Okaz

اخلـبز والعيش والقرآن

-

نحن آل مكة املكرمة نسمي الخبز (عيش)، وهناك من الدول العربية من لها أسماء أخرى للخبز ولكن كلها تعني شيئا واحدا وهو عيش اإلنسان ونعمة الله. إن لله سبحانه وتعالى رحمة ونعما ال تعد وال تحصى عـلـى عــبــاده، ولــكــن كـثـيـرا مـنـا ال يــشــكــر­ون، وسوف أعطي ملحة عن النعمة التي نوه عنها القرآن الكريم والـتـي تخفى عـن الكثيرين، وأن كلمة الخبز وردت مرة واحدة في القرآن في قوله تعالى: وقال اآلخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه.. اآلية. ومــا جعل يـراعـي يكتب عـن هــذا الخبز ونعمته هو ما نشرته «عكاظ» صورا وخبرا عن هدر هذه النعمة على امتداد شوارع جدة كأنها قمامة وهي أكوام من الخبز، وقد صرحت هذه الجريدة أننا نهدر يوميا ما يقارب %35 مما تنتجه مخابزنا. منذ 30 سنة أسكن في حي العزيزية على شــارع معتوق حسنني وأمام منزلي كانت تقع أرض كبيرة محاطة مـن الجهات األربع بحائط، ويوميا أفتح نافذة غرفة نومي ألرى األفارقة يأتون بسياراتهم ليلقوا بأطنان من الخبز على األرض، ويظل هكذا أيـامـا لكي يجف، خاللها تمشي كـل مـا خلق الـلـه مـن حـشـرات وفــئــران وكالب وقــطــط عـلـى هــذا الــكــم الـهـائـل مــن نعمة الــلــه. وبعد عــدة أيـــام يـأتـي مــن نــشــروه ويجمعونه فــي أكياس ويـحـمـلـو­نـه عـلـى ســيــارات­ــهــم ويــذهــبـ­ـون. وقـــد ركزت جميع الديانات السماوية على ذكر الخبز واحترامه واعتباره من أكبر النعم، فقد ورد في الـتـوراة بدأت بذكر الخبز واختتمت بـه. وذكــر في اإلنجيل لنجد أن سيدنا عيسى عليه السالم يقدم لحوارييه الخبز اإللهي أثناء العشاء الرباني وهو آخر طعام تناوله مـعـهـم كــمــا يــقــال والــلــه أعــلــم. واخــتــتـ­ـمــت الديانات بالقرآن الكريم وورد ذكر سنابل القمح في قوله عز وجــل: وسـبـع سنبالت خضر وأخــر يــابــســ­ات.. اآلية. تلك حكمة ورحمة رب العاملني للبشر فاشكروا الله ليزيدكم ويـرحـمـكـ­م. بـني أيـديـنـا نعم كـثـيـرة، ونحن محاسبون عليها ومسؤولون عن شكرها؛ فأحسنوا الـتـصـرف فيها تـكـون عـونـا لنا على طـاعـة الـلـه في الدنيا ورحمة لنا في اآلخرة، ويجب أن ال نسيء في استعمالها حتى ال تكون استدراجا لنا من حيث ال نعلم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ال يخشى على أمته الفقر إنما يخشى عليها من الغنى؛ أن تبسط عليها الدنيا كما بسطت على من كان قبلها من األمم فيحصل التنافس والهالك، ونخشى أن نكون اليوم قـد وقعنا فيما تخوف منه الــرســول صـل الله عليه وسلم. قال تعالى: وال تبذر تبذيرا إن املبذرين كانوا ِإخــوان الشياطني وكــان الشيطان لربه كـفـورا.. اآلية. لقد كــان السلف الصالح يتخوفون مـن بسط النعم والتلذذ بها أن تكون حسناتهم عجلت لهم، فقالوا: من أذهب طيباته في حياته الدنيا واستمتع بها نقصت درجاته في اآلخرة، ويخشون عليه أن يكون من الذين قـال الله تعالى فيهم: أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها.. اآلية. ألن من تعود الشهوات املباحة مالت نفسه إلى الدنيا، وكلما أجاب نفسه إلى واحدة من املالذ دعته إلى غيرها فيصعب عليه ردها وربما تدعوه إلى الشهوات املحرمة. فاتقوا الله عباد الله واسمعوا قول الله تعالى: يا أيها الناس إن وعد الله حق فال تغرنكم الحياة الدنيا وال يغرنكم بالله الغرور.. اآلية. غدا قد نبحث عن هذا الخبز وال نجده مثل ثلث سكان العالم اليوم. والله أعلم.

للتواصل ((فاكس ))0126721108

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia