Al Masry Al Youm

تمزيق الميثاق

- سليمان جودة

ما بين التمزيق الأول لميثاق الأمم المتحدة والتمزيق الثانى 15 سنة لا أكثر، ولكن السبب فى المرة الأولى كان على العكس منه فى المرة الثانية على طول الخط.

ففى 23 سبتمبر 2009 وقف العقيد معمر القذافى يخطب فى مبنى منظمة الأمم المتحدة فى نيويورك، وعندما أنهى خطابه تناول نسخة من الميثاق، ثم راح يمزقها ويلقيها فى القاعة أمام الحاضرين.. وفى 10 مايو 2024 وقف جلعاد أردان، مندوب إسرائيل الدائم فى المنظمة، أمام الذين كانوا يصوتون فى قاعتها على منح العضوية الكاملة لفلسطين، ثم تناول نسخة من الميثاق ذاته ومزقها وألقاها أمامهم على الملأ.

وكان مجلس الأمن قد انعقد يوم 18 إبريل للتصويت على منح العضوية نفسها لفلسطين، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت سلاح الڤيتو ففشل المجلس فى التصويت.

وعندما انعقدت الأمم المتحدة على مستوى جمعيتها العامة أمس الأول.. أى على مستوى كافة الدول الأعضاء.. صوتت 143 دولة بالموافقة من أصل 193 هى مجمل عدد دول العالم، واعترضت تسع دول، بينما امتنعت 25 دولة عن التصويت.

وكان هذا كافيًا لأن تصاب تل أبيب بالجنون، وأن يتصرف مندوبها جلعاد بالطريقة التى تصرف بها، وأن يقول إن تصويت الأمم المتحدة بهذه الأغلبية الكبيرة هو بمثابة وصول هتلر إلى السلطة فى ألمانيا عام 1933 .

فكأنه يرى فى قيام دولة للفلسطينيي­ن على أرضهم شبيهًا بقيام دولة النازى فى ألمانيا، وكأن الفلسطينيي­ن نازيون كلهم فى نظره، وكأن النازى هو الذى يطالب بأرضه المحتلة، وكأن الأطفال والنساء والمدنيين الذين لقوا حتفهم فى قطاع غزة نازيون.

فى المرة الأولى كان القذافى يمزق نسخة من الميثاق لاعتراضه على عجز الأمم المتحدة عن القيام بدورها المفترض بين الدول.. وفى المرة الثانية كان المندوب الإسرائيلى يمزق نسخة من الميثاق نفسه لاعتراضه على قيام الأمم المتحدة بدورها المفترض بين الدول.

ولم يكن أحد يتخيل أن يتغير حال العالم فى 15 سنة بهذه السرعة، ولا كان أحد يتصور أن تكون المسافة من 2009 إلى 2024 كافية لأن ينقلب حال العالم إلى هذا الحد، فيصبح الصحيح فى أيام القذافى، خطأ وربما خطيئة فى أيام جلعاد.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt