سباق على األموال الساخنة... مصر وتركيا األحدث

مصطفى عبد السالم

دخلت تركيا في سباق مع مصر وغيرها من األسواق الناشئة على جذب أموال املستثمرين األجانب الساخنة، وهي األموال التي تتدافع نحو الدول املتعطشة للنقد األجنبي باحثة عن العائد السريع واملضمون، عبر االستثمار في أدوات شبه مضمونة، منها األذون والسندات. ومؤخرا دخلت العديد من الدول الباحثة عن سيولة دوالرية سريعة في منافسة نحو استقطاب أكبر كميات من األموال الساخنة سريعة التحرك، عبر زيادة سعر الفائدة على عمالتها ملستويات غير مسبوقة، وهو ما يغري قناصي الصفقات الباحثني عن الثراء السريع. فتركيا رفعت الخميس املاضي الفائدة إلى %50 بزيادة %5 مرة واحدة، وهو املستوى األعلى في تاريخها منذ التسعينيات، ملكافحة التضخم الذي تجاوز %67 في فبراير. والبنك املركزي املصري رفع الفائدة إلى %27.5 يوم 6 مارس بزيادة %6 مرة واحدة، قبيل تعويم الجنيه. وحلت السودان في املرتبة السادسة ضمن الدول األعلى بأسعار الفائدة بلغت ،%28.3 وهناك توقعات بزيادة السعر ملواجهة تضخم مرتفع وتبعات انهيار االقتصاد وحرب شرسة. سبق مصر وتركيا والسودان في سباق الرفع األرجنتني التي رفعت الفائدة ألكثر من ،%100 لتسجل املركز األول عامليًا. يتكرر املشهد في دول أخرى رفعت الفائدة ملعدالت قياسية بهدف جذب األموال الساخنة والحيلولة دون انهيار قيمة العمالت كما هو في زيمبابوي، ،%130 وفنزويال %57.8 وغانا %29 واليمن وماالوي والكونغو. وعلى الرغم من املكاسب القصيرة التي تحققها الدول من جذب األموال الساخنة، والتي تساهم في تحقيق سيولة دوالرية سريعة وتقوية العملة املحلية، إال أنها في املقابل تمثل دمارا لالقتصادات والعمالت وإرهاقا ملوازنات الدول في حال عدم تحويل تلك األموال من سريعة التحرك إلى مشروعات استثمارية طويلة األجل. فهذه األموال تهرب بسرعة عند حدوث أول خطر سواء داخل الدولة املستقبلة لها أو خارجها، كما حدث عقب اندالع كورونا وحرب أوكرانيا ورفع الفائدة األميركية، وتحتمي بسرعة باألصول شبه املضمونة ومنها الدوالر واليورو والذهب، وفي حال الهروب فإنها تسبب تهاويا للعمالت، كما هو الحال مع الجنيه املصري، والذي تم تعويمه 3 مرات عقب هروب نحو 23 مليار دوالر من تلك األموال عقب اندالع حرب أوكرانيا، وتكرر املشهد في األرجنتني. األموال الساخنة سالح باتر وخطر، فإما أن تروضه وتقنع أصحابه بالبقاء فترة أطوال، وهذا أمر صعب بسبب طبيعة تلك األموال وأصحابها، وإما أن تكتوي بنيرانها الحارقة في شكل اضطرابات في األسواق، خاصة العملة والسلع، وتضخم عال وهروٍب لألموال وانهياٍر للمدخرات املحلية وتعويمات للعملة ال تتوقف.