Al Masry Al Youm

«‪one bank‬ » ضربة البداية.. البنوك الرقمية تؤسس لعصر من الخدمات اللحظية منخفضة التكلفة

ماراثون مصرفى لاقتناص رخصة «المركزى».. وجهود مكثفة لحسم «الهوية الرقمية» و«التوقيع الإلكترونى»

-

كتب- إسلام فضل:

عصر جديد من الخدمات المصرفية اللحظية ومنخفضة التكلفة يجرى التأهب له من جانب القطاع البنكى فى مصر، عقب منح البنك المركزى، الأيام الماضية، موافقته المبدئية على تدشين أول بنك رقمى بالسوق المحلية، يحمل اسم « ،» ويتبع شركة مصر للابتكار ‪one bank‬ الرقمى، الذراع الاستثماري­ة لبنك مصر، ثانى أكبر المصارف الحكومية.

«وان بنك» يمثل ضربة البداية التى ستشعل الماراثون المصرفى صوب بنوك المستقبل، كما يحب أن يطلق عليها البعض، إذ يعكف عدد غير قليل من البنوك المحلية على التوافق مع شروط وضوابط «المركزى» الخاصة بالبنوك الرقمية، تمهيدًا لطلب رخصة التشغيل الخاصة بها.. يتصدر هذه المصارف كل من البنك الأهلى المصرى وبنك قطر الوطنى الأهلى والبنك العربى الأفريقى الدولى والبنك التجارى الدولى.

وبدوره يعكف «المركزى» المصرى على الانتهاء من الآليات المطلوبة لبدء تفعيل البنوك الرقمية، كالتوقيع الإلكترونى وشركة الهوية المالية الرقمية، والمرجح إطلاقهما خلال النصف الثانى من العام الحالى.

خبراء مصرفيون أكدوا أن السوق متعطشة لوجود بنوك رقمية تقدم جميع الخدمات والمعاملات من خلال الإنترنت، اتساقًا مع توجه الدولة لتوسيع رقعة الشمول المالى والتحول الرقمي، إضافة إلى كونه التطور الطبيعى للخدمات المصرفية.

أوضحوا أن البنوك الرقمية تتسم بانخفاض تكلفة التشغيل، مقارنة بالتقليدية، وهى الميزة الكبرى للقطاع البنكى، إذ يؤدى إلى تعظيم أرباح المساهمين، بينما على جانب العملاء فإنها ستعمل على إطلاق العديد من الخدمات اللحظية منخفضة التكلفة، كفتح الحسابات ومنح القروض وإصدار البطاقات وتنفيذ التحويلات المالية وغيرها، ما يعود بالنفع على العملاء، وتبسيط الإجراءات وهو ما يعمل على توفير الوقت لكل من العملاء والعاملين فى البنوك، وعدم التقيد بساعات عمل كما هى الحال فى المصارف التقليدية، إذ يمكن من خلال البنوك الرقمية التعامل فى أى وقت فى اليوم على مدار الأسبوع.

وفى عام 2020، لعبت جائحة كوفيد-19 دورًا مهمًا فى زيادة التوجه نحو البنوك الرقمية، خاصة فى ضوء عمليات إغلاق العديد من الأنشطة الاقتصادية بهدف منع التزاحم فى المؤسسات المصرفية، ليصل عدد البنوك الرقمية إلى أكثر من 400 بنك رقمى حول العالم، ومن المتوقع أن تزداد أعدادها بقوة خلال الفترة المقبلة، وبالتالى الأنشطة والخدمات التى تؤديها.

ووافق البنك المركزى المصرى فى يوليو 2023 على وضع قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة عليها، كما وضع عدد من الاشتراطات لترخيص البنوك الرقمية.

