Al Araby Al Jadeed

«العربي الجديد» في عيده العاشر

- معن البياري

ال يطفئ مـوقـع العربي الجديد الـيـوم شمعة عــاشــرة، وإنـمـا يشعل شمعة أخــرى،

ّّ فـواحـدة من مهمات، غير هينة، أراد أن يؤديها، أن ينير ما وسعه أن يفعل، ال أن يعتم. هذا ما حدثنا به أنفسنا، ملا اجتمعنا، وتداولنا، وتحاورنا، وقلبنا غير أمر على غير وجـه ووجهة، قبل عشر سنوات، عشية الثالثني من مـارس/ آذار ،2014 اليوم الذي أطل فيه «العربي الجديد» على الجمهور، معلنا عن نفسه، مدشنا مساره الـذي مضى فيه، تواكبه طموحات ورهـانـات، كانت في أفهامنا ومداركنا خيارات نختبر قدراتنا وإمكاناتنا ونحن نتطلع إلـى إنجازها، وإلــى تأكيد حضورنا في الفضاء اإلعالمي العريض، بكل تنويعاته. واليوم، بعد مضي هذه السنوات العشر، نستعيد تلك اللحظات، نرانا محقني في اعتزازنا بما صنعنا، وفي اعتدادنا بما أدينا، فخورين بأن الذين خاصمونا، عندما صنفونا بما كان في أوهامهم عنا، يقرون بأننا مضينا في مشروعنا كما توسلناه أن يكون، فنجحنا. ببساطة، ألن العناوين التي استرشدنا بها أركانًا أساسية في عملنا وشغلنا لم نتسامح بشأنها، لم نهادن بصددها، لم نتنازل عنها، لم نأخذ ونعطي فيها. أولها املهنية اإلعالمية، فلسنا حزبًا وال منصة ألي تيار سياسي، ولسنا ناشطني أو دعاة أو وعاظا، إنما نتقصى الخبر في مطرحه، ونبحث في أبعاده وزوايــاه بالتحليل والتقرير والـحـوار، ونتيح ألصحاب الرأي أن يتطارحا في مضامينه وما جاء به، مع االسترشاد دائمًا بما هو في مصلحة األمة والشعوب العربية، فلم يستهونا البحث عما يؤزم عالقة بلد عربي بآخر، من أجل سبٍق أو انفراٍد أو استعراض، ولم نكترث بأخباٍر تصنع الضجيج إياه في مالعب السوشيال ميديا. وإذا كان من هنات هينات وقعنا فيها في غضون متابعاتنا وتغطياتنا مئات آالف األخـبـار والقضايا، فذلك عـــارض ونـاتـئ، ولدينا كل الشجاعة في التصحيح واالســتــ­دراك إن اقتضتهما ضــرورة ملحة، فالحقيقة والحقيقي هما أول همومنا، في كل مسألة، صغيرة أو كبيرة. عاين جمهور «العربي الجديد» في السنوات العشر املاضية أن املهنية الحاضرة فيه توازت مع انحيازاتنا املعلنة، مع األفق الديمقراطي الذي نأمله لكل شعب عربي، من دون أن ننصب أنفسنا أوصياء أو متعاملني على أحد، ومن دون أن نفترض أننا أصحاب الحقيقة الوحيدة. ولعل خيارنا هذا، والذي جعلنا بالضرورة مع تطلعات الشعوب العربية إلـى الحرية والكرامة والعدالة، مع ثوراتها وانتفاضاته­ا ضد كل استبداد وفساد، هو ما صيرنا مستهدفني، ال من ذباب إلكتروني نشط وحسب، بل من حكومات وأجهزة وأنظمة وقوى، لم نحمل السلم بالعرض ونحن نخاصمها، إنما هي التي انقطعت، إلـى حـد ظاهر، من أجـل تطويقنا ومحاربتنا، وسـد منافذ وصولنا إلى الناس ووصولهم إلينا. وفي األثناء، لم نكن في املحكات الوطنية العليا في أي دولة عربية في غير صف النظام العام واألمن القومي فيها، أيا كان موقفنا مـن أداء السلطة فيها وطــرائــق إدارتــهــ­ا الـشـأن الــعــام. حـــاول «الـعـربـي الـجـديـد» في سنواته العشر املاضية أن يكون على جاذبية بصرية تيسر لقرائه وزواره التجول فيه، وأخــذ بكل ما يجعله موقعا إلكترونيا حيويا، يتوفر على املنتوجات املرئية واملسموعة الغنية بالفائدة واملتعة. وأولى في هذا الشأن حرصًا على أن يتزود بكل أسباب املشهدية األنيقة. وتوازى أمره هذا مع التجديد املتواصل واالبتكار الخالق، اللذين يقوم عليهما زمـالء من أهل الخبرة والدربة. وحافظ «العربي الجديد» على التنويع في اهتماماته ومشاغله، وربما «تطرف» في هـذا، على ما يمازحنا بعض أصدقائنا، فقد تنكب قسم املجتمع، مثال، مهمة عسيرة، وهو يالحق شؤون الصحة والتعليم والسكن والبيئة في املجتمعات العربية، ولم يهمل أوضاع الجاليات العربية واإلسالمية في املهاجر. وصنع الزمالء في قسم «املنوعات» الكثير البديع في متابعة الفنون واإلبداعات وشؤون وسائل اإلعالم. وال ينسى ما يؤديه الزمالء في الرياضة والثقافة واالقتصاد والتحقيقات، وكذا في «ضفة ثالثة» و«صحتك» والعربي الجديد باإلنكليزي­ة، وفي الصفحات املتخصصة. ما كان للمكانة العالية التي يحوزها «العربي الجديد» في خريطة املشهد اإلعالمي أن تكون لوال مساندة محضنا إياها الجمهور العام، وثقته التي نتسلح بها في كل عملنا، ولوال جهود جميع الزمالء الصحافيني والفنيني وفي اإلدارة، والتحية واجبة لرؤساء التحرير السابقني الذين قــادوا املركب باقتدار، وائـل قنديل وبشير البكر وحسام كنفاني ... وإلى شمعات أخريات لن تنطفئ في األعوام املقبلة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar