Al Araby Al Jadeed

عالم الموضة

دور األزياء تتجاهل المأساة الفلسطينية

- لندن ـ العربي الجديد

بعد مرور قرابة ستة أشهر على حرب اإلبادة اإلسرائيلي­ة في غزة، ال تزال أغلب دور األزياء تلتزم الصمت، رغم أنها سبق أن أصدرت بيانات إدانة شديدة اللهجة لعملية طوفان األقصى

نهاية الشهر املاضي، بدأت منصة آبــــل بــــالس بــبــث سـلـسـلـة جــديــدة بــعــنــو­ان «ذا نــيــو لـــــوك». السلسة تـتـتـبـع بـبـسـاطـة قــصــة عـمـالـقـة املـــوضــ­ـة، أي كريستيان ديور ومعاصريه، وكوكو شانيل وبــــيـــ­ـار بـــاملـــ­ن وكـــريـــ­ســـتـــوب­ـــال بــالــنــ­ســيــاغــ­ا، وطـريـقـهـ­م فــي الــحــرب الـعـاملـي­ـة الـثـانـيـ­ة ومـا بــــعــــ­دهــــا، نــــحــــ­و تــــأســـ­ـيــــس مـــــدرسـ­ــــة املــــوضـ­ـــة الــحــديـ­ـثــة، الــتــي ال تــــزال تـطـبـع كـــل مصممي األزياء الشباب حتى اليوم. فـــي املــســلـ­ـســل، يــبــدو واضـــحـــ­ا الــتــصــ­اق هــذه الــصــنــ­اعــة، أي صـنـاعـة األزيـــــ­اء وتصميمها وبيعها والترويج لها، بالسياسة واألحداث الكبرى، الحروب منها بشكل خاص، التصاقا مـبـاشـرًا. وهــو الــواقــع الـــذي الزم هــذا املجال منذ الـحـرب العاملية الثانية فعليا. لنأخذ عـــلـــى ســبــيــل املــــثــ­ــال الــــحـــ­ـرب الـــروســ­ـيـــة عـلـى أوكــرانــ­يــا، الـتـي كـانـت حـاضـرة بـقـوة طاغية خالل أسبوع املوضة في باريس (واحــد من أهم فعاليات املوضة في العالم) قبل عامن

بــــن 28 فـــبـــرا­يـــر/ شـــبـــاط و8 مـــــــار­س/ آذار .2022 فطيلة أيــام الفعالية دافــع املصممون والــــــع­ــــــارضـ­ـــــون املـــــشـ­ــــاركـــ­ــون عـــــن أوكــــران­ــــيــــا وأعلنوا دعمهم لكييف. وفي حن قدم بعض املـــصـــ­مـــمـــن تـــحـــيـ­ــة لــلــشــع­ــب األوكـــــ­ـرانــــــ­ي فـي مجموعاتهم، اختار آخرون التبرع بأرباحهم من العروض لألوكرانين. كذلك ألغى اتحاد األزيـــــ­ـاء الـــراقــ­ـيـــة واملــــوض­ــــة، الــهــيــ­ئــة املـنـظـمـ­ة ألسبوع املوضة في باريس، مشاركة املصمم الـــروســ­ـي فــالــنــ­تــن يـــوداشــ­ـكـــن مـــن الـــعـــر­ض.

صمت الدور الكبيرة

لكن مـــاذا عـن حــرب اإلبــــاد­ة اإلسرائيلي­ة في غزة املتواصلة منذ قرابة 6 أشهر؟ الحقيقة أن دور األزيــــا­ء عمد أغلبها إلــى الصمت أو إلـى دعـم االحتالل اإلسرائيلي. فبعد عملية طـــوفـــا­ن األقـــصــ­ـى، أصـــــدر مــجــلــس مصممي األزيـــــ­اء األمـيـركـ­يـن بـيـانـا، دان فـيـه «هـجـوم السبت 7( أكتوبر) على إسرائيل... إننا نحزن على الخسائر في األرواح ونصلي من أجل أن تنتهي دائرة العنف من أجل سالم دائم». تبرعت دار شانيل بأربعة ماليين دوالر إلسرائيل بعد 7 أكتوبر

أما دار أزياء كوكو شانيل، فعبرت عن دعمها االحـــتــ­ـالل، وأرســلــت إدارتـــهـ­ــا مــذكــرة داخلية إلـــى الـعـامـلـ­ن فــي فـــرع الـشـركـة فــي فلسطن املحلتة جاء فيها: «لقد شعرنا جميعا بالرعب والحزن العميق بسبب الـهـجـمـا­ت اإلرهــابـ­ـيــة ضــد املـواطـنـ­ن اإلســـرائ­ـــيـــلــ­ـيـــن. الـــحـــر­ب واألزمــــ­ــة اإلنــســا­نــيــة الناتجة عنها مأساة». كما قدمت دار األزياء مبلغ أربــعــة مـاليـن دوالر لـدعـم «الضحايا اإلســرائـ­ـيــلــيــ­ن». وهـــو مــا عملته دور أخــرى

مـثـل تـــور بــــورش. بينما لــم تـصـدر أي بيان إدانة لالحتالل حتى الساعة مع سقوط أكثر من 32 ألف شهيد.

كــذلــك ذهــبــت بـعـض املــؤســس­ــات الــتــي تعنى بــتــصــم­ــيــم وصــــنـــ­ـاعــــة املـــــال­بـــــس، خــصــوصــ­ا الــــســـ­ـريــــعــ­ــة مــــنــــ­هــــا، إلـــــــى اســــتـــ­ـغــــالل مــــأســـ­ـاة الفلسطينين­ي، لتصميم إعـالنـات بـدأ كأنها تسخر من حجم املجزرة في غزة. أبرز مثالني هما «زارا»، و«ماركس أند سبنسر». في شهر ديسمبر/كانون األول، انطلقت دعـــوات من ناشطني على مــواقــع الـتـواصـل االجتماعي ملقاطعة متاجر «زارا» لأللبسة، بعد إطالق حملتها الدعائية لتشكيلة األلبسة الجديدة، بسبب ما اعتبره كثيرون أنه مستوحى من املشاهد املـروعـة واملـؤملـة لسكان قطاع غـزة، الذين يواجهون عدوانا إسرائيليا مستمرًا مـــنـــذ أزيــــــد مــــن شـــهـــري­ـــن. وأطـــلـــ­قـــت الــعــالم­ــة الـــتـــج­ـــاريـــة اإلســـبــ­ـانـــيـــ­ة حــمــلــت­ــهــا الــدعــائ­ــيــة وتـضـمـنـت بـعـضـا مـــن تـصـامـيـم تشكيلتها الجديدة، التي اعتبر مغردون أنها مستوحاة من العدوان اإلسرائيلي على غزة. فـــقـــد نـــشـــرت حـــســـاب­ـــات «زارا» عـــلـــى مـــواقـــ­ع الـتـواصـل االجتماعي صـــورًا لعارضة أزيــاء وهي تحمل ما يبدو مجسما المـرأة بالكفن األبيض، وفي صورة أخرى ظهرت من داخل صندوق محطم وكأنه تابوت وأمامها هناك مـا يشبه جثة فـي كيس مـوتـى، كما أظهرت الـصـور مشاهد دمـــار وأشـخـاصـا يخرجون مــن بــني الــركــام والـــجـــ­دران املـتـصـدع­ـة. وأمــام الضغط الشعبي ودعــــوات املـقـاطـع­ـة، عــادت «زارا» واعـــــتـ­ــــذرت عــــن اإلعــــــ­ـالن قـــائـــل­ـــة إنــهــا «تــــأســـ­ـف» لـــحـــدو­ث «ســـــوء فـــهـــم»، وسـحـبـت الــصــور املـتـبـقـ­يـة بـعـد أيــــام مــن ردود الفعل العنيفة على وسـائـل الـتـواصـل االجتماعي والـــــشـ­ــــكـــــ­اوى املــــقــ­ــدمــــة إلـــــــى هـــيـــئـ­ــة مـــراقـــ­بـــة اإلعالنات في بريطانيا بشكل خاص. أمــــا مــطــلــع شــهــر نــوفــمــ­بــر/ تــشــريــ­ن الــثــانـ­ـي املـــــاض­ـــــي، فـــاضـــط­ـــرت شــــركـــ­ـة «مـــــاركـ­ــــس أنـــد سـبـنـسـر» إلــــى االعــــتـ­ـــذار بــعــد اتـــهـــا­مـــات بــأن مــقــتــط­ــفــات مـــن إعـــــالن عــيــد املـــيـــ­الد املــرصــع بالنجوم تظهر قبعات ورقية ملونة محترقة تشبه العلم الفلسطيني.

لكن في مقابل هذا التجاهل الكبير للمأساة الفلسطينية في عالم صناعة األزياء الفاخرة أو السريعة، برزت بعض املواقف األخيرة، وإن القليلة، املتضامنة مع الفلسطينين­ي. فقبل أسابيع، أدانــت مصممة األزيـــاء البريطانية الشهيرة كاثرين هامنيت مـوقـف الحكومة البريطانية من حرب اإلبادة في غزة. ونشرت هامنيت عبر حسابها على منصة إنستغرام فيديو غاضبا وهي ترتدي تيشيرت عليها عبارة «أشعر باالشمئزاز ألنني بريطانية». وقالت إنها ال تتشرف بحمل وسام فروسية اإلمبراطور­ية البريطانية، وإنه «ينتمي إلى سلة املهمالت رفقة (رئـيـس الــــوزرا­ء) ريشي ســــونـــ­ـاك» لـتـلـقـي بــالــفــ­عــل الــــوســ­ــام فـــي سلة املهمالت. وفي إطار التضامن أيضا، برز في األشـــهــ­ـر األولـــــ­ى لـلـحـرب صـــوت الـعـارضـت­ـني األشـــــه­ـــــر فـــــي الــــعـــ­ـالــــم جـــيـــجـ­ــي وشــقــيــ­قــتــهــا بـــيـــال حــــديـــ­ـد، قـــبـــل أن تـــتـــرا­جـــعـــا عــــن الـــكـــا­لم عـــن فــلــســط­ــني بـــالـــز­خـــم نــفــســه أمـــــام حــمــالت الــتــحــ­ريــض الـصـهـيـو­نـيـة ضــدهــمــ­ا. ونـهـايـة شهر أكتوبر/تشرين األول املـاضـي، طـردت وكالة إيليت لألزياء في نيويورك العارضة األميركية كاميال ديتير، بعدما شبهت هذه األخيرة إسرائيل بالنازيني، وهاجمت دولة االحــتــا­لل تــنــديــ­دا بــالــعــ­دوان املــتــوا­صــل على قطاع غزة.

 ?? (مارتن بوب/ )Getty ?? متظاهرون أمام متجر زارا في أوكسفورد
(مارتن بوب/ )Getty متظاهرون أمام متجر زارا في أوكسفورد

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar