Al Araby Al Jadeed

رﻣﻀﺎن اﻟﺠﺰاﺋﺮ... اﻟﻮزﻳﻌﺔ وﺗﺠﺪﻳﺪ المطابخ

- فتيحة زماموش

تستقبل األسر الجزائرية شهر رمضان عبر اســـتـــع­ـــدادات تــوارثــت­ــهــا مــن األجــــــ­داد، وتـبـدأ بإحيائها قبيل حـلـول الشهر الـــذي يحظى بــالــقــ­دســيــة، وهـــي عـــــادات تـعـيـد الـــــروح إلــى الــبــيــ­وت، وتـضـفـي عليها أجــــواء مــن الـفـرح والـــبـــ­هـــجـــة بــاســتــ­قــبــال «ســـيـــدن­ـــا رمــــضـــ­ـان»، كـمـا يطلق عليه شعبيًا. تـبـدأ اســتــعــ­دادات الـعـائـال­ت لشهر رمـضـان بتنظيف البيوت، واالستغناء عن األغــراض القديمة، في حني تعود البعض على طالء الجدران، وتجديد املـــفـــ­روشـــات، ويــنــظــ­ر جـــزائـــ­ريـــون إلــــى هــالل رمضان على أنه بداية عام جديد، ويعتبرون السهرة الرمضانية طقسًا يوميًا. ويشترك سكان مختلف مناطق الجزائر في عــادة إعـــادة ترتيب املطبخ، وتـعـج األســواق الشعبية واملحال بالزبائن، وتزدهر تجارة بيع األواني واللوازم التي تستعملها النساء في إعــداد أطباق شهر الصيام، وتستقطب األوانــــ­ـــي الـــفـــخ­ـــاريـــة اهـــتـــم­ـــام ربـــــات الــبــيــ­وت الالتي يفضلنها في طهي طبق «الشوربة»، لكونه طبقًا رئيسيًا على مائدة رمضان. وال تكتفي بـعـض الــعــائـ­ـالت بـتـجـديـد آنية الطهي، بل تقوم بتجديد أواني تناول األكل، خـصـوصـًا أطــبــاق الــشــورب­ــة، كـونـهـا فاتحة إفـطـار كـل يــوم، ويعتقد كثيرون أن تجديد هذه األواني يجلب البركة والخير. كما يعيد الشهر الفضيل استخدام األواني النحاسية الـتـقـلـي­ـديـة إلـــى املـــنـــ­ازل، فـهـي تـحـمـل رائـحـة رمضان األجداد. تقول سعاد رميتة، من منطقة سيدي مروان (شــــــــر­ق)، لــــ «الـــعـــر­بـــي الــــجـــ­ـديــــد»: «أســتــبــ­شــر بـبـركـة الـصـيـام والـلـمـة الـعـائـلـ­يـة، فرمضان ضيف خفيف على األسرة التي تجتمع حول مائدة اإلفـطـار، ويعتبر الجميع حلوله فأل خـيـر، وقـبـل أيـــام مـن ظـهـور الــهــالل، أشتري آنية الطهي الجديدة، وأمـــارس هـذه العادة منذ زواجــي قبل ثالثني سنة، وآنية الطهي املـصـنـوع­ـة مـــن الــفــخــ­ار تـعـتـبـر أهـــم مظاهر الــشــهــ­ر الـــفـــض­ـــيـــل». وتـــؤكـــ­د كــريــمــ­ة مـعـافـي 47( سنة)، من منطقة «املسيلة»، لـ»العربي الـــــجــ­ـــديـــــ­د»، أن «رائــــــح­ــــــة رمـــــضــ­ـــان تــتــصــل بعادات قديمة، منها إعـداد صينية السهرة ولــوازمــ­هــا املـصـنـوع­ـة مــن الـنـحـاس األصـفـر لـــشـــرب الــقــهــ­وة والــــشــ­ــاي، وتـــنـــا­ول مختلف الحلويات التي تزين الجلسة، ومــن بينها الزالبية وقلب اللوز وغيرها من الحلويات التقليدية». وال يــســتــق­ــيــم الـــطـــه­ـــي الــــجـــ­ـزائــــري مــــن دون اســــتـــ­ـخــــدام الــــتـــ­ـوابــــل، وعــــلـــ­ـى خـــــالف األيـــــا­م الـــعـــا­ديـــة، تـــحـــن نـــســـاء بــعــض املـــنـــ­اطـــق إلــى تحضيرها في البيوت. من بني هؤالء نورة حـدو، من منطقة «عني وســارة»، والتي تعد الــفــلــ­فــل األســــــ­ود واألحــــم­ــــر والــخــلـ­ـطــة حـــارة املذاق في البيت. وتقول لـ«العربي الجديد»: «تــعــطــي األعـــشــ­ـاب املــعــطـ­ـرة األطـــبــ­ـاق نكهة خـــاصـــة، ومـنـهـا الــكــركـ­ـم والــقــرن­ــفــل والـفـلـفـ­ل األســــــ­ـود والـــزنــ­ـجـــبـــي­ـــل والــــزعـ­ـــفــــرا­ن والـــقـــ­رفـــة والـــكـــ­راويـــة والـــكـــ­مـــون وجـــــوزة الــطــيــ­ب، كما أن قـيـمـة هـــذه الــبــهــ­ارات الــغــذائ­ــيــة مرتفعة، وشـــخـــص­ـــيـــًا أفــــضـــ­ـل طـــحـــنـ­ــهـــا وتـــجـــه­ـــيـــزهـ­ــا مـــنـــزل­ـــيـــًا». وحـــرصـــًا عــلــى جـــودتـــ­هـــا، تقتني بعض ربــات البيوت بــذور التوابل وغيرها

من األعشاب العطرية، ثم تقوم بتحميصها وطحنها في البيت قبل حلول رمضان، فيما يــفــضــل الــغــالـ­ـبــيــة شــــراء هــــا. وتــــــدو­ر أســعــار الخلطة الـبـالـغـ­ة 100 غـــرام حـــول نـحـو 200 دينار جزائري (دوالر أميركي). ومــــــن بـــــني عـــــــــ­ادات رمـــــضــ­ـــان املـــــتـ­ــــوارثــ­ـــة فـي الـجـزائـر، اقتناء مــاء الـــورد املقطر املصنوع بالطرق التقليدية، خاصة في مناطق ميلة وقسنطينة والــبــلـ­ـيــدة، ويــجــري استعماله فــي صـنـاعـة الــحــلــ­ويــات، وغــالــبـ­ـا مــا تضعه ربـــات الـبـيـوت فـي آنـيـة مـن الـنـحـاس تسمى «املـــــــ­ــرش»، كـــمـــا يـــضـــاف إلـــــى الـــقـــه­ـــوة خـــالل سـهـرات رمـضـان. تعلمت املسنة الجزائرية زبـــيـــد­ة 73( ســـنـــة)، حــرفــة إعـــــداد مـــاء الـــورد املقطر من والدتها، وتقول إنها تمارس هذه املهنة منذ أربعة عقود، وتعد سنويًا كميات كبيرة منها يقبل عليها عشرات الزبائن من مختلف املـنـاطـق، والـذيـن يحجزون مسبقًا ما يريدونه قبل فترة من حلول رمضان. وفـــــــي األحــــــ­يــــــاء الـــشـــع­ـــبـــيــ­ـة، يــــجــــ­ري تـــزيـــن­ي

الشوارع عبر شبان الحي، ولتعزيز التكافل االجتماعي والـتـراحـ­م، تكرر عـائـات بعض القرى والبلدات املشاركة في فعاليات محلية، على غـرار تقليد «الوزيعة»، أو «ثمشريط» بــالــلــ­غــة األمـــازي­ـــغـــيــ­ـة، ويــــجـــ­ـري فـــيـــه تـــوزيـــ­ع اللحوم على العائات الفقيرة بهدف إدخال الفرحة إلى قلوبهم، وهي عادة يشرف عليها كبار السكان الذين يقومون بجمع املال من األغنياء لشراء األغنام وذبحها، ثم تقسيم الـذبـائـح بـالـتـسـا­وي وتـوزيـعـه­ـا على األســر املــعــوز­ة. ويـقـول الـبـاحـث فـي علم االجتماع بـجـامـعـة الـشـلـف (غـــــرب)، إبــراهــي­ــم شيقور، لــــ«الـــعـــر­بـــي الـــجـــد­يـــد»، إن «عــــــادا­ت رمــضــان تنطوي على معتقد مشترك يتعلق بـ(بركة الشهر)، ما يجعلها تكتسب قـدرًا كبيرًا من التقديس. هذه العادات من مظاهر االحتفال بــــقــــ­دوم الـــشـــه­ـــر، ويـــعـــك­ـــس اشــــتـــ­ـراك األفــــــ­راد فيها مــدى تضامنهم والـرغـبـة فــي ترسيخ القيم، كما تنظم سلوكياتهم وتحمل رمزية التجدد سنويا».

 ?? )ﺑﻼل ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ/ (Getty ?? تنتعش أسواق الجزائر في رمضان
)ﺑﻼل ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ/ (Getty تنتعش أسواق الجزائر في رمضان
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar