Al Araby Al Jadeed

االنتخابات البلدية التركية والتنافس على المدن الكبرى التحالفات الحزبية

تحّدي «العدالة والتنمية» في إسطنبول وأنقرة

- عمر كوش

تـــــــوج­ـــــــه الـــــنــ­ـــاخـــــ­بـــــون األتــــــ­ـــــــراك، أمــــــــ­س األحــــــ­ــــــد، إلــــــــ­ى صــــنــــ­اديــــق االقـــتــ­ـراع لــــإدالء بـأصـواتـه­ـم في االنــتــخ­ــابــات املــحــلـ­ـيــة فـــي تــركــيــ­ا، وأصــبــح الـــــشــ­ـــارع الـــتـــر­كـــي فــــي حـــالـــة تـــرقـــب إعــــان نـتـائـجـه­ـا، بــعــد أن عــــاش وقـــائـــ­ع املـنـافـس­ـة الشديدة بـن األحـــزاب السياسية التركية، التي بدأت التحضير لخوض سباقها منذ أشهر عــدة خلت، نظرًا إلـى ما تكتسيه من أهـمـيـة بالنسبة لــحــزب الــعــدال­ــة والتنمية (الــحــاكـ­ـم) وألحـــــز­اب املــعــار­ضــة أيــضــا، فقد كشفت الحمات االنتخابية لألحزاب التي ستخوض تلك االنتخابات مـدى التنافس االنـــتــ­ـخـــابـــ­ي، خـــاصـــة فـــي املـــــدن الـرئـيـسـ­يـة، حيث يشتد التنافس على رئاسة بلديتي أنقرة وإسطنبول، نظرًا إلى األهمية الكبيرة التي تملكها كلتا املدينتن على املستوين الــســيــ­اســي واالقـــتـ­ــصـــادي. فــــاألول­ــــى، تـمـثـل الــعــاصـ­ـمــة الــســيــ­اســيــة واإلداريــ­ـــــــة لـتـركـيـا، فـي حـن أن الثانية مـا تــزال تحتفظ بأنها عـــاصـــم­ـــة تـــركـــي­ـــا الــفــعــ­لــيــة مــــن الــنــاحـ­ـيــتــن االقتصادية والسياحية، وتمتلك بلديتها ميزانية تفوق ميزانيات باقي املدن التركية مـجـتـمـعـ­ة، وفــيــهــ­ا تــوجــد املـــقـــ­ار الـرئـيـسـ­يـة ملعظم وســائــل اإلعــــام الـتـركـيـ­ة، فـضـا عن احــتــضــ­انــهــا مــعــظــم الـــفـــع­ـــالـــيـ­ــات الــثــقــ­افــيــة واالجتماعي­ة في تركيا.

المشاركة الديمقراطي­ة

تـــعـــتـ­ــبـــر االنــــتـ­ـــخــــاب­ــــات املـــحـــ­لـــيـــة مــــن أولــــى املمارسات التمثيلية التي تتبادر إلى الذهن حن يتعلق األمر بالديمقراط­ية وباملشاركة، وتــــحـــ­ـتــــل أيــــضـــ­ـا مـــســـاح­ـــة فـــــي املـــنـــ­اقـــشـــا­ت األكـاديـم­ـيـة والسياسية، إذ تعتبر فعالية املـجـالـس املحلية مـن املــؤشــر­ات األساسية الـتـي تـحـدد مستوى الـتـطـور الديمقراطي فـــي أي بـــلـــد. كــمــا تــشــكــل مـــيـــدا­نـــا للتعليم واملمارسة، فيها يتدّرب السياسيون بشكل خاص، مما يمهد الطريق أمامهم للوصول إلى السلطة، فالرئيس رجب طيب أردوغان فـــاز بـانـتـخـا­بـات بـلـديـة إسـطـنـبـو­ل فــي عـام ،1994 ثم وصل مع حزبه إلى السلطة بعد فوزهما باالنتخابا­ت العامة عام .2002 تاريخيا، تطورت املشاركة في الديمقراطي­ات الـغـربـيـ­ة، انـطـاقـا مــن االنـتـخـا­بـات املحلية التي لعبت دورًا كبيرًا في انتشار املشاركة الـــجـــم­ـــاهـــيـ­ــريـــة تـــدريـــ­جـــيـــا بــــن عـــامـــة أفـــــراد الشعب، لذلك، غالبا ما يشار إلـى مجالس الــــبـــ­ـلــــديــ­ــات بـــوصـــف­ـــهـــا حــــكــــ­ومــــات مـــحـــلـ­ــيـــة، ويطلق عليها اسـم «مدرسة الديمقراطي­ة» أو «مــــدرســ­ــة الـــســـي­ـــاســـة»، بــالــنــ­ظــر إلـــــى أن اإلدارات املحلية تعتبر الوحدات األقرب إلى الشعب، وتمثل انتخاباتها املرحلة األولى مـــن املـــشـــ­اركـــة فـــي الــســيــ­اســات الــحــكــ­ومــيــة، لـذلـك فـــإن دورهــــا هـــام فــي تنمية وترسيخ الـــوعـــ­ي والــثــقـ­ـافــة الــديــمـ­ـقــراطــي­ــتــن، إضــافــة إلــــى تـشـكـيـلـ­هـا مــخــتــب­ــرًا ألداء الـسـيـاسـ­يـن واألحـــــ­ــــــــزا­ب الــــســـ­ـيــــاســ­ــيــــة، ومــــــجـ­ـــــاال لــنــســج الـــعـــا­قـــات الـــعـــا­مـــة وكـــســـب ثــقــة الــنــاخـ­ـبــن، واالتصال املباشر مع املواطنن.

أهمية االنتخابات

أظـــــــه­ـــــــرت الـــــتــ­ـــحـــــض­ـــــيــــ­ـرات والـــــــ­حـــــــمـ­ــــــات أن االنـتـخـا­بـات املحلية فــي تركيا ال تقل إثــارة عـن االنتخابات العامة، واألمـــر يعود بشكل أساسي إلى االستقطاب السياسي املتواصل فــي الــحــيــ­اة الـسـيـاسـ­يـة الــتــركـ­ـيــة، واالنــقــ­ســام السياسي واالجـتـمـ­اعـي الـحـاصـل فـي تركيا مــنــذ تــأســيــ­س الــجــمــ­هــوريــة فـــي عــــام .1923 وتكتسي هذه االنتخابات أهميتها من أنها تــأتــي بـعـد تـسـعـة أشــهــر مـــن تـمـكــن الـرئـيـس أردوغــــا­ن مــن الــفــوز بــواليــة رئـاسـيـة جـديـدة، فــي انـتـخـابـ­ات مــايــو/ أيـــار املــاضــي، وحافظ فـــــي نـــفـــس الـــــوقـ­ــــت تـــحـــال­ـــف حــــــزب الـــعـــد­الـــة والــتــنـ­ـمــيــة مـــع حــــزب الــحــركـ­ـة الــقــومـ­ـيــة على األغـلـبـي­ـة الـبـرملـا­نـيـة. بينما يخوضها حـزب الشعب الجمهوري (املــعــار­ض)، بعد انتقال رئاسته من كمال كلجدار أوغلو، إلى رئيسه الــجــديـ­ـد، أوزغـــــو­ر أوزيـــــل، بـالـتـالـ­ي تــعــد هـذه االنـتـخـا­بـات أول اخـتـبـار لـــه، أضـــف إلـــى ذلـك أن املــعــرك­ــة االنــتــخ­ــابــيــة تــمــيــز­ت بــاالحــت­ــدام في جميع املــدن الكبرى، في ظـل سعي حزب الـــعـــد­الـــة والـتـنـمـ­يـة إلــــى اســـتـــع­ـــادة الـبـلـديـ­ات التي خسرها فـي انتخابات ،2019 وخاصة بـلـديـتـي إسـطـنـبـو­ل وأنـــقـــ­رة، فيما سيحاول حــزب الشعب الجمهوري املــعــار­ض الحفاظ عليهما. وعليه، فـإن السؤال الـذي يطرح في هذا السياق، يتمحور حول ما يمكن أن تغيره هذه االنتخابات في تركيا، هل يمكن أن تغير أي شـــيء؟ مــع أنـــه فــي الــظــروف الطبيعية ال تتغير حكومة الباد مع االنتخابات املحلية، إال أن ذلـــك ال يلغي أهـمـيـة نتائجها املقبلة التي يمكنها التأثير على إدارة تركيا، وعلى املشهد السياسي، واملواءمة السياسية فيها. كــانــت بـلـديـتـا إســطــنــ­بــول وأنــــقــ­ــرة، مــنــذ عــام ،1994 بــيــد األحــــــ­ـزاب اإلســـامـ­ــيـــة املــحــاف­ــظــة. بــدايــة مــع حــزب الــرفــاه، واسـتـمـرت مــع حزب الــفــضــ­يــلــة، ثـــم أصــبــحــ­ت بــيــد حــــزب الــعــدال­ــة والتنمية. لكن فــي انـتـخـابـ­ات 2019 انتقلت بــلــديــ­تــا كــلــتــا املـــديــ­ـنـــتـــن إلـــــى حـــــزب الـشـعـب الجمهوري، أي بعد ربــع قــرن مـن فقدانهما. وغالبا ما يتم النظر إلى االنتخابات املحلية فـــي تــركــيــ­ا مـــن خــــال األبــــعـ­ـــاد والــحــسـ­ـابــات االنتخابية بدال من تناولها بجميع أبعادها، وذلك بالرغم من أهمية الفوز في االنتخابات، لكن األهم هو ما بعد الفوز فيها، أي ما يمكن الـقـيـام بــه مــن مـشـاريـع وخــدمــات وتقديمها للمواطنن فــي املـنـاطـق املحلية بعد الـفـوز، خـــاصـــة أن ديـــنـــا­مـــيـــة االنـــتــ­ـخـــابـــ­ات املــحــلـ­ـيــة تختلف عن نظيرتها في االنتخابات العامة التي يكون فيها املرشح هو األهم أوال، وقبل كــل شـــيء، ألن املــرشــح املـنـاسـب يخلق فارقا في املنطقة املحلية، سواء في أحياء املدن أو فــي الــقــرى والــبــلـ­ـدات، ويـلـعـب دورًا هـامـا في تحقيق الفوز.

تنافس األسماء

إذا كـان ألسماء املرشحن وكفاءاتهم دور كبير فــي االنــتــخ­ــابــات الـبـلـديـ­ة، فـــإن الـفـوز بها يتعلق بـأمـور أخـــرى أيـضـا، كالقاعدة االنــــتـ­ـــخــــاب­ــــيــــة، والــــــب­ــــــرامـ­ـــــج، والـــتـــ­حـــالـــف­ـــات الـــحـــز­بـــيـــة، خـــاصـــة فــــي ظــــل الـــتـــن­ـــافـــس بـن الـــعـــد­يـــد مـــن األحــــــ­ـزاب الـــتـــر­كـــيـــة، واخـــتـــ­اف تـوجـهـاتـ­هـا السياسية وأيـديـولـ­وجـيـاتـهـ­ا، فـكـان مــن أهـــم أســبــاب فـــوز مـرشـحـي حـزب الــشــعــ­ب الـــجـــم­ـــهـــوري فـــي رئـــاســـ­ة بـلـديـتـي إسطنبول وأنقرة في انتخابات العام 2019

ألسماء المرشحين وكفاءاتهم دور في االنتخابات البلدية، لكن الفوز بها يتعلق بأمور أخرى أيضًا، كالقاعدة االنتخابية، والبرامج، والتحالفات الحزبية، فكان من أهم أسباب فوز مرشحي «الشعب الجمهوري» برئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة في العام 2019 هو توحد أحزاب المعارضة ضمن «تحالف الشعب»، إلى جانب الدعم من «الشعوب الديمقراطي»، الذي غير اسمه إلى «الديمقراطي­ة والمساواة». وشهدت االنتخابات البرلمانية األخيرة صعود بعض األحزاب القومية واإلسالمية، وستكون حاضرة أيضًا في االنتخابات المحلية المقبلة.

هو توحد أحزاب املعارضة ضمن «تحالف الــــشـــ­ـعــــب»، ودعـــمـــ­هـــا املــــرشـ­ـــحــــن فــــي كـلـتـا املدينتن، إلـى جانب الدعم اإلضـافـي، غير املعلن، من طرف حزب الشعوب الديمقراطي (الـكـردي)، الـذي غير اسمه وأصبح يسمى حـــــزب الـــديـــ­مـــقـــرا­طـــيـــة واملــــــ­ـســـــــا­واة. كـــمـــا أن االنـــتــ­ـخـــابـــ­ات الــبــرمل­ــانــيــة األخــــيـ­ـــرة، شـهـدت صعود بعض األحزاب القومية واإلسامية، وســتــكــ­ون حــاضــرة أيــضــا فــي االنـتـخـا­بـات املحلية املقبلة، األمـر الـذي يزيد من تعقيد املشهد االنتخابي. فــي االنـتـخـا­بـات املحلية عـــام ،2019 لعبت أســـمـــا­ء املـــرشــ­ـحـــن وأصـــولــ­ـهـــم دورًا كـبـيـرًا فــي الــفــوز بــهــا، فــفــاز مــرشــح حـــزب الشعب الجمهوري، منصور ياواش، برئاسة بلدية أنقرة، وكذلك فاز مرشحه، أكرم إمام أوغلو، بـــرئـــا­ســـة بــلــديــ­ة إســطــنــ­بــول الـــكـــب­ـــرى. وقــد أعاد حزب الشعب الجمهوري ترشيحهما مــــن جـــديـــد لــلــتــن­ــافــس عـــلـــى رئــــاســ­ــة بـلـديـة كـلـتـا املـديـنـت­ـن، فـيـمـا رشــــح حـــزب الـعـدالـة والتنمية، تورغوت ألتينوك، لرئاسة بلدية أنقرة، وهو سياسي قومي محافظ، انضم إلــى أحـــزاب قومية محافظة، ثـم انتقل إلى صفوف «العدالة والتنمية»، وفـاز برئاسة بـــلـــدي­ـــة كـــاجـــي أوران الـــتـــا­بـــعـــة ألنــــقــ­ــرة فـي انـتـخـابـ­ات .2019 كـمـا رشـــح حـــزب الـعـدالـة والتنمية وزير البيئة والتخطيط العمراني والــتــغـ­ـيــر املــنــاخ­ــي الـــســـا­بـــق، مـــــراد كـــــوروم، للتنافس على رئاسة بلدية إسطنبول، إذ يريد حـزب العدالة والتنمية املتحالف مع حـــزب الـحـركـة الـقـومـيـ­ة، اســتــعــ­ادة بلديات املـــدن الـكـبـرى، وخـاصـة أنـقـرة وإسطنبول، لـكـن الـتـنـافـ­س سـيـكـون شــديــدًا عـلـى بلدية أنـــقـــر­ة، وحــظــوظ مــرشــحــ­ه فــي اسـتـعـادت­ـهـا أقــــــل نــســبــي­ــا مــــن مـــرشـــح­ـــه لـــرئـــا­ســـة بـلـديـة إســطــنــ­بــول. وتـــعـــو­د حـيـثـيـات ذلــــك إلــــى أن مـنـصـور يــــاواش، الـرئـيـس الـحـالـي لبلدية أنقرة، يحظى بشعبية كبيرة في العاصمة الـــتـــر­كـــيـــة، خـــاصـــة بــــن أوســـــــ­اط الــقــومـ­ـيــن األتــراك، كما أن سمعته طيبة في األوسـاط الشعبية فـيـهـا، بـالـنـظـر إلـــى تــركــيــ­زه على تــــوفـــ­ـيــــر الـــــخــ­ـــدمـــــ­ات لـــــهـــ­ــم، وابـــــتـ­ــــعـــــ­اده عــن املــمــاح­ــكــات والـــســـ­جـــاالت الـسـيـاسـ­يـة، وعـن الـــتـــج­ـــاذبـــا­ت الـــحـــز­بـــيـــة. أمــــا مــعــركــ­ة بـلـديـة إسطنبول فستكون حامية بن إمام أوغلو وكوروم، إذ يتمتع كوروم بخبرة واسعة في قـطـاع الـخـدمـات واإلســـكـ­ــان، فـكـان مـسـؤوال عــن مـلـف الـتـحـول الـعـمـران­ـي فــي الحكومة التركية خــال ســنــوات عــديــدة، وهــو شــاب لـــم يـــتـــجـ­ــاوز الـــــ 47 عـــامـــا، إضـــافـــ­ة إلــــى أنـــه شــخــصــي­ــة عــمــلــي­ــة، لــــم يـــتـــدخ­ـــل كـــثـــيـ­ــرًا فـي القضايا السياسية، لكنه أمضى حياته في أنقرة بعد أن أنهى دراسته في مدينة قونيا. لذلك، تركز املعارضة على أنه ليس من أبناء

مدينة إسطنبول. أمـا إمـام أوغلو فهو ابن املدينة، وله خبرة كبيرة في اإلدارة املحلية، ويعرف كيف يسوق نفسه للجمهور. وقد برع في إبراز شخصه إعاميا، وساعده في ذلـك إجـادتـه مخاطبة الشباب التركي عبر وسائل التواصل االجتماعي.

تعتبر االنتخابات المحلية من أولى الممارسات التمثيلية التي تتبادر إلى الذهن حين يتعلق األمر بالديمقراط­ية وبالمشاركة

العوامل والحيثيات

يعول حزب العدالة والتنمية على الخافات بـــن أطـــــرف املـــعـــ­ارضـــة، مـــن أجــــل اســتــعــ­ادة بــلــديــ­ات املــــدن الــكــبــ­رى، وذلــــك بــعــد انــفــراط عقد تحالف «الطاولة السداسية»، والشقاق الـــحـــا­صـــل بــــن حـــــزب الـــشـــع­ـــب الــجــمــ­هــوري والحزب الجيد، الذي اختار دخول السباق االنتخابي منفردًا، وقـدم مرشحيه في عدد من الــواليــ­ات، فيما سيحاول حـزب الشعب الـــجـــم­ـــهـــوري االحـــتــ­ـفـــاظ بـــالـــب­ـــلـــديـ­ــات الــتــي فــــاز بــهــا فـــي االنــتــخ­ــابــات الــســابـ­ـقــة، فـضـا عــــن الـــرئـــ­يـــس الـــحـــا­لـــي لــبــلــد­يــة إســطــنــ­بــول الـتـي يـريـد تأكيد جــدارتــه بـهـا، بـالـرغـم من االتـهـامـ­ات الـتـي وجـهـت إلـيـه بـسـوء إدارتـــه لــــهــــ­ا، وتـــــواض­ـــــع اســـتـــج­ـــابـــتـ­ــه الحـــتـــ­يـــاجـــا­ت هـــذه املـديـنـة املـتـرامـ­يـة األطـــــر­اف، الـتـي تعد مــن أهـــم مـــدن تــركــيــ­ا، بـالـنـظـر إلـــى موقعها الجغرافي املتميز، واملنقسم بن قارتي آسيا وأوروبـــا، ومكانتها االقتصادية والثقافية والـــتـــ­اريـــخـــ­يـــة، والـــتـــ­ي قــــال عــنــهــا نــابــلــ­يــون بونابرت ذات يــوم، «لــو قـيـض لـي أن أحكم الـعـالـم لجعلت إسطنبول عـاصـمـتـه»، وقد وصفها الـكـاتـب، فيليب فانسيل، باملدينة التي اشتهاها العالم. هنالك عوامل عديدة أخــرى تـؤثـر فـي هـذه االنتخابات، وخاصة الـــصـــع­ـــوبـــات االقـــتــ­ـصـــاديــ­ـة الـــتـــي يـعـيـشـهـ­ا األتــــــ­ــــراك. وقـــــد حــــاولــ­ــت أحــــــــ­زاب املـــعـــ­ارضـــة اســتــغــ­الــهــا ضــــد ســيــاســ­ات حــــزب الــعــدال­ــة والـتـنـمـ­يـة (الــحــاكـ­ـم). كـمـا أن هـــذه األحـــزاب حاولت أيضا استثمار تداعيات الزلزال الذي ضــرب جـنـوب تركيا، فـي 6 فـبـرايـر/ شباط ،2023 وتوظيف مشاعر االستياء والغضب لدى املتضررين من سوء أوضاعهم، وعدم تـمـكـن الـحـكـومـ­ة مــن تـعـويـض مــا خــســروه. أما على املستوى املعاشي، فتواصل الليرة الـــتـــر­كـــيـــة خــــســــ­ارة قــيــمــت­ــهــا أمــــــام الــعــمــ­ات األجنبية، بزيادة التضخم، واالرتفاع املطرد لـــألســـ­عـــار، وخـــاصـــ­ة الــســلــ­ع االســتــه­ــاكــيــة، وذلـك في ظل افتقاد اقتصاد الباد ألسس مـتـيـنـة، واعــتــمـ­ـاده عـلـى املــضــار­بــة، وتـدفـق األمــــــ­ـــوال الـــســـا­خـــنـــة. كــــل ذلـــــك قــــد ال يــخــدم ســعــي حــــزب الـــعـــد­الـــة والــتــنـ­ـمــيــة (الـــحـــا­كـــم) فـــي اســتــعــ­ادة بـلـديـتـي أنـــقـــر­ة وإســطــنـ­ـبــول. ومـع ذلــك، فـإن الكلمة األخـيـرة هي للناخب التركي، فكل االحتماالت مفتوحة في انتظار إعان نتائج االنتخابات.

ال تقل االنتخابات المحلية إثارة عن االنتخابات العامة، واألمر يعود بشكل أساسي إلى االستقطاب السياسي المتواصل في الحياة السياسية التركية

 ?? (األناضول) ?? سيدة تظهر بطاقات االقتراع في أحد مراكز االقتراع بإسطنبول، ‪2024 /3 /31‬
(األناضول) سيدة تظهر بطاقات االقتراع في أحد مراكز االقتراع بإسطنبول، ‪2024 /3 /31‬

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar