ويٌل ثم ويٌل للمتحرشني

اعتبارًا من يـوم الجمعة ٨ يونيو أصبح نظام مكافحة جريمة التحرش نافذًا بعد نشره في الصحيفة الرسمية «أم القرى»، وهو من األنظمة املهمة القليلة جدا التي لم تستغرق وقتًا طويال بني صدور أمرها ودراستها ووضع مــوادهــا وبـــدء تطبيقها، والــتــي لــو تــرك أمــرهــا لجهات أخــرى لطال الجدل فيها واستمرت حبيسة األدراج، وال شك أنكم تتذكرون التبريرات العجيبة لبعض جهابذة مجلس الشورى الذين اعترضوا على النظام، والذين كان من حقهم االعـتـراض كممارسة شورية ولكن لم يكونوا بحاجة إلى تلك التخريجات العجيبة التي أثارت سخرية الـقـريـب والبعيد.كنا بحاجة مـاسـة إلــى عــدم تـأخـر هذا الـنـظـام، وهــا هـو قـد صــدر وتــم تحديد ماهيته ومواده وعقوباته، الحظوا أن تسميته هي نظام مكافحة «جريمة» التحرش، أي أنه جريمة بكل ما تعنيه داللة املفردة، لذلك سيكون وصمة أخالقية ملرتكبها من الناحية االجتماعية وتصرفًا جرميا يتوجب عقابا مـن الناحية النظامية، ولـذلـك يـكـون ضــروريــا ونـحـن فـي بـدايـة تطبيق النظام مساعدة املجتمع الستيعابه وفهمه على وجهه الصحيح عن طريق حملة وطنية توعوية شاملة بأساليب ووسائل فاعلة لتحقيق الهدف الــذي يتمثل أساسا في الحد من حدوث الجريمة وليس العقاب على ارتكابها. لـقـد بـــدأ مجتمعنا يـتـجـه بـسـرعـة إلـــى الـنـمـط الطبيعي للحياة البشرية الــذي تشترك فيه كـل مكونات املجتمع فــي إدارتــــه وتسيير شــؤونــه، ستكون األنــثــى إلــى جانب الرجل في الشارع ومواقع العمل والفعاليات االجتماعية والثقافية والترفيهية وغيرها من تفاصيل الحياة، وبما أن أي مجتمع مهما بلغ من الوعي واالنضباط ال يخلو من سلوكيات شاذة، إال أنه لن يكون بحال من األحوال في مجمله مجتمعا منزوع القيم واألخــالق يحتاج إلى من يقوده بالعصا كالقطيع، القانون هو الفيصل واملرجع والضابط إليقاع املجتمع في أي مكان، فمن كـان سويا سيحترمه اآلخــرون ويعيش بينهم بسالم، ومن يتعدى عليهم فقد اختار بنفسه أن يكون تحت طائلة العقوبة. وبــمــا أنــنــا فـــي بـــدايـــة هـــذه املــرحــلــة ســيــكــون مــهــمــا بدء املتخصصني فــي الــظــواهــر االجـتـمـاعـيـة دراســــة ظاهرة التحرش طاملا أصبح هناك تعريف له لكي تفيدنا هذه الــدراســات مستقبال فـي مراجعة السلوكيات املجتمعية وأنماطها ومتغيراتها واألسباب املتعلقة بها.