Al-Watan (Saudi)

المعونات الخارجية تحافظ على أمن أميركا

-

تنظر الإدارة الأميركية، التي تُعدّ من أكثر المانحين تأثيرا في العالم، إلى إجراء تخفيضات دراماتيكية فى البرامج الصحية والتنموية فى مختلف أنحاء العالم. إنني أفهم لماذا بعض الأميركيين يرون أن أموالهم الضريبية تذهب إلى الخارج، ويتساءلون: لماذا لا ننفقها في الداخل؟ إجابتي: إن مثل هذه المشاريع تحافظ على أمن الأميركيين، وخلال تعزيز الفرص الصحية والأمنية والاقتصادي­ة في الخارج، تستقر البلدان الضعيفة من العالم. هذا درس تعلمته بنفسي، إذ إنه عندما شاركتُ للمرة الأولى في مشاريع صحية وتنموية، كان الدافع الرئيسي إنقاذ وتحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم. ما يزال هذا الأمر حقيقة إلى اليوم، لكني مع مرور السنين توصلت إلى قناعة بأن الطرق السليمة والملموسة للمساعدات الأميركية يستفيد منها الأميركيون أيضا. وإن أكبر تمويل من الحكومة الأميركية كان لمكافحة شلل الأطفال، لسبب وجيه: هو حماية الأميركيين ومساعدتهم على الاستعداد لمواجهة أوبئة مُقبلة، ربما تكون أكثر فتكا من »الإيبولا«. ولمكافحة الأمراض الناشئة، نحن بحاجة إلى البنية التحتية التي يمكن تأسيسها بتمويل ثابت من البرامج الصحية الجيدة. ومن الأمثلة الأخرى أيضا، ذلك الجهد الأميركي العالمي لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية »الإيدز«، الذي أطلقه الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، والمعروف باسم »بيبفار«، لمساعدة بعض أفقر بلدان العالم. وبرنامج »بيبفار« هو نجاح لا يمكن إنكاره، فهناك 11 مليون شخص مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية »الإيدز« هم اليوم على قيد الحياة، نتيجة الأدوية التي تقدمها برامج »بيبفار«. ووفقا لإحدى الدراسات المتخصصة، انخفض الاستقرار السياسي، وكذلك العنف في البلدان الإفريقية بعد برامج »بيبفار« بنسبة 40٪ بين عامي 2004 و2015. يُعدّ الدعم الشعبي للولايات المتحدة في إفريقيا مرتفعا، ويُعزّى ذلك إلى التأثير الإيجابي الكبير الذي أحدثته تلك المعونة، وبالتالي، فإن الانسحاب من التمويل الآن لن يكلف الأرواح فحسب، بل سيخلق أيضا فراغا قياديا من شأنه أن يملؤه الآخرون بسعادة. سورية مثال مأساوي على ما يمكن أن يحدث عندما لا تتحد المكونات الرئيسية للاستقرار. وابتداء من 2007، شهدت البلاد أسوأ جفاف في تاريخها، مما أدى إلى لجوء أكثر من مليون شخص من الريف إلى المدن، كما أثار التوتر السياسي، وأدى إلى الحرب الأهلية المروعة التي ما تزال مستمرة إلى يومنا هذا. وبطبيعة الحال، هناك أسباب متعددة للحرب، ولذا فإن العالم لن يكون أكثر أمنا إذا أوقفت الولايات المتحدة مساعداتها للبلدان الأخرى، وتلبية احتياجاتها. توافر المساعدات الخارجية صفقة رابحة لحماية الأميركيين، ومنع الأوبئة، وإنقاذ الأرواح، علما بأنها تمثل أقل من 1٪ من الميزانية الاتحادية؛ بل تُعدّ من أفضل عائدات الاستثمار في أي مجال من استثمارات الحكومة الأميركية. وإذا أنُفق هذا المال بشكل جيِّد، فسيكون له تأثير إيجابي هائل، ولذا يجب الاستمرار في إنفاقه. بيل جيتس الرئيس المشارك لمؤسسة بيل وميليندا جيتس – مجلة (تايم) – الأميركية

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia