ﻗﺼﺺ ﻗﺼﻴﺮة ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺒﻨﻴﺔ ﻣﺘﻮازﻳﺔ وﻓﻀﺎء ﻫﺠﲔ
»ﻗﻄﺎرات ﺗﺼﻌﺪ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻤﺎء« ﻟﻔﺎﰌ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم
ﻳﺒﺮﻫﻦ اﻟﻘﺎص ﻓﺎﺗﺢ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم، ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة »ﻗﻄﺎرات ﺗــﺼــﻌــﺪ ﻧــﺤــﻮ اﻟـــﺴـــﻤـــﺎء«، اﻟــــﺼــــﺎدرة ﻋـﻦ »ﻧــﺎﺷــﺮون«، ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪرﺗﻪ اﻟـﻮاﺿـﺤـﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺼﺼﻲ، اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﳌـﺘـﻮازﻳـﺔ، ﻓﻤﺎ ﻣـﻦ ﺣــﺪث ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻟﻨﺪن إﻻ وﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﺣﺪث آﺧﺮ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد أو اﻟﺒﺼﺮة أو اﳌﻮﺻﻞ، أو ﻓﻲ ﺟﺒﻬﺎت اﻟﻘﺘﺎل اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ ﻓﻲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ. وﻫـــﺬا اﻟـــﺘـــﻮازي ﻫــﻮ اﻟـــﺬي ﻳـﻤـﻨـﺢ ﻗﺼﺺ ﻓــﺎﺗــﺢ ﻋــﺒــﺪ اﻟـــﺴـــﻼم ﻧـﻜـﻬـﺘـﻬـﺎ اﻟـﺰﻣـﻜـﺎﻧـﻴـﺔ ﻣﺘﻨﻘﻼ ﺑـﲔ اﳌـﺎﺿـﻲ واﻟـﺤـﺎﺿـﺮ، ﺑﺘﻘﻨﻴﺔ اﺳــﺘــﺮﺟــﺎﻋــﻴــﺔ ﺗــﻘــﺮب اﻟــﺒــﻌــﻴــﺪ، وﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣــﻦ ﺣﻜﻤﺔ اﻵﺑـــﺎء واﻷﺟـــــﺪاد، وﻫــﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﺑﻈﻼﻟﻬﺎ اﻟــﻮارﻓــﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻣــﺨــﻴــﻼت اﻷﺑـﻨـﺎء وﻃــــﺮاﺋــــﻖ ﺗــﻔــﻜــﻴــﺮﻫــﻢ ﻓــــﻲ ﻇــــــﺮوف ﺷــﺎﻗــﺔ وﻋﺼﻴﺔ ﻻ ﻳﺤﺴﺪون ﻋﻠﻴﻬﺎ. أﻣـﺎ اﻟﺤﺒﻞ اﳌـــﺘـــﲔ اﻟــــــﺬي ﻳـــﺸـــﺪ اﻟــﻘــﺼــﺺ ﺟـﻤـﻴـﻌـﻬـﺎ ﻓﻬﻮ اﻟﻘﻄﺎر ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺑــﺆرة ﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺪور ﻓﻴﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻷﺣــﺪاث، ﻟﻜﻦ ذﻟـﻚ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﻣـﻦ ﺗﺸﻈﻴﻬﺎ إﻟــﻰ أﻣـﺎﻛـﻦ أﺧــﺮى ﻛﺎﻟﺒﻴﺖ، واﻟﺸﺎرع، واﳌﺪﻳﻨﺔ، وﺟﺒﻬﺔ اﻟﺤﺮب، وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ.
ﺗﺘﻤﻴﺰ اﻟﻘﺼﺔ اﻷوﻟــﻰ »ﺗﺤﺖ ﺳﻤﺎء اﻟﻘﺒﻌﺎت« ﻋـﻦ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻘﺼﺺ ﺑﻔﻀﺎﺋﻬﺎ اﻟــــﺴــــﺮﻳــــﺎﻟــــﻲ؛ ﻓـــﻜـــﻞ اﻟــــــﺮﻛــــــﺎب اﻟــﺠــﺎﻟــﺴــﲔ واﻟﻮاﻗﻔﲔ ﻳﺮﺗﺪون اﻟﻘﺒﻌﺎت ﺑﻌﺪ أن ﺗﺨﻠﻮا ﻋﻦ رؤوﺳﻬﻢ، ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟـﺮاوي اﻟﺬي ﻫﺮب ﻣﻦ اﻟـﺤـﺮب، وﻧﺠﺎ ﺑﺠﻠﺪه، ﻓﻬﻮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟــﺬي اﺣﺘﻔﻆ ﺑﺮأﺳﻪ، وﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻔﺮط ﺑﻪ ﺑﻌﺪ أن ﺧﺎﻃﺮ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء، وﻗﻄﻊ آﻻف اﻷﻣـــﻴـــﺎل ﻛـــﻲ ﻳــﺼــﻞ إﻟـــﻰ ﺑـــﺮ اﻷﻣــــــﺎن. أﻣــﺎ اﻻﺳــﺘــﻌــﺎدة اﻟــﺬﻫــﻨــﻴــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗـﻀـﻌـﻨـﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﳌــﺘــﻮازﻳــﺔ، ﻓﺘﺘﻤﺜﻞ ﺑﺤﺪﻳﺚ اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﺑﻨﻬﺎ أﻻ ﻳﺮث ﻣﻨﻬﺎ أﻟﻢ اﻷﺳﻨﺎن »ﻓﺎﻷﻟﻢ ﻳﻮرث، واﻟﻌﺬاب ﻣﺜﻞ اﻟﺮزق ﻣﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﻠﻪ«.
ﻓـﻲ ﻗﺼﺔ »ﻣـﻦ ﺑـﻐـﺪاد إﻟـﻰ دﻳﻔﺎﻟﻲ«، ﺗﻌﻮد ﺑﻨﺎ اﻟﺮاوﻳﺔ إﻟﻰ ذﻛﺮﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﻦ ﻃﺎﻏﻮر، اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻬﻨﺪي اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺮأ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﻓﻲ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻹﻋـــــــﺪادﻳـــــــﺔ، وﺗــــﺘــــﺬﻛــــﺮ ﺻـــﻮرﺗـــﻪ اﻟـﻔـﻮﺗـﻮﻏـﺮاﻓـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﻘـﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﲔ اﳌﻠﻚ وﺟﺪﻫﺎ رﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ آﻧــﺬاك. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟــﺒــﻨــﻴــﺔ اﻟــﻔــﻨــﻴــﺔ ﻟـــﻬـــﺬه اﻟــﻘــﺼــﺔ، إﻻ أن ﺷــﺬراﺗــﻬــﺎ اﻟـﻔـﻜـﺮﻳـﺔ أﻛـﺜـﺮ أﻫﻤﻴﺔ، ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺆﻛﺪ اﻟﺴﺎردة أن اﻟﻌﺮاﻗﻴﲔ ﻳﻔﻜﺮون ﺑﺎﳌﺸﺘﺮﻛﺎت، وﻻ ﻳـﻌـﻴـﺮون ﺑــﺎﻻ ﻟﻼﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﳌﺬﻫﺒﻴﺔ. وﻟﻌﻞ أﻏﺮب ﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ أن اﻟــﺼــﺪﻳــﻘــﺔ اﻟــﻬــﻨــﺪﻳــﺔ ﻗـــﺮرت أﻻ ﺗﺤﺘﻔﻞ ﺑـﺪﻳـﻔـﺎﻟـﻲ أو »ﻋﻴﺪ اﻷﻧــــــــــــﻮار«، ﺑـــﻌـــﺪ اﻵن، ﻷﻧــﻬــﺎ ﻏﻴﺮت دﻳﺎﻧﺘﻬﺎ، وآﻣﻨﺖ ﺑﺪﻳﺎﻧﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻋﻤﺮﻫﺎ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات. ﻻ ﺑــﺪ ﻟــﻠــﻘــﺎرئ أن ﻳـﺒـﺤـﺚ ﻋﻦ اﳌﻌﺎﻧﻲ اﳌﺠﺎزﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻤﻦ وراء ﺗــﻐــﻴــﻴــﺮ اﻟـــﺪﻳـــﺎﻧـــﺔ ﺑــﻬــﺬه اﻟـــﺴـــﻬـــﻮﻟـــﺔ، وﺑــــــﲔ اﻟـــﺘـــﺰﻣـــﺖ واﻟﻘﺘﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ.
ﻛـــﺜـــﻴـــﺮة ﻫـــــﻲ ﻣـــﻔـــﺎرﻗـــﺎت ﻫــﺬه اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ، ﻓــﺎﻟــﻌــﺮاﻗــﻲ اﻟـــــﺬي ﻫــــﺮب إﻟــﻰ ﻟـــﻨـــﺪن، ﻃــﺎﻟــﺒــﴼ ﺣـــﻖ اﻟــﻠــﺠــﻮء اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻲ، ﻳـﻨـﻀـﻢ إﻟـــﻰ ﻗـــﺎدة اﻹﺿـــﺮاب اﻷرﺑــﻌــﺔ، وﻳــﺪﺧــﻞ اﻟــﺮﻣــﺰ ﻟﺘﺘﻮﻗﻒ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻘﻄﺎرات ﻓﻲ ﻣﺤﻄﺎﺗﻬﺎ، ﻓﻴﺘﺬﻣﺮ اﻟﻨﺎس، وﺗﺘﻌﻄﻞ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺒﻞ أن ﻳــﺪﺧــﻞ رﻗـــﻢ ﻛــﺴــﺮ اﻹﺿــــــﺮاب ﻟـﺘـﻌـﺎود اﻟﻘﻄﺎرات ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﳌﻨﺴﺎﺑﺔ، ﻓـــﻼ ﻏـــﺮاﺑـــﺔ أن ﺗــﻨــﻀــﻮي اﻟــﻘــﺼــﺔ ﺗـﺤـﺖ ﻋﻨﻮان »اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟــﺬي ﺣــﺮر ﻟﻨﺪن« ﺑﻌﺪ أن ارﺗﻬﻨﻬﺎ ﳌﺪة ٠١ دﻗﺎﺋﻖ ﻻ ﻏﻴﺮ.
ﺗــﺠــﻤــﻊ ﻗــﺼــﺔ »ﻟــــﻮ ﻟـــﻢ ﺗــﻜــﻦ اﳌـﺤـﻄـﺔ اﻷﺧـــﻴـــﺮة ﻗــﺮﻳــﺒــﺔ« ﺑـــﲔ ﺛــﻴـﻤـﺘـﻲ اﻟــﻬــﺠــﺮة واﻟﺤﺐ، ﻓﻘﺪ ﻃﻠﺐ اﻟﺮاوي اﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻟﻜﻨﻬﻢ رﻓﻀﻮا ﻃﻠﺒﻪ، ﻷن ﻣــﺪﻳــﻨــﺘــﻪ أﺻــﺒــﺤــﺖ آﻣـــﻨـــﺔ، وﻟــﻴــﺲ ﻫـﻨـﺎك ﻣــﺒــﺮر ﳌـﻨـﺤـﻪ ﺣــﻖ اﻟــﻠــﺠــﻮء. ﻗــﺪ ﻻ ﻳــﺮﻛــﺰ اﻟــﻘــﺎرئ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻋﻠﻰ ﻣـﺴـﺎر اﻟــﺤــﺪث، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟﻰ ﻟﻘﻄﺔ ﻣﻘﺮﺑﺔ رﺳﻤﻬﺎ
ّّ اﻟﻘﺎص ﺑﺬﻛﺎء ّّ ﻳﺒﲔﻓﻴﻬﺎ ﺗﻌﻠﻖ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺑـﺄﺻـﺎﺑـﻊ ﻳــﺪه اﻟـﺘـﻲ ﺗﺤﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ وﺟـﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ، وﺗﺘﺄﻛﺪ ﻣﺤﺒﺔ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﺠﺴﺪ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺨﺒﺮﻫﺎ ﺑﻨﻴﺘﻪ ﺣـــﺮق ﺑـﺼـﻤـﺎﺗـﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗــﻘــﻮل: »أﺗــﺤــﺮق اﻷﺻـــﺎﺑـــﻊ اﻟــﺘــﻲ أﺣــﺒــﺒــﺘــﻬــﺎ؟