10 سنوات على تأسيس «العربي الجديد»
في الذكرى العاشرة لتأسيس «العربي الجديد»، نستعيد أبرز المحطات التي مرت بهذا المشروع اإلعالمي الرائد، ونؤكد حرصنا على مبادئنا التأسيسية والتزامنا بها وانحيازنا إلى الحقيقة
في الثالثني من كل مارس/آذار؛ ذلك التاريخ الذي اخترناه يومًا لـوالدة مشروع إعالمي رائــد، نقف ملراجعة أنفسنا متسائلني عما أضـافـتـه «الـعـربـي الـجـديـد» إلــى الصحافة، وعما قدمته للقراء، وعن التزامنا بمبادئه الــتــأســيــســيــة، وعــــن االنـــحـــيـــاز إلــــى املـهـنـيـة والـــحـــقـــيـــقـــة والــــحــــريــــة وحـــــق الـــشـــعـــوب فـي الـــعـــدالـــة االجــتــمــاعــيــة، وبــالــتــأكــيــد أولـــويـــة قضية فلسطني. فـي الـذكـرى الـعـاشـرة على تأسيس «العربي الجديد» التي دشنت في يـــوم األرض الفلسطيني نـجـدنـا منهمكني فـي تغطية مـا يتعرض لـه أهلنا فـي قطاع غــــــزة مــــن حــــــرب إبــــــــادة عـــلـــى يــــد االحــــتــــالل اإلســــرائــــيــــلــــي. مـــنـــذ الـــســـابـــع مــــن أكـــتـــوبـــر/ تـــشـــريـــن األول املـــــاضـــــي، كـــثـــفـــت «الـــعـــربـــي الجديد» تغطيتها لألهوال التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة، وموقفنا منذ اليوم األول للعدوان اإلسرائيلي املتواصل هــــو: حــــرب اإلبــــــادة هــــذه عـلـيـهـا أن تـتـوقـف اآلن. لــــم نــســتــخــدم لـــغـــة تــجــيــيــش وخـــــداع للذات. حاولنا ما أمكن توصيف الحال كما هــو، مــع انـحـيـازنـا املطلق إلــى حــق الشعب الفلسطيني في املقاومة. نواكب على مدار اللحظة ما تفتعله آلة القتل اإلسرائيلية في حق الفلسطينيني من قتل وتشريد وتجويع وتــــدمــــيــــر لـــلـــبـــنـــى الـــتـــحـــتـــيـــة، كـــمـــا تــابــعــنــا الـتـظـاهـرات والـفـعـالـيـات الفنية والثقافية الــتــي تــرفــع الـــصـــوت فـــي وجـــه الـنـكـبـة الـتـي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة. كانت القضية الفلسطينية على رأس قائمة أولـــــويـــــات «الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» مـــنـــذ الـــيـــوم األول لــتــأســيــســهــا، لـــكـــن الــصــحــيــفــة خـــالل السنوات العشر املاضية، واكبت التحركات املضادة التي اصطدمت بها ثــورات الربيع الـعـربـي؛ فحللت، ونـاقـشـت، ومنحت منبرًا لــكــل األصــــــوات مـــن الــتــوجــهــات الـسـيـاسـيـة املـخـتـلـفـة، وحـافـظـنـا عـلـى مـوقـفـنـا الـثـابـت: مــنــاهــضــة كـــل اســـتـــبـــداد فـــي أنـــحـــاء الــعــالــم الـعـربـي، والتمسك بحق كــل مــواطــن عربي في العدالة االجتماعية والتعبير عن رأيـه، ومناهضة كل أشكال التطرف. في مواجهة الخضات السياسية، حافظنا على مهنيتنا، وابتعدنا عن لغة اإلسفاف والتحريض، إن في تغطيتنا للحصار الرباعي الذي فرض على قطر بـني عامي 2017 ،2021و وإن في تغطية كل األزمات السياسية التي واجهها الـعـالـم الـعـربـي خــالل عشر ســنــوات مضت. كــذلــك وقـفـنـا ضــد اتـفـاقـيـات التطبيع التي أقــامــتــهــا حــكــومــات بــعــض الـــــدول الـعـربـيـة. وخـــالل وبـــاء كـوفـيـد-91 الـــذي ضــرب العالم كله، كنا حاضرين لنتناول هــذه الجائحة
متمسكون بحق كل عربي في العدالة االجتماعية والحرية
مـــــن جــــوانــــبــــهــــا الـــصـــحـــيـــة واالجـــتـــمـــاعـــيـــة واالقـــتـــصـــاديـــة، فــضــال عـــن تــأثــيــراتــهــا على عـــالـــم اإلبـــــــداع. فـــي الـــوقـــت نــفــســه، لـــم نغفل األوضـــــاع االجـتـمـاعـيـة وأحـــــوال الــنــاس في بــــلــــدان الـــعـــالـــم الـــعـــربـــي، ودائــــمــــًا مــــا كــانــت تغطيتنا منحازة إليهم، كما أفردنا مساحة لـلـجـالـيـات الــعــربــيــة الــتــي صــــارت منتشرة الــــيــــوم فــــي كـــــل أنــــحــــاء أوروبــــــــا والــــواليــــات املــتــحــدة، وتـابـعـنـا الــتــحــوالت الــتــي يـمـرون بـــهـــا. لــــم تـــكـــن مــهــمــتــنــا ســـهـــلـــة. فــلــيــس مـن السهل أن تصارع في عالم يغزوه التشويه وقــلــب الــحــقــائــق، وتـــزدحـــم فــيــه املـعـلـومـات واملنافسون الذين تتغير وجوههم مع تغير األدوات والوسائل التكنولوجية، وفي عالم تتكاثر فيه أيضًا مراتع الشعبوية، كان لزامًا على أي فكرة أو معلومة أن تتسلح بالعقل والــرصــانــة واملــوضــوعــيــة لـتـحـارب الـغـرائـز والتفرقة والغوغائية. من هنا، كانت مهمة «العربي الجديد» أن تنقل الخبر واملعلومة بموضوعية وأن تتقصى الحقائق بحرص، ثـــم أن تـــطـــرح أوال ودائــــمــــًا أفــــكــــارًا مــضــادة للشعبوية، وتنتصر للديمقراطية، وتنتشل املبادئ من حفرة االنحراف والتطرف. تـــنـــبـــهـــنـــا مــــبــــكــــرًا إلـــــــى أهــــمــــيــــة مـــنـــصـــات الـتـواصـل االجـتـمـاعـي ودورهــــا األسـاسـي فـــــي تـــشـــكـــيـــل الـــــــــرأي الـــــعـــــام فـــــي أيـــامـــنـــا، وأوليناها أهمية خاصة، لكن بشروطنا، ومن دون انجرار وراء الترند أو السقوط فـي أفـخـاخ الـتـسـرع والتضليل. وبـمـا أن التكنولوجيا صــارت أســرع مـن املشاريع واملؤسسات بأشواط، كان لزامًا علينا أن نالحقها مع كل جديد، فحجزت «العربي الجديد» لنفسها موقعًا بـــارزًا، إذ تسعى لتقديم محتوى نصي وبصري وسمعي رصـــني بـقـالـب مـــرن مــتــعــدد الــوســائــط. لم يـكـن تحقيق ذلـــك ممكنًا، لـــوال أن تـعـاون على إنجاز هـذه املهمة نخبة من الزمالء الصحافيني مـن مختلف الـــدول العربية، وكـذلـك مـن الجاليات العربية فـي أميركا وأوروبــــــا، وتــحــت إدارة رؤســــاء التحرير الذين تعاقبوا عليها: وائل قنديل، وبشير الــبــكــر، وحــســام كـنـفـانـي، ومــعــن الـبـيـاري أخيرًا. تطل «العربي الجديد» في عيدها العاشر على تجربتها باعتزاز؛ ال ندعي أننا لم نخطئ في بعض األمور، لكننا كنا نتقبل النقد ونصحح أخطاءنا. نحن في مقدمة املنابر التي اعتمدت خطابًا ديمقراطيًا وتقدميًا منحازًا إلــى الشعوب الـــعـــربـــيـــة وعـــــدالـــــة قــضــيــة فـــلـــســـطـــني، وهـــي حريصة على منح مساحات حــرة لـإبـداع والــجــمــال، لكننا ال نـنـام على نجاحنا، بل نراجع كل ما أنجزنا، ونقف على بعض ما يحتاج منا إلى إعادة نظر إن لزم األمر.