هل تحمل االنتخابات الكويتية التغييرات
تــــوجــــه الـــنـــاخـــبـــون الـــكـــويـــتـــيـــون، أمـــس الخميس، إلى صناديق االقتراع الختيار 50 نــائــبــا فـــي مــجــلــس األمــــــة (الـــبـــرملـــان) لــــواليــــة مـــدتـــهـــا أربــــــع ســــنــــوات، فــــي أول انتخابات برملانية في عهد األمير مشعل األحمد الصباح، وبعد مضي أقل من عام على آخر انتخابات برملانية، أفضت إلى فوز املعارضة بأغلبية املقاعد في البرملان الـــســـابـــق. جــــاءت هــــذه االنــتــخــابــات بعد قرار أمير الكويت، في منتصف فبراير/ شباط املاضي، حل البرملان املنتخب، في يونيو/ حزيران ،2023 وذلك بعد أقل من شهرين من توليه الحكم. ويــــــتــــــنــــــافــــــس فـــــيـــــهـــــا مــــــائــــــتــــــا مــــــرشــــــح ســـيـــخـــوضـــون املـــعـــركـــة يــــتــــوزعــــون بـن مــحــافــظــن تــقــلــيــديــن، وأبــــنــــاء الــقــبــائــل والــعــشــائــر، ومــتــشــدديــن إســامــيــن من إخــــوان وسـلـفـيـن، وقــلــة مــن املحسوبن على الليبرالين. ويحق لحوالي 835 ألف ناخب، بينهم %51 من النساء، ممارسة حقهم االنتخابي فيها. أول ما يمكن تسجيله أن هذه االنتخابات شهدت عــودة عـدة معارضن سياسين دينوا على خلفية قضايا املساس بالذات األمــــيــــريــــة، خـــاصـــة فــــي أعــــقــــاب الـــحـــراك االحتجاجي املعارض في الكويت، الذي انــدلــع فــي ،2014 وحــرمــوا مــن الــحــق في الترشح، إال أن أمير الباد أصدر مرسوما جـديـدًا، سـمـي «مـرسـوم ضـــرورة»، سمح لهم بالترشح بعد رد االعتبار إليهم. يستبعد كويتيون كثر، ومعهم مراقبون، أن تشهد هذه االنتخابات انفراجة كبرى في العاقة مع الحكومة، بالنظر إلى عدم وجــود إمكانية، وفـق املعطيات الراهنة، إلحــــداث أي تـغـيـيـرات جــوهــريــة، وتـدفـع بــاتــجــاه تستعيد فــيــه الــحــكــومــة ثقتها بـالـكـويـتـيـن، ألنـــهـــا تـمـلـك مـمـكـنـات حـل ملفات كثيرة، مثل ملفات اإلسكان وزيادة الـــرواتـــب وتــرشــيــد اإلنـــفـــاق. فــي املـقـابـل، هـنـاك مراهنة على حـصـول تـغـيـرات في ســـلـــوك أعـــضـــاء الـــبـــرملـــان بـــاتـــجـــاه إبــــداء املرونة والتعاون مع السلطة التنفيذية، لكن هناك تخوفا من أن يبقى هذا التغير فـــي اإلطــــــار الــشــكــلــي، وقــــد يـــمـــس بعض األعضاء، ولن يمس الجوهر، بما يعني إعـادة إنتاج ما سبق من برملان ينتخب وحكومة ليست على توافق معه أو ليس هـو على تــوافــق معها، ثــم يـمـارس أمير الــبــاد صــاحــيــاتــه، وتـــجـــرى انـتـخـابـات جديدة ملجلس جديد. هـــنـــاك جـــانـــب مــــن املــشــكــلــة فــــي الــكــويــت يتعلق بـاملـال السياسي الـــذي ينفق في االنتخابات، وبــدوره في إفساد العملية االنــتــخــابــيــة فـــي ظــــل تـــجـــدد املــطــالــبــات، بمناسبة هـذه االنتخابات، التي تنادي بـــضـــرورة تــشــديــد الـــرقـــابـــة عــلــى نـفـقـات وتـــمـــويـــات الـــحـــمـــات االنـــتـــخـــابـــيـــة، من أجـــــل وقـــــف املــــســــاس بـــنـــزاهـــة وشــرعــيــة العملية االنتخابية، إذ إن هناك تقارير تـتـحـدث عــن أن مـتـوسـط تكاليف حملة أي مـــرشـــح يــقــتــرب مـــن 150 ألــــف ديــنــار كويتي (نصف مليون دوالر)، فضا عن اإلنفاق الباذخ للمرشحن، الذي قد يرفع التكاليف إلـى مليون دوالر لكل مرشح، وبالتالي بـدأت تثار أسئلة كثيرة داخل الكويت بشأن ماهية القنوات ذات النفوذ السياسي الداعمة ملرشحن بعينهم كي يــخــدمــوا أجــنــداتــهــا، وبـــشـــأن مساعيها الـــهـــادفـــة إلــــى الــســيــطــرة عــلــى املــؤســســة التشريعية في الكويت. يــأمــل الـكـويـتـيـون، كـمـا فــي كـــل مــــرة، في أن تـحـمـل هـــذه االنــتــخــابــات الـتـغـيـيـرات املــطــلــوبــة، وبـــمـــا يــحــقــق اســـتـــقـــرارًا على املـــــســـــتـــــوى الــــســــيــــاســــي بــــــن الـــحـــكـــومـــة ومــجــلــس األمــــــة، وكـــذلـــك عــلــى املــســتــوى االجــــتــــمــــاعــــي، وبــــمــــا يـــســـهـــم فـــــي إنـــهـــاء األزمـــــات املـتـاحـقـة عـلـى مـــدى الـسـنـوات املــاضــيــة، وفـــي أال يــصــابــوا بـخـيـبـة أمـل ســبــق وأن أصـــيـــبـــوا بــهــا مـــــرات عـــديـــدة.