السعودية وروسيا.. الكرة والنفط!
هل ينجح منتخبنا األول لكرة القدم في تحقيق عوائد اقــتــصــاديــة غــيــر مــبــاشــرة تــتــجــاوز 20 مــلــيــار دوالر من مشاركته فــي افـتـتـاح كــأس الـعـالـم، وظــهــوره فــي املباراة األولــــــى الـــتـــي يــتــرقــبــهــا الــعــالــم كــلــه وتــجــمــعــه مـــع الدب الروسي.. الخميس املقبل؟ اإلجابة على السؤال ستتأجل إلى الثامنة من مساء التاسع والعشرين من رمضان، عندما تنتهي املباراة التاريخية التي تشهد املشاركة األولى ملنتخب عربي في افتتاح أكبر عــرس كــروي عـاملـي، وستتوقف على الــصــورة األخاقية والفنية التي يعكسها العبونا أمام أكثر من مليار مشاهد سيراقبون اللقاء من امللعب وعبر األقمار الصناعية. بالتأكيد، كنا سنحتاج إلــى ضعف هــذا املبلغ لـو أردنا تــدشــني حـمـلـة عــاقــات عــامــة وإعــــام ودعــايــة فــي جميع دول العالم، إليصال رسالتنا والكشف عن رؤيتنا وتعزيز صورتنا الذهنية، لكن قرعة املونديال وفرت علينا الكثير، ووضعتنا أمام فرصة ذهبية وتحد مثير لم يحدث على مدار عقود طويلة. األهــــــم -فـــــي رأيـــــــي- أال نـــفـــرط فـــي الـــتـــفـــاؤل ألن الفرص االستثنائية لها وجهان، إما تكون لصالحك وتحقق من خالها أكبر عوائد ممكنة، أو تنعكس رأسًا على عقب عليك وتتحول إلى عبء، وبالتالي فإن املسؤولية ستكون ملقاة على عاتق هيئة الـــريـــاضـــة واتـــحـــاد كــــرة الـــقـــدم والعبي املــنــتــخــب الــوطــنــي وجـــهـــازهـــم اإلداري والفني للظهور بـالـصـورة الـتـي تعكس حضارتنا اإلسامية وجـذورنـا الضاربة فــــي الــــتــــاريــــخ، صــــــورة اإلنــــســــان السعودي الــشــجــاع، الــخــلــوق، املــتــســامــح، املــقــاتــل مـــن أجل تحقيق العزة والنصر. صـحـيـح أن الـكـثـيـر مــن االقــتــصــاديــني يــنــظــرون ملواجهة االفتتاح على أنها «مــبــاراة نفط» بـني أكبر عماقني في إنــتــاج الـطـاقـة، فـالـسـعـوديـة تـتـصـدر قـائـمـة املنتجني في العالم وفقًا آلخر إحصاء بنحو 10.46 مليون برميل في املتوسط يوميا، وروسـيـا تأتي فـي املـركـز الثاني بفارق بسيط، حيث بلغ متوسط إنتاجها نحو 10.37 مليون برميل يوميا.. عاوة على أن اململكة تملك أكبر احتياطي دولـــي، وروســيــا الثالثة وفــق بـيـانـات رسمية صــادرة عن مؤسسة )JODI( املتخصصة في بيانات الطاقة. وال يـــــــــفـــــــــوت عـــــــلـــــــى الـــــســـــيـــــاســـــيـــــني واالقــتــصــاديــني أنــهــا مــواجــهــة خاصة جــدًا بعد االنـفـتـاح الكبير الـــذي حدث فـي الـعـاقـة بــني الـبـلـديـن، وزيـــارة خادم الــــحــــرمــــني الــــشــــريــــفــــني املــــلــــك ســــلــــمــــان بن عـبـدالـعـزيـز إلـــى مـوسـكـو نـهـايـة الــعــام املاضي بعد أشهر قليلة مـن زيــارة ولــي العهد األمـيـر محمد بن سلمان، حيث فتحت الزيارتان آفاقًا جديدة في العاقات، وســاهــمــت فـــي إبــــــرام اتـــفـــاقـــات اقــتــصــاديــة تــنــاهــز الـــــ01 مليارات دوالر. األرقام واملفارقات التي تجمع العماقني «اململكة وروسيا» عــديــدة.. لكنها ستتحول إلــى دائـــرة النسيان أمــام هدف مفاجئ ألحــد نـجـوم كــرة الــقــدم، أو لحظة فــرح مجنونة تضيء سماء مباراة االفتتاح في ملعب «لوجنيكى»، أو مشهد إنساني عفوي يتذكره العالم كله لنجوم السعودية الــذيــن يــظــهــرون لــلــمــرة األولـــــى فــي مـشـهـد عــاملــي ساطع جماهيريًا وإعاميًا. تــتــفــاوت تــقــديــرات االقــتــصــاديــني لـلـمـكـاسـب واملليارات، وربما تكون عوائدنا من املونديال تجاه تعزيز الصورة الذهنية للمملكة تتجاوز ما قيمته 20 مليار دوالر، لكن صناع كرة القدم ال يعرفون سوى لغة واحدة.. لغة الفوز أو الخسارة، وبالتالي فنحن أمام التحدي األهم في تاريخنا على صعيد هذه اللعبة التي أنفقنا عليها ما يزيد على 3 مليارات ريال خال أقل من عام.. فهل نحن جاهزون؟