أبرز هذه الشروط تمثل فى ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع عن 2 مليار جنيه حال ممارسة جميع أعمال البنوك، أما فى حال تمويل البنوك الشركات الكبرى، فإنه يشترط زيادة رأس المال إلى 4 مليارات جنيه، كما ينبغى أن يكون المساهم الأكبر مؤسسة مالية ذات سابقة أعمال فى أنشطة مماثلة بنسبة لا وبالتالى يكون هناك مجال لتعظيم مؤشرات وهوامش الربحية لمساهمى البنك وتعزيز المراكز التنافسية لتلك البنوك، وتتميز البنوك الرقمية بالقدرة على تنفيذ المعاملات بشكل فورى وأسرع من البنوك التقليدية.

وتوقع استمرار نمو البنوك الرقمية فى السوق المصرية، وزيادة الطلب عليها بشكل كبير فى المستقبل، وذلك نظرًا للتطور التكنولوجى المستمر وتزايد استخدام الإنترنت والهواتف الذكية، وسيكون الطلب عليها من قبل البنوك التقليدية القائمة التى ترغب فى تطوير مجالات خدماتها، أو من الطلب من مؤسسات أو من شركات جديدة محلية أو من فروع بنوك رقمية أجنبيه من الخارج.

وأضاف أن البنوك الرقمية، تقدم الخدمات المصرفية بشكل رقمى أو إلكترونى، عن بُعد، أى أن الأمر لا يتطلب توجه العميل بنفسه إلى الفرع لكى ينفذ متطلبات البنك أو يُحقق احتياجاته المصرفية، وإنما يتمم ذلك بنفسه عبر المنصات الإلكتروني­ة، من خلال شبكات الإنترنت، وأجهزة الهواتف المحمولة الذكية.

وأشار إلى أن البنوك الرقمية تحقق الكثير من المزايا سواء للشركات والمؤسسات صاحبة تلك البنوك، أو العملاء، فتسمح البنوك الرقمية لأفراد بالوصول إلى حساباتهم المصرفية، وإجراء المعاملات فى أى وقت، ومن أى مكان بفضل توافرها عبر الإنترنت على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع.

ولفت إلى أن الخدمات المصرفية الذكية، التى تقدمها البنوك الرقمية، غيّرت من ثقافة وأساليب وكيفية التعامل المصرفي، فبدلاً من التوجه للبنك والتحدث مع موظفين حقيقيين، أصبح التعامل مع شاشات بمجرد اللمس، ويتم اعتماد المعاملات بالتوقيع إلكتروني.

وأشار إلى أن الجهاز المصرفى فى مصر مر بعدة مراحل تطورية مهمة، بدأت بالبنوك التقليدية التى تعتمد على العمليات الورقية والتعاملات النقدية، ومن ثم تطورت إلى تبنى تقنيات الإنترنت والحوسبة السحابية لتقديم خدمات مصرفية عبر الإنترنت، وبمرور الوقت، زادت الحاجة إلى بنوك رقمية تعتمد على التكنولوجي­ا المتقدمة مثل تقنيات الذكاء الاصطناعى، والتشفير، والتحليل الضخم للبيانات.

وذكر أن منح رخصة لبنك رقمى أو إلكترونى يمثل خطوة نحو تطبيق هذه التقنيات الحديثة فى القطاع المصرفى المصرى، ما يسهم فى تحسين الخدمات المالية المقدمة للعملاء وتعزيز الابتكار والتنافسية فى هذا المجال، كما أن إطلاق أول بنك رقمى فى مصر خلال هذا العام هو خطوة تاريخية تستحق أن تُكتب فى سجل إنجازات البنك المركزى، خاصة أن الوافد الجديد تابع لبنك مصر المملوك للدولة المصرية.

وأكد أن البنك الرقمى ستكون له مميزات عديدة خلال الفترات المقبلة نحو خدمة المصريين بالخارج لأنه سيتم إجراء معاملات سريعة بتكلفة أقل عليهم، وذلك نتيجة التواصل بشكل سريع من القطاع المصرفى الخارجى.

فى سياق ذى صلة، قال هانى حافظ، الخبير المصرفى، إن القطاع البنكى يعمل خلال الفترة الراهنة على تحسين أداء الخدمات التكنولوجي­ة وذلك عبر طرح منتج جديد تحت مسمى البنك الرقمى الذى سيلعب دورًا كبيرًا فى تقليل تكلفة خدمات العملاء نتيجة تراجع العمليات التشغيلية، إضافة إلى التوسع بشكل أكبر فى الخدمات لفئات المجتمع كافة.

وأضاف أن البنوك الرقمية توفر مجموعة واسعة من الخدمات المالية والبنكية التى تشمل فتح الحسابات الجارية والتوفير عبر الإنترنت، وإصدار البطاقات المصرفية، وتحويل الأموال، ودفع الفواتير، وإدارة الميزانيات الشخصية، والاستثمار عبر الهاتف المحمول، وغيرها من الخدمات، مع ميزات تقنية متطورة مثل الحماية البيومترية، والتعرف على الوجه، والتحقق الثنائى العامل، ما يضمن سلامة وأمان المعاملات المالية عبر الإنترنت.

وذكر أن البنوك الرقمية تعد فرصة لتوسيع نطاق العملاء والوصول إلى شرائح جديدة من السوق، بما فى ذلك الشباب والمجتمعات النائية التى قد لا تكون لها سهولة فى الوصول إلى الخدمات المصرفية التقليدية، ما ينعكس بالطبع على تعزيز مؤشرات الشمول المالى فى مصر، مشيرًا إلى أن البنوك الرقمية ستكون مفيدة بشكل كبير لجميع المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن طريق سداد متسحقات العملاء لأصحاب المشروعات بشكل أسهل ومرن.

ولفت إلى وجود فارق كبير فى الخدمات الإلكتروني­ة التى سيتم تقديمها عبر البنوك الرقمية والتقليدية، إذ إن البنك الرقمى ستكون جميع معاملاته إلكترونيًا فقط عن طريق الهاتف المحمول وسيتم من خلاله فتح حساب وإصدار شيكات، إضافة إلى التوقيع إلكترونيًا، كما أنه ستتم إتاحة قوانين جديدة تسهل عمل هذه البنوك بشكل أسرع.

حافظ توقع أن تلعب البنوك الرقمية دورًا مهمًا فى تعزيز التمويل الشخصى وتعزيز النمو الاقتصادى فى مصر، مشددًا على ضرورة الانتباه للتحدى الذى يواجه المصارف الرقمية فى مصر وضرورة حماية بيانات العملاء وتأمين عملياتها المالية ضد التهديدات السيبرانية، إذ تعد البنوك الرقمية هدفًا مغرًيا للمهاجمين السيبرانيي­ن نظرًا لحجم البيانات المالية التى يتم تخزينها ونقلها عبر الإنترنت.

وأوضح أن الحلول تكمن فى ضرورة تبنى إستراتيجيا­ت أمنية قوية، عبر وضع البنوك الرقمية سياسات وإجراءات أمنية صارمة تشمل تحليل المخاطر، وتقييم الضعف، وإعداد خطط للتصدى للتهديدات السيبرانية بشكل فعال، مع توعية الموظفين والعملاء وتدريبهم على كيفية التعرف على التهديدات السيبرانية والتصرف بحكمة عند التعامل مع البيانات المالية عبر الإنترنت. وأكد أهمية دور البنك الرقمى فى خدمة جميع المصريين العاملين بالخارج، حال احتاج أى عميل فى الخارج لشراء عقار أو فتح حساب بنكى أو يعمل تحويل يستطيع عبر أى مكان فى العالم بشكل سريع وسهل، عبر رفع المستندات المطلوبة إلكترونيًا وعمل استعلام بسهولة. وأوضح أن البنك الرقمى يسهم أيضًا فى زيادة حجم التدفقات النقدية الأجنبية خلال الفترة المقبلة، ما يساعد فى جذب استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة، إضافة إلى فتح أسواق جديدة.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt