إﻋﺼﺎر ﻛﺮدﺳﺘﺎن وﺧﺮاﺋﻂ اﻹﻗﻠﻴﻢ
ﻛــﻞ اﻟــﺪﻋــﻮات اﻟـﻌـﺮاﻗـﻴـﺔ واﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺔ واﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ إﻟﻰ إﻟﻐﺎء ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء، اﻟـــــــﺬي ﺟــــــﺮى ﻳــــــﻮم اﻻﺛــــﻨــــﲔ اﳌــــﺎﺿــــﻲ، وﺳﻂ ﺣﻤﺎﺳﺔ ﻃﺎﻏﻴﺔ، ﻓﻲ ﻛﺮدﺳﺘﺎن، ﺗــﺒــﺪو ﺑــﻼ ﻣـﻌـﻨـﻰ، ﻋـﻠـﻰ اﻷﻗـــﻞ ﻷن ﻫـﺬا اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء ﺣﺼﻞ أﺧﻴﺮﴽ وﻓـﻲ ﺣﻀﻮر ﻣـﺮاﻗـﺒـﲔ ﻣـﻦ اﻟــﺨــﺎرج ﻛﻤﺎ أﻋــﻠــﻦ، وﻷن ﻣــﺴــﻌــﻮد ﺑـــﺎرزاﻧـــﻲ ﺑـــﺎت اﻵن ﻣـﺪﺟـﺠـﴼ ﺑﻨﺘﻴﺠﺘﻪ اﻟـﺴـﺎﺣـﻘـﺔ أي ٧٨ ﻓــﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻟﺬﻳﻦ أﻳﺪوا اﺳﺘﻘﻼل دوﻟﺔ ﻛﺮدﺳﺘﺎن.
ﻻ ﻳـﻤـﻜـﻦ إﻟــﻐــﺎء اﻻﺳــﺘــﻔــﺘــﺎء اﻟــﺬي ﺣـــﺼـــﻞ وﺳـــــﻂ ﻛــــﻞ ﻫـــــﺬا اﻟـــــــــﺪوي، ﻟـﻜـﻦ ﻣــــﻦ اﳌــــﺆﻛــــﺪ أﻧـــــﻪ ﻳــﻤــﻜــﻦ اﻟـــﺤـــﺪﻳـــﺚ ﻋـﻦ ﺗـــﻔـــﺎﻫـــﻢ ﻋـــﻠـــﻰ ﺗـــﺮﺟـــﻤـــﺔ ﻧــﺘــﺎﺋــﺠــﻪ ﻋـﻠـﻰ اﳌــﺴــﺘــﻮى اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻲ واﻟـــﺴـــﻴـــﺎدي ﻓﻲ اﻟــﻌــﺮاق، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻫـﻞ ﺳﻴﺬﻫﺐ اﻹﻗﻠﻴﻢ ﻣـــﺒـــﺎﺷـــﺮة إﻟــــﻰ إﻋــــــﻼن اﻻﺳـــﺘـــﻘـــﻼل، أم ﺳﻴﻔﺘﺢ اﻷﺑــــﻮاب ﻟـﻠـﺬﻫـﺎب إﻟــﻰ ﻃـﺎوﻟـﺔ اﻟــﺤــﻮار ﻟﻠﺘﻔﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻐﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﳌــﺴــﺘــﻘــﺒــﻠــﻴــﺔ، ﺳـــــﻮاء ﻛـــﺎﻧـــﺖ اﻧــﻔــﺼــﺎﻻ ﻳـﺴـﺘـﺪﻋـﻲ ﺗـﺮﺗـﻴـﺐ اﻟــﻌــﻼﻗــﺎت ﺑــــﺪﻻ ﻣﻦ اﻻﻧــﺨــﺮاط ﻓـﻲ اﻟـﺤـﺮب، أو ﻛﻮﻧﻔﺪراﻟﻴﺔ ﻣــﺘــﻔــﻘــﴼ ﻋــﻠــﻴــﻬــﺎ ﺗــﻨــﻈــﻢ اﻟـــﻌـــﻼﻗـــﺎت ﺑـﲔ اﻟﺠﺎﻧﺒﲔ؟
ﻫﻨﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﻧﻼﺣﻆ أن ﻣﺴﻌﻮد ﺑـﺎرزاﻧـﻲ وﺑﻌﺪ أﻗـﻞ ﻣﻦ ٨٤ ﺳﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ إﻋـﻼن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ، ﺑـﺪا ﻫﺎدﺋﴼ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ، ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻬﻴﺎج وﻗﺮﻗﻌﺔ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ واﻟﺘﺼﻌﻴﺪ، ﻓﻘﺪ دﻋــﺎ ﺑﻐﺪاد إﻟﻰ ﻓﺘﺢ ﺣﻮار ﻟﻼﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑــﻌــﻴــﺪﴽ ﻋـــﻦ ﻟــﻐــﺔ اﻟــﺘــﻬــﺪﻳــﺪ ﺑــﺎﻟــﺤــﺼــﺎر واﻟﺘﺠﻮﻳﻊ، ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻮح اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺘﺮﻛﻲ رﺟـــــﺐ ﻃــﻴــﺐ إردوﻏــــــــــﺎن اﻟــــــﺬي وﺻــﻒ اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء ﺑﺄﻧﻪ ﺧﻴﺎﻧﺔ، ﻣـﻊ أﻧــﻪ ﺟﺮى ﺧﺎرج اﻷراﺿﻲ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ!
ﺣﻴﺪر اﻟﻌﺒﺎدي ﻫﺪد ﺑﻔﺮض ﺣﻈﺮ ﺟﻮي وﺑﺮي ﻋﻠﻰ ﻛﺮدﺳﺘﺎن، وﻗﺎل إﻧﻪ ﻟـﻦ ﻳﺘﻔﺎوض ﻣـﻊ اﻟــﻘــﺎدة اﻷﻛـــﺮاد ﻣـﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻨﻮا إﻟﻐﺎء اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء وﻧﺘﺎﺋﺠﻪ، وﻫﻮ ﻣـﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺬﻓﻪ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺑــﺎت واﻗﻌﴼ، ﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ أﺷــﺮت أﻋــﻼه ﻳﻤﻜﻦ اﻻﻧﻄﻼق ﻣـــﻦ ﻫــــﺬه اﻟــﻨــﺘــﺎﺋــﺞ إﻟـــــﻰ ﺣــــــﻮار ﻳـﻨـﻈـﻢ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﺑﲔ ﺑﻐﺪاد وأرﺑﻴﻞ، اﻟـــﺘـــﻲ ﻛـــﺎﻧـــﺖ داﺋـــﻤـــﴼ ﻣـــﻮﺿـــﻊ ﺧــﻼﻓــﺎت وﺻﺮاﻋﺎت.
ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳌﻮاﻗﻒ اﻟﻨﺎرﻳﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺳـﻤـﻌــﻨــﺎﻫــﺎ ﻣـــﻦ أﻧـــﻘـــﺮة وﻃــﻬــﺮان ﻳﺘﻌﲔ اﻟـﺘـﻮﻗـﻒ ﻋـﻨـﺪ ﺑـﻴـﺎن اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ، اﻟـﺘـﻲ أﻋﺮﺑﺖ ﻋـﻦ »ﺧﻴﺒﺔ أﻣــﻞ ﻋﻤﻴﻘﺔ« ﺑﺴﺒﺐ اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣـــﺮﺻـــﺖ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺘــﺄﻛــﻴــﺪ أن اﻟـﻌـﻼﻗـﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑـــﲔ اﻟـــــﻮﻻﻳـــــﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة واﻟــــﺸــــﻌــــﺐ اﻟــــــﻜــــــﺮدي ﻟــﻦ ﺗـــــﺘـــــﻐـــــﻴـــــﺮ ﻋــــــﻠــــــﻰ ﺿــــــﻮء اﻻﺳـــﺘـــﻔـــﺘـــﺎء ﻏـــﻴـــﺮ اﳌـــﻠـــﺰم اﻟــﺬي ﺳﻴﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻧﻌﺪام اﻻﺳــــــــﺘــــــــﻘــــــــﺮار، وﻟـــــﻬـــــﺬا »ﻳــــﺘــــﻌــــﲔ ﻋـــﻠـــﻰ ﺟــﻤــﻴــﻊ اﻷﻃـــــﺮاف أن ﻳـﻨـﺨـﺮﻃـﻮا ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺑﻨﺎءة ﻓﻲ ﺣﻮار ﻳﺪﻋﻢ اﻟﻌﺮاق اﳌﻮﺣﺪ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻲ واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ«.
اﳌــــﻮﻗــــﻒ اﻟــــﺮوﺳــــﻲ اﻟــــــﺬي ﻳــﺮﻓــﺾ ﻓــــﻜــــﺮة اﻻﻧـــــﻔـــــﺼـــــﺎل، ﻳــــﺪﻓــــﻊ أﻛــــﺜــــﺮ ﻓــﻲ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﺤﻮار، ﻓﻘﺪ ﺗﺠﻨﺐ ﻧﺎﺋﺐ وزﻳـــﺮ اﻟــﺨــﺎرﺟــﻴــﺔ اﻟــﺮوﺳــﻲ ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﺑــﻮﻏــﺪاﻧــﻮف اﻧـﺘـﻘـﺎد اﻻﺳـﺘـﻔـﺘـﺎء ﻗـﺎﺋـﻼ: »ﻫــــﺬا أﻣـــﺮ داﺧـــﻠـــﻲ ﻟــﻜــﻦ ﻫـــﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﻧـﻨـﺎ ﺳﻨﻌﺘﺮف ﺑﻨﺘﺎﺋﺠﻪ«، ﺛـﻢ أﻋﻠﻨﺖ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ ﻳﻮم اﻷرﺑﻌﺎء أﻧﻬﺎ »ﺗﻨﻈﺮ ﺑﺎﺣﺘﺮام إﻟﻰ اﻟﺘﻄﻠﻌﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻸﻛﺮاد، وأن ﻛﻞ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﻮار«.
وﻓــﻲ اﻟـﺴـﻴـﺎق ذﻛـــﺮت اﻟـﺘـﻘـﺎرﻳـﺮ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺮوﺳﻲ ﻓﻼدﻳﻤﻴﺮ ﺑﻮﺗﲔ ﺗﻌﻤﺪ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﻬﺎﺗﻔﻲ ﻳـﻮم اﻻﺛﻨﲔ ﻣﻊ إردوﻏــﺎن اﻟﺬي ﻳﻬﺪد ﺑﺎﻟﻐﺰو، اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﺄن ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺗﺪرس اﻻﻧﻌﻜﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻨﺠﻢ ﻣﻦ اﻧﻔﺠﺎر اﻟﻮﺿﻊ ﻋﺴﻜﺮﻳﴼ، ﻋــﻠــﻰ ﺧــﻄــﻂ وﺿــﻌــﻬــﺎ ﻋـــﻤـــﻼق اﻟـﻨـﻔـﻂ اﻟﺮوﺳﻲ »روس ﻧﻔﻂ« ﳌﺪ أﻧﺎﺑﻴﺐ اﻟﻨﻔﻂ إﻟـــﻰ أوروﺑـــــﺎ ﻋــﺒــﺮ اﻷراﺿـــــﻲ اﻟـﻌـﺮاﻗـﻴـﺔ ﻓﺎﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻴﺔ ﻓﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺿﻤﻨﴼ ﺗﺬﻛﻴﺮ إردوﻏــﺎن ﺑﺄﻧﻪ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺴﺎﺋﺮه اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻣﻦ إﻏــﻼق ﺻﻨﺒﻮر اﻟﻨﻔﻂ اﻟﻜﺮدي ﺗﺼﻞ إﻟﻰ أرﺑﻌﲔ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر، ﻓــﺈن اﻟـﻮﺿـﻊ ﺳﻴﻜﻮن أﺳــﻮأ إذا ﺗﻌﻄﻞ ﻣﺸﺮوع اﻷﻧﺎﺑﻴﺐ اﻟﺮوﺳﻲ!
ﻋﻤﻠﻴﴼ ﻫﺬه ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﺳﺘﻔﺘﺎء ﻋﻠﻰ اﺳـﺘـﻘـﻼل ﻛـﺮدﺳـﺘـﺎن. ﻟﻘﺪ ﻓﺘﺤﺖ اﻷﺑــــﻮاب ﻋـﻠـﻰ ﻗـــﺮع ﻃــﺒــﻮل اﻟـﺘـﻬـﺪﻳـﺪات اﻟــﻌــﺴــﻜــﺮﻳــﺔ، ﻣــــﻨــــﺎورات ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺤــﺪود وﺗﻠﻮﻳﺢ ﺑﺎﻟﻐﺰو، إﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﻮاﺑﺔ ﺗﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﲔ:
إﻣــﺎ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﺗـﻨـﺰل ﻋﻠﻰ اﻟــﺮؤوس اﻟـﺤـﺎﻣـﻴـﺔ ﻓــﻲ أﻧــﻘــﺮة وﻃــﻬــﺮان وﺑــﻐــﺪاد وﺣـــﺘـــﻰ دﻣـــﺸـــﻖ، ﺑـﺤـﻴـﺚ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﻀﺮورة ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗـــﺤـــﺘـــﺮم ﺧــﺎﺻــﻴــﺔ اﻟــﺠــﻤــﺎﻋــﺎت وﺣــﻘــﻮﻗــﻬــﺎ، وإﻣــﺎ اﻟﺬﻫﺎب إﻟـﻰ ﺻﺪام ﻋــﺴــﻜــﺮي ﻟــــﻦ ﻳـــﻜـــﻮن ﻣـﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﺳﻮى اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟـــﻜـــﻮارث، وﻓــﻲ ﻣﻘﺪﻣﻬﺎ ﻃــﺒــﻌــﴼ ﻋـــــﻮدة »داﻋـــــﺶ« واﻹرﻫـــــــﺎﺑـــــــﻴـــــــﲔ اﻟــــﺬﻳــــﻦ ﺧﺮﺟﻮا ﻣﻦ ﺑﻮاﺑﺎت اﳌﺪن وﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﻟــﻌــﻮدة ﻣــﻦ ﻧــﻮاﻓــﺬ اﻟـﺼـﺮاع اﻟــﺠــﺪﻳــﺪ، وﻫــــﺬا أﻣـــﺮ ﻳــﻌــﺮﻓــﻪ اﻟــﻌــﺒــﺎدي ﺟﻴﺪﴽ.
ﻫــﻜــﺬا ﺗــﺒــﺪو دﻋــــﻮة ﺑـــﺎرزاﻧـــﻲ إﻟــﻰ اﻟﺤﻮار ﺷﺮﻓﺔ ﻫﺎدﺋﺔ ﺗﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺨﺐ وﻗﺮع ﻃﺒﻮل اﻟﺤﺮب، ﻟﻜﻦ رﺑﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺪر اﻟـﻌـﺒـﺎدي أن ﻳﺘﻮﻗﻒ أﻣﺎم اﻟﻌﺮض اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ ﻗﺎﺳﻢ ﺳﻠﻴﻤﺎﻧﻲ إﻟـــــﻰ ﺑـــــﺎرزاﻧـــــﻲ، أي أن ﺗـــﻘـــﻮم ﻃــﻬــﺮان ﺑــﺎﻟــﻮﺳــﺎﻃــﺔ ﺑـــﲔ ﺑـــﻐـــﺪاد وﻛـــﺮدﺳـــﺘـــﺎن ﻟﺤﻞ اﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ وﻓـﻘـﴼ ﻟﻠﺪﺳﺘﻮر اﻟــﻌــﺮاﻗــﻲ واﻻﺗــﻔــﺎﻗــﻴــﺎت اﻟـﺜـﻨـﺎﺋـﻴـﺔ، ﻟﻜﻦ ﺑﺎرزاﻧﻲ رﻓﺾ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻳﺄﺳﻪ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻣــﻦ ﺗــﺠــﺎوب ﺑــﻐــﺪاد ﻣــﻊ ﻣـﻀـﻤـﻮن ﻫـﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت، وﻟﻬﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺪد ﻗﺎﺳﻤﻲ ﺑﺘﺤﺮﻳﻚ »اﻟﺤﺸﺪ اﻟﺸﻌﺒﻲ« ﻓﻲ ﻛﺮﻛﻮك ﺟــﺎء اﻟــﺮد ﺑــﺄن اﻟﺒﻴﺸﻤﺮﻛﺔ ﺳﺘﺘﺼﺪى ﻷي ﺗﺤﺮك ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع!
ﻫـــﺬا اﻟــﻌــﺮض ﻳــﺆﻛــﺪ أن اﻟـﺤـﻜـﻮﻣـﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﺗﻤﺎدت ﻓﻲ ﺗﻌﻄﻴﻞ اﳌﺎدة ٠٤١ ﻣــﻦ اﻟـﺪﺳـﺘـﻮر اﻟـﻌـﺮاﻗـﻲ ﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼﻴﺮ واﻟﺘﻤﻠﺺ ﻣﻦ ﺣﻞ اﻟﺨﻼف ﻋﻠﻰ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﺘﻨﺎزع ﻋــﻠــﻴــﻬــﺎ، واﻻﻣـــﺘـــﻨـــﺎع ﻋـــﻦ دﻓــــﻊ رواﺗــــﺐ ﻗﻮات اﻟﺒﻴﺸﻤﺮﻛﺔ وﻋﻦ دﻓﻊ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎت اﻟـــﺸـــﺮﻛـــﺎت اﻟــﺘــﻲ ﻋــﻤــﻠــﺖ ﻓـــﻲ اﻟـﺘـﻨـﻘـﻴـﺐ ﻋﻦ اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ اﻹﻗﻠﻴﻢ، ﺛﻢ ﺑــﺪأت ﺗﺪﻋﻢ ﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎ »اﻟﺤﺸﺪ اﻟﺸﻌﺒﻲ« وﺗﺪﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻓـﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺒﻴﺸﻤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﻨﻜﺎل وﻋﻠﻰ ﺣــﺪود اﳌﻮﺻﻞ وأرﺑﻴﻞ وﻛﺮﻛﻮك.
ﻃﻬﺮان ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟــﺘــﺤــﺮﻛــﺎت، ﻟــﻜــﻦ اﳌــﺮاﻗــﺒــﲔ ﻳـﻄـﺮﺣـﻮن ﺳﺆاﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺘﺄﻣﻞ: ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻀﻴﺮ إﻳﺮان ﻣﻦ اﻧﻔﺼﺎل ﻛﺮدﺳﺘﺎن ﻓـﻲ ﺷﻤﺎل اﻟــﻌــﺮاق، إذا ﻛــﺎن ﻫــﺬا ﻳﻤﻬﺪ اﻟـــﻄـــﺮﻳـــﻖ إﻟــــﻰ اﻧـــﻔـــﺼـــﺎل أو ﺑـــﺎﻷﺣـــﺮى ﻓــﺼــﻞ ﺟــﻨــﻮب اﻟـــﻌـــﺮاق وإﻟــﺤــﺎﻗــﻪ ﺑـﻬـﺎ، وﻫﻲ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻳﺮه وﺗﻀﻊ ﻳﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺛـﺮواﺗـﻪ اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ، وﻫــﺬا ﻟـﻦ ﻳﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺴﺎر ﻣﺸﻜﻠﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻼﻳﲔ ﻛـــــــﺮدي ﺗــﻀــﻄــﻬــﺪﻫــﻢ ﻋـــﻨـــﺪ ﺣــــﺪودﻫــــﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ؟
ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻛــﺮدﺳــﺘــﺎن ﻋــﺎﺷــﺖ ﻋﺎﻣﲔ ﺑــﻌــﺪ اﻟـــﺤـــﺮب اﻟــﻌــﺎﳌــﻴــﺔ اﻷوﻟـــــﻰ ]٢٢٩١ - ٤٢٩١[ ﺛـﻢ ﺗﻘﺎﺳﻤﺘﻬﺎ ﺗﺮﻛﻴﺎ وإﻳــﺮان واﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﻳﺎ، وﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﻬﺎﺑﺎد اﻟﺘﻲ أﻋﻠﻨﻬﺎ اﻷﻛﺮاد ﻓﻲ إﻳﺮان ﻋﺎم ٦٤٩١ ﺑﺪﻋﻢ ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ ﺳﺤﻘﻬﺎ اﻟـــﺸـــﺎه، وﻣــﻨــﺬ ذﻟـــﻚ اﻟــﺤــﲔ ﻳــﺘــﻮزع ٠٤ ﻣــﻠــﻴــﻮن ﻛــــﺮدي ﻓــﻲ اﻟـــــﺪول اﻷرﺑـــــﻊ )٠٢ ﻣــﻠــﻴــﻮﻧــﴼ ﻓـــﻲ ﺗــﺮﻛــﻴــﺎ ﻗـــﺘـــﻞ ﻣــﻨــﻬــﻢ أﻛــﺜــﺮ ﻣــﻦ ﻣـﻠـﻴـﻮن وﻧــﺼــﻒ أﻳـــﺎم أﺗـــﺎﺗـــﻮرك، ٨ ﻣﻼﻳﲔ ﻓﻲ إﻳــﺮان ﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻠﺘﻨﻜﻴﻞ واﻻﺿـــﻄـــﻬـــﺎد، ٧ ﻣـــﻼﻳـــﲔ ﻓـــﻲ اﻟـــﻌـــﺮاق ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻠﻘﺘﻞ ﺑﺎﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺣﻠﺒﺠﺔ أﻳﺎم ﺻﺪام ﺣﺴﲔ، ٣ ﻣﻼﻳﲔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ آﺧﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻘﻤﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻣﺸﻠﻲ ﻗﺒﻞ أﻋﻮام ﻗﻠﻴﻠﺔ(.
اﻧـﻄـﻼﻗـﴼ ﻣــﻦ ﻫــﺬا اﻟــﻮاﻗــﻊ ﺗﺘﺠﺎوز دول اﻹﻗﻠﻴﻢ ﻛﻞ ﺧﻼﻓﺎﺗﻬﺎ واﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت، وﺗﻠﺘﻘﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺎرﺿﺘﻬﺎ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﻟﻘﻴﺎم أي ﻛﻴﺎن أو دوﻟﺔ ﻛﺮدﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻓﻲ أي ﺑﻠﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻷرﺑﻌﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺘﺸﻜﻞ ﻣﻨﻄﻠﻘﴼ ﻟﺘﺤﺮﻛﺎت وﻣﻄﺎﻟﺒﺎت ﻓﻲ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى.
وﻋﻠﻰ ﻫــﺬا ﻳﺒﺪو اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻓﻲ ﻛﺮدﺳﺘﺎن وﻛﺄﻧﻪ اﻟﻔﺎﻟﻖ اﻟﺰﻟﺰاﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻀﺮب ﻋﻤﻴﻘﴼ ﻓــــﻲ اﳌــﻨــﻄــﻘــﺔ، ﻷﻧـــــﻪ ﺳــﻴــﺆﺟــﺞ ﻃــﻤــﻮح وأﺣـــــــــﻼم اﻟـــــﻜـــــﺮد ﻓـــــﻲ ﺗـــﺮﻛـــﻴـــﺎ وإﻳــــــــﺮان وﺳﻮرﻳﺎ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺤﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼﻴﺮ، وإذا ﺗـﺤـﻘـﻘـﺖ أﺣــﻼﻣــﻬــﻢ ﻓــﺬﻟــﻚ ﻳﻌﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ﻻ اﻟﺤﺼﺮ، أن ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺳﺘﺨﺴﺮ ٢٣ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ، أﻣـــــﺎ إﻳـــــــﺮان ﻓـــﻠـــﻦ ﺗـــﻜـــﻮن ﻓــــﻲ ﻣــﻮاﺟــﻬــﺔ ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﻜﺮد وﺣﺪﻫﻢ، وﺧﺼﻮﺻﴼ ﻣﻊ وﺟﻮد اﻟﺤﺮﻛﺎت اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎل ﻓﻲ ﺳﻴﺴﺘﺎن - ﺑﻠﻮﺷﺴﺘﺎن وأﻳﻀﴼ ﻓﻲ ﺧﻮزﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
ﻟﻬﺬا ﻳﺒﻘﻰ اﻟﺴﺆال داﺋﻤﴼ، ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻧﻈﻤﺔ ﺗﺤﺘﺮم اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺤﻘﻮق ﻓﻲ أﻃﺮﻫﺎ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ، ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺴﺄﻟﺔ اﻟﻜﺮدﻳﺔ ﺳﺘﺘﺤﻮل ﻓﺎﻟﻘﴼ ﻳﺰﻟﺰل اﳌﻨﻄﻘﺔ ﻛﻠﻬﺎ؟