اﳌﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ.. ﻣﻔﺨﺮة ﻛﻮﻳﺘﻴﺔ

ﺗﻌﺘﺒﺮ اﳌﻮﺳــﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ أﻛﺒﺮ ﻋﻤﻞ ﻣﻮﺳﻮﻋﻲ ﺗﺮاﺛﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ واﻟﺬي ﺗﺸﺮﻓﺖ ﺑﻪ دوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ وﻗﺪﻣﺘﻪ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ. وﻗــــﺼﺔ اﳌﻮﺳــﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘــــﻬﻴﺔ اﺑﺘــﺪأت ﻋﺎم ١٥٩١ ﺣﻴﺚ ﺗﺪاﻋﺖ ﻣﺠــــﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻓﻲ ﻣﺆﲤﺮ اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ إﻟﻰ ﻋﻤﻞ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﺗﺸــﻤﻞ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻨﺬ اﻧﻄﻼق اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﶈﻤﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ أﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة واﻟﺴــﻼم إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺎﻟﻲ.

ﻓﺄﻧﻄﻠﻖ اﳌﺸﺮوع ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸــﻖ ﻛﻠﻴﻪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم ٦٥٩١ وﻟﻜﻨﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﻷﺳﺒﺎب ﻓﻨﻴــﺔ وﺗﻮﻗﻒ وﺑﻌﺪﻫﺎ ﲡﺪدت اﻟﻔﻜﺮة ﻓﻲ ﻋــﺎم ١٦٩١ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وزارة اﻷوﻗــﺎف ﻓﻲ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪ اﳌﺠﻠﺪ اﻷول ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻬﻤﺰة، وﻓﻲ ﻋﺎم ٧٦٩١ اﺣﺘﻀﻨﺘﻬﺎ اﻟﻜﻮﻳﺖ، وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﻣﻜﺮﻣﺔ وﻣﻔﺨﺮة أن ﺗﻘﻮم اﻟﻜﻮﻳﺖ ﺑﻬﺬه اﳌﺴــﺆوﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ، وأدت اﳉﻬﻮد اﳊﺜﻴﺜﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻗﺮن إﻟﻰ إﺧﺮاج اﳌﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﺔ وأرﺑﻌﲔ ﻣﺠﻠﺪا ﻣﻦ اﳊﺠﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺑﺤﺎث واﻵراء اﻟﻔﻘﻬﻴــﺔ، وﻗﺪ ﺻﻴﻐﺖ اﳌﻮﺳﻮﻋﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮب اﳌﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﳌﺮﺗﺒﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎ أﻟﻔﺒﺎﺋﻴﺎ ﳑﺎ ﻳﺴﻬﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﳊﻜﻢ اﻟﻔﻘﻬﻲ ﳉﻤﻴﻊ اﻟﺮاﻏﺒﲔ ﻣﻦ ﻣﺘﻮﺳﻄﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ.

وﻗﺪ ﲤﻴﺰت اﳌﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ اﺳــﺘﻮﻋﺒﺖ ﻓــﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ اﳌﺬاﻫﺐ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻷرﺑﻌﺔ وﻧﻬﺠﺖ ﻣﻨﻬﺞ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻵراء اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺗﻘﺪﳝﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻵراء اﻟﺘﻲ

ﺗﻔﺮد ﺑﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺬﻫﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﺪة، ﻛﻤﺎ أﻛﺜﺮت ﻣﻦ إﻳﺮاد أدﻟﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء دون ﺗﺮﺟﻴﺢ أو اﺳــﺘﻄﺮاد وﻟﻢ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﳌﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻠﻤﺴﺎﺋﻞ اﳌﺴﺘﺠﺪة وﻻ ﻟﻠﻤﺴﺎﺋﻞ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ، ووﻋﺪت أن ﺗﻜﻮن ﻫﺎﺗﺎن اﳌﺴﺄﻟﺘﺎن ﻣﻨﺎط ﻋﻤﻞ ﻣﺘﺨﺼﺺ.

وﻫﺬا أﻋﻄﻰ اﳌﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻣﻮﺳﻮﻋﻴﺔ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﺳﻮاء ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻣﺔ او ﺣﺘﻰ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﺼﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻞ وﻣﺒﺴﻂ ﺳﻬﻞ اﳌﻔﺮدات اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، واﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺖ ٣ أﻻف ﻣﻔﺮدة و٧٢ أﻟﻒ ﻋﻨﻮان

ﻓﺮﻋﻲ ﺷﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺌﺎت اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ اﳌﻐﺮب ﻏﺮﺑﺎ إﻟﻰ ﺑﺎﻛﺴــﺘﺎن ﺷﺮﻗﺎ وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﻛﺘﺘﺎب، ﻣﻊ وﺟﻮد ﳉﻨﺔ ﻣﺮاﺟﻌﺔ وﺗﺒﻮﻳﺐ وﺗﺮﺗﻴﺐ.

وﺣﻴﺚ ان اﳌﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻛﺘﻤﻠﺖ اﻋﺪادﻫﺎ ﺣﻴﺚ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ٥٤ ﺟﺰءا، ﻓﺈن ﻣﻦ اﳌﻔﺘﺮض ان ﺗﻌﺎد ﻃﺒﺎﻋﺘﻬﺎ ﻛﻨﺴﺨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ، ﺑﺪﻻ ﳑﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﺒﻊ ﻋﻠﻴﻪ )ﻛﻞ ﺟﺰء ﻋﻠﻰ ﺣﺪة( وﻫﺬا ﺟﻌﻞ اﳌﻮﺳﻮﻋﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺔ.

ﻫﻜــﺬا، ﻧﺘﻤﻨﻰ ﻣــﻦ وزارة اﻷوﻗﺎف أن ﺗﻌﻴﺪ ﻃﺒﺎﻋﺘﻬﺎ وﺗﻌﻴﺪ ﺗﺴﻮﻳﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﳌﻜﺘﺒﺎت وﻣﻌﺎرض اﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻌــﺪ اﻟﻔﺘﺮة اﳌﺎﺿﻴﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗﻮﻗﻒ ﻓﻴﻬﺎ ذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻮاﺋﻖ إدارﻳﺔ وﻣﺎﻟﻴﺔ، وان ﲢﺎﻓﻆ اﳌﻮﺳﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺠﻴﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺑﻬﺎ وﻫﻲ اﺳــﺘﻴﻌﺎب ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺬاﻫــﺐ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺑﻌﺪﻫــﺎ اﻵراء اﻷﺣﺎدﻳﺔ اﳌﻌﺘﺒﺮة ﻣــﻊ ﻋﺪم ﺗﺮﺟﻴﺢ رأي ﻋﻠﻰ رأي آﺧﺮ.. ﺣﺘﻰ ﺗﺴــﺘﻤﺮ اﳌﻮﺳــﻮﻋﺔ ﻛﻤﺮﺟﻊ ﻣﻮﺳﻮﻋﻲ ﺷﺎﻣﻞ وﻻ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺠﺮد ﻛﺘﺎب ﻓﻘﻬﻲ ﻣﻨﻬﺠﻲ.