Al Araby Al Jadeed

الالجئون السوريون الحلقة األضعف

- عبسي سميسم

توازيًا مع عجز املجتمع الدولي عن فرض حل سياسي للقضية السورية بموجب القرارات األممية الناظمة لهذا الحل، تتوالى اإلجراءات والتصريحات من قبل العديد من مسؤولي الدول التي يبدو أنها سلمت بوجوب التعامل مع نظام بشار األسد أمرًا واقعًا، وفق وضعه الحالي، وتطبيع العالقات معه بشرط تحقيق بعض املتطلبات الخاصة بمصالح تلك الدول. وقد بدأ مسار التطبيع مع النظام من العديد من الدول العربية، التي أعادته إلى جامعة الدول العربية وفتحت أبواب التطبيع معه، على أمل فك ارتباطه ولو جزئيًا بإيران، ومقابل تعاونه في مكافحة املخدرات التي تصنع في سورية وتعبر تهريبًا إلى تلك الدول. طبعًا باإلضافة إلى إجراء تغييرات شكلية على مستوى األمن والجيش. وانتقل بعدها تفعيل مسار التطبيع إلى تركيا، الالعب األهم بني دول املنطقة، والداعم والحاضن األبرز للمعارضة. وبدأت أنقرة تطرح إعادة العالقات مع النظام في دمشق بشرط تعاونه معها في إبعاد خطر قوات سوريا الديمقراطي­ة «قسد» عن حدودها الجنوبية، لدرجة أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان طرح على النظام فكرة التعاون مع املعارضة ملواجهة خطر «قسد»، وكأن مشكلة السوريني هي وجود «قسد» وليس النظام. وامتدت موجة التطبيع لتشمل بعض دول االتحاد األوروبي التي بدأت تطرح مشاريع إلنشاء مناطق آمنة لدى النظام من أجل إعادة الالجئني السوريني إليها. وعلى الرغم من أن مسار التطبيع العربي والدولي مع نظام األسد لم يأت بسبب زوال األسباب التي دفعت الدول املطبعة إلى قطع عالقاتها معه، إال أن الدول املطبعة اتجهت التخاذ إجراءات بحق الالجئني الذين هجرهم النظام وارتكب جرائم بحقهم كأولى خطوات التطبيع. عدة دول عربية بدأت باتخاذ إجراءات صارمة بحق الالجئني السوريني بهدف التضييق عليهم ودفعهم للعودة إلى سورية أو متابعة رحلة اللجوء لبلدان أخرى. في املقابل، بدأت بعض الدول األوروبية تتشدد في قبول طلبات لجوء السوريني، فيما تروج دول أخرى ملناطق سيطرة النظام كمناطق آمنة يمكن إعادة الالجئني إليها. أما تركيا التي تؤوي العدد األكبر من الالجئني السوريني فقد عمدت توازيًا مع الترويج ملصالحة مع النظام، إلى القيام بحمالت أمنية في معظم الواليات التركية استهدفت خاللها الالجئني. طبعًا هذا عدا عن الحمالت العنصرية التي يواجهها السوريون في معظم الدول التي لجأوا إليها، األمر الذي يجعل من الالجئني السوريني في تلك الدول الحلقة األضعف، والضحية األولى لسياسات املصالح مع نظام بشار األسد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar