Okaz

مي.. وجدان ثورة ال ينتمي خلنادق أو فنادق

- عبداهلل الغضوي (إسطنبول)

كان حجم الحزن السوري عميقا لرحيل املمثلة مي سكاف؛ ألنها ثائرة تجسدت فيها الــثــورة قــوال وفـعـا، أمثالها بالفعل خـسـارة لوجدان شعب أحوج ما يكون إلى شخصية صادقة تحمل املعاني الحقيقية للثورة. ســكــاف؛ كــانــت الــــروح الحقيقية لــلــثــو­رة الــســوري­ــة، ولـيـسـت النسخة االبتزازية، فلم تركض إلى مؤتمر صحفي تسوق لنفسها من خاله، ولم تتأبط مناصب سياسية من أجل التسلق، آمنت بالثورة وكانت أول الثائرين، لم تمتهن السياسة كما اآلخـريـن، بل كانت ثـورة بحد ذاتها - وهذا وصف كل من يعرفها-. أحب الشعب السوري سكاف فنانة في أدوارها التاريخية ومسرحها الــراقــي، وثــائــرة حـني تـصـدرت امـــرأة مـظـاهـرات هــزت أجـهـزة النظام، كانت أيقونة الصدق والوفاء لهذه الثورة حتى اللحظة األخيرة، بقيت الثورة في وجدانها حتى املوت، لم تخرج من الفنادق أو الخنادق بل خرجت من روح الشعب السوري. هي الثائرة الوحيدة التي احتفظت بالنسخة األصلية بالثورة، فاعتزلت املسارات السياسية رغم إلحاح دول عـلـى مـشـاركـتـ­هـا فــي مـحـافـل املــعــار­ضــة الــســوري­ــة، بقيت الوجه الحقيقي للثورة، فأصبح موتها خسارة وجدانية للسوريني. جدد رحيل مي سكاف مشاعر الحنني للثورة السورية، وشكل موتها لحظة تأمل وكشف حساب لكل الضحايا الذين آمنوا بحرية الشعب السوري، كل من عرفها يـدرك أن بأمثالها يبقى األمـل بسورية جديدة. اعتقلها الـنـظـام الــســوري فــي بـدايــة «ربــيــع ســوريــة» العام ،2011 كـانـت مـن أوائـــل املتظاهرين، ونتيجة املاحقات واملضايقات، انتقلت إلى األردن في ظروف معيشية صعبة، وبقيت هناك حتى انتقلت إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم تتقدم املشهد السياسي، رغم أنها املرأة امللهمة لكل إنسانة سورية، فضلت أن تبقى مشعا من خارج الصندوق الكاسيكي املعارض، وبقيت إلى أن رحلت بصمت دون إزعاج أو ضجيج.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia