تقدم لالنفصاليين في انتخابات الباسك
أجرى إقليم الباسك اإلسباني انتخاباته البرلمانية، األحد، التي أفرزت تقدمًا لحزب اليسار االنفصالي «بيلدو»، ما جعله يتساوى مع حزب القوميين الحاكم، رغم بقاء القوميين األكثر قدرة على تشكيل الحكومة بتحالفهم مع االشتراكيين
حــــــقــــــق ائـــــــتـــــــاف حـــــــــزب بـــيـــلـــدو الــيــســاري االنــفــصــالــي فــي إقليم الــــــبــــــاســــــك، الـــــــواقـــــــع فــــــي شـــمـــال إســبــانــيــا والــــــذي يـتـمـتـع بــالــحــكــم الـــذاتـــي، أول من أمس األحــد، تقدمًا في االنتخابات اإلقـلـيـمـيـة الــتــي أجـــراهـــا اإلقــلــيــم، رفـــع عـدد نـوابـه فـي بـرملـان الباسك إلــى 72، مـن أصل 75 نـــائـــبـــًا، بـــعـــدمـــا كـــــان لــــه 21 نـــائـــبـــًا فــي الـــبـــرملـــان الـــســـابـــق املــنــبــثــق عـــن انــتــخــابــات .2020 واحـتـفـل االئــتــاف الـــذي يحمل اسم «إي أتــش بـيـلـدو» بــالــفــوز، الـــذي لــم يمكنه رغـم ذلـك من الحصول على األغلبية، فيما حافظ القوميون في حزب الباسك القومي علىأفضليةتشكيلالحكومةبتحالفهم مــــع الــــحــــزب االشــــتــــراكــــي، عــلــمــًا أن بــيــلــدو والــقــومــيــن تـــعـــادال بــعــدد الـــنـــواب بحسب نتائج انتخابات األحد. وتـــريـــح نــتــائــج االنــتــخــابــات اإلقـلـيـمـيـة في إقليم الباسك اإلسباني، إلى حد ما، حكومة مدريد االشتراكية برئاسة بيدرو سانشيز، الــــــــذي احـــتـــفـــظ فــــــرع حــــزبــــه فـــــي الـــبـــاســـك، بحصوله على 12 مقعدًا (بــزيــادة مقعدين عن ،)2020 بلقب صانع امللوك، حيث يفترض أن يستمر ائــتــافــه مــع الــقــومــيــن لتشكيل الــحــكــومــة، مــع ترجيح أن يــرأســهــا القومي إيمانول براداليس، وسـط رفـض القومين واالشـــتـــراكـــيـــن أي تــحــالــف مـــع «بـــيـــلـــدو»، الـــــذي تـــأســـس عــــام ،2012 ويــعــتــبــر وريــثــًا للجناح السياسي ملنظمة إيتا االنفصالية. وبـيـنـمـا ال يـخـفـي حـــزب الــبــاســك الــقــومــي، الـــحـــاكـــم مـــنـــذ عــــقــــود، أيــــضــــًا، مـــثـــل ائـــتـــاف «إي إتــش بيلدو»، الــذي يضم بن صفوفه أعـــضـــاء ســابــقــن فـــي إيــتــا الــتــي تـــم حـلـهـا، سعيه للحصول على مزيد من حق تقرير املصير للمنطقة من مــدريــد، لكنه معروف بـــأنـــه أقــــل تــطــرفــًا فـــي نـهـجـه مـــن «بــيــلــدو». ويحسب لـ «بيلدو» اليساري تركيزه على القضايا االجتماعية خال السنوات األربع املاضية، وابتعاده عن جــدل االنفصال، ما يـــرى مـتـابـعـون أنـــه قــد يـقـف وراء صـعـوده االنـتـخـابـي وكـسـبـه سـتـة مـقـاعـد إضـافـيـة، فــيــمــا قـــد يـــكـــون رفــــض زعـــيـــم الـــحـــزب بيو أوتــســانــديــانــو،طـــوالالحملةاالنتخابية، وصـــــف «إيــــتــــا» بــاملــنــظــمــة اإلرهــــابــــيــــة، بـل مشددًا على أنها «مجموعة مسلحة»، أدى إلــى حرمانه من تصدر املشهد االنتخابي كــــمــــا تــــوقــــعــــت اســــتــــطــــاعــــات الــــــــــرأي قــبــل يوم االقتراع. ويــتــقــدم حـــزب بـيـلـدو، بـثـبـات، فــي الساحة الـــســـيـــاســـيـــة بـــإقـــلـــيـــم الـــبـــاســـك اإلســـبـــانـــي، منذ ســنــوات، كــوريــث لحركة إيــتــا، وتعني «أرض الباسك والــحــريــة»، والــتــي تأسست كمجموعة ســريــة فــي عـــام 1959 وخـاضـت لـــعـــقـــود نــــزاعــــًا دمــــويــــًا مــــن أجـــــل اســتــقــال اإلقــلــيــم عـــن مـــدريـــد، ونـــفـــذت حـــوالـــي ثـاثـة
آالفهـــــجـــــوم،قــــتــــلفـــيـــهـــا758شــخــصــًا وأصــــيــــب 2600 آخــــــــرون. وتــــــم نـــــزع ســـاح إيــتــا فـــي عـــام ،2011 لــتــحــل نـفـسـهـا الحــقــًا. واعتمد «بيلدو» طوال مسيرته السياسية
رفض مرشح ائتالف «بيلدو» وصف إيتا بالمنظمة اإلرهابية
وحتى اآلن استراتيجية تقوم على تقديم املسائل االجتماعية على مطلب االنفصال، مـــا مــنــحــه شــعــبــيــة، خــصــوصــًا لــــدى فـئـات املجتمع العمرية ما دون الـــ04 عامًا. ويقع إقــلــيــم الــبــاســك فـــي شـــمـــال إســبــانــيــا، وهــو مــعــروف فــي الــبــاد بــاســم مجتمع الباسك الذاتي الحكم، ويبلغ عــدد سكانه أكثر من مليوني نسمة. وتتمتع املنطقة بواحدة من أقدم الثقافات في القارة األوروبية، ولديها لـغـتـهـا الـــخـــاصـــة، املـــعـــروفـــة بـــــ«أوســــكــــارا». ومــن أهــم املـــدن فــي اإلقليم بيلباو، املدينة الصناعية، وسان سيباستيان، والعاصمة فيتوريا غاستيز. وعلى الرغم من طبيعتها السياحية، إال أن ماضيها الدموي، املرتبط بالصراع على مستقبل اإلقليم بن مدريد
وإيــتــا، جعل حــزب الباسك القومي، اليوم، بـــمـــثـــابـــة الــــضــــامــــن لـــشـــريـــحـــة واســـــعـــــة مـن سكان اإلقليم بعدم العودة إلى العنف، ما جعلهم يفضلون طغيان مشاعرهم القومية عــلــى االنـــفـــصـــالـــيـــة. وفــــي كـــل األحـــــــوال فــإن أغلبية سكان الباسك ال يبدو أنها مؤيدة لــانــفــصــال، بـــل لـحـكـم ذاتـــــي أكـــثـــر تـوسـعـًا فــي هــذه املنطقة الغنية اقــتــصــاديــًا، والتي تتمتع بناتج قومي هو الثاني األعلى بعد مدريد من ضمن أقاليم الباد. هــذا الـتـوجـه ظـهـر واضــحــًا فــي عــام ،2018 حن أطلق الناشطون الباسك حملة «حق اتخاذ الـقـرار»، للحث على استفتاء بشأن مــصــيــر املــنــطــقــة، وهــــو حـــــراك بــــدا مــتــأثــرًا بـاسـتـفـتـاء إقـلـيـم كـتـالـونـيـا اإلســبــانــي في ،2017 الــــذي صــــوت فــيــه 90 فــي املــائــة من املــشــاركــن بـــ«نــعــم» لــانــفــصــال، ورفــضــت نتائجه مــدريــد. وبينما شبك الناشطون أيــديــهــم مـــن بــيــلــبــاو إلــــى فــيــتــوريــا، كـانـت استطاعات الرأي تقول إنه بحدود 14 إلى 15 فــي املــائــة فـقـط يـــريـــدون «االســتــقــال»، فـيـمـا تــجــادل الـسـيـاسـيـون حـــول مــا الــذي يــريــد أن يخلص إلــيــه أي استفتاء ممكن،
