Al-Quds Al-Arabi

خبراء: الصين تتخذ خطوات متسارعة تمكنها من حسم حرب التكنولوجي­ا لصالحها

-

■ واشنطن - دب أ:تشتعل المنافسة بين الصين والولايات المتحدة على الســاحة العالمية على نحو مُطَّرد، وسط جهود بكين لإثبات نفسها كقوة عالميــة كبرى، وضغوط واشــنطن عليها لعرقلتهــا عن تحقيق مــا تصبو إليه، في مــا بدا أنه معركة تكســير عظام بــن أكبر كتلتين اقتصاديتين في العالم.

وفي إطار تلك المنافســة حامية الوطيس، تحتل التكنولوجي­ا دوراً محورياً في هذه المعادلة ،لاســيما في ظل تحكــم التقنيات الرقمية في عصب الحياة المعاصرة.

وفي هذا الســياق، نشر معهد «غيتســتون» الأمريكي تقريراً سلط فيه الضوء على إصرار بكين على كســب أكبر قدر ممكن من النقاط في معركتها تلك، منوهاً إلى أنه يتعين على واشــنطن في الوقت نفسه أن تعي ذلك جيداً.

ويوضــح غوردون جي تشــانغ، زميل معهد «غيتســتون» وعضو مجلســه الاستشاري، في تقرير نشــره المعهد أن الصين تعتقد أنها في طريقها للســيطرة على العالم، وأنه خلال الجلســات السنوية العامة الجارية في بكين «أخبرنا الحزب الشــيوعي علناً كيف ســيحقق هدفه الطموح». وإذا نجح الحزب الحاكم في الصين، فسيتم رسم بقية القرن الحادي والعشــرين بظلال حمراء فقط، في إشــارة إلى الشــيوعية. وأضاف «لكن لحســن الحظ، بــدأت الولايات المتحدة في اســتجماع قواها. ومع ذلك يحتاج الأمريكيون إلى التحرك على الفور» مشيراً إلى أن التكنولوجي­ا هي سباق التسلح الحقيقي لعصرنا.

وكان رئيــس مجلس الدولة الصيني، لي كه تشــيانغ، قد أعلن في الخامس من الشــهر الجاري، في الاجتماع الســنوي لمجلس الشــعب الصيني، عن الخطة الخمسية الرابعة عشر، والتي تبدأ هذا العام.

وبناء على تلك الخطة، ســتزيد الصين الإنفاق بنســبة 7 سنوياً لتحقيق «إنجــازات كبرى» فــي مجــالات «التكنولوجي­ــا الرائدة». وعلى وجه التحديد ، ســتخصص الدولة موارد للــذكاء الاصطناعي والمعلومات الكمية وأشــباه الموصلات، وعلم الدمــاغ وعلم الجينوم والتكنولوج­يا الحيوية والطب الســريري والصحة والفضاء العميق والبحار والأرض العميقة.

عــاوة على ذلك، تتحــدث بكين كذلك عــن جدول أعمــال الإبداع العلمي-التكنولوجـ­ـي لعام 2030، والأهداف بعيــدة المدى حتى عام 2035. غير أن المســؤولي­ن يلتزمون الصمت عندما يتعلق الأمر بمبادرة الرئيس شي جين بينغ التي تعرف الآن بمبادرة «صنع في الصين2025» وهي الخطة التــي تبدو للوهلة الأولى أنها تشــكل انتهاكا للالتزامات التجارية للبلاد، ولكن ليس هناك شــك في أن الجهــود لا تزال جارية رغم ذلك.

وتبــذل الصين قصارى جهدها فيما وصفه وانغ تشــي جانغ، وزير العلوم والتكنولوج­يا، بتطوير «بيئة جديدة» للابتكار. وفي تلك البيئة ســتتمكن الصين من قيــادة العالم في مجالات مهمــة، مثل الاتصالات الكمية «غير القابلة للاختراق».

وكان التقدم الذي أحرزته الصين مؤخراً مثيراً للإعجاب. وقبل عشر سنوات، لم تكن بكين تعتبر منافساً في المجال التقني.

ومع ذلك لا ينبغي أن تكون هناك مفاجأة في كيف أن القادة الصينيين جعلوا نظامهم قوة تكنولوجية. وحســب الكاتب فإنه «بالإضافة إلى السرقة، فقد تبنوا نهجاً حازماً ومنهجياً ومنضبطاً لتطوير ابتكاراتهم الخاصــة. وكانت جهــود بكين لإتقــان التقنيات الرئيســية ضخمة،

بتوجيه من الدولة وممولة من الحكومة».

واعتبــر والاس أن التمويل الحكومي كان تكتيكاً رئيســياً للصين، مشــيراً إلى أن الخطة الخمسية الرابعة عشرة تتضمن زيادة هائلة في الإنفاق على التكنولوجي­ا في النصف الأخير من العقد.

ومؤخــراً أعلن يي يوجيانغ، رئيس قســم الأبحاث الأساســية في وزارة العلوم والتكنولوج­يا، أن إنفاق الصين على الأبحاث الأساسية قد تضاعف تقريباً خلال الخطة الخمســية الثالثة عشرة التي اكتملت للتو.

وتعتمــد جهود بكــن على المشــاريع الكبيرة، ومثــال ذلك المختبر الوطني لعلوم المعلومات الكمية، وهو منشأة تبلغ تكلفتها عدة مليارات من الدولارات وتمتد على مســاحة 86 فداناً في مدينة «خفي» عاصمة إقليم آنهوي. وهذه المنشأة هي أكبر مختبر أبحاث كمية في العالم.

والهدف من إقامة هذه المنشــأة جمع باحثي الصــن في هذا المجال في موقع واحد. ويعتقد البعض، ممن يشككون في فكرة إنشاء مختبر وطني، أن تركيز العمــل الكمي للبلاد في مكان واحد ليس فكرة جيدة، ويرى آخرون أن «الرهــان الهائل» على البحث الكمــي ليس ذكياً في المقام الأول لأنه يستمد التمويل من مجالات مهمة أخرى.

ومع ذلك ، فإن المختبر الآن هو أمل الصين في العمل الكمي. وقال جو جوبينغ، الأستاذ في جامعة خفي للعلوم والتكنولوج­يا في الصين: «قد يبدو هذا من الطراز القديم إلى حد ما ، حتى على الطراز الســوفييت­ي ، لكنه يمكن أن يمنح الصين فرصة للفوز في السباق».

ويقول والاس أنه في المقابل، ومن الناحية العملية، لم تهتم الحكومة الأمريكية كثيرا بتطوير التكنولوجي­ا في العقود الأخيرة.

وقادت شــركات أمريكية مثــل «آي.بي.إم» و»غوغــل» العالم في المجالات الرئيســية، مثل الحوســبة الكمية، لكــن دون دعم اتحادي كبير. ومع ذلك، فإنه في إطار بناء شــبكات الجيل الخامس )جي5( من الاتصالات اللاســلكي­ة الذي سيســمح باتصال غير مسبوق للأجهزة، كان نهــج الحكومة الأمريكية القائم على مبدأ «دع الســوق يفعل ذلك» أقرب إلى الفشــل التام. فعلى ســبيل المثال، لا توجد شركات أمريكية تنافس شــركة «هواوي تكنولجيز» الصينية للاتصالات، التي وصفها الرئيس السابق دونالد ترامب في أغسطس/آب عام 2019 بأنها «تهديد للأمن القومي».

وكما أعلن إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «غوغل» والرئيس الحالي للجنة الأمن القومي للذكاء الاصطناعي، في شــهادة أمام مجلس الشــيوخ الشــهر الماضي «إن تهديد القيادة الصينية في مجالات التكنولوجي­ا الرئيسية يمثل أزمة وطنية ويحتاج إلى التعامل معه بشكل مباشر، الآن».

وفي هذه الأزمة، ســيتعين علــى الولايات المتحــدة أن تتبنى نهج المجتمع بأسره. وقالت العالمة في مختبر «جيت برولاشن لابوراتوري» كاثــي بوستانســي­ك «نحتاج إلى الأوســاط الأكاديميـ­ـة، نحتاج إلى الصناعة ونحتاج إلى مقاولين دفاعيين تقليديين ونحتاج إلى شركات التكنولوجي­ا ونحتاج أيضا إلى أعمال صغيرة».

ويقول والاس «باختصــار، يتعين على الولايــات المتحدة من أجل التنافــس أن تتخلى عن أصولية الســوق الحرة وتذهــب إلى مجال الإبداع التكنولوجي­ا. نحن بحاجة للبدء ســريعاً بسلسلة من مشاريع مانهاتن» في إشارة إلى مشــروع بحث وتطوير جرى العمل عليه في أثناء الحرب العالمية الثانية لإنتاج الأسلحة النووية لأول مرة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom