الغاز والتمويل تحديان أمام زيادة إنتاج الكهرباء
يواجه املغرب تحديني رئيسني في سبيل تــحــقــيــق هـــدفـــه لــــزيــــادة إنــــتــــاج الــكــهــربــاء ملــواكــبــة الــطــلــب املـــتـــزايـــد عــلــى الـــطـــاقـــة، إذ يــعــول عــلــى تــوفــيــر اســتــثــمــارات بـقـيـمـة 8 مليارات دوالر خالل ثمانية أعوام وتأمني إمـــــدادات الــغــاز الطبيعي الــــالزم لتشغيل املحطات من أجل الوصول إلى هذا الهدف. ولم تتجاوز االستثمارات في مجال الطاقة 300 مـلـيـون دوالر سـنـويـا وفـــق البيانات الــــرســــمــــيــــة، بـــيـــنـــمـــا تــــتــــوجــــب مـــضـــاعـــفـــة االستثمارات بأكثر من ثالث مرات وصوال إلى نحو مليار دوالر في العام الواحد في مجال توليد الكهرباء والطاقات املتجددة فــــي الــــعــــام ،2030 وذلــــــك لــــتــــدارك الــتــأخــر الـــحـــاصـــل عــلــى مــســتــوى تــحــقــيــق أهــــداف سياسة الطاقة منذ أكثر من عشرين عاما. وفـــــي لـــقـــاء قـــبـــل أيــــــام مــــع االتــــحــــاد الـــعـــام ملقاوالت املغرب في الدار البيضاء، أشارت وزيرة االنتقال الطاقي والتنمية املستدامة ليلى بنعلي، إلى أن االستثمارات املطلوبة لـقـطـاع الـطـاقـة تـأتـي فــي إطـــار نـمـو عــادي لالقتصاد املـغـربـي، مـن دون الـتـطـرق إلى احتياجات تنظيم كــأس العالم فـي 2030
ومشروعات تحلية املياه. تؤكد الوزيرة أن استثمار مليار دوالر في العام على مدى ثمانية أعوام، ال يهم سوى توليد الكهرباء، إذ ال يـــشـــمـــل الــــجــــانــــب املـــتـــعـــلـــق بــشــبــكــة التوزيع، ما يفرض نفقات استثمار جديدة على املكتب الوطني للماء والكهرباء. كما تواجه اململكة تحديا آخر، يتمثل في تقليص اعــتــمــاد الــقــطــاع عـلـى اسـتـهـالك الـــفـــيـــول والــــفــــحــــم، مــــا يـــســـتـــدعـــي زيـــــادة االعتماد على الطاقات املتجددة والغاز الـــطـــبـــيـــعـــي، بــــمــــا يــــســــاهــــم فـــــي تــقــلــيــص االنـــبـــعـــاثـــات الـــضـــارة بــالــبــيــئــة. ويـسـعـى املغرب إلى تأمني الغاز إلنتاج الطاقة. فقد عمد فـي الصيف املـاضـي إلــى إبـــرام عقد مع شركة «شــل» العاملية بهدف تأمني 6 مليارات متر مكعب من الغاز املسال على مــدى االثـنـي عشر عـامـا املقبلة، مـن أجل إنتاج الكهرباء واملضي في نزع الكربون عن القطاعات اإلنتاجية. وكانت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا قـــــد شـــــرعـــــت فـــــي اســـــتـــــيـــــراد الـــــغـــــاز عــبــر إسبانيا، اعتبارًا من العام املاضي، بعد قرار الجزائر في ،2022 التوقف عن العمل بأنبوب الغاز املغاربي ـ األوروبـــي، الذي كــان يحصل عبره املـغـرب على كمية من الــغــاز فــي إطـــار حـقـوق الــعــبــور. ويتطلع املغرب إلى إزالة الكربون في عدة قطاعات، من ضمنها قطاع الكهرباء، ما يستدعي رفــــع حــصــة الــطــاقــة املـــتـــجـــددة فـــي مـزيـج الـطـاقـة املــولــدة، وهــو مـا يقتضي مرونة أكــبــر وكـــذا الـــوصـــول إلـــى مختلف أنـــواع الــوقــود التنافسية ومنخفضة الكربون مــثــل الـــغـــاز الـطـبـيـعـي. وال يـكـتـفـي البلد الـــذي يـسـتـورد %94 مــن احـتـيـاجـاتـه من الـوقـود، بالسعي لتأمني الـغـاز، بل يرنو إلى بلورة مشاريع الربط الكهربائي مع بـلـدان أوروبــيــة، بـهـدف تكريس االنتقال إلـــــى الـــطـــاقـــة مــنــخــفــضــة الــــكــــربــــون. فـقـد كشفت وزيــرة االنتقال الطاقي والتنمية املستدامة في مناسبة سابقة، عن التركيز على تطوير خط ثالث للربط الكهربائي مــــع إســـبـــانـــيـــا، فــــي الــــوقــــت الــــــذي تــجــرى دراسة جدوى مد خط مع البرتغال. وتـالحـظ وكـالـة الطاقة الدولية أن املغرب يسعى إلــى زيـــادة حصة الـغـاز الطبيعي، حيث يتطلع إلـى استعمال وسائل أخرى لـــلـــتـــزود بـــمـــصـــادر الـــطـــاقـــة، بـــمـــا فــــي ذلـــك االسـتـيـراد عبر أنـبـوب الـغـاز املتقاسم مع نــيــجــيــريــا، وفــــي الـــوقـــت نــفــســه يـــرنـــو إلــى تـسـهـيـل الــتــبــادل عـلـى مـسـتـوى الـكـهـربـاء
مـع أوروبـــا وجيرانه األفــارقــة. لكن دراســة لــلــبــاحــثــة فــــي مـــركـــز الـــــدراســـــات مــــن أجـــل الجنوب الجديد، ريـم بـرحـاب، تؤكد على أن ذلــــك يــجــب أن تـــواكـــبـــه بــنــيــات تحتية لــنــقــل الـــطـــاقـــة وإدمــــــــاج الـــتـــوزيـــع الــفــعــال لــلــمــســتــهــلــكــني. وتـــشـــيـــر الـــبـــاحـــثـــة إلـــــى أن مــشــاريــع الــطــاقــة املـــتـــجـــددة تـــكـــون وفــيــرة فــي املــنــاطــق الــبــعــيــدة، بينما نـقـل الـطـاقـة إلـــــــى املــــنــــاطــــق األخـــــــــــرى يـــقـــتـــضـــي تـــوفـــر الــتــكــنــولــوجــيــات الـــضـــروريـــة إلدمـــــاج تلك الـــطـــاقـــات فــــي شــبــكــة الـــكـــهـــربـــاء، وتــدبــيــر املخزون وضمان أمن الشبكة. بـــــــــــدوره، يــــؤكــــد رئــــيــــس اتـــــحـــــاد الـــنـــقـــابـــة الوطنية للبترول والغاز الحسني اليماني، لـــــ «الــــعــــربــــي الــــجــــديــــد» ضـــــــــرورة تــحــفــيــز التنقيب عــن الـنـفـط والـــغـــاز وإعـــــادة بعث مصفاة «سامير» املتوقفة منذ حوالى عقد من الزمن، لتوفير الوقود الالزم للمحطات، وال ســيــمــا أن الـــطـــاقـــة الــنــفــطــيــة سـتـبـقـى مهيمنة في سلة الطاقة على مدى عقدين. يشير إلى أن تعزيز اإلنتاج يتطلب أيضا رفع حصة الطاقات املتجددة. ويشدد على ضرورة تفادي خصخصة إنتاج الكهرباء، إذ إن حـضـور الــدولــة فــي اإلنــتــاج يضمن أمن الطاقة في البالد.