الالجئون السودانيون يزدادون في ليبيا
تعاني مدينة الكفرة، أقصى جنوب شرقي ليبيا، من تكدس الجئني سودانيني فارين من الحرب الدائرة في بالدهم. ولم تستطع سـلـطــاتــهــا تــقــديــم املـــعـــونـــات الــــالزمــــة لــهــم فـانـتـقـل بعضهم إلى مناطق أخرى جنوب ليبيا. وفــي آخــر املــؤشــرات الـتـي تــدل على تـزايـد معدالت الالجئني الـسـودانـيـني فـي ليبيا، أعلنت السلطات األمـــنـــيـــة فــــي مـــديـــنـــة الـــكـــفـــرة الـــعـــثـــور عـــلـــى جـثـث سـودانـيـني فــي صــحــراء املـديـنـة تــوفــوا خــالل رحلة الـــنـــزوح مـــن بــلــدهــم. وأوضـــحـــت بــلــديــة الــكــفــرة أن فـــرق جــهــاز اإلســـعـــاف والـــطـــوارئ انـتـشـلـت 4 جثث تفحمت بسبب احــتــراق ســيــارة دفـــع ربــاعــي كانت تقلهم على الحدود مع السودان. وذكرت أن 16 راكبًا من رجــال ونساء وأطفال كانوا على منت السيارة، وأن غالبيتهم أصيبوا بحروق بدرجات متفاوتة، وجــرى نقلهم إلــى مستشفى الكفرة ومستشفيات فــي بــنــغــازي. وفـــي نـهـايـة فــبــرايــر/ شـبـاط املـاضـي، حذر الناطق باسم بلدية الكفرة، عبد الله سليمان، من تكدس الالجئني السودانيني في املدينة، مشيرًا إلى أنه ال يمكن تحديد عددهم بدقة بسبب الدخول الــعــشــوائــي لـلـفـاريـن مـــن الـــحـــرب فـــي الـــســـودان إلـى ليبيا، لكنه قدر هذا العدد بعشرات اآلالف. وأعــلــن سليمان أن فـــرق الـبـلـديـة قـدمـت مـسـاعـدات غذائية لثالثة آالف أســرة وخمسة آالف فـرد خالل أقـــل مــن أســـبـــوع، وأكـــد ضــــرورة تـوفـيـر احـتـيـاجـات عاجلة من أغذية وألبسة وأدويــة التي ال تستطيع مؤسسات املدينة تقديمها للنازحني الذين يـزداد عددهم في شكل دائم. وأكد أن «الالجئني الفارين من الحرب في السودان ال يعتبرون مهاجرين سريني، لـكـن مــئــات مــن املــهــاجــريــن الــســريــني مــن جنسيات أخرى تسللوا بينهم». ويــــتــــحــــدث الــــنــــاشــــط الـــحـــقـــوقـــي رمـــــــزي املـــقـــرحـــي، لـ«العربي الجديد»، عن وصـول الجئني سودانيني إلــــى مــنــاطــق أخـــــرى فـــي جـــنـــوب لــيــبــيــا، مـــن بينها ربـيـانـة والــســريــر وسـبـهـا الـكـبـيـرة، ويــقــول: «تـبـذل بلدية الـكـفـرة جـهـودًا كبيرة ملـحـاولـة تطويق أزمـة الـالجـئـني الــســريــني، لـكـن غــيــاب الــوثــائــق واألوراق الثبوتية لديهم يمنع ذلك أحيانًا كثيرة». يـضـيـف: «ال تستطيع الـسـلـطـات الـلـيـبـيـة الـتـعـرف على ذوي الـسـوابـق واملـجـرمـني فـي الــســودان، إذ ال يمكن التعامل مع أي جهات منضبطة في هذا البلد واالتصال بها في ظل الحرب. ويفرض هذا التحدي بذل السلطات الليبية جهودًا إضافية للتعرف على املتسربني الذين فروا من العدالة في السودان، علمًا أن املخاوف تزداد أيضًا من إمكانية تسرب عناصر متطرفة، واستغاللهم الحرب في السودان لالنتقال إلــــى لــيــبــيــا حــيــث يــعــتــبــر مــلــف اإلرهـــــــاب حـسـاسـًا خصوصًا أن البالد بالكاد تعافت من قضايا إرهاب سـابـقـة». ويشير املـقـرحـي إلــى أن تعقيدات قضية حصر الالجئني السودانيني فـي ليبيا تشمل عدم ضبط منافذ دخولهم الحدود، فهم ال يستخدمون املعابر املشتركة فقط بـل يعبرون أيضًا مصر في اتـــجـــاه طــبــرق أقــصــى شــــرق لـيـبـيـا، وأيـــضـــًا حـــدود التشاد إلـى منطقة القطرون في ليبيا. ويلفت إلى أن انــتــشــال الـسـلـطـات األمــنــيــة الـتـونـسـيـة 13 جثة ملهاجرين سودانيني قبالة سواحلها نهاية فبراير/ شــبــاط املــاضــي يـشـيـر إلـــى اتــســاع أزمــــة الـالجـئـني، وبدء انتقالهم إلى دول أخرى مجاورة. وضـــبـــط أكــثــر مـــن ألـــف مـهـاجـر ســــري فـــي أكــثــر من موقع لتهريب البشر على سواحل ليبيا منذ بداية العام الحالي، في حني تحدثت تقارير دولية عن أن عمليات الضبط تتركز شرق ليبيا. وفي حديث سابق لـ «العربي الجديد»، أكد املسؤول في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا، نصر الشويطر، اهتمام حكومة الـوحـدة الوطنية وحـــكـــومـــة مــجــلــس الــــنــــواب فــــي لــيــبــيــا مـــعـــًا بـمـلـف الهجرة. وفي نهاية يناير/ كانون الثاني املاضي، شدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الـــدبـــيـــبـــة، خـــــالل مـــشـــاركـــتـــه فــــي مـــؤتـــمـــر دولــــــي عـن الهجرة في العاصمة اإليطالية روما، على أن «ليبيا بلد ممر وعبور، وليست مصدرًا ملهاجرين»، ودعا املجتمع الـدولـي إلـى تطبيق استراتيجيات لوقف الهجرة مـن دول املـصـدر فـي العمق األفـريـقـي، لكن تقارير تشير إلـى أن شبانًا ليبيني انضموا أخيرًا إلى قوافل الهجرة السرية بتشجيع من العصابات الـــتـــي تــســتــفــيــد مــــن عـــــدم حــاجــتــهــم إلـــــى إجـــــــراء ات تمهيدية ترهق العصابات نفسها. وشهدت الفترة ذاتها تنظيم حكومة مجلس النواب بــبــنــغــازي مـــؤتـــمـــرًا دولـــيـــًا بــمــشــاركــة مـمـثـلـي دول أفـريـقـيـة ومـنـظـمـات معنية بملف الــهــجــرة، ودعــت هذه الحكومة املجتمع الدولي إلى ضرورة التشاور مـع دول املنشأ والـعـبـور واملقصد للمهاجرين من أجل معالجة الظاهرة من جذورها.