Al-Quds Al-Arabi

تعقيبا على مقال توفيق رباحي: الجنسية الجزائرية... ليست مجرد وثيقة وليست هبة من أحد

-

وجهان لعملة واحدة

نزع الجنسية وتهمة الإرهاب وجهان لعملة واحدة. خطة أحيكت خيوطها خصيصا لكل المقاييــس. عليهم التعريف بالخيانة العظمى أولا ثم يصدرون الأحكام وتنزع الحرية أو الجنسية.

والاستقلال والكرامة وتقرير المصير؟.

ثم، ألم يكن أولئــك الذين انقلبوا على إرادة الشــعب الجزائري وأوقفوا انتخابات 1991، وحلوا حزبا شــرعيا فــاز بثقة الناخبين، وقتلــوا الآلاف الآلاف من المواطنين في حرب لا معنــى لها، ألم يكن هؤلاء أحق بالتجريد من الجنسية؟

مفهوم الخيانة

فرنسا في موضوع الجنســية أرحم من ضباطها الذين يحكمون الـــجزائر الشـــقيقة منذ بداية الســتينيا­ت، حيث ينص القانون الفرنســي على أن الجنســية لا تســحب مهما كانت الأســباب من الفرنســيي­ن بالولادة، ممن لم يحـــملوا جـــنسية أخرى ســـوى الفرنـسية قـبل البلوغ.

وأي فعل جرمي ينسب إلى هؤلاء يكون مجاله المتابعة القانونية، وبمناســبة الكلام عــن خيانة الوطــن، أتمنى أن يشــرح لنا أتباع العســكر، مفهوم الوطن ومفهوم الخيانة، من خلال مبادئ القانون الدستوري، وليس من خلال المزاج الثكني.

وهــل يعتبر تصفية قــادة التحريــر واغتيالهــ­م، ونهب أطنان الــدولارا­ت، وســرقة قوت الشــعب، وخدمــة الثقافــة والمصالح الاستعماري­ة، وقتل عشــرات الآلاف من المواطنين، وطنية وإخلاصا للوطن، وانتقاد هذه الكوارث والجرائم خيانة تســتلزم التشــريد والتنكيل والتجريد من الجنسية؟

شــعباني ومحمد بوضياف وآيــت أحمد، والقائمــة طويلة. أولئك المجاهــدو­ن كانوا يؤمنون بقيام دولة القانــون والعدل المدنية، كما جاء في البيان الأول للثورة عام 1954.

وفعلا بعد وفاة المستبد بومدين سيطر عملاء فرنسا على الجيش، ثم قاموا وعلى رأسهم الجنرال خالد نزار بانقلاب 1992 المشؤوم ضد الرئيس الشاذلي بن جديد، الذي عينوه في 1979 على رأس النظام بعد وفاة بومدين.

ثم قامــوا بحل البرلمــان وإلغــاء الــدور الأول لأول انتخابات تشــريعية شــفافة في تاريخ البلاد، والتي فاز بها الإسلاميون، ثم أدخلوا البلاد في عشـرية سـوداء ذهـب ضحيتها حوالي ربع مليون من أبناء الشعب بـــدعوى محاربـــة الإرهاب، وآثار تلك الحـــرب القـذرة مازالت قائمـة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom