االحتالل يواصل تدمير مساجد غزة
دمـــرت طــائــرات االحــتــال اإلسـرائـيـلـيـة، أول مـــن أمــــس الــجــمــعــة، مــســجــد الــشــيــخ زكــريــا التاريخي في حي الدرج شرقي مدينة غزة، كما قصفت مئذنة جامع الشهيد عز الدين القسام في مخيم النصيرات، مباشرة بعد رفع أذان الظهر، علمًا أن املسجد نفسه سبق أن دمـــــره اإلســرائــيــلــيــون خـــال عـــــدوان عـام ،2014 لكند سكان املخيم أعادوا بناء ه. استهداف املساجد في قطاع غزة، تاريخية كانت أم ال، يتواصل منذ اليوم األول لحرب اإلبــادة اإلسرائيلية. وكانت وزارة األوقـاف والـــشـــؤون الـديـنـيـة فــي غـــزة قــد أعـلـنـت، في إحـــصـــاء فـــي شــهــر يـــنـــايـــر/ كـــانـــون الــثــانــي املـــاضـــي (آخــــر إحـــصـــاء رســـمـــي)، أن جيش االحـــتـــال دمـــــر بــشــكــل كــلــي أو جـــزئـــي ألــف مسجد من أصل ،1200 بما في ذلك املساجد األثـــريـــة، الــتــي تـحـتـاج إعــــادة إعــمــارهــا إلـى كلفة تتجاوز 500 مليون دوالر. ولــــعــــل أبــــــرز املـــســـاجـــد املــــدمــــر هــــو املـسـجـد الــعــمــري الـكـبـيـر الــــذي اســتــهــدفــه االحــتــال أكـثـر مـن مــرة بـني نوفمبر/ تشرين الثاني وديـسـمـبـر/ كــانــون األول املــاضــي. وعـبـرت وقتها وزارة السياحة واآلثــار الفلسطينية عن استنكارها استهداف املساجد األثرية، وتحديدًا املسجد العمري، قائلة إن تدميره يـنـتـهـك املـــعـــاهـــدات الـــدولـــيـــة، بــمــا فـــي ذلــك اتفاقية الهاي لعام ،1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام ،1949 واتفاقيات «يونسكو» بشأن حماية املمتلكات الثقافية. وأشــــــــارت الـــــــــوزارة إلـــــى أن جــــــذور املـسـجـد الـــتـــاريـــخـــيـــة تـــعـــود إلـــــى ديـــــر بــيــزنــطــي فـي القرن الخامس امليادي. واعتبرت التدمير بمثابة «جريمة ضد التراث الثقافي للشعب الــفــلــســطــيــنــي». وأنــــشــــئ املـــســـجـــد الــعــمــري الكبير فـي عهد الخليفة عمر بـن الخطاب الـــذي كـــان فــي الـسـابـق مـعـبـدًا رومــانــيــًا، ثم صـــار كنيسة، ثــم أصــبــح أكــبــر مسجد بعد الفتح اإلســامــي. ويـقـع املسجد فــي البلدة القديمة في غزة بالقرب من ساحة فلسطني، ويمتد على مساحة 4 آالف 100و متر مربع، مــع فــنــاء بـمـسـاحـة 1190 مـتـر مــربــع يتسع ألكثر من 3 آالف مصل. أيضًا، استهدف االحتال مسجد الخالدي، الــذي يقع شمال غربي مدينة غــزة، وشكل أحد أبرز وأحدث معالم املدينة الدينية، كما كان مــزارًا للمصلني في كل األوقــات خاصة مع حلول شهر رمضان. تصميمه العمراني املستوحى من العمارة العثمانية وإطالته على البحر األبـيـض املتوسط شكا عاما جاذبًا للمصلني، خاصة في أوقات الصيف وارتـــفـــاع درجـــــات الــــحــــرارة، وذلــــك قـبـل بـدء العدوان اإلسرائيلي. وقـــــــد اســــتــــهــــدف االحــــــتــــــال املــــســــجــــد عــلــى مرحلتني: األولـى في ثاني أسابيع الحرب، فـــدمـــره بـشـكـل جـــزئـــي، ثــــم أعــــاد اسـتـهـدافـه فــي وقــت الحــق لـيـدمـره بشكل كــامــل. ويقع مسجد الخالدي، الذي بني عام ،2010 على شـارع الرشيد الساحلي في منطقة الواحة شمال غـرب مدينة غــزة. هـذا املسجد، الذي قـــــال مـــهـــنـــدســـون إن تــصــمــيــمــه مـسـتـوحـى مــن الـعـهـد الـعـثـمـانـي، يـضـم سـاحـة واسـعـة تستوعب ما يقرب من 500 مصل، باإلضافة إلى ساحة خارجية تستوعب 500 آخرين. وقــــبــــل تــــدمــــيــــره، كــــانــــت تــــبــــرز مــــن املــســجــد مـــئـــذنـــتـــان مـــتـــألـــقـــتـــان بـــارتـــفـــاعـــهـــمـــا، وقــبــة ضـــخـــمـــة تـــضـــفـــي جــــمــــاال عـــلـــى املـــــكـــــان. أمـــا نـوافـذه فقد وزعــت بشكل مناسب للسماح بــــدخــــول هــــــواء الـــبـــحـــر املـــنـــعـــش لـلـمـصـلـني، فيما غطيت أرضيته بالسجاد األحمر، قبل إحالته ركامًا. وسبق أن تحدث مدير عام املكتب اإلعامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة عن استهداف دور العبادة: «كان تدمير هذه املـسـاجـد مــن خــال إلــقــاء صــواريــخ وقنابل عليها يزن بعضها ألفي رطل من املتفجرات، ما أدى إلى تدميرها بشكل مباشر وعنيف، بما يدل على حقد وإجرام االحتال». وتابع : «هـــذه ليست املـــرة األولــــى الـتـي يستهدف فـــيـــهـــا االحــــــتــــــال اإلســـــرائـــــيـــــلـــــي املـــســـاجـــد بالقصف والتدمير، لكنها األعـنـف». ولفت إلى أن «جريمة االحتال باستهداف وهدم املـــســـاجـــد، وكـــذلـــك الــكــنــائــس، أخــفــى صــوت األذان مـــن عـــشـــرات األحــــيــــاء املــنــتــشــرة في األوقـــــــاف، وأوقـــــف طــــرق أجـــــراس الـكـنـائـس أيضًا». ورأى أن «استهداف املساجد يعبر عن حالة اإلفاس والعجز التي وصل إليها الجيش، وأيضًا عن الحقد وكراهية األديان األخـرى وإلغاء مفاهيم التسامح والتقارب التي ال يؤمن بها هذا االحتال املجرم».
دمر االحتالل أخيرًا مسجد الشيخ زكريا التاريخي في حي الدرج