كارلوس تافاريس
«مــــا هـــي املـــكـــافـــأة الـــتـــي يـسـتـحـقـهـا رئـــيـــس مـجـمـوعـة اقــتــصــاديــة تـحـقـق نـتـائـج جـــيـــدة؟»، ذلـــك هـــو الــســؤال الــــذي طـفـا عـلـى الـسـطـح بـفـرنـسـا فــي األيــــام األخــيــرة، بعد اإلعان عن ما سيحصل عليه الرئيس التنفيذي ملـجـمـوعـة «سـتـانـتـيـس» كـــارلـــوس تــافــاريــس Carlos .Tavares وافق املساهمون في عماق صناعة السيارات «ســـتـــانـــتـــيـــس»، الـــــذي يـــوفـــر عـــامـــات فـــيـــات وبـيـجـو ودودج وجيب، يوم الثاثاء املاضي، بنسبة 70.2 في املائة، على منح الرئيس التنفيذي للمجموعة مكافأة في حدود 36.5 مليون يورو، برسم العام املاضي. رغم تحقيق املجموعة أرباحا في حدود 18 مليار دوالر، إال أن مكاتب استشارة اعتبرت أن تلك املكافأة مرتفعة، حيث يفترض أن تكون في حـدود مقبولة اجتماعيا، بـمـا ال يفضي إلـــى تعميق الـــفـــوارق، بــل إن هـنـاك من دعـــا إلـــى الــعــودة عـلـى ذلـــك الــقــرار بالتصويت ضــده. نقلت إذاعـــة فرنسا الـدولـيـة عـن املــنــدوب النقابي في «ستانتيس»، بونوا فيرنيي، انتقاده للتوصية التي عبر عنها املساهمون في جمعهم األخير، معبرا عن التطلع إلـى اتخاذ قــرار يفضي إلـى تصحيح الوضع الذي تؤشر عليه مكافأة الرئيس التنفيذي. سيحصل تافاريس على مكافأة تمثل 518 مـرة األجـر املتوسط فــي املـجـمـوعـة املـصـنـعـة لــلــســيــارات. يـــرى الـبـعـض أن املساهمني أرادوا مـكـافـأة الـرئـيـس على مـا حققه من نتائج للشركة، التي تضاعفت قيمتها في البورصة بعد اندماج شركة «بيجو» و«فيات-كرايسلر» اململوكة لعائلة إنييلي اإليطالية. يحسب للبرتغالي تافاريس، فإنه أعاد «بيجو» إلى الواجهة، وهي املجموعة التي أتــى إليها مـن «ريــنــو» الـتـي كــان يحتل فيها منصب الـرجـل الـثـانـي، فـي عهد الـرئـيـس التنفيذي كـارلـوس غصن. حـــرص فـــي املــجــمــوعــة الــتــي الــتــحــق بــهــا عــلــى تعبئة العاملني من أجل تحقيق األرباح، بل إنه اتخذ قرارات فاجأت الجميع. فعندما قرر شـراء «أوبــل» من جنرال موتورز في ،2017 تساءل البعض حـول الجدوى من وراء اقـتـنـاء عـامـة أوروبـــيـــة، فــي الــوقــت الـــذي تتوفر املجموعة على بيجو وستروين. لم يكتف بضم تلك العامة التي تخففت من الخسائر الــتــي كــانــت تـتـكـبـدهـا وشـــرعـــت فـــي تـحـقـيـق األربـــــاح، بل إنـه ارتــأى التحالف مع «فيات كريسلر»، من أجل تشكيل إحدى أكبر املجموعات املصنعة للسيارات في العالم في .2021 فكانت والدة «ستانتيس». لـم يؤيد قــرار التحول إلــى الـسـيـارة الكهربائية. فهو يتصور أنـه يمكن خفض ثاني أوكسيد الكربون من دون االنتقال مباشرة إلى السيارة الكهربائية، بشكل كامل. معتبرا أن ما يدافع عنه يمكن أن يساعد على التسلح في مواجهة املنافسة الصينية، لكنه مع ذلك ينصاع لـلـقـرار الـــذي اتــخــذه االتــحــاد األوروبــــي حول االنخراط في توسيع مجال السيارة الكهربائية. درس البرتغالي البالغ من العمر 65 عاما، الهندسة في فرنسا، قبل أن يلتحق بشركة «رينو»، التي تحمل فيها مسؤوليات مهمة، إلـى أن غادرها بعدما صرح بأنه يطمح إلى أن يصبح املسؤول األول في مجموعة مـتـخـصـصـة فـــي صــنــاعــة الـــســـيـــارات. تــقــوم سياسته عـلـى تحقيق مـــردوديـــة وخــفــض الـتـكـالـيـف، والبحث عن تحسني األداء العملياتي على جميع املستويات. وقـــد اسـتـغـل عمليتي الــتــقــارب مــع «أوبـــــل» و«فــيــاتكرايسلر» كي يحدث نوعا من التكامل بينهما، غير أن هناك من آخذ عليه سعيه لرفع األرباح، عبر خفض عـدد العاملني في املجموعة. لم يتردد في الدفاع عن املكافأة التي خصه بها املساهمون في «سيانتيس». فهو يؤكد أن %90 منها يرتبط بالنتائج التي تحققها الشركة، غير أن هناك من يرى أنه يكافأ بمنحه 36.5 مليون يـورو، في الوقت الـذي يسعى إلى خفض عدد العمال في إيطاليا والواليات املتحدة. يعتبر املندوب الـنـقـابـي فــي «سـتـانـتـيـس»، بــونــوا فـيـرنـيـي، أنـــه في الوقت الذي تكون فيه املفاوضات حول األجور صعبة، ويتوجب على العمال حيث يخوضون مـعـارك قوية مـن أجــل الحصول على زيـــادة 10 يــوروهــات، يحصل الرئيس التنفيذي على مكافأة ضخمة، وبالتالي من الـصـعـب استساغتها. فــي الحملة الـتـي خـاضـهـا من أجل واليـة ثانية على رأس الجمهورية الفرنسية في ،2022 عبر إيمانويل ماكرون عن دهشته أمام املكافأة الـــتـــي كــــان الــرئــيــس كـــارلـــوس تـــافـــارس مـــوعـــودا بها حينئذ، معتبرا أنه يجب تحديد سقف للمكافآت التي يستفيد منها رؤساء الشركات الكبيرة، غير أن دعوة الرئيس لم تترجم على أرض الواقع بعد ذلك.