Al-Quds Al-Arabi

موريتانيا: محامو الدولة يطالبون الرئيس السابق بتحديد مصدر ثروته ومحاميه يستنكر

- نواكشوط -« القدس العربي» من عبد الله مولود:

تواصلت فــي موريتانيــ­ا، أمس الأحــد ، على الصعيدين المحلي والدولــي، تفاعلات القرار الذي أصدره قاضي التحقيق بحــق الرئيس الموريتاني الســابق محمد ولــد عبــد العزيز و12 مــن كبار معاونيه وأقربائه ومعارفه، حيث استنكر محامي الرئيس السابق هذا الإجراء الذي حول موكله إلى "نصف سجين".

وأصدر المدير العام للأمن الموريتاني أوامر بمنع الرئيــس الســابق ومجموعته الخاضعــة لرقابة القضاء من الســفر تنفيذاً لقــرار قاضي التحقيق، الذي وجه للمجموعة تهماً، بينها تبديد المال العام، وغســيل أموال، ومنــح امتيازات غيــر مبررة في صفقات حكومية،و تبديــد ممتلكات الدولة، ومنح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، واســتغلال النفوذ، وإساءة اســتغلال الوظيفة، والإثراء غير المشروع.

ورفــع منســق فريق محامــي الطــرف المدني )الدولــة( النقيب إبراهيم ولد أبتي، من مســتوى الضغــوط لاســتكمال مقاضــاة المتورطين بملف الفساد، واســتعادة الأموال المنهوبة، حيث طالب الفريق الرئيس الســابق بالكشــف عــن "مصدر ثروته الضخمة التي تبجح بها في عدة مناســبات خلال فترة حكمه".

وشــدد فريق محامي الدولة الــذي يضم 60 محامياً، التأكيد "بأنه ينتظر من القوانين المعمول بهــا خاصة فيمــا يتعلــق بالاتهامــ­ات الموجهة للرئيس الســابق أن "تضع حداً لعدم المســاءلة عن أفعال كهذه أفرغت المؤسســات العمومية من المصداقية".

وأضاف الفريق في بيان له أمس: "لا شــك بأن تقديم أشــخاص ضالعين فــي ملف الفســاد أمام النيابة العامة وتوجيه الاتهام إليهم في إطار ملف "الفســاد" كان أمراً منتظراً يتوق إليه كل من يصبو إلى أن تكــون حماية موارد الدولة والأموال العامة إحدى الأولويات الأساسية في بلد محدود الموارد، حري به ترشيدها، ومما لا شك فيه أن هذا الإجراء يشــكل منطلق مســاطر قضائية جديرة بأن تمكن الدولة الموريتاني­ة من جهة من اســترجاع الأموال النقدية والعينية الباهظة التي ســلبت منها، ومن جهة أخرى معاقبة من ارتكبوا هذه الجرائم البالغة الخطورة التي تم ضبطها ومعاينتها طبقاً للقانون".

"وفضــاً عن كل ذلك، يضيــف الفريق المحامي، يُتوخى من المســطرة الجنائيــة المقامة اليوم بتهم الفســاد وتبديد الأموال العامة وغســيلها في حق مســؤولين عموميــن بارزيــن من بينهــم رئيس الجمهورية الســابق الســيد محمد عبد العزيز، أن تضع حداً لعدم المســاءلة عن أفعــال كهذه أفرغت المؤسسات العمومية من المصداقية فهددت انسجام المجتمع وتماسكه".

ولم يعد، والحالة هذه، من المستســاغ أن يظل الفاعل الرئيســي يتمتع بحصانة دستورية وهمية للتهرب من المساءلة".

وقال: "يتعين اليوم علــى المتهمين وعلى رئيس الجمهورية الســابق، خصوصاً الــذي صرح بأنه يملك ثــروة باهظة أقر بــأن مصدرها لــم يكن ما تقاضاه من مرتبــات وامتيازات منحتها له الدولة، أن يبــن من أين لــه هذا الثــراء الفاحــش طبقاً لمقتضيات المادة 16 من قانون الفساد".

وزاد: "ممــا لا ريب فيه أن الصمــت المطبق في مواجهة الســؤال الوجيه "من أين لك هذا؟" يشكل خروجاً على ما اســتوجبه الشــرع الإسلامي في مواجهة تهمــة أكل الغلول، كمــا أن المحتجين بهذا الســكوت يعتمــدون على قــراءة تتنافــى، نصاً وروحاً، مع مقتضيات الدســتور حــول ما لرئيس الجمهورية من حصانة إبان قيامه بمهامه الرسمية المسندة إليه، لا في غيرها، وهو كذلك ارتداد ونشاز عما عليه الإجماع دولياً من واجب مساءلة رؤساء الجمهورية عمــا ارتكبوه من جرائــم الحق العام أثناء توليهم لمناصبهم".

"وفي مستهل هذه المســطرة القضائية، يضيف المنســق، لا يســع فريقنــا إلا أن ينوه بمــا تبذله البلاد من مســاع وجهد يرمي إلى استرجاع الدولة الموريتاني­ة ما سُــــلب من أمــوال، وذلك من خلال اســتخدام آليات قانونية واضحــة في جو تطبعه الســكينة، ويحترم فيه القانون شــكلاً ومضموناً طبقاً لما به العمل في دولة القانون والحق، وتشبثاً بمــا يحكــم مهنة المحامــاة من أخــاق وواجبات

وثوابــت مهنيــة ســيواصل فريقنا بالوســائل القانونية المتاحة وأمام المحاكم الوطنية والأجنبية القيــام بكل إجراء من شــأنه أن يمكــن بلادنا من اســترجاع ما بدد من أموال نقدية كانت أو عينية، إضراراً بالدولة الموريتاني­ة".

وفــي الخضم نفســه، علــق محامــي الرئيس الســابق محمد أشــدو على ما صدر بحق الرئيس الســابق من قرار يقضي بمتابعتــه: "نرى، ويرى كل مــن له عقل، وكثيــر من الرأي العــام الذي بدأ يعــي ويفيــق، أن ســيل التهم التي تحــدث عنها الســيد وكيل الجمهورية في بيانه والدعاوى التي وجهها، إنما هــي تهم ودعاوى سياســية وكيدية بامتياز بغية تشويه سمعة الرئيس محمد ولد عبد العزيز وصحبه وعهده الوطني التقدمي ومنعه من ممارسة السياسة، وبغية تشــويه سمعة القضاء أيضاً، ولا أصل لها ولا فرع من القانون والوقائع".

وقال: "ومن أغرب ما رأيناه خلال هذه الأيام مما يجري في هذا الوطن العزيز، أن وكلاء الجمهورية والقضاة فيه عن القانون وعن مواده، يتجاهلون ويخرقون ويدوســون ويمزقون الدستور ومواده الآمرة الصريحة وهو أبو القوانين، وميثاق الأمة، الذي يشكل خرقه جريمة معاقبة وخيانة عظمى".

وتســاءل المحامي: "أو ليســت المــادة 93 نصاً دستورياً، وتقول بالحرف الواحد: لا يكون رئيس الجمهورية مســؤولاً عــن أفعاله أثناء ممارســة ســلطاته إلا في حالــة الخيانة العظمــى. لا يتهم رئيس الجمهوريــ­ة إلا من طرف الجمعية الوطنية.

فمن لا يحترم الدســتور لا يحق لــه أن يتكلم عن القانون!، إن الرئيس محمد ولــد عبد العزيز كان وما يزال، وسيبقى، متمسكاً بالشرعية وبالدستور الذي ظل يحترمــه ويصونه؛ وخاصــة ترتيبات المــادة 93 التي تحصنه من المســاءلة، وتمنع منعاً باتــاً تحريك أي دعــوى عمومية ضــده من طرف القضاء العادي".

وضمن ردود الفعــل الدولية على هذه الأحداث التي تشهدها موريتانيا، وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى منطقة الساحل السابق بيتر فام، اتهام الرئيس الســابق محمد ولد عبد العزيز ووزيريه الأولين وعدد من المســؤولي­ن بالفساد، بأنه "تغير إيجابي استثنائي".

وأضاف المبعــوث الأمريكي في تغريدة هي أول تعليق من دبلوماســي أمريكي على ملف الفســاد: إن نما حدث يدخل ضمــن التغيرات الإيجابية في موريتانيا منذ تولــي الرئيس محمد ولد الغزواني للسلطة قبل عامين".

 ??  ?? محمد ولد عبد العزيز
محمد ولد عبد العزيز

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom