اإلنترنت والتواصل االجتماعي
اســتــخــدم الــرئــيــس األمــريــكــي املـنـتـخـب فــي إدارة حــمــلــتــه االنـــتـــخـــابـــيـــة «تــــويــــتــــر» كـــــــــأداة فعالة لـلـتـواصـل مــع مــؤيــديــه، كـمـا يـسـتـخـدم املشاهير وسائل التواصل تويتر، الفيس بوك، االنستقرام للتواصل مع جماهيرهم ومشجعيهم ومتابعيهم وذلك لنشر أخبارهم وأنشطتهم وكأنها محطات إذاعــيــة وإعــامــيــة خـاصـة ومتخصصة فــي نشر أخبارهم بأقل سعر وتكلفة فضا عن ما يميز هذه الوسائل من خاصية التفاعل والتواصل املباشر االفـــتـــراضـــي. وقـــد أصــبــحــت وســيــلــة يستخدمها األفـــــــراد لــلــحــصــول عــلــى األخــــبــــار، وأصـــبـــح لكل جريدة أو مجلة أو حتى إذاعة أو محطة تلفزيون مـوقـع فــي وســائــل الـتـواصـل االجـتـمـاعـي، وكذلك أجهزة الدولة واملسؤولني والوزارات، كما تحرص الــشــركــات واملــطــاعــم واملــصــانــع وكـــافـــة األنشطة التجارية على أن يكون لها موقع مميز في قنوات التواصل االجتماعي. إن قــنــوات الــتــواصــل االجـتـمـاعـي لـهـا مــن القوة واألثـــر الكبير والـفـعـالـيـة، فـغـدت وسـيـلـة ال غنى عــنــهــا عــلــى كـــل املـــســـتـــويـــات مـــن الـــفـــرد صعودا حتى الدولة، وباتت مصدرا من مصادر األخبار لــلــقــنــوات اإلخـــبـــاريـــة والـــورقـــيـــة. وســخــرهــا الكل لـخـدمـة األغــــراض الــتــي تـهـمـه، فـشـركـات الدعاية تــســتــخــدمــهــا لـــلـــتـــعـــريـــف بـــاملـــنـــتـــجـــات وإجــــــــراء اإلحــــصــــائــــيــــات واالســــتــــبــــيــــانــــات والــــعــــديــــد من التوظيفات لصالح األنـشـطـة الـدعـائـيـة، وال شك أن أجــهــزة االســتــخــبــارات تستخدمها وتوظفها ألغراضها. واألفــراد يستخدمونها للتواصل مع األهل واألصدقاء واملعارف. إن الفوائد التي يجنيها املجتمع والدولة من هذه الوسائل كثيرة يصعب حصرها ألنها دخلت في كل مناحي الحياة، فالطبيب يستخدمها لتأكيد املواعيد، واملحات التجارية للترويج، واإلدارات الـحـكـومـيـة للتبليغات واإلشـــعـــارات وغــيــر ذلك، وبـاخـتـصـار فـهـي تـدخـل فــي كــل شــأن مــن شؤون حياتنا اليومية، حتى أصبحت سمة من سمات العصر. في وقتنا الحالي لم تعد األمية في عدم الـــقـــدرة عـلـى الـكـتـابـة والــــقــــراءة، بــل األمــــي اليوم هو من ال يستطيع التعامل مع التقنية الحديثة وأدواتــهــا. وفــي القريب العاجل ستصبح معظم عمليات البيع والشراء بواسطة الهاتف أو البطاقة الذكية فـا تحتاج أن تذهب للبائع لتدفع قيمة املـشـتـريـات. واآلن أصـبـح الـتـسـوق عبر اإلنترنت وسيلة لخفض التكلفة واملصاريف وفي القريب الـعـاجـل ســوف تمكن التقنية مــن ملــس املـنـتـج أو شم رائحته ورؤيته بأبعاده الحقيقية وكأنه أمام الشخص.
ألن مــجــتــمــعــنــا ال يـــصـــنـــع الـــتـــقـــنـــيـــة بـــــل فقط يستخدمها ويسخرها الحتياجاته، لذلك نلمس سـوءا في استخدام وسائل التواصل االجتماعي عند ثلة مـن املجتمع، األمــر الــذي يجعل البعض يطالب بسن القوانني والـلـوائـح للضرب بيد من حـديـد على هــؤالء الـخـارجـني عــن املــألــوف، وهذا أمر مقبول إذا تعلق باألمن أو السلم االجتماعي، أما إذا كان يتعلق بأمور خافية مثل غطاء الوجه وما إلى ذلك فا يصح ردع ومعاقبة اآلخر ملجرد األمــــور الـخـافـيـة بـحـجـج فـضـفـاضـة تــهــدف إلى فرض رأي البعض على الكل أو ثقافة على حساب ثقافة أخرى. ففي املستقبل القريب ستصبح هذه األمـور مقبولة ألنها من سنن الحياة فلماذا هذا العنف في التعامل مع االختاف الذي حاولت فئة أن تطمس ألــوانــه وتجعل املجتمع لـونـا واحدا. فــحــاربــت الــفــنــون واإلبـــــداع وروجــــت لـفـكـر املوت والـقـبـور والــحــزن والـبـكـاء. وكـثـيـرون دفـعـوا ثمن هـــذا الـنـهـج الـــذي يــخــرج مــن رحــمــه التكفيريون واإلرهـــابـــيـــون. إن مــن ســمــات الــعــالــم الــجــديــد أن تــمــتــزج فــيــه الــثــقــافــات وأن تـــتـــاقـــح، ومقاومة التغيير ستنتهي آجــا أم عاجا بالفشل، مهما كانت املبررات والحجج، فالتغيير سمة من سمات الــعــصــر الـــــذي نــدخــلــه بـــــدون اســـتـــعـــداد حقيقي. لقد أشغلت املجتمع فئة تحارب التغير بدعوى الـــدفـــاع عـــن الــصــالــحــني والـــخـــوف مـــن املفسدين ومقاومة املستعمرين وأصحاب البدع والخوف من التغريب واملحافظة على خصوصية املجتمع، في عالم يتغير ويتقارب ويمتزج ورغم ذلك يريد البعض أن يلزموا الجميع العيش في كوكب آخر حفاظا على الخصوصية. لــن يستطيع أحــد وقــف التغيير الـــذي هــو سمة الــعــصــر، وهــــذه املــقــاومــة لــن تــولــد ســـوى املآسي التي يدفع البعض ثمنها بسبب الجهل بالعالم الــــــــذي حـــولـــنـــا الــــــــذي لـــــم نـــعـــد مــنــقــطــعــني عنه. فالواجب أن نجهز املجتمع للتغيير والتعامل مع املتغيرات وتوعيته والدخول في صناعة التقنية واالستثمار في البحوث والدراسات حتى ال ندفع ثمن رفض الواقع اقتصاديا واجتماعيا وعلميا وعلى كل األصعدة.