.. عندما ُكسر «التابو» وُأحرق «الكارد»!
هو با شك حدث الساعة، وحديث كل ساعة، داخل السعودية وخارجها. القرار الحازم الجريء، الذي اتـخـذه خــادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عـبـدالـعـزيـز لـيـل (الــثــاثــاء) املــاضــي 26 سبتمبر ٧102، ووضع به حدًا لحظر قيادة املرأة السيارة بعد عقود طويلة من املنع والتحارب بني تيارات سعودية عــدة. جـاء الـقـرار الشجاع ليكسر حاجزًا ظــل «تـــابـــو» عــلــى مـــدى عــقــود مــن تــاريــخ الدولة السعودية.. وقــد ظـل هــذا القلم يكتب ويعمل مـع كثيرين من أبناء الوطن ونسائه للسماح بقيادة املرأة، ولذلك فإن األمر امللكي «التاريخي» يمثل نقلة مجتمعية نوعية. كما يمثل دفعة قوية من جانب ولي العهد األمـيـر محمد بـن سلمان بـن عبدالعزيز للجهود املــتــواصــلــة لــيــل نــهــار لـتـحـقـيـق طــمــوحــات رؤية اململكة .2030 وبالنسبة ملتابعي الـتـطـورات من كثب، كان واضحًا أن بشائر القرار امللكي قادمة ال محالة، خصوصًا أنه جاء بعد اتخاذ امللك سلمان عـــددًا مــن الــقــرارات فــي مصلحة املـــرأة واملجتمع، خصوصًا تمكينها من الخدمات الحكومية دون اشتراط موافقة ولي األمــر. وهي إنجازات تواكب تعيني املرأة عضوًا في مجلس الشورى، وإعطاء ها حق الترشح والتصويت في االنتخابات البلدية، الذي بلغ ذروته -أخيرًا- بتعيني أول سيدة مساعدًا لرئيس بلدية الخبر. وال بد أن األمر امللكي القاضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، كما هو واضح مـن نصه، لـم يــأت إال بعد تمهل ودرس وتشاور، خـصـوصـًا مــع أعــضــاء هيئة كــبــار الـعـلـمـاء، التي رأت في بيانها الصادر (األربعاء) أن الغرض من التصرفات االجتهادية لولي األمـر هو «تحصيل املصالح وتكميلها، ودرء املفاسد وتقليلها». وبما أنه لم يحن بعد الوقت املائم لدرس وتعديد املكاسب االجتماعية واالقتصادية التي ستجنيها الباد من السماح بقيادة املرأة السيارة، إال أنه يمثل ضربة في مقتل للمنظمات والهيئات التي تقتات من اإلساء ة لسمعة اململكة. فجاء قرار امللك سلمان ليحرق تلك الورقة. والحظنا أن الصحف األمريكية والبريطانية الصادرة (األربعاء) املاضي تناولت القرار بتعاطف كبير مع اململكة، وشددت على أنه يعتبر بيانًا عمليًا بجدية السعوديني في تحديث بادهم، وتحقيق رؤيتهم االقتصادية واملجتمعية الطموحة. وكان كبار زعماء العالم أول من أعربوا عن سعادتهم بالقرار، خصوصًا الرئيس دونالد تـــرمـــب، ورئــيــســة وزراء بــريــطــانــيــا تــيــريــزا ماي، واملستشارة األملانية أنجيا ميركل واألمـني العام لــألمــم املــتــحــدة أنـطـونـيـو غــوتــيــريــش. السعودية بعد 26 سبتمبر ٧102، لـم تعد كما كانت قبله. وقد كانت عضو مجلس الشورى الدكتورة لطيفة الشعان، وهي أبرز املدافعات عن ملف قيادة املرأة، مـحـقـة تــمــامــًا فــي وصــفــهــا مـجـلـس الـــشـــورى، في جلسة (األربعاء)، بأنه «متخلف بسنوات ضوئية عن الحكومة». فقد وأد املجلس، من خال أعضاء ولجان، مساعي الدفع بملف قيادة املــرأة، وكانت محقة أيضًا في تحذيرها من مغبة عدم تغيير آلية تعامله مع التوصيات واملشاريع التي يتقدم بها األعضاء، ومن أن على املجلس على األقل أن يواكب مبادرات الحكومة، في وقت تشهد فيه اململكة هذه التحوالت الجذرية التي ستنهض بها وبأجيالها الشابة إلى واقع جديد، يتيح لها القيام بأعبائها تجاه شعبها، وتجاه املجتمع الدولي الذي يعلق آمــــاال عــراضــًا عـلـى الــــدور الــســعــودي فــي استقرار االقــتــصــاد الــعــاملــي، وأســــــواق الــنــفــط، ومستقبل اتــجــاهــات الــطــاقــة. األكــيــد أنــه بـالـقـيـادة الحكيمة والــقــرار الـشـجـاع املــــدروس تــقــاد األمــــم، وبتمكني املـرأة تتحقق املساواة العادلة بني فئات املجتمع، في ظل ثوابت الدولة السعودية، وبأعراف الشعب السعودي النبيل وأخاقه وطموحات شبابه التي كــمــا قـــال ولـــي الــعــهــد األمـــيـــر مـحـمـد بـــن سلمان
«اليحدها إال عنان السماء».