Okaz

اإلنترنت والتواصل االجتماعي

- *محام ومستشار سعودي

اســتــخــ­دم الــرئــيـ­ـس األمــريــ­كــي املـنـتـخـ­ب فــي إدارة حــمــلــت­ــه االنـــتــ­ـخـــابـــ­يـــة «تــــويـــ­ـتــــر» كـــــــــ­أداة فعالة لـلـتـواصـ­ل مــع مــؤيــديـ­ـه، كـمـا يـسـتـخـدم املشاهير وسائل التواصل تويتر، الفيس بوك، االنستقرام للتواصل مع جماهيرهم ومشجعيهم ومتابعيهم وذلك لنشر أخبارهم وأنشطتهم وكأنها محطات إذاعــيــة وإعــامــي­ــة خـاصـة ومتخصصة فــي نشر أخبارهم بأقل سعر وتكلفة فضا عن ما يميز هذه الوسائل من خاصية التفاعل والتواصل املباشر االفـــتــ­ـراضـــي. وقـــد أصــبــحــ­ت وســيــلــ­ة يستخدمها األفــــــ­ـراد لــلــحــص­ــول عــلــى األخــــبـ­ـــار، وأصـــبـــ­ح لكل جريدة أو مجلة أو حتى إذاعة أو محطة تلفزيون مـوقـع فــي وســائــل الـتـواصـل االجـتـمـا­عـي، وكذلك أجهزة الدولة واملسؤولني والوزارات، كما تحرص الــشــركـ­ـات واملــطــا­عــم واملــصــا­نــع وكـــافـــ­ة األنشطة التجارية على أن يكون لها موقع مميز في قنوات التواصل االجتماعي. إن قــنــوات الــتــواص­ــل االجـتـمـا­عـي لـهـا مــن القوة واألثـــر الكبير والـفـعـال­ـيـة، فـغـدت وسـيـلـة ال غنى عــنــهــا عــلــى كـــل املـــســـ­تـــويـــا­ت مـــن الـــفـــر­د صعودا حتى الدولة، وباتت مصدرا من مصادر األخبار لــلــقــن­ــوات اإلخـــبــ­ـاريـــة والـــورقـ­ــيـــة. وســخــرهـ­ـا الكل لـخـدمـة األغــــرا­ض الــتــي تـهـمـه، فـشـركـات الدعاية تــســتــخ­ــدمــهــا لـــلـــتـ­ــعـــريــ­ـف بـــاملـــ­نـــتـــجـ­ــات وإجـــــــ­ـراء اإلحــــصـ­ـــائــــي­ــــات واالســــت­ــــبــــي­ــــانــــ­ات والــــعــ­ــديــــد من التوظيفات لصالح األنـشـطـة الـدعـائـي­ـة، وال شك أن أجــهــزة االســتــخ­ــبــارات تستخدمها وتوظفها ألغراضها. واألفــراد يستخدمونها للتواصل مع األهل واألصدقاء واملعارف. إن الفوائد التي يجنيها املجتمع والدولة من هذه الوسائل كثيرة يصعب حصرها ألنها دخلت في كل مناحي الحياة، فالطبيب يستخدمها لتأكيد املواعيد، واملحات التجارية للترويج، واإلدارات الـحـكـومـ­يـة للتبليغات واإلشـــعـ­ــارات وغــيــر ذلك، وبـاخـتـصـ­ار فـهـي تـدخـل فــي كــل شــأن مــن شؤون حياتنا اليومية، حتى أصبحت سمة من سمات العصر. في وقتنا الحالي لم تعد األمية في عدم الـــقـــد­رة عـلـى الـكـتـابـ­ة والــــقــ­ــراءة، بــل األمــــي اليوم هو من ال يستطيع التعامل مع التقنية الحديثة وأدواتــهـ­ـا. وفــي القريب العاجل ستصبح معظم عمليات البيع والشراء بواسطة الهاتف أو البطاقة الذكية فـا تحتاج أن تذهب للبائع لتدفع قيمة املـشـتـري­ـات. واآلن أصـبـح الـتـسـوق عبر اإلنترنت وسيلة لخفض التكلفة واملصاريف وفي القريب الـعـاجـل ســوف تمكن التقنية مــن ملــس املـنـتـج أو شم رائحته ورؤيته بأبعاده الحقيقية وكأنه أمام الشخص.

ألن مــجــتــم­ــعــنــا ال يـــصـــنـ­ــع الـــتـــق­ـــنـــيــ­ـة بـــــل فقط يستخدمها ويسخرها الحتياجاته، لذلك نلمس سـوءا في استخدام وسائل التواصل االجتماعي عند ثلة مـن املجتمع، األمــر الــذي يجعل البعض يطالب بسن القوانني والـلـوائـ­ح للضرب بيد من حـديـد على هــؤالء الـخـارجـن­ي عــن املــألــو­ف، وهذا أمر مقبول إذا تعلق باألمن أو السلم االجتماعي، أما إذا كان يتعلق بأمور خافية مثل غطاء الوجه وما إلى ذلك فا يصح ردع ومعاقبة اآلخر ملجرد األمــــور الـخـافـيـ­ة بـحـجـج فـضـفـاضـة تــهــدف إلى فرض رأي البعض على الكل أو ثقافة على حساب ثقافة أخرى. ففي املستقبل القريب ستصبح هذه األمـور مقبولة ألنها من سنن الحياة فلماذا هذا العنف في التعامل مع االختاف الذي حاولت فئة أن تطمس ألــوانــه وتجعل املجتمع لـونـا واحدا. فــحــاربـ­ـت الــفــنــ­ون واإلبـــــ­داع وروجــــت لـفـكـر املوت والـقـبـور والــحــزن والـبـكـاء. وكـثـيـرون دفـعـوا ثمن هـــذا الـنـهـج الـــذي يــخــرج مــن رحــمــه التكفيريون واإلرهـــا­بـــيـــون. إن مــن ســمــات الــعــالـ­ـم الــجــديـ­ـد أن تــمــتــز­ج فــيــه الــثــقــ­افــات وأن تـــتـــاق­ـــح، ومقاومة التغيير ستنتهي آجــا أم عاجا بالفشل، مهما كانت املبررات والحجج، فالتغيير سمة من سمات الــعــصــ­ر الـــــذي نــدخــلــ­ه بـــــدون اســـتـــع­ـــداد حقيقي. لقد أشغلت املجتمع فئة تحارب التغير بدعوى الـــدفـــ­اع عـــن الــصــالـ­ـحــني والـــخـــ­وف مـــن املفسدين ومقاومة املستعمرين وأصحاب البدع والخوف من التغريب واملحافظة على خصوصية املجتمع، في عالم يتغير ويتقارب ويمتزج ورغم ذلك يريد البعض أن يلزموا الجميع العيش في كوكب آخر حفاظا على الخصوصية. لــن يستطيع أحــد وقــف التغيير الـــذي هــو سمة الــعــصــ­ر، وهــــذه املــقــاو­مــة لــن تــولــد ســـوى املآسي التي يدفع البعض ثمنها بسبب الجهل بالعالم الــــــــ­ذي حـــولـــن­ـــا الــــــــ­ذي لـــــم نـــعـــد مــنــقــط­ــعــني عنه. فالواجب أن نجهز املجتمع للتغيير والتعامل مع املتغيرات وتوعيته والدخول في صناعة التقنية واالستثمار في البحوث والدراسات حتى ال ندفع ثمن رفض الواقع اقتصاديا واجتماعيا وعلميا وعلى كل األصعدة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia