«نعم الكويت لم تكن فقط نفطا»
نعم الكويت فـي السابق لـم تكن فقط نفطا، ففي زمن التنوير واالنفتاح والحريات الشخصية الحقيقية، ازدهرت وأصبحت واحة علم وتعليم، وفن وإعالم، وتنمية وأعمال، لم يكن أحد يجاريها، الكويت هي أول بلد في العالم يؤسس صندوقا سياديا، وصندوقا لأجيال القادمة، إلى جانب صندوق التنمية الكويتي، والشركات النفطية العالمية، وشركة البترول الوطنية، وناقالت النفط الكويتية، وشركة السفن الكويتية، وشركة الخطوط الكويتية، وبرنامج صخر العربي األول في العالم... الكويت هي أول من فرض التعليم اإلجباري المجاني، والرعاية الصحية المجانية، والرعاية السكنية، والتأمينات االجتماعية، وغيرها كثير كثير، تلك الكويت التي يفتقدها ويحن إليها كل من عاش تلك الحقبة الذهبية وعايشها.
الكويت تزخر بشبابها المتعلم المتطلع للعمل واإلنتاج والــمــبــادرات، ولــكــن، ويــا لــأســف وبفعل فاعلين توقفت الكويت وتـوقـف معها ذلــك الـزمـن، زمــن التقدم والتنمية واالزدهـــار، لم يعد العلم ومخرجاته من األولـويـات وهي الـتـي نشرته فـي األرجــــاء، لـم تعد الـكـفـاءة مهمة، لـم يعد مهما وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لم يعد ألصحاب النزاهة ورجال الدولة المحنكين من مكان يسدون فيه الخلل، لقد وســـدت كثير من األمــور لغير أصحابها، أصبح المهم الصراع على نهب المال العام.
أصبحت الـرشـوة هـي الـبـاب األوســـع واألســـرع لتمرير الـــمـــعـــامـــالت والـــــمـــــقـــــاوالت، وتـــحـــولـــت إلـــــى ظــــاهــــرة الــكــل يعتمد عليها، التزوير في كل شيء أصبح ظاهرة أخرى، مخرجاتها تغلغلت كـالـسـرطـان فـي كـل مفاصل الـدولـة، الشباب الكويتي الواعد خرج، أو أخرج قسرا، إلى الخارج لـكـي يستطيع أن يــمــارس ويـنـجـز مـشـاريـعـه وتطلعاته المستقبلية، بسبب الـفـسـاد المستشري وســـوء اإلدارة، وتفشي شراء الوالءات بالمال السياسي، وغياب التخطيط، حــتــى الــمــيــزانــيــات لـــم تــعــد تــكــفــي بــســبــب الـــهـــدر الــجــائــر والتمادي في التزوير، وتكاثر القبيضة.
خرجت إلى السطح من العدم، وفي غفلة من الزمن، طبقة طارئة استطاع من رعاها واحتضنها بسلطته أن يحولها إلـــى أصــحــاب مـاليـيـن بــل مـئـاتـهـا، فامتلكت المجمعات والمستشفيات ومحطات الوقود، وهي التي لم تكن تملك «شروى نقير»، ولم يكن لها حتى وجود.
ستعود الكويت بــإذن الله كما كانت صاحبة الـريـادة، أو على األقل كمشاركة فعالة في عالمنا هذا، ستعود كما نريد، ستعود بلد الحريات والفن واالبتكارات والمبادرات واإلنــــجــــازات، وطـــن األمـــن واألمـــــان والـعـيـش الــرغــيــد، بلد النزاهة، بال فساد وال فساد، بهمة وسواعد شباب الكويت المتعلم بــحــق، الـعـامـل بــجــد، ونـثـنـي على مـا قـالـه سمو الــرئــيــس، ونــقــول مــعــه: «نــعــم الـكـويـت سـتـعـود كـمـا كانت ليست نفطا فقط».