التعليم والتعلم.. إشكالية الفهم أو الصياغة
يبقى التعلم سمة مالزمة لإلنسان طيلة حياته، وال يمكن أن تنفك عنه هـذه الصفة، فكلما يمر به من أحــداث وممارسات ومــواقــف هــي فــي الـنـهـايـة مـحـطـات تعليمية ال يـخـرج منها صفرا علم ذلــك أو لـم يعلم، وهــذا يـولـد لــدى اإلنـسـان نوعني مـن املـعـرفـة، أحدهما واضــح وجلي وهــو مـا يعرف باملعرفة الــصــريــحــة، والــتــي يـمـكـن رؤيــتــهــا عــبــر املــؤلــفــات واملقاالت، وعــبــر املــقــابــالت الـتـلـفـزيـونـيـة ومــقــاطــع الـفـيـديـو أو املقاطع املسموعة ونحوها، واآلخر غير ظاهر وليس بمرئي، وهو ما يعرف باملعرفة الكامنة التي هي عبارة عن رصيده املعرفي مـن الـتـجـارب واالبـتـكـارات ومــا يتفتق عنه الـذهـن مـن حلول ومقترحات تجاه املشكالت، والتحديات التي يتعامل معها واملواقف التي يمر بها في سائر حياته العملية أو الخاصة، وقـد يكتشف من نفسه بعض املعارف التي لم يكن يعلم أنه عــــارف بــهــا، وإنــمــا قــــاده الكتشاف نفسه ما مر به من مواقف، تكون مــفــاجــئــة فــــي بـــعـــض األحــــيــــان، وهــــــذا الــــنــــوع مــــن املــــعــــارف هو األغـلـى واألكـثـر فـائـدة، قـد يبقى مــطــمــورا وتـــحـــت األنــــقــــاض، ما لم يتم البحث عنه واستخراجه بـــــواســـــطـــــة جـــــلـــــســـــات العصف الذهني، وورش العمل والحلقات النقاشية واملــواقــف االفتراضية التي تساعد املشارك في إبراز ما لديه من رأي وخبرة، وتذهب به إلى مرحلة التفكير العميق والبحث في مكامن التفكير. لــم يـعـد التعليم الـتـقـلـيـدي، املعتمد عـلـى طــرف واحـــد يلقي وطرف آخر يتلقى، يجدي نفعا، فهو عبارة عن عملية سكب للماء في حاوية يتم تفريغه منها وقـت االمتحان وال يبقى منه شــيء ذو بــال بعد ذلــك إال مـا رحــم ربــي، واملظهر األمثل والذي يرجى له النفع الكبير هو املشاركة في التعلم وإسناد جزء ليس بالقليل من مهمة البحث عن املعلومة وتوليدها، إلـى الطالب الــذي البـد أن يتفاعل مـع املــادة التعليمية حتى يـبـقـى فــي انــســجــام مــع مجموعته وتــركــيــز وشــغــف بالتعلم ويرى ما تقوده إليه عملية التفكير من نتائج ممتازة أكسبته معلومات، حصل عليها بنفسه فبقيت راسخة في مخزونه التعليمي وذاكرته الحية. أيها الجيل إنكم عـدة املستقبل وبناة الغد واآلمــال معقودة عليكم لتساهموا أفضل مساهمة في املحافظة على مكتسبات الــوطــن، وتنميتها وتـطـويـرهـا، وابـتـكـار واكـتـشـاف وإيجاد املزيد من كل ما استجد في علوم الحياة النظرية والتطبيقية لنبقى فــي رأس قـائـمـة األمـــم الــجــادة واألجــيــال الــتــي لديها إصــرار على التفرد والتميز وال سبيل إلـى ذلـك إال بالتعليم والتعلم الجيد املبني على املشاركة من جميع األطراف.