العمالت المشفرة تغذي تجارة الظل الروسية
باتت العمات المشفرة وسيلة روسية للتحايل على العقوبات الغربية الواسعة التي طاولت نظم الدفع الروسية وتعاماتها التجارية الخارجية، وفق تحقيق أميركي
تـــحـــولـــت مـــنـــصـــات الــــعــــمــــالت املــــشــــفــــرة وال سـيـمـا «تــيــثــر» إلـــى أدوات لـتـمـريـر صفقات تجارية وتسليحية لروسيا بعيدًا عن شباك الــعــقــوبــات الـغـربـيـة الــواســعــة عـلـى موسكو فـــي أعـــقـــاب غـــزوهـــا أوكـــرانـــيـــا فـــي فــبــرايــر/ شباط .2022 ونشرت صحيفة «وول ستريت جــورنــال» األمـيـركـيـة، أمــس االثــنــن، تحقيقًا مــــطــــوال تـــنـــاولـــت فـــيـــه كـــيـــف غـــــذت الــعــمــالت املشفرة تجارة الظل الروسية من أجل شراء ما يعرف بـ«السلع ذات االستخدام املزدوج» الـتـي تـدخـل فــي صـنـاعـة الــطــائــرات مــن دون طيار واملعدات عالية التقنية. وأشـــــــارت الــصــحــيــفــة إلــــى أن عــمــلــة «تــيــثــر» املــــشــــفــــرة أصــــبــــحــــت عــــنــــصــــرًا ال غــــنــــى عــنــه فــــي تـــعـــامـــالت الـــظـــل الــــروســــيــــة، إذ تــســاعــد الـشـركـات ووســطــاء الـتـجـارة فـي روسـيـا في االلـــتـــفـــاف حــــول الــعــقــوبــات الــغــربــيــة، حيث يـقـوم املـسـتـوردون بتحويالت بـالـروبـل إلى حسابات مصرفية روسية يديرها وسطاء، يحولون بـدورهـم الـروبـل إلــى عملة «تيثر» من أجل سداد قيمة الشحنات للموردين في أماكن مثل الصن والشرق األوسط.
وتـــضـــغـــط وزارة الـــخـــزانـــة األمـــيـــركـــيـــة عـلـى الكونغرس لتمرير تشريع يمنحها القدرة عــلــى حــظــر الــتــعــامــالت بــالــعــمــالت املــشــفــرة املـــقـــومـــة بــــالــــدوالر األمـــيـــركـــي مــثــل «تــيــثــر». وفــي األســبــوع املــاضــي، أدرجـــت الــــوزارة في قائمتها الـسـوداء شركة في موسكو دخلت في شراكة مع بنك روسي خاضع للعقوبات، لتقديم مدفوعات تعتمد على عملة «تيثر». وقـــال بــريــان نيلسون وكــيــل وزارة الـخـزانـة لـشـؤون اإلرهـــاب واالسـتـخـبـارات املالية في بــيــان «تـتـجـه روســيــا بــصــورة مــتــزايــدة إلـى آلــيــات دفـــع بـديـلـة للتحايل عـلـى العقوبات األمـــيـــركـــيـــة ومـــواصـــلـــة تــمــويــل حــربــهــا ضد أوكــرانــيــا». ووفـــق الصحيفة األمـيـركـيـة فإن أحد املهربن على حد وصفها ويدعى أندريه زفيريف لجأ إلى عملة «تيثر» لتمرير صفقة فــي هــونــغ كــونــغ أواخــــر عـــام 2022 ملصلحة شـــركـــة كــالشــيــنــكــوف، أكـــبـــر شـــركـــة مصنعة لألسلحة الصغيرة في روسيا، حيث كانت في حاجة إلى قطع كهربائية للطائرات بدون طيار، وذلك في وقت كانت الواليات املتحدة تـــحـــاول وقــــف مــثــل هــــذه الــصــفــقــات، كــمــا أن البنوك الصينية كانت تتجنب املدفوعات من روسيا خشية العقوبات األميركية. وبحسب «وول ستريت جورنال» فإن زفيريف استخدم «تيثر» لنقل مالين الـــدوالرات من أمـــــوال كـالشـيـنـكـوف إلـــى مـــــورده فـــي هـونـغ كــونــغ. وبـعـد عـــدة أشـهـر عـــرض الــرجــل على مجموعة من الــروس الخدمة نفسها، وكتب
تداول ما يصل إلى 120 مليار دوالر يوميًا من عملة «تيثر»
في محادثة على تطبيق تيليغرام أن «الدفع بالعمالت املشفرة كان مثاليًا بالتأكيد». واسـتـنـدت الصحيفة فـي تحقيقها عـن دور «تيثر» في التجارة الروسية إلى مقابالت مع أشخاص مشاركن مباشرة، إلى جانب آالف الرسائل على تطبيق الـدردشـة «تيليغرام» الـــتـــي يــتــبــادلــهــا الـــوســـطـــاء واملــــســــتــــوردون. وأشــــــارت إلــــى أنــهــا تـحـقـقـت مـــن الـتـفـاصـيـل الــــــــــــواردة فـــــي حــــســــاب زفــــيــــريــــف مـــــن خـــالل مـقـابـالت مــع شـركـائـه وســجــالت االسـتـيـراد والــضــرائــب الــروســيــة، إذ أظــهــرت السجالت سلسلة توريد لإللكترونيات تربط بن مورد زفيريف فـي هـونـغ كـونـغ، شـركـة «كينيكس سيميكونداكتور»، والشركة الرئيسة التابعة لشركة «كالشينكوف». ووفـق التحقيق فإن «تيثر» تعد العملة املشفرة األكثر تداوال، إذ يجري تـداول ما يصل إلى 120 مليار دوالر منها يوميًا، وغالبًا مـا يـعـادل هــذا الـتـداول ضعف عملة «بيتكوين» األشهر عامليًا. وفـــي مـــا يـتـعـلـق بــآلــة الـــحـــرب الــتــي يـقـودهـا الرئيس الروسي فالديمير بوتن، أصبحت هــــــذه األداة ال غـــنـــى عـــنـــهـــا، فـــهـــي تــســاعــد الــــشــــركــــات الــــروســــيــــة عـــلـــى االلــــتــــفــــاف حـــول العقوبات الغربية. ولم ترد شركة TETHER« »HOLDINGS املصدرة لعملة تيثر واملسجلة فـــي جــــزر فــيــرجــن الــبــريــطــانــيــة عــلــى أسـئـلـة تــتــعــلــق بـــاســـتـــخـــدام الــعــمــلــة فـــي الــصــفــقــات الــروســيــة، كـمـا لــم تعلق شـركـة كالشنكوف الروسية، وفق «وول ستريت جورنال». وفـــي ديـسـمـبـر/كـانـون األول املـــاضـــي، قالت الـشـركـة املـــصـــدرة لعملة «تـيـثـر» إنـهـا بــدأت سـيـاسـة طـوعـيـة لتجميد املـحـافـظ الرقمية املـــســـتـــخـــدمـــة لــنــقــل الـــــرمـــــوز الـــخـــاصـــة بــهــا، املـرتـبـطـة بـالـكـيـانـات الـخـاضـعـة للعقوبات. وأخـــــبـــــرت «تـــيـــثـــر» الحــــقــــًا أعــــضــــاء مـجـلـس الـــشـــيـــوخ األمــــيــــركــــي فــــي رســــالــــة أن لــديــهــا «تــفــانــيــًا ال يــتــزعــزع لــإلســهــام إيــجــابــيــًا في النظام البيئي املالي العاملي».