Okaz

الرياضة مبدارسنا: أين ذهبت؟ ومتى ستعود؟

-

عادت إحدى قريباتي التي قضت سنوات طويلة خارج الباد مع أطفالها لينخرطوا في سلك التعليم، واختارت لهم مدارس خاصة بعناية بعد تدقيق وتمحيص. رأيتهم فوجدتهم أطفاال مبتسمني رشيقي البنية واثقني من أنفسهم. مــرت عــدة أشـهـر قابلتهم بعدها. سلمت على األم وابتسمت للولد الــذي معها. ظننت أنه قريبها. وصعقت حينما قالت لي هذا ابني الذي رأيتيه؟ ألم تعرفيه؟ اعتذرت وأنا مصدومة. فعا لم أعرفه بتاتا. أصبح الولد مكتئبا وسمينا! حينما ذهب الولد بعيدا أمسكتني األم وقالت لي: «أرأيت كيف أصبح الولد؟ قلبي مفطور عليه. ال تهتم مدرسته بالرياضة أبدا. درس الرياضة يلغى ليحل محله درس العلوم مثا. وال تؤخذ الرياضة مأخذ الجد أبدا. فا حماس وال مسابقات وال تحديات وال بطوالت وال شهادات. وصل ابني للحزام البني في الكاراتيه قبل عودتنا. واآلن مدرسته ال توفر تمارين للكاراتيه. وال أي تمارين جادة وصارمة. ودوامه الطويل جدا ال يسمح له بأخذ أي دروس خارجية. فهو يعود أيضا ليكتب الواجبات! فيقضي حوالي 7 ساعات نهارا باملدرسة جالسا على الطاولة ويقضي حوالي ساعتني إلـى ثـاث لعمل الواجبات بالبيت. عشر ساعات من يومه يقضيها جالسا للدراسة! فمتى يمكن أن أدخل له عنصر الرياضة املهم جدا؟ وأين دور املدرسة؟ وقد حاولت أن أسجله في دورات خارجية بمعاهد رياضية مما أخل بنظام البيت وأرهـــق السائق فلم أستطع االسـتـمـر­ار. فبني واجـبـاتـه الـتـي أهملت وماحظات املعلمني الغاضبة وبني مأساة املواصات الختاف مواعيد التمارين بينه وبني إخوته ووجوب خروجي من دوامي الطويل ألرافق هذا وأشرف على ذاك لم يعد خيار الرياضة خارج املدرسة ممكنا. فأين دور املدرسة؟ وهل من املعقول أن يقضي الطفل نهارا كاما ال يتحرك فيه إال ربما ربع ساعة وهي مخصصة لنيل الطعام أصا؟ والنتيجة طبعا يكون الطفل جائعا فيأكل ويجبر على الجلوس وقتا طويا قبلها وبعدها فا يحرق السعرات الحرارية وتتراكم الشحوم وتتكون الكرش التي رأيتيها بأم عينك». فعا أين الرياضة بمدارسنا؟ وأتحدث عن الرياضة الجادة، ليست بالضرورة رياضة الـبـطـوال­ت أو األوملـبـي­ـاد مـع أنـنـا نتمنى ذلــك طبعا، وإنـمـا أقــل األمـــور أن تـكـون فترة الرياضة معقولة ومحترمة من قبل إدارة التعليم وكافية لتوفر متنفسا لطاقات الطاب الذين ال نفتأ أن نسمع معاناة جزء ال يستهان بهم من فرط الحركة وتشتت االنتباه وغيرها من الظواهر التي أثبت علميا وإكلينيكيا أن الرياضة تساعدها للغاية. وال نحتاج لــلــدراس­ــات العلمية أو غيرها لنعرف أهمية الـريـاضـة فــي إنــشــاء أجيال صحيحة البدن والعقل. فديننا اإلسامي علمنا إياها حينما وصـى بتعليم األبناء السباحة والـرمـايـ­ة والـفـروسـ­يـة. فهل تـعـرفـون مـــدارس حولكم تـوفـر مسابح مناسبة أو مساحات للرماية؟ ومتى آخر مرة رأى فيها أطفالنا الخيول؟ والقهر األعظم أننا نتحدث عن مدارس خاصة! وخاصة لدينا = مبالغ باهظة يدفعها الوالدان ويحرمان أنفسهما من متع دنيوية كبيرة ألجلها. يا ترى كم من موهوب في الرياضة لدينا دفنت قدراته بني صفحات دفتر الواجبات، وكم من راغب بتطوير إمكانياته الرياضية أجبر على دفن حلمه بالتميز. تتنافس الجامعات العاملية في استقطاب املواهب الرياضية لترفع اسمها عاليا في البطوالت وتقدم للموهوبني بالرياضة بعثات ومخصصات، بينما نحن نلغي درس الرياضة ونستبدله بدروس نظرية تزيد من ملل الطاب وحقدهم على املدرسة. كم أحـزن على أطفالنا من أمثال ذلـك الصبي، وأتـسـاءل فعا أيـن ذهبت الرياضة في مدارسنا؟ أخرجت با عودة؟ أتمنى أن تكون خرجت بفيزا خروج وعودة وليست بفيزا خروج نهائي!

 ??  ?? أحالم محمد عالقي
أحالم محمد عالقي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia