نهاية الوهن
غـــالـــبـــا مــــا نـــتـــوقـــف فــــجــــأة بــــال مقدمات، تــتــقــاعــس مــقــدرتــنــا وتـــــــذوي فــيــنــا شعلة العزم واإلصرار، فنضطر مرغمن أن نذعن للواقع، خاصة حن يكون قد مر على آخر استراحة لنا وقت طويل. في املــرات التي يجيء لنا التوقف دون أن نستدعيه ونـخـتـاره على سبيل الرفاهية، كنا قد بلغنا من اإلنهاك والوهن مبلغه، وكان التوقف بمثابة املصير اللحظي الذي ال نبصر مالمح ملا بعده، وال يعنينا اآلتي وال نــمــلــك الــطــاقــة لــلــخــوض فـــي تفاصيل الــلــحــظــات الـــقـــادمـــة، نــتــعــطــل فــحــســب عن املــــضــــي، عــــن مـــســـايـــرة األمـــــــور الحياتية والــــواجــــبــــات أحـــيـــانـــا، نــــواجــــه بــكــثــيــر من الحنق والعتب، نفقد الكثير من العالقات الضرورية بهدوء، ال نـمـلـك انــفــعــاال واحــــدا لــهــذه الــحــالــة، وال يـمـكـن لـنــا بـبـسـاطـة أن نـطـعـن ســطــوة هذا التوقف ونعود لنجابه الحياة والواقع من جديد مثلما كنا. أتصور أننا بكل هذا الوهن واالنطفاء من غير الالئق لنا مواجهة الواجبات والحياة، بكل هذه الهشاشة ال يمكن أن نضفي على األمـــكـــنـــة الـــتـــي نــحــب واألشــــخــــاص الذين يمثلون لنا كل األهمية؛ ذاك الرونق الذي لـطـاملـا اعــتــادتــه قـلـوبـهـم واملــســاحــات التي تجمعنا بــهــم، أعـتـقـد أنــنــا بــهــذه الصورة ورغـــــم الــخــيــبــة الـــتـــي قــيــلــت عـــنـــا، يعيبنا أن نظهر ونـتـحـدث ونـقـيـم الــعــالقــات، فلن نكون فضالء وعلى درجة عالية من الذوق والصبر مثلما نحن دائـمـا، لن نحصد إال خسارات متوالية، ولن يثمر وجودنا بهذا الــوهــن ســـوى االنــتــقــاص مــنــا، وهــــذا مــا ال يـمـكـن أن يــحــدث لــنــا نــحــن املــهــذبــن جدا، املتوارية معاملهم عن االتـصـال والتواصل وهـــــم مـــرغـــمـــون درءا لــــحــــدوث شـــــرخ في اعتباراتنا وصورتنا في نظر اآلخرين. لهذا الوهن نهاية البد لها أن تحن، وحتى ذلــك الــحــن، ســتــتــداوى الــنــفــوس، وتنبعث الـعـزيـمـة فــي دواخــلــنــا حـتـى تـفـلـح واحدة مــنــهــا، ســيــثــمــر بــعــد هــــذا الــتــوقــف شعلة جديدة تقودنا للحياة من جديد.