كيف نخبر األطفال بإصابة األهل بالسرطان؟
ليس سهًال على األهل إخبار األطفال حول إصابتهم بمرض، خصوصًا إذا كان السرطان، لكن الصراحة والتأكيد على المواجهة أساسيان
أثار الفيديو الذي نشرته أميرة ويلز، كيت ميدلتون، حـول إصابتها بالسرطان، الكثير من ردات الفعل على وسائل التواصل االجتماعي، ووجدت صحف عاملية أن رسالة األميرة لم تكن مجرد إخبار يتعلق بصحتها، بل حملت العديد من املعاني، خصوصا أنــــهــــا ذكـــــــرت كــيــفــيــة مــنــاقــشــتــهــا واألمـــــيـــــر ولـــيـــام التشخيص مع أطفالها الثاثة، والـذيـن طمأنتهم بأنها تتعافى. ويعد إخبار األطفال بإصابة أحـد األبوين بمرض الــســرطــان أمــــرًا مقلقا بـالـنـسـبـة للكثير مــن األهـــل، ويــوصــي الــخــبــراء عــــادة بـــضـــرورة الــتــحــدث بشكل طبيعي قــدر اإلمــكــان، والتشجيع على نقل كــل ما يعرفه األهــل عن املــرض ألطفالهم. لكن إلـى أي حد يمكن أن يكون ذلك سها بالنسبة للطرفني؟ يـقـول الطبيب املتخصص بــاألمــراض السرطانية عـــبـــد الـــرحـــمـــن شــــكــــور، لـــــ «الــــعــــربــــي الــــجــــديــــد»، إن الــــســــرطــــان مـــــرض ال يــمــكــن الـــســـيـــطـــرة عــلــيــه دون عاج مكثف، فالسرطان نمو غير طبيعي للخايا فــــي الـــجـــســـم، ويـــمـــكـــن أن يـــحـــدث فــــي أي جـــــزء مـن أجـــــــزاء الـــجـــســـم نــتــيــجــة وجــــــود خـــلـــل فــــي األنــظــمــة الطبيعية الخلوية التي تتحكم بانقسام الخايا وتكاثرها، ما يؤدي إلى عدم موت الخايا القديمة، واستمرارها بالنمو، وتكوين خايا غير طبيعية، وينتج عن ذلك تكون كتل من األنسجة التي تعرف باألورام وظهور أعراض السرطان. ويوضح شكور أنــــه «عــنــدمــا يـــصـــاب املـــريـــض بـــالـــســـرطـــان، يعيش حالة من الصدمة والنكران، ثم يتقبل املرض ويبدأ رحلة العاج، وفي بعض الحاالت، يحتاج املريض إلـــى دعـــم مـــن مـتـخـصـصـني نـفـسـيـني لـتـخـطـي هــذه املــرحــلــة، بــاإلضــافــة إلـــى الــدعــم األســــري، وهـــو مهم جدًا، وخصوصا أن املريض يمر بتقلبات مزاجية، كما أن العاج الكيميائي يتطلب من العائلة توفير جو من الـهـدوء والــراحــة». وأظـهـرت دراســة صـادرة عــن مــركــز الــســرطــان فــي لــنــدن، أن الــدعــم العاطفي من العائلة واألصـدقـاء يمكن أن يحدث فرقا كبيرًا فـــي حـــيـــاة الــشــخــص املـــصـــاب بـــالـــســـرطـــان، وغـالـبـا مــا يـخـاف الــنــاس مــن قـــول الــشــيء الـخـطـأ لشخص مصاب بالسرطان. لذلك، يعتبر الحديث الصادق واالهتمام أمرًا مهما، ويمكن أن يحدث فرقا كبيرًا. وفي الوقت الذي يحتاج فيه املريض إلى الدعم، فإن فـكـرة إخـبـار أفـــراد العائلة بـاإلصـابـة بـاملـرض تعد أسـاسـيـة ومـهـمـة لـكـا الــطــرفــني. تـقـول األخصائية
تختلف أساليب إخبار األطفال بمرض األهل باختالف المرحلة العمرية
الـنـفـسـيـة نـــاديـــا خـيـر الـــديـــن لــــ «الــعــربــي الــجــديــد»: «إخبار األطفال بإصابة أحد األهل بأي مرض يعد عملية شــاقــة، خـصـوصـا إن كـــان األطــفــال فــي عمر صــغــيــر، ومـــن املــهــم مــعــرفــة كـيـفـيـة إخـــبـــار األطــفــال بـحـسـب املــرحــلــة الــعــمــريــة. بـالـنـسـبـة ملـــن هـــم دون الخمس سنوات، من املهم التحدث بصراحة وبشكل مبسط، أي اإلشارة إلى أن هناك مرضا، وسيتمكن األهل من مواجهته واالنتصار عليه». تضيف: «يعد مفهوم االنتصار مهما حني الحديث مع الصغار، ألن هذه الفئة في طور االكتشاف، وتحب املغامرات والــتــحــديــات، وبــالــتــالــي سـيـتـمـكـنـون مـــن مـسـانـدة األهل في هزيمة املرض، مع أهمية أال يخوض األهل في تفاصيل املرض، بل اإلشارة إلى أن هناك خايا أو جسما غريبا يصيب أحد األعضاء، كما أن إشراك األطـفـال في رحلة العاج بطريقة إيجابية يخفف مـن نسبة القلق لديهم، وبالتالي ال يخلق لديهم الكثير من عامات االستفهام». وتــعــد املــرحــلــة الـعـمـريـة بـــني الـخـامـسـة والــعــاشــرة أصعب ألن األطفال في هذا العمر يتبادلون األخبار واملـــعـــلـــومـــات، وبـــالـــتـــالـــي، مــــن املـــهـــم أن يـحـصـلـوا عــلــى املــعــلــومــات الــكــافــيــة، وذلـــــك مـــن خــــال اتــبــاع اسـتـراتـيـجـيـات، مــن ضمنها شـــرح مــا يحصل في جسم املريض من خال الرسم والتلوين أو اللعب، بـدال من توجههم إلـى معرفة املزيد عن املـرض عن طريق اإلنترنت أو األصدقاء أو األقارب. تقول خير الدين: «في هذه املرحلة، يمكن لألطفال االستعانة بـشـبـكـة اإلنـــتـــرنـــت، وقــــــراءة بــعــض املـــعـــلـــومـــات، أو مشاهدة صور ملرضى السرطان، ما يصعب عليهم تـقـبـل مــا يــواجــهــه األهـــــل». وتــضــيــف: «فـــي حـــال لم يتمكن األهل من مساندة أبنائهم، أو في حال أظهر األطفال رفضا للمرض أو للوضع الجديد، أو تأخر تحصيلهم العلمي، أو حدثت تغيرات في سلوكهم، ال بد من اللجوء إلى متخصصني ملساعدة األهل في كيفية التواصل مع أبنائهم. بناء الثقة بني األهل واألطــفــال يـبـدأ مـن خــال اختبار املــواقــف الصعبة معا، إذ يساعد ذلك في بناء الشخصية». في املرحلة العمرية بني العاشرة والرابعة عشرة، مـن املهم أن يخبر األهــل األبـنـاء بتفاصيل املـرض، والـــعـــاجـــات املــتــاحــة، واآلثـــــار الـجـانـبـيـة لـإصـابـة وللعاج، وعادة ما يسعى األبناء في هذا السن إلى إخفاء مشاعرهم، وقد يلجأون إلى سلوكيات سيئة لتفريغ غضبهم. لـــذا، مــن املــهــم لــألهــل االستعانة بـــأحـــد األقــــــــارب لــلــبــقــاء عـــلـــى مـــقـــربـــة مــــن األطـــفـــال والتحدث إليهم، كما يمكن للمصاب قضاء بعض الـوقـت معهم، أو القيام بنزهة، أو ممارسة نشاط رياضي أو فني. وتختم خير الـديـن: «يختلف تقبل األطـفـال ملرض األهــــل عــن بـعـضـهـم، لــذلــك، مــن املــهــم بالنسبة إلـى األهـــل، وتـحـديـدًا الشخص غير املــصــاب، أداء دور مزدوج يشمل رعاية املريض أمام األبناء لتعليمهم كــيــفــيــة الــعــنــايــة واالهـــتـــمـــام واملــــســــانــــدة، وتــهــدئــة مخاوفهم، ألن مشاعر القلق قد تـؤدي إلى مشاكل نفسية وجسدية».