ولي العهد في فرنسا.. لشراكات إستراتيجية جديدة

يترقب أقطاب السياسة واالقتصاد القمة التي تجمع ولي العهد األمير محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، والتي تأتي بعد الزيارة الناجحة التي قام بها ولي العهد للواليات املتحدة األمريكية، مؤكدين أن هناك نقلة نوعية في العالقات بني اململكة وفرنسا على املستويات كافة، وهو ما تعكسه القمم والزيارات املتبادلة بني قيادتي البلدين في التواصل والتباحث وتبادل الرؤية وتنسيق الجهود. وستفتح الــزيــارة لعالقات اقتصادية مهمة بـني الجانبني، خصوصا فـي «رؤيــة اململكة ،»2030 كما أنها ستعزز التعاون االستثماري، وهو ما يعكس عمق العالقات املتطورة بني اململكة وفرنسا، والرغبة الجامحة في تنميتها حول آفاق أرحب، بالنظر إلى ثقلهما السياسي واالقـتـصـادي على مستوى الـعـالـم. وأوضـــح أسـتـاذ العلوم السياسية وعضو املجلس املصري للشؤون الخارجية الدكتور أشـرف سنجر، أن زيـارة ولي العهد لفرنسا، تؤسس ملرحلة مهمة وجديدة في العالقات بني الرياض وباريس، مشيرًا إلى أن جولة ولي العهد األخيرة التي بدأها بالقاهرة ثم لندن وواشنطن وأخيرا باريس، لها دور في تحريك مسيرة العمل العربي املشترك، وخارطة طريق التي تم وضعها مع قادة العالم إلنقاذ املنطقة من حالة التشتت، الفتًا إلى أن زيارة ولي العهد لفرنسا تأتي تأكيدًا على عزم اململكة في املضي قدمًا نحو تحريك امللفات املتأزمة في املنطقة، خصوصا الوضع فى سورية والعراق وليبيا والتصعيد الحوثي في اليمن، مشددًا على أن باريس تؤيد دور اململكة في اليمن من خالل قوات التحالف العربي، لدعم الشرعية ووضع حد لتمدد امليليشيات في البالد، إضافة إلى املساعدات اإلنسانية التي تقوم بها، بهدف إعــادة الحياة إلى طبيعتها في مختلف املحافظات اليمنية، وقضايا اإلرهاب بكافة أشكاله. وأضاف سنجر أن القضية الفلسطينية وعملية السالم بني العرب وإسرائيل ستكون حاضرة في تلك القمة، وكذلك امللف اإليراني، خصوصا أن فرنسا ترفض التدخالت فـي شــؤون دول املنطقة، معتبرًا أن فرنسا تنظر إلى اململكة بأنها حالة استثنائية، وهناك عالقات قوية ووطيدة تربط الدولتني، وتقدير فرنسي لخادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبد العزيز لجهوده في معالجة قضايا املنطقة، مشيرًا إلى أن العالقات بني فرنسا والدول العربية مهمة جدًا، وتشمل كافة املجاالت، منها األمنية واالقتصادية والسياسية. وبدوره أوضح املحلل السياسي واملتخصص في الشأن الدولي الدكتور جمال أسعد، أن الزيارة التي يقوم بها ولي العهد األمير محمد بن سلمان إلى باريس، تمثل محطة مهمة في تاريخ عالقات البلدين، وتعمل على تحريك املياه الراكدة في العديد من امللفات التي تصب في مصلحة العالم العربي، متوقعًا أن يعرض ولي العهد خالل لقائه بالرئيس الفرنسي ماكرون، القضايا التي تمت مناقشتها مع قادة دول بريطانيا وأمريكا حول عدد من امللفات العربية الشائكة، ومن املمكن أن يتم طرح جوالت ولــي العهد الخارجية ونتائجها، على الــقــادة الـعـرب خــالل القمة العربية التي تعقد منتصف الشهر الجاري باململكة، معتبرًا أن الزيارة ستسهم في تحقيق األمن واالستقرار والسالم في العالم بشكل عام وفي املنطقة بشكل خاص. وثمن الخبير اإلستراتيجي الـلـواء الدكتورحسني عبد الــرازق أهمية الـزيـارة، متوقعًا أن يتم طـرح التعاون الـعـسـكـري وعــــدد مــن االتــفــاقــيــات الـعـسـكـريـة بني الــجــانــبــني خـــــالل لـــقـــاء ولـــــي الــعــهــد بـــعـــدد من مسؤولي اإلدارة الفرنسية، بما في ذلك استيراد لــلــقــطــع الـــبـــحـــريـــة وحــــامــــالت الهيلكوبتر واألســـلـــحـــة الــثــقــيــلــة املـــتـــطـــورة مـــن فرنسا، بهدف التنويع حتى ال تكون األسلحـة من مصدر واحد فقط، ما يعطي دفعة قوية في العالقات بينهما، وأن العالقات العسكرية بــني البلدين شـهـدت تــطــورا كبيرا خالل الــفــتــرة املـــاضـــيـــة، إن فــرنــســا تــنــظــر إلى اململكة بأنها مركز االسـتـقـرار، ومحورية الستقرار املنطقة ككل، ومعتدلة في سياساتها الخارجية، وتعدها شريكًا مهمًا في باملنطقة، متوقعًا مناقشة زيــادة حجم االستثمارات والـتـبـادل الـتـجـاري بـني الجانبني، إضافة إلـــى الـتـنـسـيـق فــي مــا بينهما فــي قضايا مكافحة اإلرهاب، خصوصا أن فرنسا لديها قلق في امليليشيات والجماعات اإلرهابية، املدعومة مـن إيــران بتدمير املنطقة والعالم، وهـــنـــاك تـــوافـــق بـــني الــجــانــبــني عــلــى تجفيف مصادر تمويل اإلرهاب. ويشير اللواء عبد الرازق إلى أن االهتمام الفرنسي بالتعاون مع اململكة، يأتي نتيجة الروابط القوية بينهما، في ظل تسارع املتغيرات الدولية واإلقليمية، الــتــي تـتـطـلـب تـــبـــادل اآلراء وتـنـسـيـق املـــواقـــف بني الجانبني.