سياسات التطبيع مع النظام السوري
عــادت القضية الســورية إلى دائــرة االهتمام اإلقليمي والدولــي من بوابة الجدل حــول أهداف التطبيع مع النظام الســوري وجــدواه. وبذلت بعض الدول العربية محاوالت ســابقة في هذا الصدد، وأخــرى ظلت تحتفظ بعالقات معه، من أجل إعادته إلى جامعة الدول العربية ُقبيل قمة الجزائر في نوفمبر الماضي
يـنـقـسـم الـــــرأي بـــن الـــــدول املعنية بـاملـوضـوع الــســوري حـالـيـا بشأن الــتــطــبــيــع مــــع دمـــشـــق إلـــــى ثــاثــة تــــيــــارات رئـــيـــســـة؛ األول مــتــحــمــس للتطبيع ويــســيــر بـخـطـى ثــابــتــة نـــحـــوه، إمــــا فـــي إطـــار حسابات نابعة أساسا من اعتبارات داخلية، وهـــــذا شــــأن تـــركـــيـــا، الـــتـــي تــقــف عــلــى أعــتــاب انتخاباٍت حاسمٍة هـذا الصيف، أو في إطار رؤيــــــة تــســعــى نــحــو تـطـبـيـع مــجــانــي غـرضـه طي صفحة الثورات العربية نهائيا، كما في حالة اإلمــــارات، فـي حـن يربط التيار الثاني بوضوح حصول التطبيع بتحقيق تقدم في مــســار الــحــل الــســيــاســي، ويــمــثــل هــــذا الـتـيـار الواليات املتحدة واالتحاد األوروبي، وعربيا قــطــر. أمـــا الـتـيـار الـثـالـث فـيـراقـب الــوضــع في انتظار جاء الصورة حتى يحدد موقفه، ومن الدول التي تمثله السعودية ومصر واألردن.
المتح ّمسون
تـــــعـــــد تــــركــــيــــا واإلمــــــــــــــارات حــــالــــيــــا مـــــن أبـــــرز املتحمسن للتطبيع مع النظام السوري، وإن كان لكل منهما دوافعه الخاصة.
تركيا
بــدأت بــوادر التغيير في السياسة التركية تـــجـــاه الــــصــــراع فـــي ســـوريـــة مــنــذ الــتــدخــل العسكري الـروسـي فـي سـوريـة فـي أيلول/ سـبـتـمـبـر ،2015 إذ غــــدت ســيــاســة تغيير النظام فـي دمشق التي تبنتها أنـقـرة منذ خـريـف 2011 غير واقـعـيـة فــي حساباتها. ودفــع التحالف الــذي أنشأته واشنطن مع قـوات سوريا الديمقراطية (قسد) للقضاء عـلـى تنظيم الــدولــة اإلسـامـيـة فــي الـعـراق والشام (داعـش) إلى تغيير أولويات أنقرة في سـوريـة؛ وأدى ذلـك إلـى تمهيد الطريق أمــــام تـفـاهـمـات تـركـيـة - روســيــة جـوهـرهـا تخلي أنقرة عن سياسة تغيير النظام في دمشق مقابل تعاون موسكو في منع قيام كيان كردي على الحدود التركية - السورية. لـــكـــن الـــتـــغـــيـــيـــر فــــي الـــســـيـــاســـة الـــخـــارجـــيـــة التركية أخذ منحى أكثر شموال وعمقا في السنتن األخـيـرتـن، بسبب تنامي التوتر في العاقة مع واشنطن منذ وصـول إدارة الـرئـيـس جــو بــايــدن إلــى الحكم مطلع عام ،2021 وتفاقم الصعوبات االقتصادية التي تواجهها تركيا. وإضافة إلى املشكات االقتصادية الهيكلية، تأثرت تركيا، مثل دول كثيرة، بوباء فيروس كـــورونـــا املـسـتـجـد (كــوفــيــد - ،)19 وانـعـكـس ذلـــك فـــي سـعـر صـــرف الـعـمـلـة الـتـركـيـة الـتـي خـــســـرت نــحــو 90% مـــن قـيـمـتـهـا بـــن عـامـي 2016 ،2022و فـضـا عــن تـنـامـي الـعـجـز في املـيـزان التجاري وارتـفـاع مستوى التضخم الـــذي وصــل نتيجة تضاعف أسـعـار الطاقة بعد اندالع الحرب في أوكرانيا إلى أكثر من .80% وقـد دفعت هـذه التحديات السياسية واالقتصادية واألمنية الرئيس رجـب طيب أردوغـــــــان إلــــى إجـــــراء تــغــيــيــرات واســـعـــة في سياسته الخارجية، شملت تحسن العاقات مـع السعودية واإلمــــارات وإسـرائـيـل ومصر وإيــــران، وغـيـرهـا. وعـلـى الــرغــم مــن أن تغير سـيـاسـة تـركـيـا تـجـاه القضية الـسـوريـة بـدا كأنه جـزء من مقاربتها اإلقليمية الجديدة، فــقــد كــــان لــلــعــاقــة مـــع ســـوريـــة خـصـوصـيـة إضــافــيــة واضـــحـــة مـمـثـلـة بـــصـــراع مـــريـــر مع الــنــظــام الـــســـوري نـتـج مـنـه وجــــود نـحـو 3.7 ماين الجئ سوري في تركيا. ونــتــيــجــة األوضــــــاع االقـــتـــصـــاديـــة الـصـعـبـة، صــــار مـــوضـــوع الــاجــئــن الـــســـوريـــن مــــادة لنقاش ساخن في املجتمع التركي، استغلته املـــعـــارضـــة لـتـقـويـض مــوقــف حــكــومــة حــزب الـــعـــدالـــة والـــتـــنـــمـــيـــة، فــــأخــــذت تــثــيــر نـــعـــرات عــنــصــريــة تــجــاهــهــم وتــحــمــلــهــم مــســؤولــيــة األوضاع االقتصادية التي تواجهها الباد، حــتــى صــــار مــوضــوعــهــم مـــــادة رئــيــســة في حـمـلـة االنــتــخــابــات الــبــرملــانــيــة والــرئــاســيــة املــقــررة فـي أيـــار/ مـايـو .2023 وفــي املقابل، يـــــحـــــاول حــــــزب الــــعــــدالــــة والـــتـــنـــمـــيـــة، الـــــذي تـعـرض لهزيمة انتخابية ثقيلة عــام 2019 عــنــدمــا خــســر بــلــديــتــي إســطــنــبــول وأنـــقـــرة فـــــي االنــــتــــخــــابــــات املــــحــــلــــيــــة، ســــحــــب ورقـــــة الاجئن من يد املعارضة، مـبـّرًرا املشكات االقتصادية بعوامل من بينها تحمل تركيا عـــــبء الــــاجــــئــــن، ومـــتـــعـــهـــدا بـــــإعـــــادة نـحـو مليون الجــئ ســـوري إلــى بـلـدهـم؛ وهــو أمــر يحتاج في تنفيذه إلـى التعاون مع النظام السوري. ومع إصرار الواليات املتحدة على رفض أي عملية عسكرية تركية ضد «قسد»، بــرز الـتـعـاون مــع روســيــا والـنـظـام الـسـوري أيــضــا بـاعـتـبـاره الـخـيـار األمــثــل أمـــام أنـقـرة الحـــتـــواء خــطــر «قـــســـد»، فــعــرضــت مـسـاعـدة النظام السوري على استعادة السيطرة على املـنـاطـق الـتـي خسرها لــ«قـسـد»، خصوصا فــي شـمـال ســوريــة وشـمـالـهـا الــشــرقــي. وقـد سمح هذا التحول بعقد اجتماع بن وزيري الـــدفـــاع ورؤســـــاء مــخــابــرات تـركـيـا والـنـظـام الــــســــوري فــــي مـــوســـكـــو فــــي كــــانــــون األول/ ديسمبر ،2022 في حن تبذل جهود حاليا لعقد أول لقاء بن وزيري خارجية الطرفن.
اإلمارات
وجـــدت اإلمـــــارات، مثل دول خليجية أخــرى، فـي ثـــورة الشعب الــســوري عــام 2011 فرصة الحــــــتــــــواء الــــنــــفــــوذ اإليـــــــرانـــــــي فـــــي املـــنـــطـــقـــة؛ فـانـضـمـت إلـــى جــهــود عـــزل الـنـظـام الــســوري داخـل جامعة الــدول العربية، وأدت دورا في دعم املعارضة السورية. لكن موقف أبوظبي تـغـيـر جــذريــا مــع تـحـولـهـا إلـــى خـصـم معلن لثورات الشعوب العربية، حيث أخذت تنأى بنفسها عن املعارضة السورية قبل أن تتحول إلى دعم النظام السوري تحت غطاء إنساني، ثـــم إلـــى الــتــقــارب مــعــه ســيــاســيــا وأمــنــيــا في إطار تحول نظرتها إلى الصراع في سورية، مـــن كـــونـــه فـــرصـــة الحـــتـــواء إيـــــران إلــــى كـونـه جــزءا من الحرب على اإلرهـــاب. وبـنـاء عليه، أعادت اإلمـارات فتح سفارتها في دمشق في كانون األول/ ديسمبر .2018 وفي مطلع عام ،2020 جـــرى أول اتـــصـــال هـاتـفـي عـلـنـي بن ولـــي عــهــد أبــوظــبــي آنــــــذاك، مـحـمـد بـــن زايـــد، ورئـيـس الـنـظـام الــســوري، بـشـار األســـد، منذ قطع العاقات الدبلوماسية بن البلدين عام .2012 وبـحـسـب وســائــل إعـــام غـربـيـة، اتفق الــطــرفــان خـــال االتـــصـــال عـلـى استراتيجية ملـــواجـــهـــة تــركــيــا فـــي ســـوريـــة ولــيــبــيــا، حيث طلبت اإلمــــارات مـن الـنـظـام الــســوري إشغال تـركـيـا فــي إدلــــب؛ بـمـا يـمـكـن الـــلـــواء املتقاعد خـلـيـفـة حــفــتــر مـــن اإلجــــهــــاز عــلــى الـعـاصـمـة الــلــيــبــيــة طــــرابــــلــــس. وفـــــي تـــشـــريـــن الـــثـــانـــي/ نوفمبر ،2021 أجرى وزير خارجية اإلمارات، عبد الله بن زايـد، أول زيــارة إلى دمشق منذ عشر سنوات. وفي آذار/ مارس ،2022 أجرى بشار األســد أول زيــارة عربية له منذ انـدالع الـثـورة السورية إلـى أبوظبي، ليزور بعدها عـبـد الـلـه بــن زايـــد دمـشـق فــي كــانــون األول/ ديسمبر .2022 يمثل التطبيع اإلمـاراتـي مع النظام السوري جزء ا من استراتيجية علنية هــدفــهــا طـــّي صـفـحـة ثـــــورات الــربــيــع الـعـربـي نــهــائــيــا وتـثـبـيـت الــنــظــم الــحــاكــمــة، وإدمــــاج إســرائــيــل فــي الـنـظـام اإلقـلـيـمـي الـعـربـي بعد أن وقـــعـــت أبــوظــبــي اتــفــاقــيــة ســــام وطـبـعـت عـاقـاتـهـا معها فــي أيــلــول/ سبتمبر .2020 وهناك أيضا اهتمام إماراتي بالحصول على فـــرٍص اقـتـصـاديـٍة فــي ســوريــة فــي مرحلة ما بعد الحرب وإعادة اإلعمار، كما أنها ترغب، على األرجح، في الدخول على خط الوساطة بـــن تــركــيــا والــنــظــام الـــســـوري، وتــطــمــح إلــى أداء دور فــي ذلـــك عـبـر عـرضـهـا تـرتـيـب لقاء بـن الرئيس أردوغـــان وبـشـار األســـد، وكذلك الــوســاطــة بـــن الــنــظــام الـــســـوري وإســرائــيــل. وكلها أدوار تنافس فيها روسيا.
المعارضون
تـشـمـل جـبـهـة الــرافــضــن للتطبيع املـجـانـي
مــــع الـــنـــظـــام الــــســــوري عـــــدة أطـــــــراف دولـــيـــة، أهمها الواليات املتحدة واالتحاد األوروبي، وعربية، أبرزها قطر.
الواليات المتحدة
وســـــــــط جــــــهــــــود بـــــعـــــض حـــــلـــــفـــــاء واشــــنــــطــــن اإلقــلــيــمــيــن لـلـتـطـبـيـع مـــع الـــنـــظـــام الـــســـوري، ترفض واشنطن أي خطوات في هذا االتجاه
ٍّ ال تكون مقرونة بتحقيق تقدم في مسار الحل السياسي القائم على قـــرارات مجلس األمــن، خصوصا القرار رقم .2254 وعقب اللقاء الذي جمع، في موسكو في كانون األول/ ديسمبر ،2022 وزيـــري الـدفـاع الـسـوري والـتـركـي، أكـد املـتـحـدث بـاسـم وزارة الـخـارجـيـة األميركية، نيد برايس، «أن بـاده ال تدعم مواقف الدول الـــتـــي تـــعـــزز عــاقــاتــهــا أو تـــعـــرب عـــن دعـمـهـا إلعــــــادة االعـــتـــبـــار لــبــشــار األســــــد، الــدكــتــاتــور الـوحـشـي، وأن الـدعـم األمـيـركـي لهذا التوجه يـظـل مـرهـونـا بحل سياسي بـقـيـادة سـوريـة وبـــمـــا يــتــمــاشــى مـــع قـــــرار مـجـلـس األمـــــن رقــم .»2254 وتعد العقوبات األميركية املفروضة على النظام السوري أبرز العقبات التي تقف في وجه التطبيع معه، والتي تأخذها الدول املطبعة في االعتبار، خصوصا منها قانون قيصر لعام ،2019 الــذي وضــع حيز التنفيذ فــي 17 حـــزيـــران/ يـونـيـو ،2020 ويـنـص على معاقبة كل من يقدم الدعم العسكري واملالي والتقني للنظام الـسـوري، أشخاصا أو دوال أو شــركــات. وفــي 23 كــانــون األول/ ديسمبر ،2022 وقـــــع الـــرئـــيـــس األمـــيـــركـــي جـــو بــايــدن قانون مكافحة املـخـدرات الـذي يعتبر تجارة املخدرات املرتبطة بنظام األسد تهديدا أمنيا عابرا، ويدعو إلى وضع استراتيجية مكتوبة خــــال 180 يـــومـــا لـتـعـطـيـل إنـــتـــاج املـــخـــدرات واالتــــجــــار بــهــا وتــفــكــيــك الــشــبــكــات املـرتـبـطـة بنظام األسد في سورية.
االتحاد األوروبي
يستمر االتحاد األوروبـي في موقفه الرافض للتطبيع مـــع الــنــظــام الـــســـوري، فـــي مـحـاولـة لدفعه إلى التفاوض الجدي من أجل التوصل إلى حل سياسي بشأن األزمة. فقد شدد املمثل السامي لاتحاد األوروبي للشؤون الخارجية والــســيــاســة األمـــنـــيـــة، جـــوزيـــب بـــوريـــل ، أمـــام البرملان األوروبي في بروكسل في عام ،2021 على عدم التطبيع مع النظام السوري، وعدم رفــع العقوبات عنه إلــى حـن تحقيق انتقال ســـيـــاســـي يـــلـــبـــي مــتــطــلــبــات قــــــــرارات مـجـلـس األمـــن. وقـد جــدد االتـحـاد األوروبـــي منتصف عــام 2022 الـعـقـوبـات املـفـروضـة على النظام الـــســـوري عـــامـــا آخــــر، بـسـبـب اســتــمــرار قمعه السكان املدنين. وفي مطلع عام ،2023 أطلق االتحاد األوروبي ثاث الءات في وجه جهود تــأهــيــل الــنــظــام الـــســـوري، وهـــي ال للتطبيع، وال إلعــــادة اإلعـــمـــار، وال لـرفـع الـعـقـوبـات عن النظام السوري ما لم يمتثل ملتطلبات الحل السياسي. وقـد جـاء هـذا املوقف األخير على خلفية الـتـقـارب التركي مـع النظام الـسـوري، في انسجام مع املوقف األميركي الرافض ألي تقارب أو انفتاح معه.
قطر
بـالـنـسـبـة إلـــى قــطــر، ال تــــزال كــل أســبــاب عـزل الـنـظـام الــســوري قـائـمـة، بما فيها اسـتـمـراره فـــي ســيــاســاتــه الـقـمـعـيـة ورفـــــض أي مـقـاربـة سـيـاسـيـة لـلـحـل. وقـــد عــبــر أمــيــر قـطـر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في أكثر من مناسبة، عـــن رفـــضـــه مــــحــــاوالت «طـــــي صــفــحــة مــأســاة الــــشــــعــــب الـــــــســـــــوري بــــــا مــــقــــابــــل وتــــجــــاهــــل تـــضـــحـــيـــاتـــه الـــكـــبـــيـــرة مـــــن دون حـــــل يـحـقـق تطلعاته ووحدة بـاده»، كما أكد أن «جامعة الـدول العربية قـررت استبعاد سوريا لسبب وجـيـه، وأن هــذا السبب مـا زال مــوجــودا ولم يــتــغــيــر». وكـــانـــت جــامــعــة الـــــدول الــعــربــيــة قد اتخذت، في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر ،2011 قــرارا بتعليق عضوية النظام السوري فيها، وطالبت بسحب السفراء العرب من دمشق مع إبقاء الطلب «قرارا سياديا لكل دولة». وصدر هذا القرار بموافقة 18 دولة، واعتراض 3 دول، هي سورية ولبنان واليمن، وامتناع العراق عن التصويت.
المتريثون السعودية
تـبـدي الـسـعـوديـة تـحـفـظـات عـلـى تـوجـهـات الـتـطـبـيـع مـــع الــنــظــام الـــســـوري، عـلـى الـرغـم من حصول زيـــارات ولـقـاءات بن مسؤولن أمـنـيـن فــي الـنـظـام الــســوري ونـظـرائـهـم في الــســعــوديــة، كــــان آخـــرهـــا، بـحـسـب صحيفة الــوطــن القريبة مــن الـنـظـام الــســوري، زيــارة رئيس إدارة املخابرات العامة (أمـن الدولة) الـــــلـــــواء حــــســــام لـــــوقـــــا، فـــــي كـــــانـــــون األول/ ديسمبر املاضي، إلى السعودية. وقد عرقلت الـسـعـوديـة، إلــى جـانـب مصر وقـطـر، جهود بــعــض الـــــدول الــعــربــيــة إلعـــــادة ســـوريـــة إلــى جامعة الــدول العربية في قمة الجزائر، في تشرين الثاني/ نوفمبر ،2022 حيث عللت الرياض وقتها موقفها باستمرار «التدخل اإليراني الذي يحول دون عودة سورية إلى «املحيط الـعـربـي»، ووجـــود «قــــرارات عربية ودولــيــة، متى تــم تنفيذها ستكون اململكة وكــــل الــــــدول الــعــربــيــة حــريــصــة عــلــى عـــودة ســوريــة والـشـعـب الـــســـوري». لـكـن مـؤشـرات طهرت في اآلونة األخيرة إلى احتمال حصول تغيير ما في املوقف السعودي تجاه مسألة الـتـطـبـيـع. فـفـي مـقـابـلـة صـحـافـيـة مـــع وزيـــر الــخــارجــيــة الـــســـعـــودي، فـيـصـل بـــن فــرحــان، منتصف كانون الثاني/ يناير ،2023 أشار إلــى جـهـود التطبيع مــع الـنـظـام فــي دمشق وأكد على الحاجة إلى أن تقوم دول املنطقة بالعمل «مـعـا إليـجـاد حـل سياسي للحرب األهـلـيـة املـسـتـمـرة مـنـذ 12 عـــامـــا»، وأضـــاف «نــحــن نـعـمـل مـــع شــركــائــنــا إليـــجـــاد طريقة للتعامل مــع الـحـكـومـة فــي دمــشــق بطريقة تقدم تحركات ملموسة نحو حل سياسي، وأن ذلــك سيتطلب بعض الـعـمـل». وجــاءت هــــذه الــتــصــريــحــات بــعــد اجــتــمــاع عـــقـــد بن بـن فـرحـان واملـبـعـوث الـخـاص لألمن العام لألمم املتحدة إلـى سـوريـة، غير بيدرسون، على هامش املنتدى االقتصادي العاملي في دافــوس في 18 كانون الثاني/ يناير .2023 وكان الفتا أن هذه التصريحات تزامنت مع رفـــع الــنــظــام الـــســـوري الـحـظـر عـــن اسـتـيـراد املــنــتــجــات الـــســـعـــوديـــة، إيــــذانــــا بـاسـتـئـنـاف العاقات االقتصادية مع الـريـاض املتوقفة مـــنـــذ عـــــام .2012 والـــحـــقـــيـــقـــة أنـــــه ال يــوجــد تغيير مبدئي فـي املـوقـف الـسـعـودي، الـذي ال يـــعـــارض الـتـطـبـيـع مـــع الـــنـــظـــام الـــســـوري منذ تسلم األمير محمد بن سلمان مقاليد الحكم عمليا. والتغيرات التي تطرأ تتعلق بالتوقيت وتقدير إسهام التطبيع في الحد من النفوذ اإليراني في سورية.
تعد تركيا واإلمارات من أبرز المتحمسين للتطبيع مع النظام السوري، وإن كان لكل منهما دوافعه الخاصة
يمثل التطبيع اإلماراتي مع النظام السوري جزءًا من استراتيجية علنية هدفها طي صفحة ثورات الربيع العربي نهائيًا
تعد العقوبات األميركية على النظام السوري أبرز العقبات التي تقف في وجه التطبيع معه