تونس تعلن مواصلة الحرب ضد الإرهاب و«النهضة» تطالب بوحدة وطنية
أحيــت تونــس، أمــس الأحــد، الذكرى الخامســة لما تســمى بـ»ملحمة بن قردان» التــي نجحت فيهــا قوات الأمن التونســية بمنع تأســيس إمارة تابعــة لتنظيم «الدولة الإســامية» المتطــرف، حيــث أكــد رئيس الحكومــة، هشــام المشيشــي، أن الحــرب علــى الإرهاب متواصلــة، فيما دعت حركة النهضة إلى وحدة وطنية تســاهم في حل المشــكلات الاقتصاديــة والاجتماعيــة في البلاد.
أولويات عمل الحكومة
وخلال كلمة ألقاها في مدينة بن قردان، قال رئيس الحكومة، هشــام المشيشي، إن الحــرب علــى الإرهــاب هي «مــن أولويات عمل الحكومة، التي ستواصل توفير الدعم الــازم لقــوات الأمــن الداخلــي والجيش الوطنــي، وتعزيــز الإمكانيــات الماديــة والبشــرية لمختلف هذه الوحــدات» مؤكداً «عزم الحكومة القويّ والثابت على بذل كلّ الجهود من أجل حماية كلّ شــبر من تراب الوطن ودحر خطر الإرهاب والقضاء عليه، وذلــك بالتعويل علــى وحدة المؤسســتين الأمنية والعســكرية والتحامهما، وحرفية الأمنيين والعسكريين من مختلف الأسلاك والرتــب والهيئات، وكذلــك بالتفاف كافة أطيــاف الشــعب التونســي ومكونــات المجتمع المدني حولهم».
وقــال إن «ملحمــة بــن قــردان الخالدة أجهضــت عمليــة إرهابيــة جبانــة كانــت تهــدف لزعزعــة أمــن البلاد واســتقرارها وضــرب معنويــات الشــعب التونســي، وســاهمت بنجاحهــا فــي شــحذ همــم التونســيين والتونســيات علــى القضــاء علــى جــذور الإرهــاب، وشــكلت منطلقــاً لسلســة من النجاحات الأمنية والعسكرية في تتبــع المجموعــات الإرهابية وإفشــال مخططاتهــا وإيقاف عناصرهــا والقضاء على قياداتها». كما أشادت حركة النهضة بـ»بطولات الأمنيين والعســكريين وأهالي بن قردان» المشاركين في التصدي لعناصر تنظيــم الدولــة، مشــيرة إلــى أن «تونــس الثــورة والحريــة والكرامــة عصيّــةٌ علــى الإرهــاب ومخططاته وتجدّد فخرها بقدرة شــعبنا وقواتنــا العســكرية والأمنية على التصدّي لهذه الآفـــة ومحاصـــرة ما تبقّى من فلولـها».
ودعــت إلــى «تعزيــز الوحــدة الوطنيّة والتناغــم والانســجام بــن مختلــف مؤسســات الدولــة والنجــاح فــي تطوير الأوضــاع الاجتماعيّــة والاقتصاديّــة إلى الأفضــل. فكلّهــا عوامل تزيد مــن صلابة التجربــة الديمقراطيــة وتحصّنهــا مــن الجرائــم الإرهابيّة» مشــيرة إلى أن «دماء الشــهداء علــى مــرّ العصــور وتضحيــات أجيــال مــن التونســييّن والتونســيّات أمانة فــي أعناق الجميــع والمرحلة تفرض مزيــداً مــن تحصين البــاد ضــد الإرهاب والانكباب على تحقيق مطالب التونســيين المشــروعة في الشــغل والتنميــة، وتطوير الأوضــاع الاقتصادية والمعيشــية وتعزيز الوحدة الوطنية والتعاون والانسجام بين مؤسســات الدولة خدمة للمصلحة العامة وحمايــة لاســتمرار الدولــة واســتقرارها وقوتها».
كما أكــدت أهمية «التعــاون والتضامن بين الشعبين التونسي والليبي في مواجهة التهديــدات الإرهابيــة، وبنــاء مســتقبل أفضــل للبلدين مــن خلال تعزيــز التعاون الاقتصــادي وتيســير التبــادل التجــاري مع ضــرورة الإســراع فــي إنجــاز المنطقة التّجارية الحرّة في بن قردان».
وتحــت عنــوان «درس معركــة الفريــد فــي معنــاه وأســلوبه» كتــب المــؤرخ د. عبــد اللطيــف الحناشــي: «تمكــن الجيش
والقــوات الأمنية المختلفة بتكاتف ســكان بــن قــردان ودعمهم مــن التصــدي لقوات داعش وإحباط مخططها الرامي للســيطرة على المدينة وتحويلها لقاعدة ارتكاز للتمدد نحــو الجنــوب الشــرقي للبــاد وإعــادة خلفيــة أيضــاً لعناصرهــا المتواجدين في ليبيا يمكن اللجوء إليها عند عمل عســكري بــري غربي محتمــل. لم يتمكــن داعش من تحقيق أهدافه تلــك وأصيب بخيبة بفضل العوامل الداخلية ولكن بســبب عدم وجود دعم خارجي )إقليمــي ودولي( مقارنة بما حصل فــي الموصل وفــي الرقة الســورية أين توفرت إمكانيات بشرية ضخمة )عدد الســيارات التي هاجمت الموصل بنحو مئة ســيارة تحمل مئــات مــن العناصــر وكذا الأمر بالنســبة للرقــة( في حــن لا نعرف إلى الآن عدد الذين هاجموا بن قردان بدقة وهل تســربوا مــن ليبيا أم كانــوا رابضين ومختبئين في بن قردان.»
التحام السكان
وأضــاف: «هزيمــة الدواعــش فــي بــن قــردان ذات وقــع كبيــر علــى التنظيم في تونس وفــي المغــرب العربي وهــي لا تقل أهميــة عن الضربــات الموجعة والواســعة التــي يتلقاها التنظيم في ســوريا والعراق منــذ التدخــل الجــوي الروســي. غيــر أن درس معركــة بــن قــردان يظــل فريــداً في معنــاه وأســلوبه وتتمثل تلك الفــرادة في التحام الســكان )رغم ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية القاهــرة ورغم احتجاجاتهم المتواصلة على الحكومة( مع قوات الجيش والحــرس والأمــن )الدولــة( وخوضهــم معركــة كانت وجودية. والمســألة لا تتعلق بعــدم وجــود الحاضنة الشــعبية للتنظيم كما يشــير البعض ولا بســلبية أو لامبالاة الســكان، بــل بتحول ســكان المنطقــة إلى طرف أساسي للمعركة وهو ما ساعد على الانتصار السريع .»