ما جعل األمــور تبدو غير ناضجة لألمر. وهذه الخلفية قد تشرح بجزء منها توجه بــيــلــدو لــاعــتــنــاء بــاملــســائــل االجــتــمــاعــيــة، مـــثـــل حـــقـــوق األســــــرة والـــصـــحـــة وغـــيـــرهـــا. واحتفل الحزب بالفوز مساء األحـد، وقال
مــــرشــــح الــــحــــزب لـــرئـــاســـة الـــحـــكـــومـــة بـيـو أوتسانديانو: «إنها أفضل نتيجة لنا منذ تأسيس الحزب، لم يكن أحد قبل 4 أعوام يــتــوقــع أنـــنـــا ســنــكــون هـــنـــا»، وكـــذلـــك فعل حزب القومين، الذين قال زعيمه أندوني أورتــــــــوزار: «إنـــنـــا ربــحــنــا وفـــزنـــا بـاملـرتـبـة األولــــى مــن حـيـث املــقــاعــد». ونـقـلـت وكـالـة «فرانس بــرس» عن الباحث السياسي في جامعة كــارلــوس الثالث فــي مــدريــد بابلو ســيــمــون قــولــه إنــــه «حــتــى لـــو فــــاز بـيـلـدو، إال أنــــه ال يــمــكــنــه الــحــكــم، ألن أي حــــزب ال يريد أن يتحالف معه». لكن ناخبن قالوا للوكالة، قبل التصويت، إن صعود بيلدو منحهم املزيد من الخيارات. وكــان مرشح بــيــلــدو قـــد وعـــد خـــال االقـــتـــراع بـــ«فــرصــة للتغيير لــنــبــذ ســيــاســات وطـــرق مــمــارســة سياسة عفا عليها الزمن، ما عكس مسار الشعور بالجمود». يذكر أن أب القومية الباسكية هو سابينو آرانــا، الــذي أنشأ حـزب الباسك القومي في عـــام .1895 وكــبــرت أيــديـولـوجـيـة آرانــــا من خـــال مـعـارضـتـه الــشــديــدة آلالف اإلســبــان الــذيــن كــانــوا قــد اجــتــاحــوا املـنـطـقـة نتيجة للثورة الصناعية. وقد برزت حركة إيتا في عام ،1959 بعد انقسام داخل حركة الشباب في حزب القومين، كان قد انتابهم الغضب مـمـا رأوا فـيـه ضـعـف الــقــيــادة الـحـزبـيـة في مــواجــهــة حــكــم الــديــكــتــاتــور فــرانــكــو. وإلـــى اآلن، يحكم الــحــزب الــقــومــي إقليم الباسك في ائتاف مع االشتراكين. وتجعل نتائج األحـــد الــفــرع اإلقـلـيـمـي لـلـحـزب االشـتـراكـي صانعًا للملوك. وتعتمد حكومة سانشيز الــــتــــي يــــقــــودهــــا االشــــتــــراكــــيــــون عـــلـــى دعـــم رئيسي من شبكة من الحلفاء اإلقليمين، بـــمـــا فــــي ذلـــــك الــــحــــزب الـــقـــومـــي الــبــاســكــي وبـــيـــلـــدو،مـــايــعــنــيأناالخـــتـــيـــاربينهما قــد يــكــون مكلفًا. لكن املحلل فــي مجموعة أوراســـيـــا فـيـديـريـكـو ســانــتــي اسـتـبـعـد في حديث لـ «فرانس بــرس»، أن «تهدد نتيجة االنتخابات استقرار حكومة سانشيز». (العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)