وداﻋﺎ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺛﻘﺔ

»ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺛﻘﺔ«.. ﻳﻌﺮف ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﻋﻤﺮي ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎن واﻟﻔﺘﻴﺎت ﰲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرة ﺟﻴﺪا، ﺣﻴﺚ ﺗﺴﻠﻠﺖ إﱃ ﻣﺴﺎﻣﻌﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ أﻓﻮاه ﺑﻌﺾ املﺘﺸﺪدﻳﻦ واﻟـﺠﻬﻼء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ دﻋﺎة، ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﰲ وﻋﻈﻬﻢ اﻟﻬﺰﱄ ﻟﻐﺴﻞ أدﻣﻐﺘﻨﺎ وﺗﻤﺮﻳﺮ أﻓﻜﺎرﻫﻢ اﻟﻈﻼﻣﻴﺔ، وﻳﺮددوﻧﻬﺎ ﻗﺒﻞ رواﻳﺔ أي ﻗﺼﺔ ﻣﻦ ﻗﺼﺼﻬﻢ اﻟﺨﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺼﺪﻗﻬﺎ ﻋﻘﻞ وﻻ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﻣﻨﻄﻖ، ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻛﺎن ﻳﺼﺪق ﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرة إﻣﺎ ﻟﺼﻐﺮ ﺳﻨﻪ أو ﻟﺤﺴﻦ ﻧﻴﺘﻪ، أو ﻟﺘﺪﻧﻲ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ، أو ﻻﻋﺘﻘﺎده أن ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﻤﴪﺣﻴﺔ اﻟﻮﻋﻆ اﻟﻬﺰﱄ ﺗﻠﻚ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺴﻤﺎﺣﺔ واﻟﺘﺪﻳﻦ وﻻ ﻳﻜﺬب أﺑﺪا.

ﻟﻄﺎملﺎ أوﻫﻤﻮﻧﺎ ﻣﺬ ﻛﻨﺎ ﻣﺮاﻫﻘني ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﻓﺘﺎة ﻣﺎﺗﺖ وﻫﻲ ﺗﺮﺗﺪي اﻟﺒﻨﻄﺎل وﻟﻢ ﻳﻨﺴﻠﺦ ﻋﻦ ﺟﺴﺪﻫﺎ ودﻓﻨﻮﻫﺎ وﻫﻲ ﺗﺮﺗﺪﻳﻪ، وﺑﺄن ﻫﻨﺎك أﺧﺮى ﻣﺎﺗﺖ وﻫﻲ ﻣﻤﺴﻜﺔ ﺑﺠﻬﺎز اﻟـ»رﻳﻤﻮت ﻛﻨﱰول« وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا ﺗﺤﺮﻳﺮه ﻣﻦ ﻳﺪﻫﺎ ﻓﺪﻓﻨﺖ وﻫﻲ ﻣﻤﺴﻜﺔ ﺑﻪ، وﺑﺄن اﻟﺜﻌﺎﺑني واﻟﻨريان ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﻗﱪ أﺣﺪ اﻟﻔﻨﺎﻧني، وﺑﺄن ﻓﺘﺎة ﺗﺤﻮﻟﺖ إﱃ ﻣﺴﺦ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻤﻊ إﱃ اﻟﻐﻨﺎء.

ﻟﻜﻦ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻴﻮم أﺻﺒﺢ ﻛﺒريا، ﺣﻴﺚ ﺳﻘﻄﺖ أﻗﻨﻌﺘﻬﻢ، ﻛﻤﺎ أن ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ملﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ اﻋﺘﻼء املﻨﺎﺑﺮ أﺳﻬﻢ ﰲ رﻓﻊ اﻟﻮﻋﻲ وﰲ إدراك ﺧﻄﻮرة ﻃﺮﺣﻬﻢ ﻋﲆ ﻋﻘﻮل ﺻﻐﺎرﻧﺎ، ﺣﻴﺚ إن اﻟﻮﻋﻆ ﺑﺎﻟﻜﺬب واﻟﴫاخ واﻻﺳﺘﺨﻔﺎف ﺑﺎﻟﻌﻘﻮل وذﻛﺮ ﺑﻌﺾ املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻋﻠﻤﻲ، واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﰲ اﻟﻄﺮح، ﻳﺘﻨﺎﰱ ﻣﻊ آداب وﺿﻮاﺑﻂ اﻟﻮﻋﻆ، وﻳﺘﺴﺒﺐ ﰲ ﺗﻨﻔري اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ وﺗﺨﻮﻳﻔﻬﻢ وﺗﻠﻮﻳﺚ أﻓﻜﺎرﻫﻢ، ﻛﻤﺎ أن ﻟﻪ آﺛﺎره اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻋﲆ املﺠﺘﻤﻊ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﰲ ﺗﺨﻠﻔﻪ.

وداﻋﺎ ﻋﺒﺎرة »ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺛﻘﺔ« ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻚ ﻣﻜﺎن ﰲ ﺳﻌﻮدﻳﺘﻨﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻤﻞ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻋﲆ ﺗﻨﻘﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺮ ﺻﻔﻮﻫﺎ وﻳﺘﻨﺎﰱ ﻣﻊ دﺳﺘﻮرﻫﺎ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ ﻛﺘﺎب اﻟﻠﻪ وﺳﻨﺔ ﻧﺒﻴﻪ، أﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﺜﻖ ﰲ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻘﺘﻨﺎ ﺑﺄوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻠﻘﻮن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﴫﺧﺎت املﺰﻋﺠﺔ واﻷﻛﺎذﻳﺐ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﻄﻖ ﺑﻚ، ﻟﻢ ﻧﻌﺪ ﻧﺼﺪق ﻗﺼﺼﻬﻢ ﺣني ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻚ ﻛﺒﻮاﺑﺔ ﻋﺒﻮر ﻟﺘﻤﺮﻳﺮﻫﺎ إﱃ أدﻣﻐﺘﻨﺎ، ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ ﺑﺮيء ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻪ، واﻟﻮﻋﻆ ﻻ ﻳﻜﻮن إﻻ ﺑﺎﻟﻠني واﻟﺼﺪق واﻟﺤﻜﻤﺔ.