Al-Watan (Saudi)

بين التشدد والليبرالي­ة

- نافل العتيبي

»رسالتنا للجميع أنه لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالا، ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أھدافه، ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال«

صراع الليبراليي­ن والإسلاميي­ن أو صراخهم عبر الفضاءات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، ليس له انعكاس على واقع المجتمع السعودي، ولله الحمد والمنة.

يعتقد الليبراليو­ن أن المجتمع السعودي سطحي وضحل الثقافة، وأنه كان يُقاد بواسطة من يُسمّون بالدعاة على مدى العقود الماضية، وأنه حان الوقت ليتولى الليبراليو­ن قيادته. يفترضون أن المجتمع ينتظر من يقوده وسيطاوعه في السير في هذا الاتجاه أو ذاك.

كذلك يعتقد بعض الإسلاميين أنهم كانوا يسيطرون على المجتمع السعودي ويوجهونه حيث يريدون، لأنهم يجدون حولهم أعدادا من الأتباع الذين يعدّون كثرة في نظر الفرد »ربما يصلون إلى المئات،« لكنهم لا يمثلون شيئا بالنسبة للشعب السعودي الذي يزيد على الـ20 مليونا. نسبة ضئيلة جدا كانوا وربما لا يزالون يتبعون هذا الداعية أو ذاك، لكن لا يمكن لعاقل أن يقول إن الجميع كانوا يتبعون أحدا.

الرموز الإسلاموية والليبرالي­ة تشبه القائد المعجب بنفسه، الذي رأى جمعا من الناس يسيرون، فقفز أمامهم دون تفويض منهم وأخذ يوجههم، فاقترب منه بعضهم وأخذوا يبجلونه ويخدمونه، فاعتقد أنه يُسَيِّر الجميع بآرائه وأطروحاته، ولم يفق من الوهم إلا عند المنعطف الأخير.

نعم، يفترضون أننا بلا قيم ولا وعي ولا قدرة على فرز الغث من السمين، مثلنا -كمجتمع- في نظرهم كمثل الأعمى المخبول الذي يسير خلف كل من أمسك بيده، وهذا افتراض لا يوجد أبعد منه عن الواقع. السعوديون يا سادة لا يتبعون من أهل الشعارات أحدا بعينه، يفهمون الدين ببساطة، ويؤدون شعائر الإسلام بدوافع ذاتيه وإيمان عميق، بأنهم يتقربون بهذه العبادات إلى الله، وينبذون التشدد بطبيعتهم، ويتقبلون الآراء والتقنيات الحديثة بشغف، وأقرب من يمثلهم قيادتهم السياسية، المتمثلة في الملك وولي العهد.

لم ينجرفوا وراء شعارات الكتلة الشرقية، ولا تستهويهم شعارات الغرب، مقتنعين بأنهم مميزون، ولا يحتاجون إلى تقليد أحد في مجالات القيم والمبادئ والأخلاقيا­ت، مجتمع طبيعي كأي مجتمع آخر، فيه أفراد ينحرفون إلى أقصى اليسار، وآخرون ينحرفون لأقصى اليمين، لكن الغالبية العظمى من هذا المجتمع النبيل وسطيون، يكرهون انحلال الليبراليي­ن كما يكرهون تشدد الدعاة الجدد والحزبيين. يحبون الحياة ويرغبون في أن يعيشوها بطريقتهم الخاصة، ويطمحون في رؤية بلادهم رائدة في كل المجالات.

الشعب السعودي واع متسامح ومتوازن في علاقاته، ولا أجد أبلغ وصف له من قول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز »تسعى بلادكم إلى تطویر حاضرھا وبناء مستقبلھا، والمضي قدما على طریق التنمیة والتحدیث والتطویر المستمر، بما لا یتعارض مع ثوابتھا، متمسكین بالوسطیة سبيلا، والاعتدال نھجا، كما أمرنا الله بذلك، معتزین بقیمنا وثوابتنا، ورسالتنا للجمیع أنه لا مكان بیننا لمتطرف یرى الاعتدال انحلالا، ویستغل عقیدتنا السمحة لتحقيق أھدافه، ولا مكان لمنحل یرى في حربنا على التطرف وسیلة لنشر الانحلال واستغلال یسر الدین لتحقیق أھدافه، وسنحاسب كل من یتجاوز ذلك، فنحن -إن شاء الله- حماة الدین، وقد شرّفنا الله بخدمة الإسلام والمسلمين.«

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia