زواج القاصرات بني «املجلس» و«الهيئة»

حني تتذرع لجنة الشؤون اإلسالمية بهيئة كبار العماء لرفض تبني توصية تنظيم زواج القاصرات، محتجة بأن هذا األمر من اختصاص الهيئة وليس من اختصاص املجلس فإنها بذلك تكشف عن جهل بدور هيئة كبار العلماء كجهة تختص باألحكام الفقهية وتبيان ما هو حالل وحرام في ما يعرض أو يستجد من شؤون الحياة، كما يكشف عن جهل بــدور مجلس الــشــورى كهيئة تنظيمية مسؤولة عـن إصـــدار القوانني واألنظمة التي تتوافق مـع مقاصد الـشـرع تـراعـي املصالح العامة وال تتعارض مع روح الشريعة. وكــان على هيئة الـشـؤون اإلسـالمـيـة أن تــدرك أن دور مجلس الشورى ليس اإلفـتـاء بجواز أو عـدم زواج القاصرات كي يـرى أن ثمة تعارضا بني دور املجلس ودور هيئة كبار العلماء، وإنما تنظيم ما هو مباح لكي يتوافق مع املتغيرات انطالقا من وعـي لجنة الـشـؤون اإلسالمية املفترض، بأن الشرع يشكل األطر العامة التي تجعله صالحا لكل مكان وزمان صالحية قائمة على ما تأسس من دوران األحكام وسد الذرائع واستجالب املنافع، وتحديد السن الذي تصبح فيه الفتاة مهيأة للزواج مسألة تخضع لدراسات نفسية واجتماعية كما تخضع ملا وقعت عليه اململكة من اتفاقيات، وإصدار تنظيم يحدد سن الزواج ليس تحريما أو تحليال وإنما تنظيم يقره ولي األمر انطالقا من قاعدة تنص على أن من حق الحاكم أن يشرع في إطار التزامه بمقاصد الشرع ومصلحة األمة. مــرة أخـــرى يتعثر مجلس الــشــورى ويـظـهـر مــن بــني لـجـانـه وأعضائه مـن يعيق فعاليته غير أن الثقة معقودة بمن تقدموا بتلك التوصية وإصــرارهــم عليها حـتـى لــو احــتــاجــوا أن يـنـتـدبـوا بعضهم ليشرحوا ألعـضـاء لجنة الـشـؤون اإلسالمية الـفـرق بـني دور املجلس ودور هيئة كبار العلماء ويخرجوهم من املــأزق الــذي حملهم على رفـض توصية تنظيم زواج القاصرات.