«، ﻋـﻠـﻤـﴼ ﺑــﺄن ﻣﺴﺘﻬﻞ اﻟﻘﺼﺔ ﻗﺪ أﺧﺬ ﻣﻦ ﻛﺎﺗﺒﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣـــﻦ ﺻــﻔــﺤــﺔ، وﻫـــﻮ ﻳــﺼــﻒ ﻫـــﺬا اﻟـﺘـﻌـﻠـﻖ اﻟـــﺤـــﻤـــﻴـــﻢ ﺑـــــﲔ أﺻـــﺎﺑـــﻌـــﻬـــﺎ »اﻟـــﻨـــﺎﻃـــﻘـــﺔ« اﻟــﺘــﻲ ﺗـﺘـﺤـﺴـﺲ أﺻــﺎﺑــﻌــﻪ »اﳌـﺘـﻠـﻌـﺜـﻤـﺔ«، وﺗﺤﺘﻮﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻔﻬﺎ اﳌﺮﺗﻌﺸﺔ، وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺷﻲء ﺿﺎﺋﻊ. وﻟﻌﻞ اﺳﺘﺪراﻛﻬﺎ اﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻣﻲ أﻛﺜﺮ وﻗﻌﴼ ﻣﻦ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻌﻠﻖ ﺣﲔ ﺗﺮد ﻋﻠﻴﻪ: »أﻟﻢ ﺗﻘﻞ ﻟﻲ أﻧﻬﻢ أﺧﺬوا ﺑﺼﻤﺔ ﻋﻴﻨﻴﻚ؟« ﻓﻬﻞ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣـﻦ ﻣﺴﺢ ﻫـﺬه اﻟﺒﺼﻤﺔ أو إﺣﺮاﻗﻬﺎ ﻛـﻲ ﻳﻌﻮد ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻓﺬة إن أﺧﺮﺟﻮه ﻣﻦ اﻟﺒﺎب، ﺧﺼﻮﺻﴼ
ﺑﻌﺪ أن ﺑﻨﻰ ﺣﻴﺎة أﺧﺮى ﻓﻲ ﻫـــﺬا اﻟــﺒــﻠــﺪ، اﻟــــﺬي ﻟــﻢ ﺗﻨﺘﺒﻪ ﻗﺎﺿﻴﺘﻪ إﻟــﻰ ﺻﻌﻘﺔ اﻟـﺤـﺐ وأﺛــــﺮﻫــــﺎ ﻋــﻠــﻰ ﻫـــــﺬا اﻟــﻼﺟــﺊ اﻟــــــﻘــــــﺎدم ﻣـــــﻦ أﺗـــــــــﻮن اﻟـــﺤـــﺮب واﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ؟ ﻓــــــــﻲ »ﻗــــــــﻔــــــــﺰة اﻟــــــــﻘــــــــﺮد«، ﻳﺪﺧﻞ ﻣﺴﻠﺤﺎن وﻳﺤﺘﺠﺰان اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ رﻫﺎﺋﻦ، وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻷب ﻳﻨﻘﺬ اﺑﻨﻪ ﺳﺎﻣﻲ وﺻــﺪﻳــﻘــﻪ اﻟــﻴــﺎﺑــﺎﻧــﻲ ﻳــــﺎن، إﻻ أن ﺷﺮﻃﻴﴼ ﺟــﺎء ﻣـﺘـﺄﺧـﺮﴽ ورآه ﻳـﺤـﻤـﻞ اﳌــﺴــﺪس اﻟــــﺬي أﻋــﻄــﺎه إﻳــــــــﺎه اﻟـــﻌـــﻘـــﻴـــﺪ ﻓـــﺄﻃـــﻠـــﻖ ﻋــﻠــﻴــﻪ اﻟـــﻨـــﺎر وأﺻــــﺎﺑــــﻪ ﺑــﺮﺻــﺎﺻــﺘــﲔ أﺧﺮﺟﻬﻤﺎ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻣﻦ ﺳﺎﻗﻪ. ﺗﺤﻀﺮ اﻟـﺒـﻨـﻴـﺔ اﳌــﺘــﻮازﻳــﺔ، ﻓــﻴــﺘــﺬﻛــﺮ اﻷب ﻗـــــﻮل اﻟــﻀــﺎﺑــﻂ اﳌﺠﻨﺪ: »اﻷرض ﻣﺜﻞ ﺟﺴﺪ اﳌﺮأة ﺗﺘﺴﻊ ﻟﻚ ﺣﲔ ﺗﺸﻌﺮ أﻧﻬﺎ ﺗﺤﺒﻚ ﻓــﺘــﺤــﺘــﻮﻳــﻚ وﺗـــﻀـــﻤـــﻚ وﺗـﺘـﺴـﺘـﺮ ﻋﻠﻴﻚ إذا ﻟـﺰم اﻷﻣــﺮ«، ﻫﻜﺬا ﻛﺎن اﻷب ﻳﺸﻌﺮ وﻫﻮ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮل إﻟـﻰ ﻧﺎﻓﺬة اﻟﻘﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗـﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﺣﺘﺠﺎز اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ. ﺗﻨﻄﻮي ﻗﺼﺔ »اﳌـــﺮأة اﻟﻘﻄﺔ واﻟــﺮﺟــﻞ اﻟﻘﻨﻔﺬ« ﻋﻠﻰ ﻗــﺪر ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺮاﻋﺔ واﻟﺘﺸﻮﻳﻖ واﻹﺛﺎرة، وﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑــﻨــﻔــﺲ ﺳـﻴـﻨـﻤـﺎﺋـﻲ واﺿــــﺢ، ﻓـــﺎﳌـــﺮأة ﻫﻨﺎ ﻣــﻮﻣــﺲ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓــﻲ ﻟـﺤـﻈـﺔ ﻓــﺎرﻗــﺔ ﻗــﺮرت أن ﺗﺤﻤﻲ اﻟﺠﻨﺪي اﻟــﻬــﺎرب، وﺗﻨﻘﺬه ﻣﻦ اﳌﻮت، ﻷن اﻹﻋﺪام ﻫﻮ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻟﻬﺎرﺑﲔ ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﳌﻌﺎرك. أﺟﻠﺴﺖ اﻟﺠﻨﺪي اﳌﺬﻋﻮر إﻟﻰ ﺟﻮارﻫﺎ، وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ أن ﻳﻨﺎم، أو ﻳﺪﻋﻲ اﻟﻨﻮم، وأﻻ ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻴﻨﺎه ﻣﻬﻤﺎ ﺣـﺼـﻞ، وأن ﻳـﺘـﺮك اﻟـﺒـﺎﻗـﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ. وﺣﻴﻨﻤﺎ اﻗﺘﺮب ﻣﻨﻬﺎ أﺣـﺪ رﺟــﺎل اﳌﻔﺮزة اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﻓﻬﻢ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ: »ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻫﺬا ﻣﻦ ﻟــﻮازم اﻟـﺸـﻐـﻞ«، ﺑﻌﺪ أن أﺳﻘﻄﺘﻪ ﻓـﻲ ﻓﺦ اﻟﻐﻮاﻳﺔ ووﻋﺪ ﺑﻠﻘﺎء ﻗﺮﻳﺐ. ﻻ ﻳـﻤـﻜـﻦ ﻣــﻘــﺎرﻧــﺔ ﻗـﻄـﺔ ﻣــﻔــﻘــﻮدة ﻣﻊ أﻟــﻔــﻲ ﻃــﺎﻟــﺐ ﻣـﺨـﺘـﻄـﻒ ﻣــﻦ ﻃـــﻼب اﻟـﻘـﻮة اﻟـﺠـﻮﻳـﺔ، ﻟﻜﻦ دﻗــﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﳌـﺘـﻮازﻳـﺔ ﺑﲔ
ﺿﻴﺎع ﻗﻄﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﺳﻤﻬﺎ »ﻟﻮﻻﻳﻜﺎ« ﺳﻴﺘﻢ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓـﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺼﺔ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــﺤــﻤــﻞ اﻻﺳــــــﻢ ذاﺗـــــــﻪ، وﺑــــﲔ أﻟــﻔــﻲ ﻣﺨﺘﻄﻒ ﻋـﺮاﻗـﻲ ﺳﻴﻠﻘﻮن ﺣﺘﻔﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﻳــــﺪي ﻋــﺼــﺎﺑــﺎت »داﻋــــــﺶ«، اﻷﻣــــﺮ اﻟــﺬي ﻳﺪﻓﻊ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﻟﻠﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻌﺮاق ﻣﺤﻤﻼ ﺑﺎﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺪاﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻚ ﻋﻠﻰ أﻣـــــﻞ ﻣــﻘــﺎﻳــﻀــﺔ أﺧـــﻴـــﻪ ﺑــﻔــﺪﻳــﺔ ﻳــﺤــﺪدﻫــﺎ اﻟــﺨــﺎﻃــﻔــﻮن أﻧــﻔــﺴــﻬــﻢ. وﻋــﻠــﻰ اﻟــﺮﻏــﻢ ﻣﻦ ﻳـﺄﺳـﻪ اﳌـﻄـﻠـﻖ، إﻻ أن ﺷﻘﻴﻘﺘﻪ ﻟـﻢ ﺗﻘﻄﻊ أﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻴﴼ.
ﺗﺘﻤﺤﻮر »اﻟﺮﻏﺒﺎت اﳌﺘﻜﺴﺮة« ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺔ ﺟﻨﺪي ﻳﺄﺗﻲ ﻣﺠﺎزﴽ ﻣﻦ اﻟﺒﺼﺮة إﻟﻰ اﳌﻮﺻﻞ، وﻫﻨﺎك ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﺼﺪﻳﻘﺘﻪ اﻟﺘﻲ أﺣﺒﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ، وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ اﻻﻗﺘﺮان ﺑـﻬـﺎ ﻟﻀﻴﻖ ذات اﻟــﻴــﺪ. وﺣـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳﻌﺮف أﻧـﻬـﺎ ذاﻫـﺒـﺔ إﻟــﻰ ﺑـﻐـﺪاد ﻹﻧـﺠـﺎز ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻜﻦ، ﻳﻘﺮر اﻟﺴﻔﺮ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟــﻘــﻄــﺎر ذاﺗــــﻪ، ﻋـﻠـﻰ أﻣـــﻞ أن ﻳﺘﺴﻠﻞ إﻟـﻰ ﻣﻘﺼﻮرﺗﻬﺎ، ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮف أن اﳌﺮور ﻋﺒﺮ اﳌﻘﺼﻮرات ﻣﻤﻨﻮع ﺗﻤﺎﻣﴼ.
ﻳﻨﺠﺢ اﻟﺮاوي ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻗﺼﺔ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻳﺮﻣﻲ ﻓﻜﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ذﻫﻦ اﻟﻘﺎرئ، وﻳﺘﺮﻛﻬﺎ ﺗﻨﻤﻮ ﺑﻬﺪوء، وإذا ﻟﻢ ﺗﻨﻀﺞ ﺟﻴﺪﴽ ﻳﺪرك أﻧــﻬــﺎ وﻟـــــﺪت ﻣــﻴــﺘــﺔ، ﻓــﻼ ﻳــﺄﺳــﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ، وﻳﺸﺮع ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ. ﺗﺮى، ﻫـﻞ ﻛـﺎﻧـﺖ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﺧـﺘـﺒـﺎرﴽ ﻗـﻮﻳـﴼ ﻟﻮﻗﺘﻪ وأﻓــﻜــﺎره وإرادﺗــــﻪ، أم رﻏـﺒـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺨـﺮوج ﻣﻦ ﻋﺰﻟﺘﻪ اﻻﺧﺘﻴﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﻋﺰﻟﺔ إﺟﺒﺎرﻳﺔ؟
أﻣـــــﺎ ﻗـــﺼـــﺔ »اﻟـــﻀـــﻔـــﺪع اﻟـــــﺮﻣـــــﺎدي«، ﻓــﺘــﺘــﻤــﺤــﻮر ﻋـــﻠـــﻰ ﺷـــﺨـــﺺ ﻳـــﻌـــﺘـــﻘـــﺪ أﻧـــﻪ ﻣــﺘــﺴــﻮل، ﻷﻧـــﻪ ﻳﺠﻤﻊ اﻟــﻨــﻘــﻮد ﻓــﻲ ﻗﺒﻌﺔ ﻣــﺘــﺴــﺨــﺔ ﺧــــﻼل اﻟـــﺪﻗـــﺎﺋـــﻖ اﻟـــﺘـــﺴـــﻊ، ﻗـﺒـﻞ اﻟــــﻮﺻــــﻮل إﻟـــــﻰ اﳌــﺤــﻄــﺔ اﻷﺧـــــﻴـــــﺮة، ﻟـﻜـﻦ ﺑﺮاﻋﺔ اﻟﻘﺎص ﻳﻔﺎﺟﺌﻨﺎ داﺋﻤﴼ ﺑﺎﻧﻌﻄﺎﻓﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻣــﺤــﺪدة ﺗﻜﺸﻒ أن ﻫــﺬا اﻟﺸﺨﺺ اﻟـﺬي ﻻ ﻳـﺮاه اﻟﺮﻛﺎب ﻫﻮ آﺧﺮ اﻟﺨﺎرﺟﲔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب ﺑﻌﺪ أن اﺣﺘﺮق اﻟﺠﻤﻴﻊ. وﻣﻊ أﻧــﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻨﺬ ٠١ ﺳــﻨــﻮات، إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﺳﻮى ﻟﻘﺐ ﻣﺠﻨﻮن ﺗﺘﻠﻘﻔﻪ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻛﻠﻤﺎ أﺛﺎر ﺻﺨﺒﴼ أو روع اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﺮﺑﺔ ﻫﺎدﺋﺔ.