاقية في األمم املتحدة. وينص موقف حكومة إسبانيا بزعامة بيدرو سانشيز على تفهم مقترح احلكم الذاتي شريطة قبول البوليساري­و به حال، لكن مدريد لم تنتقل بعد إلى إعالن صريح في تأييد مغربية الصحراء.

واندلع املشكل احلدودي بني املغرب وإسبانيا في املياه الفاصلة بينهما جنوبا بحكم التنقيب عن البترول وعن احتمال وجود معادن ثمينة في منطقة بحرية بنهما، وهي املعادن التي تستعمل في الصناعات احلديثة مثل الهواتف وبطاريات السيارات الكهربائية.

 ?? ?? فرقاطتان للبحرية احلربية املغربية من نوع فرمي في مياه احمليط األطلسي
فرقاطتان للبحرية احلربية املغربية من نوع فرمي في مياه احمليط األطلسي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom