Al-Quds Al-Arabi

اجلوع يهّجر الغزاويني في الشمال: السير 20 كيلو مترًا وتفتيش عند حواجز االحتالل

«اليونيسف»: أعداد وفيات األطفال نتيجة سوء التغذية ستستمر في االرتفاع

- غزة ـ «القدس العربي» من أشرف الهور: نزوح يومي أطفال حصلوا على مساعدات في غزة اخلبيزة وجبة أولى

يؤكد استمرار عمليات النزوح القسري لسكان مدينة غزة والشمال، إلى مناطق وسط وجنوب القطاع، هربا من اجلوع، عدم تلبية املساعدات التي تلقى عليهم جوا، احتياجاتهم في ظل اســتمرار اجملاعة هناك، التي تهدد مبــوت الكثيرين منهــم، في حال بقيــت األوضاع على حالها.

وبشــكل يومي يترك العشرات من سكان مدينة غزة وشــمالها، ســكنهم هناك ويفرون إلى مناطق وســط وجنوب القطــاع، بحثا عــن الطعام، الــذي ال يتوفر في مناطــق ســكناهم إال بكميات قليلة جــدا، ال تكفي احتياجــات أكثر مــن 700 ألف شــخص يقطنون تلك املناطق.

ورغم اســتمرار عمليات االنزال اجلوي للمساعدات الغذائية، التي تنفذها دول عربية وأجنبية، وتضاعفت مؤخرا، إال أن هذه العمليات لم حتل أزمة اجلوع في تلك املناطق.

ويســلك النازحون اجلدد يوميا، الطريق الساحلي (الرشــيد) ويخضعون إلى تدقيــق وتفتيش من قبل جنود االحتــالل، الــذي يتمركزون فــي دبابات وفي ثكنات عســكرية، أقيمت بالقرب من املنطقة الساحلية اجلنوبية الغربية ملدينة غزة، والتي يجري فيها حاليا إنشاء «ممر مائي» إليصال املساعدات عن طريق البحر إلى القطاع.

وهؤالء يقطعــون رغم وهن أجســادهم من اجلوع مســافات تصل إلى أكثــر من 20 كيلو مترا مشــيا على األقدام، حتى يصلوا إلى أول منطقة ميكن فيها احلصول على وســيلة مواصالت، تقلهم إلى املكان الذي يريدون اإلقامة فيه سواء في وسط أو جنوب القطاع.

ويقول عمال إغاثة ينشــطون في هيئة محلية، تقدم معونة غذائية ووجبة طعام للنازحني اجلدد، إن أعداد النازحني لم تتأثر باملساعدات التي تصل إليهم، خاصة تلك التي تلقى عن طريق اجلو.

وأكد أحدهم لـ «القدس العربي» دون ذكر اسمه، أن عدد النازحني لم يتغير ويصلون يوميا بالعشرات.

ويقــول: في بعض األيــام يقل العدد قليــال أو يزيد بعض الشيء، الفتا إلى أن النازحني اجلدد تظهر عليهم عالمات اإلرهاق والتعــب واجلوع، الذي أفقدهم الكثير من الوزن.

ويوضــح أن النازحني في هذه األوقات هم من أســر كاملة قررت ترك غزة والشمال. اجلميع يؤكد عند حلظة وصوله، واستالمه طردا غذائيا، أن ما أجبرهم بعد هذه األيام الطويلة من احلرب على ترك مناطقهم، هو اجلوع.

وفي شــهر رمضان، يبني النازحون اجلــدد أنهم ال يجدون ما يصنعونه من طعام لوجبة اإلفطار.

وقد أكد إبراهيم، وهو رجل متزوج وله أســرة جلها من األطفال، ونــزح مؤخرا معهم برفقــة والديه، أنهم بالكاد كانوا يحصلون على وجبــة إفطار قليلة، وأنهم كانوا ميضون صيامهم بال سحور.

هذا الرجل حتدث بحرقة لـــ «القدس العربي» وهو

يشــرح األوضاع اإلنســاني­ة الصعبة في مناطق غزة والشــمال، وما يعانيه السكان هناك من جوع وفقر، إذ إنه جعلهم يبحثون عن أكل أي شيء.

ويقول إن أطفالــه الذين لم يكن يأكلون نبتة اخلبيزة التي تخرج مــن األرض بال زراعة في هــذه األوقات من الســنة، أكلوها كغيرهم من النــاس، وأصبحت الوجبة األولى املتوفرة، لعدم وجود بديل منها، مشــيرا إلى أنهم منذ أشهر لم ينعموا بالشبع بعد تناول أي وجبة طعام.

ويقول «عــدم توفر اخلبــز كان يحول دون الشــبع، وكانت وجبة الطعام املتوفرة تنفذ خالل تناولها، وأفراد األسرة ال يزالون جياعا».

وفي داللــة على حجم اجلوع في غــزة، حذرت منظمة األمم املتحدة للطفولة «اليونيســف» من «انفجار وشيك» في عدد وفيــات األطفال املرتبطة بســوء التغذية بقطاع غزة، موضحة أن معدالت الوفيات في شمال القطاع أعلى بـ3 أضعاف من املسجلة في اجلنوب.

وأعلن عن ذلك املتحدث باســم هــذه املنظمة األممية، جيمس إلدر، فــي مؤمتر صحافي في مقــر األمم املتحدة في جنيف، قال فيه إن «أعداد الوفيات من األطفال نتيجة ســوء التغذية ستســتمر باالرتفاع إذا لم يتــم حل أزمة التغذية املتفاقمة في قطاع غزة».

كذلك أكدت املنظمة أنه يعاني ،%31 أي 1 من كل 3 أطفال دون سن الثانية في شــمالي قطاع غزة من سوء التغذية احلاد، مشيرة إلى أن هذا ميثل «ارتفاعا مهوال» مقارنة بـ 15.6 % في كانون الثاني/يناير املاضي.

ووســط ذلك، ال يبدو أن املمر البحــري، الذي يجري العمل عليه، ويربــط قطاع غزة بقبرص، والذي ســتمر عبره ســفن شحن تقل مساعدات للســكان، سيحل أزمة اجلوع، ونقص املواد الغذائية في قطاع غزة، جراء احلرب املستمرة، واحلصار الذي يفرضه االحتالل على السكان.

وقــد وصلت أولى ســفن املســاعدا­ت عبر هــذا املمر البحري قبل أيام، وكانت حمولتها تساوي نحو شاحنتني فقط، ولذلك علــق املكتب اإلعالمــي احلكومي، على ذلك بالقول «عليه تصبح جدوى هذه اآللية محل نظر واألجدر باجلميع الضغط على االحتالل إلدخال قوافل املساعدات برا وعبر املنافذ املعروفة كرفح وكرم ابو ســالم، أو تفعيل معابر املنطار والشجاعية وبيت حانون».

وأكد كذلك على ضعف جهود إغاثة الشعب الفلسطيني، حتــى اللحظة، وبقائها دون احلد االدنــى املطلوب «أمام الكارثة اإلنسانية التي تعصف بشعبنا، سيما شمال غزة الــذي يعاني فيه أكثر من 700 ألــف مواطن حرب جتويع واضحة».

وطالب رئيس املكتب، سالمة معروف، اجملتمع الدولي بالتدخــل العاجل «قبل فــوات األوان إلنقاذ من ميوتون جوعــا». وأضاف «أفضل وســيلة لذلك هــو عمل املعابر البرية بصورة تســمح بإدخال ســريع آلالف شــاحنات املســاعدا­ت واإلغاثة التي تصطف على اجلانب املصري من معبر رفح، ويرفض االحتالل إدخالها».

أما وزارة اخلارجية الفلســطين­ية، فأكدت أن ما وصل من مســاعدات الى غزة والشــمال، «غير كاف مقارنة مع االحتياجات اإلنســاني­ة الضخمة للمدنيني الفلسطينين­ي املتواجديـ­ـن في تلــك املنطقة» مبــا في ذلــك احتياجهم للمســاعدا­ت اإلغاثية الشاملة واملســتدا­مة، إضافة الى حاجتهم اإلنســاني­ة األساســية للمياه والدواء واملراكز الصحية والكهرباء، ولم شــمل أســرهم املشتتة بسبب حالة النزوح القســري التي فرضتها قوات االحتالل على اجملتمع الغزي بعد أن أقدمت على تدمير أجزاء واسعة منه وشطبها من السجل السكاني.

وشــددت على ضرورة فتح جميع املعابر واســتمرار تدفق املساعدات برا وبحرا وجوا، وضرورة ربط حمالت اإلغاثــة املتواصلة بجهد دولي حقيقي يــؤدي إلى وقف فوري إلطالق النار على طريق إنهاء العدوان اإلسرائيلي على قطاع غزة.

وحــذرت كذلك من أيــة مخططات إســرائيلي­ة مبيتة خللق حالة من الفوضى الداخلية في شــمال القطاع لدفع املواطنني الى النزوح منه.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom