عراقيل مبكرة لعمل «مؤسسة المفقودين»
على الرغم من إقرار األمم المتحدة التمويل لـ«المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سورية»، إال أن تقليص األموال المخصصة لها واعتراضات النظام وحدود واليتها، عوامل يُرجح أن تحد من قدرتها على تحقيق نتائج
اعــــتــــمــــدت الـــلـــجـــنـــة اإلداريــــــــــــة واملـــالـــيـــة الـتـابـعـة لــألمــم املــتــحــدة، أول مــن أمـس الــــســــبــــت، قـــــــــرارًا بـــتـــمـــويـــل «املـــؤســـســـة املستقلة املعنية باملفقودين في سورية، لجاء مصير ومكان جميع املفقودين»، والتي وافقت على تأسيسها الجمعية العامة لألمم املتحدة في نهاية يوليو/ تـــمـــوز املــــاضــــي. ويـــتـــيـــح اعـــتـــمـــاد قــــرار الــتــمــويــل تــخــصــيــص مــبــلــغ مــتــواضــع يقدر بنحو ثاثة ماين دوالر أميركي لهذه املؤسسة، بما في ذلك استحداث 28 وظــيــفــة، بــن مـطـلـع إبـريـل/نـيـسـان الحالي وحتى نهاية عام .2024 وسارع النظام السوري لاعتراض على القرار، معتبرًا أن هذه املؤسسة «تخص الدول الــتــي أنــشــأتــهــا فـــقـــط»، فـــي مــؤشــر إلــى رفضه التعاون معها في الفترة املقبلة. وتضاعفت أعداد املعتقلن واملفقودين مــنــذ انـــــدالع االحــتــجــاجــات ضـــد نـظـام بشار األسد في مــارس/آذار عام ،2011 ليصل العدد إلى نحو 156 ألف شخص، وفق ما أفـاد به مدير الشبكة السورية لحقوق اإلنسان، فضل عبد الغني. وأوضـــــــــــح عــــبــــد الـــــغـــــنـــــي، فــــــي حـــديـــث لــ«الـعـربـي الــجــديــد»، أن هـــذا التمويل «مهم للمؤسسة كي تتمكن من املباشرة في عملها، ونتمنى أن تنطلق في أقرب وقت ممكن، وأن يكون هناك تنسيق مع املنظمات الحقوقية املختصة، وأن يتم االستفادة من أخطاء التجارب األممية السابقة املماثلة». ورأى أن هذه اآللية هــدفــهــا تـشـكـيـل ضــغــط ســيــاســي على صــنــاع الـــقـــرار فـــي ســـوريـــة ألنــــه بـــدون
هـذا الضغط، فـان هـذا امللف لن يتقدم أي خطوة إلـى األمـــام. وأعــرب عن أمله في أن «يساعد عمل املؤسسة في كشف مصير املـفـقـوديـن، والـسـمـاح بــزيــارات لــذويــهــم، فــضــا عــن جـمـع بـيـانـات عن املــخــتــفــن، وأن تــكــون املــؤســســة حلقة وصل بن الجهات املختلفة التي تتابع هذه القضية». لكن عبد الغني استبعد أن تتمكن اآللــيــة الــجــديــدة مــن إطــاق سراح املعتقلن واملختفن قسريا، ألن النظام والجهات األخرى لن يتعاونوا مـعـهـا، الفــتــا إلـــى أن واليـتـهـا ال تنص عــلــى مـحـاسـبـة مـرتـكـبـي االنــتــهــاكــات. وأشـــار إلــى وجــود آلـيـات أممية أخـرى تـــمـــلـــك واليـــــــــة أعـــــلـــــى مـــــن واليـــــــــة هــــذه املؤسسة، مثل لجنة التحقيق الدولية، و«لــــم تستطع فـعـل شـــيء للمعتقلن، علما أن هذه اللجنة يمكنها التحقيق وتـــســـمـــيـــة املـــنـــتـــهـــكـــن، ورغـــــــم ذلــــــك لـم تــتــمــكــن مــــن فـــعـــل شــــــيء لــلــمــعــتــقــلــن، بسبب عدم وجود ضغوط دولية كافية على النظام السوري». من جهته، رأى سليمان القرفان، عضو نقابة «املـحـامـن األحــــرار» فـي سـوريـة، فـــي حـــديـــث مـــع «الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» أن «األمـر اإليجابي في قـرار األمـم املتحدة تمويل املـؤسـسـة املستقلة أنــه ال يقوم عـلـى تـبـرعـات الــــدول وإنــمــا تــم اعتماد آلية تمويل املؤسسة من خال املوازنة الـعـامـة للجمعية الــعــامــة، وهـــذا سـوف يــضــمــن اســـتـــمـــرار عــمــلــهــا، وعـــــدم تـأثـر عملها بوقف التمويل». لكنه توقف عند حجم التمويل الـــذي تــم اعـتـمـاده وهو نــحــو ثــاثــة مــايــن دوالر، بـيـنـمـا كــان الحديث يـدور سابقا عن مبلغ يتراوح بن 8 و21 مليون دوالر، ما يشير وفق رأيه إلى «حجم الضغط والتعطيل لهذه املؤسسة من قبل بعض الـدول الداعمة لـلـنـظـام الـــســـوري». وكــــان األمــــن الـعـام لألمم املتحدة أصدر تقريرًا نهاية العام املاضي تضمن اختصاصات املؤسسة املستقلة املعنية باملفقودين في سورية وإطــارهــا الـقـانـونـي، وأسـالـيـب عملها، وتـــكـــويـــنـــهـــا، وتـــعـــاونـــهـــا مــــع الــجــهــات الفاعلة املعنية األخرى. ومـــمـــا ورد فـــي الــتــقــريــر أن املــؤســســة ســـتـــعـــمـــل عـــلـــى كـــشـــف مـــصـــيـــر جـمـيـع املـفـقـوديـن فــي ســوريــة وتــقــديــم الـدعـم الـــكـــافـــي لــلــضــحــايــا والـــنـــاجـــن وأســــر املــــــفــــــقــــــوديــــــن. وأوضـــــــــــــح أن الــــنــــطــــاق الـجـغـرافـي والــزمــنــي لــواليــة املـؤسـسـة يـشـمــل جـمـيـع املــفــقــوديــن فـــي ســوريــة بــغــض الـنـظـر عــن جنسيتهم، وســـواء فقدوا قبل إنشاء املؤسسة أو بعده.