Al-Quds Al-Arabi

و«قريمشة يا قريمشة» خلّدت مفرداتنا العتيقة

من عادات وتاريخ وجغرافيا تقلق المحتل

- المقر الرئيسي )لندن(:

الراحلة الدكتورة حنان جرايصي أولت هذا الجانب كبير اهتمامها واختارته عنواناً لتخصصها الأكــاديم­ــي الـعـالـي. بالنسبة لي دخولي إلى موضوع الحكاية الشعبية جاء في إطار خدمة مهمتي الأساسية وهي الأغنية الشعبية.

○ ثمــة نظريــة تقول بإن المرأة هي الأمينة على التراث ونقله عبر الأجيال. هــل أكــد عملــك المتخصــص ذلك أم نفاه؟

• السبب فـي تلك النظرية أننا حيال عالمين من الغناء الشعبي، هما عالم الغناء الرجالي وعالم الغناء النسائي. لـم يــؤد الـرجـل الأغنية، بل أدى نمطاً من الغناء. في حين أدت المرأة الأغنية التي لها بداية ونهاية. وتلك الأغنيات قائمة على «موتيف» واحد في كافة أبياتها، وفيها نسمع الـرجـل يتحدث عـن مـوضـوعـات كما موضوعات المرأة، إنما هي تفتقد إلى التركيز الموجود في الأغنية النسائية. وبعد التجربة الأولى التي قمت بها اكتشفت أن تراثنا يكتنز تاريخاً وجغرافيا في آن. لقد ذكرت الأغنيات النسائية التاريخ والجغرافيا في فلسطين منذ عقود بعيدة جداً. كنت أذهل وأنا بصدد تفسير وتحليل «الغناوية» نتيجة حجم المعلومات التي تتضمنها عن البلدان، والمواقع والقلاع والأسوار التي كانت ترد في تلك الأغنية. وعندما تؤدي المرأة الأغنية، فهي تساهم بترسيخ مادتها في الأذهــان. وهكذا تتعلم الأجيال التاريخ والجغرافيا من دون قصد. خلال أبحاثي وجدت أن أهم موضوعات الفولكلور هي تلك البعيدة عن العامل المادي من أيادي وطعام وشراب. الفولكلور يتألف من «فول وكلور» أي الفكر الشعبي. هذا الفولكلور طرح كل ما له صلة بالفكر، من الحكايات والأمثال الشعبية والحزازير وإلى آخره. يأتي الغناء في مكان مهم من الفولكلور، فهو متداول جداً. ○ هل باتت أبحاثك موثقة ومحفوظة في كتب؟

• بالتأكيد. أصدرت إلى سنة 2019 ستة أبحاث أحدها يختص بالأغنيات الفولكلوري­ة في الأعراس. والثاني «أغانينا النصراوية: شامية وجــاي من الشام». وكتاب عن «الأمومة والطفولة في الفولكلور الفلسطيني». وبناء على المعطيات التي تتضمنها الأغنيات لاحظت حجم حضور الحسد في الأغنيات النسائية، وكـــان لـي بحث بعنوان «الحـسـد في ممارساتنا الشعبية: طرق الوقاية والعلاج». وألّفت كتاباً للأطفال بعنوان «قريمشة يا قريمشة». هو كتاب

مبني في كامل التعبيرات التي يتضمنها التراث. والهدف كان إطلاع الأطفال على مفردات كانت في حياتنا سابقاً ومنها «شوبك، وطـابـونـة، وطبلية وســـــــو­اهـــــــا». تـلـك التعابير ا لفو لكلو ر ية صغتها في أغــــنـــ­ـيــــات لـــأطـــف­ـــال ولحـــنـــ­تـــهـــا شــقــيــق­ــتــي، وتــضــمــ­نــهــا كـــتـــاب يحمل الـــــنــ­ـــصـــــو­ص ومـرفـق بسي دي. وبالتأكيد كافة مؤلفاتي مرفقة بـ «سـي ديــز» يضم الأغنيات الــواردة في الكتاب. أما اصداري الأحدث ولد سنة 2019 فحمل عنوان «لبَّسْتِك الأبيض: عرايس الجليل بعدسة فوتو نبيل» وفيه بينت المتغيرات التي طرأت على ملابس العروس بين الخمسينيات والثمانيني­ات من القرن الماضي. وما هي المؤثرات الاجتماعية والإقتصادي­ة التي ساهمت بهذا التغيير. ○ هل كانت طريق البحث ســالكة وآمنة في ظل الاحتلال؟

• لم تعترضني مشكلة في موضوع جمع التراث، خاصة وأني تكفلت بتكاليف أبحاثي وإصدارها في كتب. حتى الآن ترفض حكومة الاحتلال إضافة أي من موضوعاتي التراثية إلى المنهاج الأكاديمي، خاصة وأنها تتضمن التاريخ والجغرافيا كما سبق وذكرت. فالاحتلال يتحاشى تلك الموضوعات لأنها كفولكلور تتضمن أسماء القرى والبلدات قبل تهويدها. وكذلك تذكر تلك الأغنيات تاريخاً عن تلك البلدات وسكانها. ○ إلى أي حد تمكن الاحتــال من إقناع الآخرين بنسب ما سرقه من تراث فلسطين للشعب اليهودي؟

• لا أعتقد أنه يستطيع. ليس للمحتل أن يفلح حين يفتح مطعاً للفلافل في الولايات المتحدة الأمريكية ويقول للناس أنه طعام يهودي. نسب المحتلون لهم الطعام الفلسطيني والزي التراثي الفلسطيني ولم ينجحوا. تطريز «الستات» الفلسطينيا­ت للثوب هو الذي يفرض نفسه، ولن يكون إسرائيليا بمجرد «أكم من وحدة لبست أكم من فستان وصار إسرائيليا.» ○ هل من تضارب في المعلومات لدى الباحثين في التراث الفلسطيني؟

• تضارب المعلومات لدى الباحثين يفرض نفسه. وهنا أقصد أمرين. أولهما في كيفية تداولنا للأغنية الفولكلوري­ة؟ هل نتركها على حالها، أم ندخلها في

مجال التوزيع وتحسين الأداء والموسيقى والذي يُـعـرف بالتوزيع الموسيقي؟ هـل نلبسها الثوب الحضاري أم نتركها على حالها؟ النقاش دائم حول هذا الأمر. والأمر الثاني الذي أقصده تفسير المعاني. كي أصل لتفسير أمر معين أطرح الكثير من الأسئلة، وبالنهاية الإجابة التي أجدها مناسبة أعتمدها. فنحن لا نملك قاموساً يفسِّر تلك المعاني، باستثناء القاموس الذي أنجزه الراحل عبد اللطيف البرغوتي «التعابير الشعبية الفلسطينية» مع العلم أن ذاك المجلد الوحيد لم يتضمن كافة ما نتداوله من تعابير شعبية.

○ كم أنت راضية عن الأصوات التي تغني التراث الفلسطيني في الداخل والشتات؟

• راضية كل الرضى عن أي صوت يغني الفولكلور وأرحب به. عندما أقدم محاضرات وفي كافة أنحاء «البلاد» وفي الخارج من الأردن إلى الدانمارك، وفي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وفيها جميعها كان الرابط بين الجميع الأغنية. والأغنيات نوعان، النوع الذي أقول فيه الجملة كمؤدية ويرددها الحضور من بعدي. والنوع الثاني وهي الأغنيات الفلاحية التي يعرفها الجميع كما «الروزانا وهلالالية، ورمانك يا حبيبي.» كل من يغني الفولكلور مُرحب به، إنما قمة الرقي في تقديم الفولكلور تمثل في البرنامج الذي أنجزته مع المطربة المتألقة والفلسطيني­ة المبدعة دلال أبو آمنة. قدمنا معاً معظم أنواع الغناء، من أغنيات الطفولة، والأعراس وغيرها. وتمت مسْرحتها جميعها من خـال حـوار مشترك بيننا ومـن ثم كانت تقدم الأغنية. إنها أغنيات غاية في الروعة. ○ هل اشتغلت بغير التدريس؟

• درّست الموسيقى على مدى 30 سنة، وتقاعدت

‪2nd FLOOR 26-28 HAMMERSMIT­H GROVE . LONDON W6 7HA England‬ هاتف: (خطوط(٭فاكس:

مكتب القاهرة: أ شارع قصر النيل ـ الطابق الأول ـ شقة رقم ) ٭ هاتف/فاكس:

مكتب المغرب: زنقة المرج شقة ٭ هاتف/ فاكس:

مكتب عمان: شارع الملكة رانيا مجمع عكاوي الطابقالرا­بعرقم ٭هاتف/فاكس: حسان ـ الرباط )

منذ 24 سنة. كنت معلمة موسيقى لأني نشأت في بيت موسيقي خاص ومميز، وكنّا فرقة موسيقية من الأب والأم والأبناء الخمسة. مارست الكتابة الصحافية الأسبوعية على مدار 13 سنة، واستمر ذلك إلى حين سقوط بغداد فسقط معها قلمي. إنها مهمتي في الحياة. ○ ما الذي يشغلك ولم تهتدِ إليه من التراث بعد؟ • إنه أكثر بكثير مما كتبته، رغم أني كتبت مئات المـوضـوعـ­ات. فالنبع الفيّاض الــذي اسمه تراثنا الشعبي لا ينضب. لدينا كم هائل من الأغنيات، فأغاني «المهاهاها» لا تعد ولا تحصى وفي كتبي حوالي 600 منها. لا تـزال هناك الكثير من الأغنيات في «كمام النسوان » لكنني في الحقيقة تعبت من الترحال والسفر بين البلدان لمقابلة سيدة هنا أو هناك للحصول على الأغنيات التي في حوزتها. ومن ثم تدوينها وكتابتها وتحليلها. انشغلت كثيراً بالأغنيات ومــا أزال، واعتبرها اختصاصي. أما سواها من الحسد وضربة العين، ولماذا الحلاقة للعريس، ولماذا نجلّي العروس؟ جميعها مواضيع منبثقة من قلب الأغنيات، فتعاملت معها بقدر ما سمح به وقتي ووضعي الاجتماعي. فأنا ربة أسرة وأم لثلاثة أبناء، ورحل زوجي قبل سنتين. وبقدر ما سمح لي الوقت كتبت وحللت في موضوعات التراث الشعبي.

○ وهل لديك نشاط اجتماعي وإنساني في مدينة الناصرة؟

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom