خريج غزي يفتتح مشروع «كأس منسف»
داخل مطعم صغير وسط حي الرمال غربي مدينة غزة افتتح الشاب عمر أبو الخير مشروع تقديم وجبة منسف في كأس من كرتون، والفكرة القت إقباًال
وســـــط حــــي الــــرمــــال غـــربـــي مـــديـــنـــة غـــزة يشتري أشخاص من مطعم صغير يملكه الـــشـــاب عـمـر أبـــو الـخـيـر وجــبــة املنسف الــــتــــي تــشــتــهــر فــــي األردن وفــلــســطــني، مــوضــوعــة داخــــل كـــأس مـــن كـــرتـــون، في طريقة تخالف التقاليد املعروفة لتناول املنسف على موائد وفي أطباق، لكن كل املـكـونـات األسـاسـيـة للوجبة تتوفر في هذه الكأس التي تعكي نجاح أبو الخير في تطبيق فكرته التي نقلها من األردن الى قلب مدينة غزة. نفذ أبو الخير 26( عامًا) قبل شهر فكرة إنـشـاء مطعمه الصغير الـــذي يـقـدم فيه كــــأس املــنــســف وســـنـــدويـــشـــات ســريــعــة، وهــو يخصص ثـاثـة أيـــام فـي األسـبـوع إلعـــــــــداد وجــــبــــة املـــنـــســـف فـــــي كــــــأس مـن كرتون. والقى املشروع منذ البداية إقباال جيدًا بعدما نجح أبو الخير في الترويج له عبر مواقع التواصل االجتماعي. جذب أبو الخير الشبان والشابات وحتى السيدات الكبار من مناطق مختلفة في قطاع غزة من أجل تـذوق كأس املنسف، وهو قضى فعليًا وقتًا طويا في تنفيذ فكرته بعد أشهر طويلة من البطالة تلت تخرجه مــن قسم املحاسبة فــي جامعة األزهر بغزة. وكــانــت فــكــرة كـــأس املـنـسـف راودت أبـو الـخـيـر حــني زار شقيقه فــي األردن قبل سـنـتـني، وتـعـلـم فــي هـــذا الـبـلـد الطريقة األصـلـيـة لتحضير وجـبـة املنسف على أيـــــــدي أفــــــــراد مــــن عــــائــــات فـلـسـطـيـنـيـة وأردنية، كما شاهد فكرة وضع املنسف فـــي كـــأس كـبـيـرة مـــن كـــرتـــون فـــي مدينة نـابـلـس بـالـضـفـة الــغــربــيــة، وعــِلــم أيضًا أن الـفـكـرة تـواجـه انـتـقـادات فـي مجتمع الضفة الغربية واألردن. يـقـول لــ«الـعـربـي الـجـديـد»: «أحـــب كثيرًا أكـــلـــة املـــنـــســـف، كــمــا يــمــيــل كـــثـــيـــرون من ســـكـــان غـــــزة لـــتـــنـــاول األكـــــــات الــدســمــة مثلها، واسـتـخـدام كــأس مـن كـرتـون في تـقـديـمـهـا فـــكـــرة الفـــتـــة، خــصــوصــًا أنـهـا تحتوي على نفس كمية الطبق، واألمر يتعلق بترسيخ الفكرة التسويقية. في غزة الناس منفتحون على التطور رغم أنهم يعيشون في بيئة مغلقة وصغيرة. وأنــــــا أقــــــدم فـــكـــرة تـــقـــديـــم أكـــلـــة املــنــســف بطريقة سريعة في وقت تدرجها مطاعم كثيرة ضمن قائمة املــأكــوالت الشرقية، وذلك بتكلفة مرتفعة تتجاوز غالبًا قدرة املواطنني. كما أعد سندويشات سريعة فــي محيط مكتظ بـاملـكـاتـب والـشـركـات واملحات التجارية». ويــتــحــدث عـــن فــتــرة مـظـلـمـة فـــي حـيـاتـه امــتــدت نـحـو عـــام وشـعـر فيها بإحباط كبير من إغاق فرص عمل كثيرة أمامه، حتى ولــو كـانـت فـرصـا مـؤقـتـة، ويشير إلــــى أنــــه فــكــر مــثــل كــثــيــريــن مـــن شــبــاب غــزة فـي السفر للبحث عـن فرصة عمل، فـي وقــت يخوض عــدد مـن شباب قطاع غـــزة تــجــارب رحــــات الــهــجــرة الشرعية والـــســـريـــة عــبــر املــنــافــذ املـــتـــاحـــة، بينها سواحل ليبيا وتونس وتركيا. ويقول: «لست ضد فكرة السفر والهجرة للعمل فــي الــخــارج، وكـنـت مستعدًا في أحـــــد األيـــــــام ملـــواجـــهـــة مـــصـــاعـــب الــســفــر خــــــارج الـــقـــطـــاع، لــكــنــنــي شـــخـــص يـحـب قـطـاع غــزة والـبـقـاء فـيـه، واعـتـبـر نفسي محظوظًا ألنني وجدت إمكانات لتنفيذ هـــذا املـــشـــروع». يـضـيـف: «هــنــاك الكثير مـن األفـكـار فـي مجتمع قطاع غــزة، لكن اإلمــكــانــات تخلق عــوائــق، وكــذلــك قيمة اإليـــجـــارات املرتفعة فـي أمـاكـن مناسبة مثل األسـواق، كما أن األوضاع املرتبطة بـــــاالحـــــتـــــال اإلســـــرائـــــيـــــلـــــي والــــحــــصــــار واالقتصاد الضعيف والرواتب الضئيلة وارتـــفـــاع نـسـبـة بــطــالــة وغــيــرهــا تجعل مصير مشاريع كثيرة اإلغاق والفشل». ويــــــــــزور مـــطـــعـــم أبـــــــو الــــخــــيــــر عـــــــدد مــن الــــغــــزيــــني الـــــذيـــــن كـــــانـــــوا يـــعـــيـــشـــون فـي األردن، ويــبــدون إعجابهم بـمـذاق كأس املنسف التي يقدمها خصوصًا بسبب تضمنها نكهة الجميد األردني األصلي، وأحـــدهـــم أدهــــم الـطـيـبـي الــــذي عـــاش 10 سنوات في األردن وعاد إلى غزة أخيرًا، والـذي يقول لـ«العربي الجديد»: «يحب مجتمع غزة األكل ويعده بطريقة شهية، فينسى أهله همومهم في إبداعات األكل واالطباق التي تساهم في تغيير املزاج، وأنـــــا مـــن أنـــصـــار الـــفـــكـــرة». فـــي املــقــابــل يـــعـــارض مــعــني زايــــد الــفــكــرة، إذ يعتبر أن بــقــاء املــوائــد التقليدية فــي املجتمع الــفــلــســطــيــنــي واألردنــــــــــي يـــحـــافـــظ عـلـى التراث بني الشعبني، ويقول لـ «العربي الـــجـــديـــد»: «نــحــن مـــع الــتــطــور لتسهيل حــــيــــاة الـــــنـــــاس، لـــكـــن الـــحـــفـــاظ عـــلـــى مـا اعتدنا عليه في موائدنا وطعامنا الذي يجمعنا على مائدة واحدة يحافظ على تـراثـنـا فــي املـــأكـــوالت، لـــذا أعـتـبـر وجــود الــــكــــأس فــــي األطــــبــــاق شــيــئــا مــســتــفــزا». وبحسب املـركـز الفلسطيني لإلحصاء، بلغ عدد العاطلني من العمل أكثر من 15 سنة 372 ألف شخص عام 2021 توزعوا على 230 ألفًا في قطاع غزة 142و ألفًا في الضفة الغربية. وبلغ معدل البطالة بـني الشباب الذين تـــــتـــــراوح أعــــمــــارهــــم بــــني 19 و92 عــامــًا مــن الـخـريـجـني الــذيــن يـحـمـلـون شـهـادة الدبلوم املتوسط أكثر من 53 في املائة يشكلون نسبة 27 في املائة من إجمالي العاطلني من العمل. وعــــلــــى مــــســــتــــوى املـــنـــطـــقـــة بــــلــــغ مـــعـــدل البطالة للشباب الخريجني فـي الضفة الغربية 36 في املائة مقابل 74 في املائة في قطاع غزة.