Okaz

‪° ¡UIý√ dOž ÊU‬

-

لقد تجلى هـذا الصراع بني األطروحتني، اللتني جسدتا لتاريخ التجربة السياسية ألعـرق ديموقراطيا­ت التاريخ الحديث ليس في بريطانيا فـقـط... بل وخارجها، إلى يـومـنـا هـــذا، فــي الــفــرق الــجــوهـ­ـري بــني األنـظـمـة الـديـمـوق­ـراطـيـة والـشـمـول­ـيـة. فرنسا، على سبيل املــثــال: تـأخـرت حتى منتصف خمسينيات الـقـرن املــاضــي، لتتطور بها ديموقراطية مستقرة. فرنسا، في الوقت الذي كان الجدل الفلسفي والصراع السياسي محتدمًا في إنجلترا حول العالقة بني الدولة والنظام، خبرت تجربة أشـرس أشكال متالزمة الدولة والنظام. تجلى ذلك بصورة علنية وعنيفة بما عـرف حينها بمبدأ لويس الرابع عشر (3٨٦1 - ،)1٧15 في مقولته الشهيرة: أنا الدولة والدولة أنا! من حينها، وإلى يومنا هذا، تعتبر العالقة بني الدولة ونظامها الحاكم، مؤشرًا على مدى نمو املجتمعات سياسيًا واستقرارها وتقدمها. كل ما كان هناك ربط مصيري بـني نظام الـدولـة الحاكم والــدولــ­ة نفسها.. أو عندما يتكلم النظام الحاكم عـن ربط مصير الدولة ببقائه في الحكم.. أو عندما يفسر أي نقد أو معارضة له بأنه تآمر على الدولة.. أو عندما يوحي بأن ال خيار إال لحكمه من أجل استمرار الدولة وبقائها.. أو عندما يعكس في إعالمه ومن خالل رموز مؤسساته نبرة «شيفونية» مزيفة للتعبير عـن مبالغة فـي «عـشـق» الـدولـة و«الــولــه الهستيري» بها، وتجيير كـل تـاريـخ الدولة وانتصاراته­ا لــه، بوصفه امــتــدادًا لتلك األمـجـاد الوطنية، بينما هـو لـم يساهم في تحقيق شيء منها، بل قد يمثل عهده فترة جزر في تاريخ الدولة... كل تلك مؤشرات أن النظام يتبع نهجًا شموليًا، ال يمانع في املساومة على مصير الدولة، مقابل بقائه في السلطة. حدث ذلك في املجتمعات التي حكمتها أنظمة شمولية قـادت مغامراتها الخارجية وقمعها الداخلي، بزوال الدولة وانهيارها وتعريضها لالحتالل األجنبي. حدث هذا في فرنسا عندما انهارت مشاريع نابليون التوسعية في القرن التاسع عشر. وحدث هذا في أملانيا وإيطاليا واليابان بعد هزيمة الدول الثالث في الحرب الكونية الثانية. وحدث هذا لروسيا بعد اندالع الثورة البلشفية، التي أتت بالشيوعيني للحكم، حيث ساوم البالشفة على الدولة وسيادتها بالخروج من الحرب العاملية األولى والتنازل عن مساحات شاسعة من أراضي روسيا على الجبهة الغربية، لصالح أملانيا، مقابل: بقاء نظامهم في الحكم.. وترسيخ أقدامهم في الكرملني. اليوم يحدث نفس الشيء، فـي سـوريـة، عندما دمــر نظام األســد ســوريــة.. وهــجــر معظم شعبها.. وأتــى بالروس الحتاللها، في مقابل أن يبقى األسد ونظامه في الحكم، ولو على أنقاض مدن سورية وبؤس شعبها. الــدولــة ونــظــام الحكم فيها تــوأمــان أحـدهـمـا يرتبط مصير إنـشـائـه بــاآلخــر، وليس بالضرورة يرتبط مصير بقائه به. لذا هما توأمان، لكن ليسا شقيقني.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia