االنتخابات المحلية التركية
األكراد والعلويون أقوى ركنين للمعارضة
تتسابق أحزاب تركية لكسب أصوات الناخبين األكراد والعلويين في االنتخابات المحلية نهاية الشهر، وسط االتفاق بين حزبي «ديم» و«الشعب الجمهوري» الذي تصوت له نسبة كبيرة من العلويين
تسعى األحـــزاب التركية املتنافسة في االنتخابات املحلية التي تجري األحـــــــد املـــقـــبـــل إلــــــى كـــســـب أصــــــوات جميع الفئات واملجموعات العرقية والدينية، وخــصــوصــا أن تــأثــيــر هــــذه املــجــمــوعــات قد يكون حاسما، مثل أصوات الناخبن األكراد، وأصـــــــوات أبـــنـــاء الــطــائــفــة الـــعـــلـــويـــة. وشــكــل الـــصـــوت الــــكــــردي فـــي االنـــتـــخـــابـــات املـحـلـيـة الـتـركـيـة الــســابــقــة، عـــام ،2019 عــامــل حـسـم، ومكن من فوز مرشحي املعارضة في كبرى املـــدن، أهمها فــي إسطنبول وأنــقــرة. ويـقـدر عـدد الناخبن األكـــراد في تركيا ما بن -12 14 في املائة من إجمالي أصــوات الناخبن، البالغ عددهم قرابة 65 مليون ناخب داخل الــــبــــاد وخــــارجــــهــــا، يـــتـــوزعـــون فــــي مــنــاطــق جنوب شـرق تركيا، وفـي أحـيـاء داخــل املـدن الكبرى، خصوصا إسطنبول. ويــعــتــبــر حــــزب «ديـــــم» حــالــيــا أكــبــر األحــــزاب الـكـرديـة، وحـصـد فـي االنـتـخـابـات البرملانية األخـــيـــرة، مـــايـــو/ أيــــار املـــاضـــي، بــاســم حــزب «الـــيـــســـار األخــــضــــر»، قـــرابـــة 9 فـــي املـــائـــة من األصوات، وقارب مجموع أصوات الحزب في االنتخابات 5 ماين صوت. وفي انتخابات ،2018 حـقـق حـــزب «الــشــعــوب الـديـمـقـراطـي» االســــم الــســابــق لــحــزب «ديــــم» الـــكـــردي، 11.7 فـــي املـــائـــة مـــن األصـــــــوات، إذ صـــــوت لـــه أكـثـر مـــن 5 مـــايـــن 800و ألــــف نـــاخـــب. وال زالـــت الـحـكـومـة تــعــزل رؤســــاء الـبـلـديـات التابعن لــأحــزاب الـكـرديـة القومية بــدعــاوى متعلقة بـــاالرتـــبـــاط بـــــاإلرهـــــاب، أي بـــحـــزب «الــعــمــال الكردستاني»، فيما تـواجـه األخيرعسكريا، داخــل تركيا وخـارجـهـا. وأعـلـن حـزب «ديـم» خوضه االنتخابات الحالية منفردًا، ورشـح في إسطنبول ميرال دانــش بيشتاش ومـراد تشبني، وقـــدم مـرشـحـن فــي واليــــات أخـــرى، وقبلها كــان يـقـود حـــوارًا مــع حــزب «الشعب الجمهوري» املـعـارض للتحالف معه، ورغـم تــقــديــم مــرشــحــن لـــخـــوض االنـــتـــخـــابـــات، إال أن هـــنـــاك تـــوافـــقـــات جــــرت بـــن الـــحـــزبـــن في إســطــنــبــول ومــنــاطــق أخــــــرى. وكـــشـــف عضو مـــجـــلـــس حــــــزب «ديـــــــــم» أحــــمــــد صــــايــــمــــادي، فـــي تــصــريــح االثـــنـــن املـــاضـــي، عـــن أن حـزبـه عـــمـــل عـــلـــى عـــقـــد اتــــفــــاق مــــع حـــــزب «الــشــعــب الـجـمـهـوري»، يشمل دعـمـه مقابل الحصول على مناصب نواب رؤساء البلديات. وأضاف أن أسس التعاون والتحالف هي ملنع «العدالة والتنمية» من الفوز بهذه االنتخابات. وحول تفاصيل االتفاق، قال صايمادي، إن «الشعب الجمهوري لم يقدم مرشحا في أي من واليتي قــــارس، وأغـــاديـــر، مـقـابـل عـــدم تـقـديـم الـحـزب الـــكـــردي (ديــــم) مـرشـحـن فــي واليــــة مانيسا وأمـــاكـــن أخـــــرى»، مـضـيـفـا: «لــديــنــا تحالفات فــــي واليــــــة مـــرســـن وفـــــي الـــبـــلـــديـــات الــكــبــرى وفــــي بــعــض بــلــديــات املـــنـــاطـــق، ونـــشـــارك في 22 منطقة بإسطنبول ضمن قـوائـم الشعب الـجـمـهـوري». ولـفـت إلــى أنــه «فــي حــال الفوز بالبلديات سيتم منح حزبنا مناصب نواب رؤسـاء البلديات». وفي ما يخص العلوين، فإنهم يشكلون نسبة كبيرة من الناخبن في حزب «الشعب الجمهوري»، وتقدر أعدادهم في تركيا بنحو 13 مليون شخص، بحسب قـــــيـــــادات عـــلـــويـــة، ويــــتــــوزعــــون فــــي مــنــاطــق مـخـتـلـفـة وســــط األنــــاضــــول وجـــنـــوب وغـــرب الباد. وبشكل عام يصوت العلويون لصالح «الـــشـــعـــب الـــجـــمـــهـــوري»، وال تـــحـــدث فـــي ما بينهم انقسامات بـــارزة. وحصلت تطورات أخيرًا دفعت للحديث عن حالة غضب وسط ناخبي «الشعب الجمهوري» من العلوين. يتمثل التطور األول بطريقة خــروج رئيس الـــحـــزب الــســابــق، كــمــال كــلــجــدار أوغـــلـــو، من
حزب «ديم» الكردي سيدعم مرشحي «الشعب الجمهوري»
من المستبعد تخلي غالبية الناخبين العلويين عن «الشعب الجمهوري»
رئاسة الحزب، ومجيء قيادة جديدة عملت عــلــى تـصـفـيـة نـــفـــوذ قـــيـــادات مـــن الــعــلــويــن، وكــــذلــــك تــقــلــيــل املـــرشـــحـــن مـــنـــهـــم. ويــتــعــلــق التطور الثاني بمسألة ترشيح رئيس بلدية هـاتـاي، لطفي ســـاواش، إذ إن غالبية سكان الـــواليـــة، ونصفهم مــن الـعـلـويـن، يرفضون ترشيحه بسبب مــا آلـــت إلـيـه الــواليــة خـال زلزال 6 فبراير/ شباط .2023 ورغم محاوالت سابقة من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان الستقطاب العلوين عبر خطوات حكومية ضمن إطـــار االنـفـتـاح على هــذه الطائفة في الـــبـــاد، إال أنـــه ال يــجــري الــحــديــث عــن خـرق كــبــيــر. يـــقـــول الـــبـــاحـــث الــســيــاســي فـــي مـركـز «سيتا» لأبحاث بأنقرة، باقي اللي أوغلو، فـي حـديـث لــ«الـعـربـي الـجـديـد»، إن «اعتبار الـــنـــاخـــبـــن األكـــــــــراد فــــي تـــركـــيـــا كــمــجــمــوعــة متجانسة هـو أحــد أكبر املفاهيم الخاطئة، ألن هــــنــــاك مــــجــــمــــوعــــات فــــرعــــيــــة ســيــاســيــة واقــتــصــاديــة واجـتـمـاعـيـة مختلفة بينهم». ومــــع ذلــــك يــلــفــت اللــــي أوغـــلـــو إلــــى إمـكـانـيـة الــقــول إن «الـنـاخـبـن األكـــــراد، خـصـوصـا في الـشـرق والـجـنـوب الـشـرقـي، كـانـوا متفاعلن مع حزب ديم في هذه االنتخابات»، مضيفا: «عـــلـــى الـــرغـــم مـــن أنــــه ال يـــــزال الـــحـــزب األول فـــي املــنــطــقــة إال أن عــــدم قـــــدرة الـــحـــزب على تـجـاوز الـحـدود التي وضعها حــزب العمال الــكــردســتــانــي، وتــعــاونــه املـسـتـمـر مـــع حـزب الشعب الـجـمـهـوري، خلقا ضـجـرًا واستياء بن الناخبن». ويعزو ذلـك إلـى أنـه «لـم يتم حل أي من املشاكل السياسية أو العملية أو الديمقراطية للناخبن األكــراد». ويشير إلى أن «منح حـزب الشعب الجمهوري الــوزارات والنواب حتى ألصغر األحزاب في انتخابات 2023 (الــبــرملــانــيــة)، وتــوقــيــع رئــيــس الـحـزب آنــذاك، كمال كلجدار أوغلو، على بروتوكول مع سياسي قومي تركي متطرف مثل أوميت أوزداغ (زعـــيـــم حــــزب الـــنـــصـــر)، وقـــبـــول أنــه سيواصل ممارسات الوصاية على البلديات، زاد من رد فعل الناخبن األكراد بشكل أكبر». ويـــتـــابـــع: «فــــي إســطــنــبــول تـــم الـــتـــعـــاون بن حـــزب الـشـعـب الـجـمـهـوري وحـــزب ديـــم تحت اســـــم تــــوافــــق املــــديــــنــــة، وعـــلـــى الــــرغــــم مــــن أن حـــزب ديـــم لــديــه مـرشـحـه فــي إســطــنــبــول، إال أنـــــه يـــهـــدف فــــي الـــغـــالـــب إلـــــى تــقــلــيــل غـضـب الـــنـــاخـــبـــن الــــذيــــن يـــعـــارضـــون الـــتـــعـــاون مـع حــــزب الــشــعــب الـــجـــمـــهـــوري». وأكـــبـــر مـؤشـر على ذلك «أن مرشحي حزب ديم ال ينظمون حـمـلـة انـتـخــابـيــة قـــويـــة، وأســـمـــاؤهـــم غـريـبـة عــن إسـطـنـبـول». ويـــرى بـالـتـالـي، أنـــه «يمكن الــقــول بــوضــوح إن حــزب ديــم فــي إسطنبول وجــــــه الـــنـــاخـــبـــن األكـــــــــراد، والــــذيــــن صـــوتـــوا لـــه، نـحـو مــرشــح حـــزب الـشـعـب الـجـمـهـوري، أكـــرم إمـــام أوغـــلـــو»، رئـيـس بـلـديـة إسطنبول الحالي. وفـي ما يخص الناخبن العلوين، يستبعد اللـي أوغـلـو تخلي هــؤالء عـن حزب الشعب الجمهوري. من ناحيته، يقول املحلل الـسـيـاسـي مـالـك آتـيـا قـــره دريــــك، لــ«الـعـربـي الــــجــــديــــد»، إنـــــه «بـــعـــد تـــولـــي حـــــزب الـــعـــدالـــة والتنمية الحكم (أواخر )2002 وإجراء بعض اإلصـــاحـــات، كـفـتـح قــنــاة تـلـفـزيـونـيـة كـرديـة وإدخـال اللغة الكردية كلغة اختيارية ضمن مـنـاهـج الـتـدريـس فــي املــــدارس والـجـامـعـات، تـغـيـر الــوضــع لـيـبـدأ بـعـض مــن أكــــراد تركيا بالتصويت لحزب أردوغان». وفي ما يتعلق بالطائفة العلوية، يشير قره دريـك إلى أنها «كــانــت تــصــوت لــحــزب الـشـعـب الـجـمـهـوري، فيما عملت حـكـومـة الـعـدالـة والتنمية على حل مشاكل هذه األقلية بتعين أشخاص من هذه الفئة وتركيزهم ضمن مناصب ملتابعة أمورهم وحل مشاكلهم».