Okaz

قّل مقداري في داري

- علي بن محمد الرباعي @Al_ARobai كاتب سعودي

نصحه أبوه يبتعد عن نفاش الصدر، وقال: اهمل الفتيل، بتلقى لﻚ عروس )عني عنة( فكﻚ من عروق )اسدحني واسدحﻚ(. فاعتذر من أبوه، وقال: دخيلﻚ ال تفسد خطبتي، الناس قد رحبوا بي، وخذوا مقدم املهر. فقال: ما بافسد عليﻚ، لكن هذا وجهي ما تسميها سعدى، تلقى أمها مصقت في ﺛمﻚ، وإال جدتها مسحت على رأسﻚ. راحـت الـعـروس، واألب خبث له ما طـاب، ومـا معه شـيء ينفس عنه إال القصايد، وليلة املرواح عبى قصيدة عرف العريس مغزاها، وتلون وجه رحيمهم، فشده من مسبته وظهر به فوق الجناح، ونشده وش قصد أبوك يوم يقول )يا كم بعد تتلي الزفرات يا بو غباين، ما سرتﻚ نطة الشبرين والساق عاري(، فقال: اغد أنشده. مات الشايب، بحسرته، وتولى )بو محزم( شأن البيت والــوادي، والرجال ما هو دون شيء، وفي نهار مغلتم، عصب العمامة على رأسه، واستندر املصلبة، من ورا املصراع، وطلب من عصيبه )رب التنكة( يشيل السحب، وينب النسوان، يلحقنهم بالذرو، والثيران، فنفر فيهن، هياكنه ما عاد معنا من البغرة إال اليوم، وانتشى )بو محزم( بمنظر الغيوم وشـل بالصوت )يقول حميد ابن منصور، البغرة جد الزراعة( حﻂ املصلبة عن كتفه وعلقها في اللوزة املطرفة، وانصرف يلقﻂ بعﺾ الحجارة املتساقطة ويردها في جدارها، وكانت جبهته تشع وضاء ة، فيما يتتابع الــعــرق، مــن األخــاديـ­ـد الــتــي حـفـرهـا الــزمــن عـلـى وجــهــه، وانـشـغـل بـالـعـمـل ومسﺢ القطرات، بظاهر كفه، وشال بطرق الجبل )أويه يا وقت الصبا يا مسرعﻚ فيت، ما امداني تهنيت، وانا بما يكتب لي الخالق راضي(. تالحقوا بعاملتهم وزاملتهم، في الشعب، فقالت زوجة العصيب، معي ردود على بدعﻚ، فقال اسلمي، قالت )وفيت يا جار الوفا معنا وكفيت، الله ينولﻚ ما تمنيت، يعطيﻚ من سابع سما ال سبع راضـي(، فقال: على رأسي، وطلق يا أول قبضة من الحنطة ما يـذراهـا إال هـي. فسأله زوجـهـا، وش أغــداك تطلق؟ فقال: مرتﻚ ايدها بركة، ما هي كما ناس في بالي، فسمعته، زوجته املقبلة بالثور حميران، فقالت: وشبهم اللي في بالﻚ بالوا في ﺛمﻚ؟ فجاوبها بزفرة، عراقيب فقر الله ال بقى منهم واحــد، فرمت حبل الثور وعــودت للبيت، فعلق: الله ال يلقيﻚ خير، ونظرت إليه زوجة الجار بطرفها األكحل وتبسمت، وقالت: دخيلﻚ ردها تعاونا، فقال: خليها بتسوي الفال وتجيبه، وفي مرواحها خير، أرب الله يتبارك محرﺛنا. ركبت بقدرها فوق الطباخة، وشخطت بالكبريت، فبقت فيها، ولحقت النار الشيلة، ولطيت في طرف خدها، فتداركت نفسها، واستعانت بجارتهم )خضراء( فبشرتها بالسعد، وجــاءت بالوزنني وبالدافور، وجهزوا املرقة، وقلعت خبزتها من امللة، وحمت السمن على الرماد الساخن، وتناولت القشبي، وأدرجت الخبزة في إحرام، ورتبت حلة املعرق، وطاسة السمن، وانتبه )بو محزم( إنها مقبلة، فالتهى عنها بقيادة الثيران من خزامها عشان ما تحرف الخﻂ. وهــم يـتـفـاولـ­ون، قـامـت وفـكـت املصلبة والسحب عـن الـثـيـران، ووضـعـت أمامهما حزمة قضب، وعقدة قصيل، وهي تحل عقدة املصلبة من تحت الغبب، تشمشمها حـمـيـران، فعلقت زوجــة )رب التنكة( يعرف ريحتﻚ ﺛـوركـم؟ فــردت عليها، ماني كما اللي تعرف ريحتها كل ﺛيران القرية، فاحمر وجهها، وحنست الفال، فأقسم عليها )أبو محزم( لتكمل فالها، ونهﺾ وعمد زوجته، وما هال قرب منها، حندرت عيونها فيه، فنزل السند يعني إنه يريق املا. عـــادت )عــــزة( بالغنم مــع الــغــروب، والحــظــت أمـهـا إنـهـا مــا تـقـدر تتكلم، ضربها أبو اللحى، وفﻚ لحيها األسفل، فسمت عليها، وشبت كوم من قـرض، وسدحتها جنب امللة، وعاد أبوها عقب صالة املغرب، وما غير شاف بنته، قال: قطع الله ايد الــالش، وكــان ينشدها ال يكون أحـد من بنات الـحـرام نــذر بـﻚ، وإال صكوك بعني، وإال تخطريت دم؟ والبنت تدير رأسها يمني ويسار يعني ال، فتناول عكة السمن من الوتد، وقال: افتحي ﺛمﻚ، وعصر من العكة لني فاض السمن من شدوقها، وزاد الحطب في امللة، والـداخـنـ­ة، حركت الـبـق، فتقاطر على الـجـدار كأنه قافلة عابرة لبيت الجيران، وكــان االبــن األصغر يغمز كـف عــزة، وينشدها، منني يجي البق، وألنها ما تستطيع تجاوبه، تبسمت، فقال أبوه: يا كثر غلبتﻚ، ويا قل منفعتﻚ، ﺛم جاوبه: تجي من النسمة ومن الـزرى وقلة النظافة، فسأل: أي نسمة؟ قال: نسمتﻚ ونسمة أمــﻚ، ومـا سمع إال قريﻂ سنونها، فقال: فكونا من البق، خلونا في بنت الرحمن. بقي في خدها أﺛر، واملسكينة، ما ودها أحد يشوفها، مخافة أن يتشفون في أمها، أوصـاهـم الشايب، يبعدون عنها )املــيــرا­ه( وقــال: آهـي لو تمارت وشافت وجهها وفيت يا جار الوفا معنا وكفيت، اللﻪ ينولﻚ ما تمنيت، يعطيﻚ من سابع سما ال سبع راﺿي بتصيﺢ وتنوح، وتعمدت جارتها )امللعوطة( تسترق ميراة أمها، ومدت بها لها من فوق الجدار الفاصل بني البيتني، تناولتها )شمسة( وشافت وجهها، فانخرطت في البكاء، وتنفخت عيونها من كثرة ما ندبت حظها، وقالت في نفسها )ما عد حاد بيأخذني وانا شدقاء(. أقبل شقيقه )بو محشم( وصهر فيها لولده )حشيم( وقال لهم: ترى دواها عندي، كية جنب صفحها برأس املسمار، وما تشوف إال العافية، فدقت أمها بذيﻚ اليمني ما تكويها، وسأل أخوه: وش قولتﻚ، نكويها وإال أقفي ألهلي، فجاوبه: اقف اقف الله يتقفاك بالخير، وما غير خرج، انهدت عليه، وفقدت بالبنت والولد، ما يعطي بنتها ولد أخوه، وال يأخذها إال ولد أختها. قال: ال تصكني نصيبها يا املقرونة، فقالت: يمني ودين ما تحل عليه، لو تتنكس على رأسﻚ، وأدخلت اصبعها في فمها وبللته بريقها وقالت: هاك زعـرة ترحب به، فتناول شقاقة حطب بجواره، وكاد يحذفها بها إال أنه خشي تردها عليه، وتهني كرامته قدام عياله، فرمى الشقاقة، وقال: عذ بالله من ابليس وذراريه ونسوانه. طلب مصفاة القشر، ومدد كراعينه طرف امللة، وتذكر وصايا أبوه، وعلق: السود فالي ليتني طعت شورك، سألته: بيش شار عليﻚ الله يلحقكاه، فقال: قال.. ال تعطي نفسﻚ هواها، وال تفتﺢ عينﻚ على مداها، وال تأخذ حرمة عشاها ما يلحق غداها، قالت: وليش ما خذت بشوره؟ فقال: قلبي أعمى، من يوم كانت أمﻚ تركبﻚ ورايه فوق الحمارة، وترسلنا نطحن الحب، وإنتي تتعشلقني في ظهري، وتنفخني في إذني، فانعميت الله ال يعمي لنا بصيرة. ضـحـكـت وقــالــت: تـخـبـر يـــوم خــرجــت علينا الـبـسـة الـــســـو­داء، وخــرعــت الحمارة، وطيحتنا فــي العقشة، ونــثــرت حبنا، قــال: كيف مــا أخــبــر، وأنــا نسيت الحمارة وقعدت أنقشﻚ من الشوك، فقالت: إن كـان تــدور لرضاي، البنت ال تقبل فيها وال صهارة، فهز رأسه. التقاه أخوه في مسراب املسيد، فقال: انحن على كالمنا يا بو محزم، وعدي الدور أجيﻚ باملهر، فـرد عليه، بخجل ما وافقت عزة على حشيم!! فقال: بنت العم لولد عمها، فقال )بو محزم( دخيلﻚ تفكنا من اللبشان، الفقة خير من القالة، وأنا معيني آخـذ قالة عند النسوان، فعلق أخــوه: حليلﻚ يا الضعيف، إن كـان قـل مـقـدارك في دارك، فمنني بيجي لﻚ مقدار عند الجماعة؟ قال: زاد مقداري، نقص مقداري، ما دام في داري، وما أحد داري ماشي خالف، وترى اللي يعيب أخوك يعيبﻚ، مثل ما قال املقول، فتركه )أبو محشم( ومشى وهو يردد: ال بالني ربي بما بالك.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia